يترقب المصريون فواتير الكهرباء خلال شهر يوليو الجاري، حيث أعلنت حكومة الانقلاب أنها سترفع أسعار الكهرباء بداية من العام المالي الجديد بنسبة لن تقل عن 20%، ويتخوف المصريون من عجزهم عن سداد هذه الفواتير في ظل الزيادات المتواصلة، والتي لا تتوقف منذ انقلاب السيسي على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد الشهيد محمد مرسي، بجانب ارتفاع أسعار جميع السلع والمنتجات والخدمات، ما تسبب في زيادة معدلات الفقر في مصر بصورة غير مسبوقة. ورغم سياسة الاستنزاف التي لا تتوقف تزعم حكومة الانقلاب التزامها بمواصلة خفض دعم الطاقة وتوجيه الموارد بصورة أفضل إلى الأسر المحتاجة إلى دعم إضافي للدخل، بموجب اتفاق الحصول على قرض موسع من صندوق النقد الدولي . كان مصطفى مدبولي رئيس حكومة الانقلاب في المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه زيادة أسعار الخبز المدعم، أشار إلى عزم حكومة الانقلاب رفع أسعار الكهرباء، وقال: إنه "كلف وزير كهرباء الانقلاب محمد شاكر بوضع خطة لرفع الدعم كاملا عن الكهرباء على مدى السنوات الأربع المقبلة". وكانت وزارة كهرباء الانقلاب قد رفعت أسعار شرائح الاستهلاك المنزلي والتجاري آخر مرة في يناير 2024، مما دفع أسعار الكهرباء للأسر والشركات إلى الارتفاع بنسبة من 16 إلى 26 في المئة. فاتورة الاستهلاك في هذا السياق كشفت مصادر مطلعة أن حكومة الانقلاب تعتزم رفع أسعار الكهرباء بداية من العام المالي الجديد في يوليو الجاري، موضحة أن نسبة الزيادة ستعتمد على فاتورة استهلاك كل أسرة أو شركة، على أن تكون الزيادة محدودة على الشرائح الأقل استهلاكا مقابل زيادة أوسع للشرائح الأعلى، ولكن معدل الزيادة لن يقل عن 20 في المئة في المتوسط، بينما لا تزال الدراسات والمناقشات جارية حاليا لحسم سيناريوهات الزيادة. وأشارت المصادر إلى أن دعم دولة العسكر للمصانع وقطاعات أخرى لا يزال محل دراسة رغم ، قرار حكومة الانقلاب برفع أسعار الخبز المدعوم ب300 في المئة، وذلك للمرة الأولى منذ 30 عاما. وأوضحت أن هيكلة منظومة الدعم تأتي في إطار وثيقة ما يسمى بسياسة ملكية الدولة، إذ يعد خفض دعم الكهرباء أيضا جزءا من خطة دولة العسكر لجذب القطاع الخاص للاستثمار في قطاع الكهرباء، تنفيذا لوثيقة سياسة ملكية الدولة وفق تعبيرها. الغاز الطبيعي وكشفت مصادر رسمية، أن وزارتي البترول والكهرباء بحكومة الانقلاب، تدرسان سيناريوهات عدة لتحديد سعر الغاز الطبيعي المورد إلى محطات توليد الكهرباء خلال العام المالي 2024/2025. وأشارت المصادر إلى أن السيناريو الأول يتعلق برغبة وزارة بترول الانقلاب في تحريك سعر بيع الغاز الطبيعي المورد إلى شركات إنتاج الكهرباء، خصوصا بعدما قدر مشروع الموازنة العامة لدولة العسكر سعر الدولار بنحو 45 جنيها خلال العام المالي الجديد. وذكرت أن سعر بيع الغاز الطبيعي المورد إلى محطات الكهرباء حاليا يقدر بنحو ثلاثة دولارات/ مليون وحدة حرارية بريطانية، وأرجعت رغبة وزارة بترول الانقلاب في تعديل سعر توريد الغاز إلى اتجاهها لاستيراد شحنات من الغاز الطبيعي المسال من الخارج، إلى جانب الشحنات المستوردة من الغاز الإسرائيلي للوفاء بحاجات البلاد من مصادر الطاقة. وأكدت المصادر أن وزارة بترول الانقلاب لها مستحقات متراكمة لدى وزارة كهرباء الانقلاب نظير استهلاك الغاز والوقود اللازم لتشغيل محطات التوليد، لافتة الى أن وزارة بترول الانقلاب تسعى إلى فض التشابك المالي، وتعديل نهج توافر الغاز من دون تحصيل كامل مستحقاتها، تزامنا مع ارتفاع استهلاك الغاز خلال الصيف، وتوافر جزء منه عبر تعاقدات خارجية. وقالت: إن "الغاز الطبيعي يدخل كمكوّن رئيس في توليد الكهرباء بالنسبة للمحطات التقليدية، إذ يستحوذ على النسبة الأكبر من كلفة توليد الكهرباء، والتي تقارب 60 في المئة من الكلفة الإجمالية للطاقة في مصر. المصادر الجديدة وأوضحت المصادر أن السيناريو الثاني تطرق إلى محددات سعر الغاز المورد للكهرباء، مشيرة إلى مقترح آخر خاص بمحاولة تثبيت سعر الغاز عند ثلاثة دولارات تجنباً لاتساع الفجوة بين كلفة إنتاج الكهرباء وسعر البيع لشرائح الاستهلاك المختلفة، ومن ثم ارتفاع فاتورة الدعم السنوية. واضافت، وزارة كهرباء الانقلاب تسعى إلى الحفاظ على سعر الكلفة الفعلية لتوليد الكهرباء لتجنب تراكم مديونيات أكبر عليها نتيجة استهلاك الغاز، موضحة أن السيناريوهات المقترحة تتضمن أيضا زيادة الاعتماد على أنواع أخرى من الوقود البديلة للغاز الطبيعي لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء، واتجاه الشركة القابضة للكهرباء لإدخال التكنولوجيا الحديثة في المحطات القائمة الحالية لخفض نسب الفقد وتقليص استهلاك الوقود. وأشارت المصادر إلى أن التوجه للاعتماد على المصادر الجديدة والمتجددة (الشمس والرياح) يقلص بدرجة كبيرة من اعتماد محطات الكهرباء على الوقود، وأن التوجه إلى محطات الدورة المركبة يخفض استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة تقارب ثلث الاستهلاك في المحطات التقليدية. وقالت: إن "زارة كهرباء الانقلاب تجهز لعرض تقرير مفصل على رئيس مجلس وزراء الانقلاب يتضمن السيناريوهات والمقترحات الخاصة بتعريفة الكهرباء السارية حاليا، لبحث تحريكها خلال شهر يوليو الجاري، موضحة أن عرض الكلفة الفعلية الحالية لإنتاج الكيلووات/ ساعة من الكهرباء والتي ارتفعت بصورة كبيرة نتيجة المتغيرات في سعر الوقود وزيادة سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وهذه العوامل تؤثر في سعر الكهرباء ويدخل في كلفة إنتاج الكيلوواط/ ساعة من الكهرباء، قيمة الوقود والأجور والإهلاك وفوائد الديون وبنود أخرى، وجميعها محددات لكلفة إنتاج الكهرباء". تخفيف الأحمال في هذا السياق زعم محمد شاكر وزير كهرباء الانقلاب أنه لا يمكن تجاهل أوضاع الكهرباء في عام 2024، إذ كان يوجد عجز يتجاوز ستة آلاف ميجاوات ، مشيرا إلى أن تخفيف الأحمال اليومي حاليا يصل إلى ثلاثة جيجاوات فقط، بهدف توافر الوقود وسيكون لفترة محدودة. وأوضح شاكر في تصريحات صحفية أن تخفيف الأحمال يصل من اثنين إلى ثلاثة جيجاوات يوميا، ونحاول الالتزام بتخفيف يومي لمدة ساعتين على أقصى تقدير، مؤكدا عمل خرائط لشركات التوزيع في قطاع الكهرباء، وأنه توجد منظومة معينة متحكمة في الأمر، وتوجد أماكن لا تنقطع عنها الكهرباء على الإطلاق وفق تعبيره. وقال: إن "فاتورة شراء الغاز من وزارة بترول الانقلاب خلال العام الحالي وصلت إلى 4.7 مليار جنيه بسبب تحريك سعر الصرف، مضيفا أن كلفة إنتاج الكهرباء نحو 223 قرشا للكيلووات في الساعة، بينما يباع للشريحة الأقل بنحو 58 قرشا". وزعم أن مقدار الدعم الذي تريد وزارة كهرباء الانقلاب الحصول عليه، يصل إلى 130 مليار جنيه، وهو مبلغ كبير وتحد أمام دولة العسكر، لافتا إلى أن المتوسط العام لدعم دولة العسكر لكل كيلووات يصل إلى 100 قرش، وهناك مجموعة عمل في مجلس وزراء الانقلاب تنظر في الأمر حتى يكون الحل في تحمل دولة العسكر قيمة الدعم، وعدم رفع الأسعار بصورة مؤثرة في محدودي الدخل". حلول مستدامة وفي تعليقه على أزمة تخفيف الأحمال، زعم طارق الملا وزير بترول الانقلاب أنه لا زيادة في ساعات تخفيف أحمال الكهرباء خلال الفترة المقبلة، خصوصا في فصل الصيف. وقال الملا في تصريحات صحفية : "لا يمكن تخفيف الأحمال لأقل من ساعتين يوميا، حتى نتمكن من تجاوز العجز المحقق في الوقت الحالي". وزعم أنهم يعكفون على وضع حلول مستدامة وشاملة لانتهاء أزمة تخفيف أحمال الكهرباء، لمنع تكرار المشكلة مرة أخرى، وإنهاء الآثار الجانبية الناتجة من بعض التداعيات الاقتصادية.