بعد زيارة الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية لسيناء مرتين عقب حادث رفح المؤسف، جاءت زيارة الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى, لسيناء خلال ثاني أيام عيد الفطر، لتؤكد أن سيناء الآن في قلب وعقل الدولة المصرية التي تنتهج نهجًا جديدًا مع ملف سيناء الذي أهمله النظام البائد، وأن تلك الزيات تأتي استمرارًا للحملة الأمنية لتطهير سيناء من البؤر الإجرامية والإرهابية، والقضاء على العناصر المسلحة، وضبط المتورطين فى أحداث رفح. والتقى السيسي مشايخ وعواقل سيناء والقيادات السياسية والشعبية والقيادات الأمنية بشمال سيناء, معلنًا أنه سيتم الكشف خلال أيام قليلة عن أسماء المتهمين فى قتل الجنود وجميع المتورطين فى الحادث، ومؤكدًا أن تحقيق الأمن والاستقرار مسئولية مشتركة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين والمشايخ والعواقل وكل التيارات, وأن الحملة الأمنية في سيناء مستمرة لحين تحقيق أهدافها، وقال: "لقد أخطأنا فى حق سيناء وإهمال تنميتها, ولسنا ضد التيارات الإسلامية، ولكننا ضد من يرفع السلاح تجاه الآمنين وترويع المواطنين, وسنقوم بقطع يد كل من يرفع السلاح". وأشار السيسى إلى أنه تم دعم جهاز تنمية سيناء بمليار جنيه لدعم التنمية على أرض سيناء، وإقامة المشروعات فى مختلف القطاعات, مضيفًا أنه سيتم حفر 50 بئرًا للمياه لدعم التنمية الزراعية وتوفير المياه للمواطنين، وسيتم الانتهاء من محطتى تحلية المياه بالشيخ زويد ورفح خلال 20 يومًا لتوفير مياه الشرب. من جهته نوه عبد الرحمن الشوربجي- أمين حزب الحرية والعدالة في شمال سيناء وعضو الهيئة العليا للحزب- أحد الذين حضروا لقاء وزير الدفاع بمشايخ ورموز سيناء- إلى أن زيارة السيسي طيبة جدًا ومحمودة، وكانت لها رسائل إيجابية على رأسها أن القوات المسلحة لم تأت لتدخل في قتال مع أبناء سيناء، بل لحمايتهم والدفاع عن تراب الوطن، فقد كانت الزيارة بمثابة رسالة مصالحة بين الجيش وأهل سيناء، خاصة أن الوزير طلب منهم مساعدة القوات المسلحة في عملها الوطني لضبط المجرمين وجميع العناصر الخارجة على القانون، لافتًا إلى أن مشايخ ورموز سيناء أبدوا استعدادهم الكامل للتضحية من أجل الوطن وأنهم سيقفوا بجوار وخلف جيشهم العظيم. وأثنى الشوربجي باعتراف الوزير بخطأ وتقصير الدولة سابقًا في التعامل مع ملف سيناء، واعدًا إياهم بعدم تكرار تلك الأخطاء، وأنهم سيعملون جاهدين من أجل إعادة تعمير وتنمية سيناء، على أن يتم تشغيل محطات تحلية المياه وإنشاء محطات أخرى جديدة. وقال: "زيارة وزير الدفاع تأتي في إطار فتح حوار هام بين الدولة وقواتها المسلحة، وهذا أمر هام ومطلوب للغاية، كما أن الوزير أكد لنا أن زيارته لن تكون الأخيرة بل سيكونون على تواصل دائم، وقد سبقه رئيس الجمهورية بزيارتين لسيناء، في حين لم يزر الرئيس المخلوع حسني مبارك سيناء مرة واحدة". ولفت إلى أن هناك معظم الجماعات السلفية في سيناء بعيدة كل البعد عن أي تطرف أو اعتداء على أبناء وطنهم، وخاصة أنهم يرفضون بشدة حادث رفح أو غيره من الأحداث الإجرامية، وهم يمدون أيدهم للقوات المسلحة وتعتبر نفسها حامية للحدود الشرقية لمصر مع قواتنا المسلحة، لكن هناك بعض الشباب لديهم أفكار متطرفة. وطالب الشوربجي، المشايخ والرموز الإسلامية بأن تتدخل وتتلقي ببعض الشباب الذين يعتنقون أفكارًا غير صحيحة وخارجة عن الشرع والقانون؛ من أجل تصحيح الأفكار لديهم وإقناعهم بأن يتراجعوا عن أفكارهم المتشددة. وأشار إلى أن الدولة المصرية بدأت الالتفات لسيناء خلال الأيام القليلة السابقة، وعليها أن تستمر في جهودها بالشكل المناسب والأفضل، وخاصة اقتصاديًّا، فقهر التطرف بالاقتصاد والتنمية والفكر والحرية أفضل مائة مرة من محاربته عسكريًّا أو أمنيًّا، لأن المشروعات التنموية والاقتصادية ستقضي على البطالة وتستوعب الشباب وتحتضنهم في أعمالهم وتبعدهم عن أي تطرف، مضيفًا بأن هناك خطوة هامة بدأت الدولة في اتخاذها في سيناء وهي السماح لأبناء سيناء بتملك الأراضي، بعد أن كان ذلك محظورًا خلال النظام البائد. من جانبه، أكد الخبير العسكري اللواء جمال مظلوم أن زيارة وزير الدفاع لسيناء في ثاني أيام عيد الفطر المبارك– بعد زيارات الرئيس- تؤكد أن التواجد والتفاعل الأمني في سيناء على أعلى مستوى، وأن سيناء الآن في قلب المسئولين، وخاصة من قبل القوات المسلحة، كما أن لقاء الوزير بمشايخ وعواقل أهل سيناء أمر إيجابي وجيد لأن لهم دورًا هامًا وكبيرًا في المشاركة في التعامل مع ملف سيناء، فهم العنصر الرئيسي علي هذه الأرض الغالية، ويتمتعون بوطنية وإخلاص كبير لوطنهم ولتراب سيناء. وقال: "الإعلان عن قرب كشف أبعاد ومتهمي حادث رفح الإجرامي خطوة جيدة جدًا، تشير إلى أن أجهزة الأمن قادرة على الوصول للبؤر الإجرامية والمتطرفة؛ لأن هذا الحادث لا يمكن أن يمر مرور الكرام، فلا بد من الوصول لهؤلاء المجرمين كي يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه العبث بأمن سيناء أو مصر عامة، كما أن هذا يوضح أن هناك حبًا وتعاونًا بين أهالي سيناء والمسئولين في الدولة؛ من أجل تحرير سيناء من كل الأخطار والمجرمين الذين يهددونها". وأشار إلى أن سيناء كنز كبير لمصر فهي تعتبر مجالًا مفتوحًا للتنمية، والتي يكون عائدها سريعًا لمصر، فسيناء تتمتع بالكثير من الثروات المختلفة خاصة الثروة السياحية، كما أنها قادرة على استيعاب عشرات الملايين من المصريين، وبالتالي فقد آن الأوان أن تعود سيناء إلى حضن الوطن مثل باقي أجزاء مصر، وأن نهتم بها شكلًا وموضوعًا. وأشاد الدكتور عبد الله الأشعل بالجهود التي يتم بذلها من أجل تحقيق التنمية والاستقرار في سيناء قائلا: "الدولة الآن تبذل جهودًا في تعمير سيناء، لكنها يجب أن تكون على الطريق الصحيح، لأن سيناء أهملت إهمالًا جسيمًا، فتصريحات المسئولين في الحكومة وقبلهم رئيس الجمهورية، تشير إلى أن النظرة لسيناء أصبحت مختلفة، وأن الأوضاع السابقة قد تغيرت، ويجب أن تستكمل تلك الجهود بمزيد من الخطوات التنموية والإيجابية لتعمير واستقرار سيناء، التي تعتبر أكثر منطقة هامة وحساسة بالنسبة لمصر". وقال: "إسرائيل اقنعت السادات بأن السلام مع مصر يقتضى أن تصرف مصر النظر تمامًا عن التحالف العسكرى ضد إسرائيل، وأنه ضمان لذلك الوضع الأمنى الحالى فى سيناء والذى يحرم الجيش المصرى من تغطية سيناء والهيمنة عليها عبر الترتيبات الأمنية فى معاهدة كامب ديفيد، فهو إجراء يشل قدرة الجيش على الحركة فى سيناء، بينما تكون سيناء تحت السيطرة الإسرائيلية، ثم ارتبط هذا الترتيب بسيولة العلاقات المصرية الإسرائيلية الأمريكية التى أطلقت يد إسرائيل فى سيناء؛ حتى يكون هذا الترتيب وهذه السيولة من عوامل الإغراء بغزو سيناء مرة أخرى لأى سبب وذريعة، خاصة أن مصر تواجه الآن تركة ثقيلة ومخططًا متقدمًا ضد سيناء". يذكر أن الدكتور صلاح عبد المؤمن- وزير الزراعة واستصلاح الأراضي- أكد أن الحكومة وضعت مخططًا متكاملًا لتنمية سيناء في أسرع وقت ممكن, كأحد دواعي الأمن القومي المصري, يتضمن استصلاح وزراعة 200 ألف فدان بوسط سيناء، ليكون النواة الأولى لمشروع استصلاح مليون فدان جديدة خلال5 سنوات في5 مناطق هي جنوب شرق منخفض القطارة, والساحل الشمالي الغربي، وشمال غرب العوينات، وتوشكى، والمحور الأوسط بسيناء, وهو ما يضمن توطين نحو مليون مواطن في كل منطقة من هؤلاء بشكل مباشر لأول مرة. وقال: إن هناك بروتوكولات تعاون سيتم توقيعها خلال الأسابيع المقبلة مع نحو 150 مستثمرًا أجنبيًّا وعربيًّا ومصريًّا للمشاركة في مشروع المليون فدان، موضحًا أن هذه المناطق تشمل أراضي الاستصلاح المزودة بالبنية الأساسية وشبكات الري, إلي جانب القرى الحضارية ومشروعات الإنتاج الحيواني المتكاملة والتصنيع الزراعي, والصناعات التنموية المرتبطة بالأنشطة الزراعية التي ستقام على المساحات غير الصالحة للزراعة داخل هذه المناطق, التي تبلغ تكلفة كل منها نحو12مليار جنيه دون أن تتحمل موازنة الدولة أي أعباء. وشدد الوزير على أن كلمة السر في تنمية سيناء تتمثل في إحكام السيطرة الأمنية الكاملة على ربوعها, موضحًا أن هناك نحو80 ألف فدان بمنطقتي رابعة وبئر العبد جاهزة لطرحها بالمزاد العلني على حق الانتفاع والتملك في منتصف الشهر المقبل, بغرض الزراعة للأفراد والشركات, وذلك من إجمالي400 ألف فدان بسيناء يجري تجهيز بنيتها الأساسية.