كما توقعت "الحرية والعدالة" وعدد كبير من المتابعين للشأن المائي في مصر؛ انتهى مسار المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وأثيوبيا، أمس الثلاثاء، عقب نهاية الاجتماع الرابع الذي عقد بإثيوبيا مؤخرا، ولم يسفر عن أي جديد أو حلحلة للموقف الأثيوبي، تجاه سيطرتها الكاملة على مياه النيل، وذلك منذ توقيع السيسي على اتفاق المبادئ في 2015، والذي استغلته أثيوبيا بفرض سيطرتها على النيل وحولته لمجرد بحيرة أثيوبية، تحت سمع وبصر السيسي ونظامه، الذي هلل منذ سنوات قائلا "خلاص السيسي حلها، وبطلوا هري" قائلا لرئيس وزراء أثيوبيا أبي أحمد: "احلف أنك لن تضر بحصة مصر من مياه النيل". وأعلنت وزارة الري، الثلاثاء، انتهاء المسارات التفاوضية حول سد النهضة، مؤكدة أنها ستراقب من كثب عملية ملء السد الإثيوبي وتشغيله، مع احتفاظها بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية في الدفاع عن أمنها المائي والقومي، في حالة تعرضه للضرر. وأكدت الوزارة في بيان، أن مفاوضات سد النهضة انتهت مساء الثلاثاء في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، عقب الاجتماع الرابع والأخير من مسار المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، الذي سبق إطلاقه في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع في الانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في غضون أربعة أشهر. تعنت إثيوبي وأوضحت الوزارة أن الاجتماع لم يسفر عن أية نتائج، "نظرا لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط، التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتمادي أديس أبابا في النكوص عما جرى التوصل إليه من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة". وأضافت الوزارة أنه بات واضحا عزم الجانب الإثيوبي على الاستمرار في استغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الأمر الواقع على الأرض، والتفاوض بغرض استخلاص صك موافقة من دولتي المصب مصر والسودان على التحكم الإثيوبي المطلق في النيل الأزرق، بمعزل عن القانون الدولي. تنازل كارثي ومنذ بدء إثيوبيا تشييد سد النهضة في عام 2011، دأب الخطاب الرسمي المصري على التأكيد أن المشروع، الذي وصلت كلفته إلى أكثر من 4 مليارات دولار، هو بمثابة خطر وجودي يهدد الحياة في مصر. ورغم ذلك، وقّع عبد الفتاح السيسي اتفاقا مع إثيوبيا والسودان في مارس 2015، كان أول اعتراف من مصر بحق أديس أبابا في إنشاء السد، ولم يضمن التوقيع لمصر مراعاة مخاوفها من عملية ملء السد، التي أنجزت مرحلتها الرابعة هذا العام، ما دفع خبراء مصريين إلى المطالبة بتدخل حاسم لمواجهة ذلك الخطر. آثار كارثية ووفق خبراء المياه، فإنه من أولى الآثار الكارثية للملء الرابع لسد النهضة أن مصر لن تسمح بخروج حصتها، المقدرة ب55 مليار متر مكعب في السنة، من بحيرة ناصر، وستقلص ذلك إلى نحو 12 مليارا فقط، وبالتالي تخرج من 40 إلى 45 مليارا للشعب المصري على مدار السنة، ما يعني حرمان بعض الأراضي من الري، وتقليص مساحات قصب السكر والأرز، وعدم ضخ مياه إلى مساحات كبيرة من الأراضي، خصوصا التي تعتمد على مياه الترع. وهو ما يقتضي انفاق مصر مليارات الدولارات لإنشاء محطات تحلية مياه البحر ومياه الصرف، لتوفير مياه بديلة للري والاستعمال المنزلي، بجانب التوسع في مشاريع المياه الجوفية والصوب الزراعية، وغيرها من الوسائل البديلة، والتي تكلف مليارات الدولارات في ظل أزمة مالية طاحنة تضرب مصر وتهددها بالإفلاس والعجز الشامل عن توفير النفقات للشعب، من خدمات الصحة والتعليم والغذاء. وأمام ذلك المشهد، لم يعد أمام السيسي ونظامه سوى التوجه للمحاكم الدولية والانسحاب من اتفاقية المبادئ، قبل الوصول للخيارات العسكرية، التي تبدو بعيدة عن إرادة السيسي ونظامه، الذي أدمن تحصيل الأموال والمشاريع والرفاهية الاقتصادية لقياداته العسكريين، على حساب مصلحة الوطن.