تعتمد غالبية الجامعات الأمريكية في تمويلها على منح من كبار رجال الأعمال، وقسم منهم من اليهود الداعمين لإسرائيل، وقد سعى هؤلاء عقب حرب غزة لاستغلال نفوذهم المالي في فرض "مكارثية صهيونية" على الطلاب وأساتذة الجامعات معا. بدأوا بعقاب الطلاب الذين تظاهروا ضد الاحتلال الصهيونية وإبادة غزة، بسحب تمويلهم تارة ونشر أسماء زعماء هؤلاء الطلاب لترهيبهم ومنع الشركات من توظيفهم. ثم انتقلوا إلى رؤساء الجامعات الذين سمحوا لهؤلاء الطلاب بالتظاهر ضد إسرائيل والتنديد بعدوانها على غزة، ونجحوا في إجبار بعضهم على الاستقالة. ثم نقل اللوبي الصهيوني بالتعاون مع النواب المسيحيون اليمينيون الصهاينة في مجلسي النواب والشيوخ المعركة ضد رؤساء الجامعات إلى الكونجرس، وتم سؤال وتهديد ثلاثة من رؤساء أكبر ثلاثة جامعات شهدت مظاهرات ضد إسرائيل. حيث سئلن بالكونجرس عن سبب سماحهم للطلاب بانتقاد إسرائيل، معتبرين أن إدانة العدوان الصهيوني على غزة هو دعوة إلى إبادة جماعية لليهود في جامعاتهن. الحملة استهدفت بشكل أكبر "كلودين جاي" رئيسة جامعة هارفارد التي شهدت أعنف مظاهرات الطلاب ضد إسرائيل وتدخل المليارديرات اليهود لتهديدهم وسحب تمويلهم للجامعة. بجانب رئيسة جامعة بنسلفانيا إليزابيث ماجيل، وسالي كورنبلوث رئيسة جامعة "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا". ولأن رؤساء الجامعات الثلاثة ردوا في جلسة الكونجرس الترهيبية لهم، رافضين وصف الاحتجاجات على سياسة إسرائيل في غزة بأنها دعوة لإبادة اليهود، طالب 74 نائبا يهوديا ويمينيا متطرفا في الكونجرس رسائل تطالب بإقالتهن فورا. كما هدد مانحون يهود ومسيحيين متطرفين بإلغاء ملايين الدولارات المقدمة إلى الجامعات. لكن حملات ضخمة قام بها الطلاب وأعضاء هيئات التدريس منهن 500 رفضوا استقالة أو إقالة رؤساء جامعتهم أحبطت هذه المكارثية الصهيونية داخل الجامعات الأمريكية. حيث أعلن مجلس إدارة جامعة هارفارد استمرار كلودين جاي بمنصبها رئيسة للجامعة الأميركية المرموقة، بعد تجاهل دعوات طالبت باستقالتها بحسب بيان نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" وشبكة "سي إن إن" الأمريكية يوم الثلاثاء 12 ديسمبر 2023. تحدي المكارثية الصهيونية قرار إعادة رئيسة جامعة هارفرد الذي اتخذته مؤسسة هارفارد، أعلى هيئة إدارية في الجامعة، أسبوعا من دعوات خريجين ومانحين لاستقالة غاي، التي حظيت في المقابل بدعم من أعضاء هيئة التدريس، المهتمين باستقلال الجامعة عن الضغوط السياسية. ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مجلس الإدارة إعلانه في رسالة إلى مجتمع هارفارد، أكدت مداولاتنا المكثفة ثقتنا في أن الرئيسة غاي هي القائدة المناسبة لمساعدة مجتمعنا على التعافي ومعالجة القضايا المجتمعية الخطيرة التي نواجهها. ووقع مئات من أعضاء هيئة التدريس في جامعة هارفارد رسالة دعمت رئيسة الجامعة بعد ساعات استقالة نظيرتها في جامعة أخرى منضوية ضمن رابطة "آيفي ليغ" للجامعات العريقة، السبت، وذلك في مواجهة انتقادات حادة وضغوط سياسية عقب مثولها في جلسة الاستماع أمام الكونغرس. حصلت رئيسة جامعة هارفارد، كلودين جاي، على دعم بالإجماع من مجلس إدارة الجامعة، حسبما ذكرت أعلى هيئة إدارية في جامعة هارفارد، في بيان نقلته شبكة "سي إن إن" الأمريكية يوم الثلاثاء 12 ديسمبر 2023، مما منح جاي غطاء كبيرا للبقاء في الجامعة. وأنهى القرار الجديد أسبوعا من دعوات خريجين ومانحين لاستقالة غاي، التي حظيت في المقابل بدعم من أعضاء هيئة التدريس، المهتمين باستقلال الجامعة عن الضغوط السياسية. حرية التعبير في مهب الريح وأثار عدوان إسرائيل المتواصل على قطاع غزة جدلا بشأن حرية التعبير، في ظل محاولات اللوبي الصهيوني ومليارديرات صهاينة تكبيل حرية الطلاب والداعمين لفلسطين من أساتذة الجامعات. حيث بدأت لهجة الخطاب الأمريكي تجاه العدوان الإسرائيلي تتغير بشكل لافت على عكس الدعم العسكري واللوجستي، من إدارة بايدن. ولقيت حرية التعبير في الجامعات الأمريكية عنتا شديدا، بسبب ذلك بعد اعتبار المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في وجه العدوان الإسرائيلي على غزة معاداة للسامية. ومع هذا اتسعت رقعة المظاهرات المنددة بالعدوان والداعمة للفلسطينيين بصورة غير مسبوقة في أروقة الجامعات والمدارس الأمريكية، وتم استدعاء عمداء جامعتي هارفارد وبنسلفانيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى الكونغرس الأمريكي ومساءلتهم من قبل سياسيين في جلسة حملت اسم "محاسبة رؤساء الجامعات ومكافحة معاداة السامية". ووجدت دراسة حديثة للناخبين الأمريكيين المحتملين أن 61% يؤيدون الدعوة إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث تسببت أسابيع من القصف المكثف من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلية في ارتقاء ما يقرب من 19 ألف شهيد، أغلبيتهم الساحقة من الأطفال والنساء، فضلا عن الدمار واسع النطاق الذي طال أغلب مناطق القطاع. لكن رغم هذا الدعم الواسع، فإن 14% فقط من أعضاء مجلس النواب الأمريكي أعلنوا تأييدهم العلني لوقف إطلاق النار إذ تقدم الجماعات المؤيدة لإسرائيل مساهمات كبيرة في الحملات الانتخابية، وتزور أعضاء الكونغرس بشكل متكرر، وتضغط من أجل دعم أنشطة الحكومة الإسرائيلية، كما يقول النقاد الذين تحدثوا إلى الموقع الأمريكي. شباب بأمريكا يؤيدون "إنهاء إسرائيل" وتسليمها لحماس أما التحول الخطير في أمريكا ضد العدوان الصهيوني وإدارة بايدن فظهر في استطلاع للرأي أن أغلبية من الشباب الأمريكيين بين 18 و24 عاما تتبنى مواقف غير داعمة لإسرائيل، بل ومناهضة لها أحيانا، كما يعتقدون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة. الاستطلاع الذي نشرته صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، الأحد 17 ديسمبر 2023، بين أن 51% من الشباب من هذه الفئة العمرية يعتقدون أن الحل طويل المدى للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو "إنهاء إسرائيل وتسليمها لحماس والفلسطينيين". وأوضح الاستطلاع الذي أجراه معهد هاريس ومركز الدراسات السياسية الأمريكية بجامعة هارفارد، وشمل ألفي ناخب أمريكي من فئات عمرية مختلفة، أن غالبية الأمريكيين تدعم إسرائيل في حربها على غزة، إلا أن 67% من هؤلاء الشباب يؤيدون وقفاً غير مشروط لإطلاق النار من شأنه أن يُفرج عن المحتجزين في غزة، ويترك حركة المقاومة الإسلامية حماس في السلطة. وردا على سؤال عما إذا كانوا يعتقدون أن حماس منظمة يمكن التفاوض معها لتحقيق السلام، قال 76% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما إنهم يعتقدون أنه يمكن التفاوض معها. كما أظهرت النتائج أن غالبية الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما وبين 25 و34 عاما يعتقدون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة. وبحسب الاستطلاع فإن 67% من المستجوبين من هذه الفئة العمرية يرون أن اليهود ظالمون، ويجب أن تتم معاملتهم كذلك. ووفقا للاستطلاع الذي أوردته صحيفة جيرزواليم بوست، فإن 53% من هؤلاء يعتقدون أنه يجب السماح بالدعوات إلى إبادة اليهود.