اليوم ب3 آلاف دولار.. خبير عسكري يكشف أسرار الدعم الخارجي للصراعات السودانية    عاجل | ممداني: تحدثت عن ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بتمويل أمريكي وأشارك الرئيس فكرة تخصيص أموالنا لخدمة مواطنينا    قائمة بيراميدز في مواجهة ريفرز النيجيري    عفاف بن محمود تفوز بأحسن ممثلة عن فيلم «الجولة 13» بختام القاهرة السينمائي    تحرك جديد في أسعار الذهب اليوم الجمعة 21 نوفمبر خلال ختام التعاملات    هالاند يقترب من كسر رقم شيرار قبل مواجهة مانشستر سيتي ونيوكاسل    كونسيساو يشيد بأداء الاتحاد السعودي بعد الفوز على الرياض    بمناسبة الإحتفال باليوم العالمى لحقوق الطفل.. وزارة الداخلية تُساهم بالعديد من المبادرات لمشاركة الأطفال الإحتفال بتلك المناسبة    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة ودموية وكان ممكنًا تفاديها    البلشي يدعو الصحفيين إلى الامتناع عن نشر معلومات حول الأطفال ضحايا الاعتداء بمدرسة العبور    انتخابات مجلس النواب.. إقبال كبير على التصويت في النمسا وتوقعات بزيادة مشاركة المصريين بالخارج    رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة يدعو الحكومة لمراجعة رسوم الإغراق على البليت لضمان التنافسية وتشغيل المصانع المتعطلة    الأهلى يهزم الطيران في الجولة الخامسة عشر بدورى محترفي اليد    أوروبا تتعهد بمنح أفريقيا أكثر من 15 مليار يورو للطاقة النظيفة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو اختطاف طالب بالسويس    اضرب بكل قوة.. مصطفى بكري يوجه رسالة حاسمة للرئيس السيسي    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يقيم ندوة الاحتفاء بإصدار يوثق مسيرة جيل من المخرجين    نيكول سابا تتألق خلال تكريمها بأفضل ممثلة عربية: مصر دايمًا مغرقاني بحبها    صوته نازل من السما.. برنامج دولة التلاوة يحتفي بالشيخ محمد رفعت    وكيل صحة شمال سيناء يزور وحدة الشلاق بالشيخ زويد لمتابعة الخدمات    أهلي جدة المنقوص يتقدم على القادسية في الشوط الأول    للمرة الثانية في تاريخه.. الجيش الملكي بطلًا لدوري أبطال أفريقيا للسيدات    "السنيورة": لبنان بحاجة إلى قيادات وطنية تحترم التنوع وتعزز الوحدة    تعرف على تشكيل نيس ومارسيليا بالدوري الفرنسي    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    موظف يتهم مدرسًا بالاعتداء على نجله داخل مدرسة ابتدائية في أوسيم    سقوط عصابة تقودها فتاة استدرجت شابًا عبر تطبيق تعارف وسرقته تحت تهديد السلاح بالدقي    أحمد فؤاد سليم يكشف سر استمرار زواجه 50 عاما: الحب هو الأساس والأحفاد فلفل الحياة    بسبب رسامة فتيات كشمامسة.. الأنبا بولس يطلب من البابا تواضروس خلوة بدير العذراء البراموس    إقبال جماهيري كبير على حفل روائع عمار الشريعي بتوقيع الموسيقار هاني فرحات    أول تعليق من نادية مصطفى على أزمة ملف الإسكان بنقابة الموسيقيين    السيدة انتصار السيسى تستقبل قرينة رئيس كوريا بالمتحف الكبير    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    إقبال كثيف وانتظام لافت للجالية المصرية في الأردن بانتخابات النواب 2025    «المال في مواجهة الطموح».. هل يحسم «طوفان اللافتات» مقاعد البرلمان؟    المصري الديمقراطي يطالب خطوات "الوطنية للانتخابات" لمنع تكرار مخالفات المرحلة الأولى    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات والأتربة بمدينة ناصر بحى شرق سوهاج    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    بالصور.. استعدادات حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال46    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    انفوجراف| الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    دعاء يوم الجمعة لأهل غزة بفك الكرب ونزول الرحمة.. اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم فرّج عن أهل غزة فرجًا عاجلًا    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    إصابة 3 شباب في حادث مروري بنجع حمادي    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    اسعار الدواجن اليوم الجمعه 21 نوفمبر 2025 فى المنيا    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نايف بن نهار يكتب: عملية أكتوبر.. تحرير أسرى أم كسر إرادة البقاء؟
نشر في بوابة الحرية والعدالة يوم 01 - 12 - 2023

من يعتقد أن عملية 7 أكتوبر هدفها تحرير الأسرى فقط فمن الطبيعي أن يرى حماس مخطئة؛ فما الفائدة من تحرير مجموعة من الأسرى مقابل استشهاد أضعافهم؟ لكن هل كان هذا هو هدف حماس فعلاً؟ لا يبدو ذلك، فلو كان هذا هو هدفها لكان يكفيها أن تأسر جنديين أو ثلاثة ثم تقايضهم بمن تشاء، كما فعلت في 2006 حين أسرت الجندي شاليط وحررت مقابله ألفي أسير فلسطيني.
لكن حماس في 7 أكتوبر فعلت شيئًا مختلفًا، فقد أطلقت حوالي 4 آلاف صاروخ، وأسرت وقتلت مئات الصهاينة، واستولت على قواعد ومراكز عسكرية، فما علاقة كل ذلك بتحرير الأسرى؟ إن طبيعة الوسيلة تخبرك عن طبيعة الهدف، وهذه الوسيلة التي ابتغتها حماس لا تدل أبدًا على أن الأمر متعلق بالأسرى، فماذا كان هدف هذه العملية؟
واضح من طبيعة هذه العملية أن حماس تهدف إلى ضرب الفكرة المركزية التي يقوم عليها الكيان الصهيوني، وهي فكرة "إرادة البقاء"، هذه الفكرة هي الوقود الذي يضمن استمرار الكيان الصهيوني، وعملية 7 أكتوبر تبدو مفصّلة تمامًا على مقاس هذا الهدف.

ما معنى "إرادة البقاء"؟
إن الوضع الطبيعي في كل العالم أن يوجد مجتمع ثم يصنع له دولة، إسرائيل هي الحالة الوحيدة التي وُجِدت الدولة ثم بحثوا لها عن مجتمع، ولذلك بعد نشوء الكيان في عام 1948 صدر قانون العودة في 1950 لتشجيع اليهود من كل العالم كي يأتوا ويستوطنوا فيها مقابل مزايا لا نظير لها، مثل الجنسية الفورية، وفرصة عمل، وقروض طويلة الأمد بفوائد قليلة، وإعفاءات ضريبية لعشر سنوات، كل ذلك حتى يقتنع اليهودي بالبقاء في هذا الكيان المصطنع.
لكن الكيان الإسرائيلي يواجه أزمة جوهرية، وهو أنه كيان محتل، ومن احتلهم لا يزالون يقاومونه، والشعوب المجاورة له تكرهه وتتمنى زواله، فكيف يقتنع اليهودي بترك موطنه الأصلي ويأتي للعيش في هذا الكيان وهو مستهدف في أمنه؟
هنا نشأ التحدي الأكبر للكيان الصهيوني، وهو كيف يخلق "إرادة البقاء" لدى مواطنيه ويجعلهم يتغلبون على الهاجس الأمني وقلق الوجود؟ لن يتحقق ذلك إلا إذا قضت إسرائيل على كل المهددات الأمنية الداخلية، وامتلكت ميزة الردع العسكري على أعدائها، ومؤخرًا عززت إسرائيل القناعة الأمنية لدى مواطنيها حين بدأت دائرة التطبيع تتوسع في العالم العربي، ومع أنه مجرد تطبيع مع الحكومات دون الشعوب، فإن إسرائيل تحتاج حتى إلى هذا التطبيع الشكلي كي تقنع مواطنيها بتحقق الأمن وتترسّخ لديهم "إرادة البقاء".
إذن الكيان الصهيوني يقوم على فكرة مركزية، متى ما تزعزعت هذه الفكرة تزعزع الكيان نفسه، وهي فكرة "إرادة البقاء"، وهذه أزمة خاصة بالكيان الصهيوني وحده؛ لأن بقية دول العالم مجتمعاتها أصلية، فإرادة البقاء فيها بدهية، بعكس الكيان الصهيوني الذي يقوم على مجتمع مصطنع يمكنه الرحيل في أي وقت إلى البلد التي جاء منها ولا يزال يحمل جنسيتها.

لماذا نربط عملية 7 أكتوبر بفكرة كسر إرادة البقاء؟
الآن إذا تأملنا طبيعة عملية 7 أكتوبر سنجدها للوهلة الأولى بلا هدف مباشر واضح، ولذلك حار الخبراء في فهم الغاية منها، فلو كان الهدف تحرير الأسرى لاكتفت حماس بأسر مجموعة من الصهاينة وعادت إلى غزة، ولو كان الهدف ربط غزة بالضفة لأكملت مشوارها إلى الضفة وتحرك فرع حماس والجهاد في الضفة إلى غزة، ولو كان الهدف ضرب قاعدة عسكرية معينة لفعلت ذلك واكتفت به، لكن حماس دخلت وصنعت فوضى عارمة في سبع مستوطنات، واستولت على قواعد ومراكز عسكرية، وقتلت مئات الصهاينة، ثم عادت أدراجها إلى غزة، فكيف يمكن تفسير كل ذلك؟
لا يمكن أن نفسّر هذه العملية إلا أنها محاولة لكسر "إرادة البقاء" لدى المجتمع الإسرائيلي، فإذا كان الكيان الصهيوني يقف على بساط "إرادة البقاء" فإن سحب هذا البساط هو الذي يؤدي إلى إسقاطه بالضرورة. وهذا الهدف ينسجم مع طبيعة عملية 7 أكتوبر، فحين لجأت حماس إلى بث الفوضى الأمنية في المستوطنات كان ذلك رسالة واضح لكل مواطن إسرائيلي بأن كل ما تسمعه من الكيان الصهيوني عن "الأمن الإسرائيلي الصلب" هو مجرد أوهام، فقد استطاعت حماس بسياراتها العادية أن تخترق حوالي خمسين كيلو في عدة ساعات، وأن تأسر وتقتل المئات، وأن تسيطر على قواعد ومراكز عسكرية، فأيُّ أمنٍ بعد ذلك يمكن أن يقتنع به المواطن الإسرائيلي؟
إن المواطن الإسرائيلي سيتساءل بعد عملية 7 أكتوبر: إذا كانت حماس استطاعت اختراق خمسين كيلو في عدة ساعات، فماذا ستفعل في المرة القادمة؟
لا شك أنه سيناريو مرعب لا يتمنى أن يرى نفسه أو أبناءه فيه، وهذا تحديدًا ما تسعى حماس لترسيخه في وعي المواطن الإسرائيلي فتنكسر لديه إرادة البقاء، وانكسار إرادة البقاء يعني بدء أكبر هجرة عكسية في تاريخ إسرائيل، وهو ما يعني دخولها في حالة من الموت البطيء.

لكن هل ستنجح حماس في مشروع "كسر إرادة البقاء"؟
نجاح مشروع كسر إرادة البقاء لدى المجتمع الصهيوني يتطلّب أمرين:
الأمر الأول: توجيه ضربة تربك القناعة الأمنية لدى المجتمع الإسرائيلي.

الأمر الثاني: بقاء مصدر هذه الضربة مستمرًا
حماس أنجزت الأمر الأول في السابع من أكتوبر، أما الأمر الثاني فهو التحدي الحقيقي الذي تواجهه حماس اليوم، وهذا التحدي ستنجح فيه حماس في حالة واحدة فقط، وهي إذا توقفت الحرب وبقت حماس متماسكة إلى مستوى أنها لا تزال تشكّل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل؛ في هذه الحالة فقط سوف يكتمل الركن الثاني من مشروع "كسر إرادة البقاء"، وهو بقاء مصدر التهديد قائمًا.
أما إذا استطاع الجيش الإسرائيلي تحييد حماس في غزة فعليًا فهنا يمكن الحكم بأن عملية 7 أكتوبر فشلت في تحقيق هدفها، وأن حماس أخطأت في تقدير المسألة.

كسر "إرادة القتال" لدى الجيش الإسرائيلي
حتى تنجح حماس في تحقيق الركن الثاني من معادلة كسر إرادة القتال (وهو إيقاف الحرب وبقاؤها متماسكة) فإنها الآن تسعى إلى مشروع آخر، وهو "كسر إرادة القتال" لدى الجيش الإسرائيلي. ومصطلح كسر إرادة القتال يعني خلق حالة إحباط لدى الطرف المقاتل بما يفقده الدافعية للاستمرار، وقد اتبعت حماس أسلوبًا مهمًا في صناعة الإحباط، وهو توثّيق استهدافها لجنود الصهاينة بشكل يظهر وكأنها تتلاعب بهم، وأنها قادرة على الوصول إليهم بكل سهولة، وحتى مدرعة النمر التي اعتقد الجيش الصهيوني أن جنوده سيكونون بأمان داخلها استطاعت حماس استهداف بعضها وقتل من فيها.
حين يرى الجندي الصهيوني انكشاف زملائه أمام قوات حماس، وسهولة اصطيادهم فإن هذا يخلق حالة إحباط لديه، وهو ما يؤدي إلى كسر إرادته في القتال فيؤثر ذلك في استمرارية الحرب، وقد رأينا بالأمس نموذجًا على ذلك حين انسحبت سريتان من أرض المعركة فأقال الجيش ضابطيها.
هذا علاوةً على أن صمود حماس إلى الآن هو من أهم الأسباب التي تؤدي إلى كسر إرادة القتال لدى الجيش الإسرائيلي، فبعد حوالي شهرين من القصف العنيف، وإلقاء الجيش الإسرائيلي بكل ثقله على غزة، فإنه إلى اليوم لم يستطع أن يأسر عنصرًا واحدًا من حماس، ولم يستطع أن يسيطر على أكثر من عشرين بالمئة من القطاع، وكلما تأخر الحسم العسكري زادت حالة الإحباط في صفوف الجيش الإسرائيلي.
الفكرة أن كل ما تفعله حماس الآن عسكريًا وإعلاميًا وسياسيًا يهدف إلى شيء واحد، وهو كسر إرادة القتال لدى الجيش الإسرائيلي، وكسر إرادة القتال يؤدي أتوماتيكيًا إلى كسر إرادة البقاء، وهو الهدف الأساس.

التوقيت الذكي لعملية 7 أكتوبر
مما يساعد حماس اليوم على كسر إرادة القتال لدى الجيش الإسرائيلي أنها اختارت توقيتًا مثاليًا للمعركة، فالغرب اليوم يعيش حالة استنزاف حقيقي بسبب الحرب الأوكرانية، وهو بالكاد يطيق تبعات تمويل هذه الحرب، فكيف له أن يضيف إلى ذلك تكاليف الحرب الإسرائيلية؟
إن الاقتصاد الإسرائيلي يكاد يتحول الآن إلى اقتصاد غير منتج، فقد انخفضت 70% من صادرات الغاز، وحقل "تمار" للغاز توقف تمامًا، وبلغ عجز الميزانية لأول شهر من الحرب حوالي 6 مليارات دولار، وضخت حوالي 7 مليارات لأجل احتياطي العملات النقدية، ويكفي معرفة أن التكلفة اليومية لهذه الحرب تبلغ حوالي 260 مليون دولار.
واستدعت إسرائيل حوالي 350 ألف (18% من القوى العاملة) للخدمة العسكرية، وهؤلاء تركوا شركاتهم ومصانعهم ومزارعهم، حوالي 12 ألف مزارع التحق بجنود الاحتياط، وهو ما أدى إلى أزمة في الغذاء وأسعاره، ونتيجةً لكل ما مضى فقد سجل سبعون ألف مواطن إسرائيلي في سجلات البطالة.
الشاهد أن التكلفة الاقتصادية لهذه الحرب هائلة جدًا، والغرب لا يستطيع أن يضخ فيها بالتزامن مع الضخ الذي يقدمه لأوكرانيا، وملف أوكرانيا لا يمكن تأجيله؛ لأن انكسار أوكرانيا يعني سقوط مقدمة أوروبا بيد بوتين، أما ملف حماس فيمكن تأجيله إلى ظروف أفضل في اعتقادهم، ولذلك سيضغط الغرب على إسرائيل لإيقاف الحرب في أسرع وقت ممكن.
ويبدو أن حماس أخذت بالاعتبار أن مجيء الجمهوريين في السنة القادمة سيجعل الأمر أكثر صعوبة عليهم، فالإدارة الديمقراطية يمكن اختراقها عبر الأدوات التقليدية، ويمكن الضغط عليها من خلال أجندة الحزب الديمقراطي نفسه، لذلك لا يسع حماس تأجيل هذه العملية حتى لا تتورط مع الجمهوريين.
كما أن اندلاع العملية قبل عام واحد من الانتخابات الأمريكية هو كذلك مؤشر حاسة استراتيجية عند حماس، فلن تفضّل الإدارة الأمريكية _وهي على بوابة الانتخابات_ أن تدخل في حرب طويلة الأمد تتصاعد الاعتراضات عليها يومًا بعد يوم داخل الحزب الديمقراطي نفسه وحاضنته الانتخابية، وهذا ربما ما جعلنا نرى بايدن نفسه يغيّر خطابه تجاه غزة في اليومين الماضيين، فقد صرّح بأهمية إيقاف إطلاق النار بعد أن كان يقول مرارًا بأن فكرة إيقاف إطلاق النار فكرة "سيئة" و "شريرة"!
هذا من الناحية الدولية، أما إقليميًا فجميعنا يدرك تسارع وتيرة التطبيع مع إسرائيل، والتطبيع سيزيد من محاصرة حماس وتضييق الخناق عليها، ولذلك من المنطقي أن تسارع حماس بهذه العملية قبل اكتمال حفلة التطبيع. كما أن حماس تراهن على أنها في حال بدأت الكفة تميل لصالح الصهاينة فإن ذلك سيضغط على حلفائها في المنطقة مما يضطرهم لتوسيع دائرة الصراع بشكل من الأشكال، وهو ما يزيد الضغط على إسرائيل لإيقاف الحرب.
الخلاصة أن حماس سعت إلى تدمير فكرتين أساسيتين لا يقوم المشروع الصهيوني إلا بهما: فكرة "إرادة البقاء" لدى المجتمع الإسرائيلي، وفكرة "إرادة القتال" لدى الجيش الإسرائيلي، سعت إلى تدمير إرادة البقاء من خلال عملية 7 أكتوبر التي كشفت للمجتمع الصهيوني وهم ما يسمى "الأمن الإسرائيلي الصلب"،
وهذا يزعزع فكرة البقاء ويحفّز خيار الرحيل. أما كسر "إرادة القتال" فسعت إليه حماس من خلال إطالة أمد الحرب، والحرب النفسية عبر توثيقاتها الإعلامية، واختيار التوقيت المثالي لهذه المعركة.
…………………………….


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.