عمليات استهداف الأطفال الفلسطينيين وقتلهم واعتقالهم، عقيدة صهيونية تتبعها إسرائيل للترهيب، وخوفا من أجيال مقاومة مناهضة للاحتلال، وفي كل حرب تصعيد من الاحتلال على غزة في العقدين الأخيرين، يسعى لاغتيال أكبر عدد من الأطفال، خوفا من تحولهم لرموز لاحقا، وقد أثبتت الأيام منذ النكبة الأولى بتوارث الأجيال لمشروع طرد المحتل، والتركيز على استهدافهم جراء قلقه على وجوده منهم، فهم المستقبل الذي يخافه. وزارة التربية والتعليم الفلسطينية قالت في اليوم العالمي للطفل والذي كان قبل أيام: إن "أكثر من 5000 طفل بينهم ما يزيد على 3000 طالب استشهدوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في حين أن 1800 طفل في عداد المفقودين، إلى جانب آلاف الجرحى وعشرات الآلاف ممن دمرت منازلهم". وعاد بطل المشهد المؤثر من غزة الذي راج تحت عنوان "روح الروح"، الجد الذي أبكى العالم قبل أيام حين كان يودع حفيدته ريم وحفيد آخر له يدعى طارق، للظهور بفيديو جديد مؤثر تحدث فيه عما احتفظ به من حفيديه اللذين استشهدا بقصف إسرائيلي على القطاع الفلسطيني المحاصر، وفطر أبو ضياء قلوب الملايين حين ظهر في فيديو قبل أيام، وهو يقبل وجنتي حفيدته ريم التي استشهدت في قصف إسرائيلي غادر، حيث ظهر وهو يفتح عينيها ويقبلها في مشهد مؤثر جدا. وظهر الرجل في مقطع جديد انتشر خلال الساعات الماضية على مواقع التواصل، كاشفا عن آخر ما احتفظ به من حفيدته الشهيدة ريم وحفيده الشهيد طارق. وقال أبو ضياء في لقاء مع تلفزيون العربي: إنه "حين حمل حفيدته لتكفينها، مسح عينيها بمحلول الملح ليزيل الرماد عنها، فشاهد قرطا واحدا في أذنها فاحتفظ به كذكرى منها". وأضاف الجد أبو ضياء أنه يزور قبر ريم وطارق كل يوم في إشارة إلى حفيديه من ابنته التي قضت أيضا بالقصف الإسرائيلي. وأردف أنه كان يلامس وجه طارق ولم يصدق ما حصل، ويلفه جيدا بالكفن تارة، ويعمد إلى إغلاق فمه تارة وأنه كل يوم ينام ويستيقظ ويأمل أنهم لا زالوا أحياء لكنها إرادة الله. وأكد الجد الفلسطيني أكثر من مرة عن حفيديه أنهما روح الروح، وهي العبارة التي انتشرت كالنار في الهشيم بين الناشطين الفلسطينيين على مواقع التواصل، ونشر البعض رسوما للجد محتضنا جثة حفيدته تحت عنوان "روح الروح". وتؤكد المؤسسات الحقوقية أن إسرائيل اعتقلت منذ العام 1967 وحتى الآن ما يزيد عن 50 ألف طفل، بهدف التأثير النفسي على الأطفال وذويهم على حد سواء، كما أن هناك حوالي 160 طفلا يقبعون في سجون الاحتلال. ولم يتوقف الأمر على الأوامر العسكرية الإسرائيلية الإجرامية، بل أقر الكنيست عام 2015 مشروع قانون يسمح بمحاكمة وسجن من هو أقل من 14 عاما من الأطفال الفلسطينيين. وينص القانون الصهيوني على أن المحكمة تستطيع أن تحاكم أطفالا ممن بلغوا سن 12 عاما، بحيث يصبح جيل المسؤولية الجنائية هو 12 عامًا، ويمكن الاحتلال من اعتقال أي طفل فلسطيني والتحقيق معه، وبعد الضغط عليه وإدانته يرسل إلى إصلاحية مغلقة، ويبقى فيها إلى أن يبلغ 14 عاما. عقيدة إجرامية متجذرة لها أصولها، فقد نشرت مجلة "مومِنت" (Moment) اليهودية الأميركية في عددها الصادر لشهر مايو 2009، حوارا مع الحاخام الصهيوني "مانيس فريدمان" حول الطريقة المثلى لتعامل اليهود بفلسطينالمحتلة مع جيرانهم من العرب، وقد أتت إجابة "فريدمان" صريحة قائلا: إن "الطريقة الوحيدة لخوض حرب أخلاقية هي الطريقة اليهودية، دمِّر أماكنهم المقدسة، واقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم ومواشيهم". فريدمان قال في تلك المقابلة: إن "ذلك هو الرادع الوحيد والحقيقي للتخلُّص من ثبات الفلسطينيين ومقاومتهم المستمرة، وأن تلك هي قيم التوارة التي ستجعل الإسرائيليين النور الذي يشع للأمم". وهكذا قدّم فريدمان عقيدته في التعامل الأمثل مع الفلسطينيين الذين ينغِّصون هناء الفردوس الإسرائيلي على حد قوله، وهو في هذا لا يتبع وجهة نظر شخصية ولا يتحدث من وحي أفكاره، وإنما يعتبر الأمر واجبا دينيا وتعليما توراتيا مقدسا لا ينبغي العدول عنه، كاشفا لنا بكل وضوح عن الموقف اليهودي من فلسطين وشعبها، والأساس النظري لكل أعمال الإبادة والإرهاب التي مارستها الصهيونية أثناء وجودها بفلسطينالمحتلة. حتى إن حاخام جامعة "بار إيلان" يسرائيل هس أعلن بوضوح أنه لا ينبغي التساهل أو الرحمة مع "عماليق" هذا العصر، فيجب قتلهم حتى الأطفال الرضَّع منهم، وهو الرأي نفسه الذي أعلنه رئيس مجلس المستوطنات بالضفة "بنزي ليبرمان" الذي اعتبر الفلسطينيين "عماليق" أي من الواجب تدميرهم، حسب ما أورده عصام سخنيني في كتابه الجريمة المقدسة، الإبادة الجماعية من أيديولوجيا الكتاب العبري إلى المشروع الصهيوني.