جاء اعلان مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي تأجيل تنفيذ الاتفاق مع حركة حماس لمدة 24 ساعة، وذلك قبل ساعات من بدء الهدنة، التي كان مقررا لها البدء في العاشرة صباح الخميس ، بتوقيت القدس، في محاولة للايهام بأن القرار بيد إسرائيل وليس بيد الطرف الفلسطيني أو الرعاة الدوليين، وذلك لمحاولة صناعة نصر وهمي، لربما تحتاجه إدارة نتانياهو لتعويم نتانياهو ، بعد انكساراته على يد المقاومة. أو ربما يكون التأجيل مبعثه، استكمال إسرائيل هندسة تموضع قواتها في أراضي غزة، وصناعة محاور تأمينية لها، عبر مزيد من القصف الجوي والمدفعي العنيف في محاور غزة، منذ وقت الإعلان عن الهدنة. أو محاولة لابتزاز أطراف إقليمية وخاصة الجانب المصري، من أجل أجندة سياسية معينة ليست خافية على أحد، حتى وإن توالت التصريحات الرسمية المصرية برفضها، كإعادة مشاركة إسرائيل في عمل ومراقبة معبر رفح والمعابر الأخرى المشتركة مع مصر. ونقلت شبكة "سي إن إن" عن المسؤول الإسرائيلي قوله الخميس: إن "سبب تأجيل إطلاق سراح المحتجزين من غزة، يعود إلى تفاصيل تنفيذ بسيطة إلى حد ما". وتذرع الجانب الإسرائيلي بأن سبب التأجيل هو عدم تلقي إسرائيل بعد أسماء المحتجزين الذين ستطلقهم حماس. وكان من المنتظر بدء سريان الهدنة وانطلاق أولى عمليات الإفراج عن الأسرى الخميس. ويشكل الاتفاق على هدنة مؤقتة بين إسرائيل وحماس بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية، نقطة مفصلية في الحرب المتواصلة منذ 7 أكتوبر الماضي، وسقط خلالها أكثر من 14 ألفا من القتلى وما يزيد على 33 ألف جريح. ويقضي اتفاق الهدنة بوقف القتال 4 أيام، للسماح بإطلاق سراح 50 رهينة محتجزة في غزة، بينهم نساء وأطفال، مقابل الإفراج عن 150 فلسطينيا في السجون الإسرائيلية، وكذلك دخول مساعدات إنسانية تضم مئات الشاحنات من المساعدات الإنسانية والطبية والوقود إلى قطاع غزة. أفكار إسرائيلية تستهدف مصر ووفق تقديرات استراتيجية، تسعى إسرائيل لاستغلال موقف النظام المصري بقيادة السيسي، والذي يتسم بالطاعة لإسرائيل وعدم إغضابها والتجاوب مع كل مطالبها الاستراتيجية خلال الحرب، حتى وإن اختلفت التصريحات الرسمية، تسعى إسرائيل بالاستفادة من الحرب على غزة، لإعادة تموضعها بغزة ، بدعم أمريكي وربما رضاء مصري ورضوخ، ربما يسهل لإسرائيل مساعيها لاحتلال معبر رفح في حده الأقصى أو إعادة نشر كاميراتها للمراقبة والمشاركة في إدارته وإعادة تواجدها في حاجز فلادليفيا المحازي لخط الحدود المصرية الفلسطينية مع قطاع غزة. وتستند إسرائيل في توجهاتها نحو الأراضي المصرية، على أن موقف مصر منذ بداية الحرب يقبع في دائرة رد الفعل وليس الفعل، وموقف التعاطي مع الأمر الواقع وليس فرض الأمر الواقع، كما أن إسرائيل تفعل ما يحلو لها، وصرحت في أكثر من مرة بأنها ستسيطر على قطاع غزة بالكامل، حتى إن الولاياتالمتحدة، قالت إن محاولة إسرائيل إعادة احتلال القطاع والسيطرة عليه خطأ سياسي واستراتيجي. وحتى دون السيطرة على معبر رفح، فإن إسرائيل هي التي تسمح لقوائم الأفراد الفلسطينيين بالخروج، بما في ذلك المصابون. وذلك يتم حتى دون سيطرة فعلية عسكرية على معبر رفح على الأرض، ومصر ترضخ لذلك، وهو ما قد يشير مستقبلا إلى تصرف مصر السلبي في ماذا يمكن أن يصير إذا حدث احتلال لمعبر رفح. وتستعجل تل أبيب طرح أفكارها وتصوراتها الخاصة على العواصم المعنية، ومنها القاهرة، حول إدارة غزة ومعبر رفح ومحور "فيلادلفيا". وكشفت مصادر مصرية أن حكومة الاحتلال ترى أنه لا يمكن استمرار عمل المعبر بالآلية السابقة قبل 7 أكتوبر الماضي، وتتحدث عن آلية عمل جديدة للمعبر، تقوم على إدخال تقنيات وأساليب مراقبة، تضمن عدم مرور أي من المواد التي قد تستعين بها المقاومة لاحقا. النقاشات الإسرائيلية بشأن التصور الخاص بمعبر رفح عقب انتهاء الحرب، تطرقت أيضا إلى إدارة المعبر، إذ تسعى حكومة الاحتلال إلى تغييرها بالشكل الذي يضمن لها دورا رسميا في مراقبته ومتابعة عمله، إلى جانب توسيع أدوار الأطراف الدولية والأممية في إدارته. فيما رجح مصدر مصري عدم قبول القاهرة بالحديث عن أنظمة مراقبة، تكون مسلطة على الإدارة المصرية للمعبر، وكشف المصدر عن رغبة إسرائيلية في إعادة بناء المعبر عقب الحرب بشكل يعتمد أكثر على الجوانب التكنولوجية والتقنية في عمليات المراقبة والتفتيش، وتخفيض نسبة مشاركة العنصر البشري، مع التوسع في أنظمة كاميرات المراقبة على عمل المعبر. بينما لم تتعاط القاهرة مع تلك المقترحات بأي شكل من الأشكال في الوقت الراهن، إذ إن الأولوية القصوى حاليا هي لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن، لأن أي حديث عن المستقبل في الوقت الراهن سيكون غير ذي جدوى قبل وقف الحرب. وترجح مصادر سياسية عدم قبول القاهرة بالحديث عن أنظمة مراقبة تكون مسلطة على الإدارة المصرية للمعبر، أو على الحدود المصرية، وهو ما سبق أن رفضته في وقت سابق عندما أثير في أعقاب واقعة المجند المصري محمد صلاح الذي قتل 3 جنود إسرائيليين، في إبريل الماضي، حين طلب المسؤولون في حكومة الاحتلال إعادة صياغة بعض الإجراءات الأمنية على الحدود بين مصر والأراضي المحتلة عبر تركيب كاميرات مراقبة، وهو ما تم رفضه بشدة في حينه. وأشار المصدر إلى أن قبول القاهرة في الوقت الراهن بتوسعة أدوار الفرق التابعة للأمم المتحدة عند معبر رفح يأتي فقط من أجل تسريع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة وتجاوز العراقيل الإسرائيلية، لافتا، في الوقت ذاته، إلى أن هذا لا يعني قبول مصر استمرار هذا الوضع، أو القبول بأي إجراءات تمثل مساسا بالسيادة المصرية على أراضيها ومرافقها. محور فيلادلفيا في السياق نفسه، كشف المصدر عن نقل القاهرة ما وصفها ب"رسائل واضحة" لحكومة الاحتلال وأطراف دولية، تتعلق برفض أي وجود إسرائيلي على محور فيلادلفيا المتاخم للشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة من الجانب الفلسطيني. ولفت إلى أن "مسؤولين إسرائيليين لمحوا إلى خطط ترمي لذلك، تحت دعوى منع فصائل المقاومة من تشييد أنفاق في تلك المنطقة، ومنع تهريب السلاح إلى القطاع". وأوضح المصدر أن "المسؤولين في القاهرة ردوا على الحجج التي أطلقها مسؤولون إسرائيليون بأن الأجهزة المصرية المعنية تقوم بواجبها على أكمل وجه في ما يتعلق بتلك المخاوف، وأن مصر قامت بهدم كافة الأنفاق في تلك المنطقة، وأن هذا الأمر شهد وقائع من فترة قريبة تتجاوز العام بقليل". وتعد تلك الأفكار الإسرائيلية مشروعا سياسيا لحكومة نتنياهو اليمينية التي قد تصطدم بمصر ودول الجوار .