في الوقت الذي يتحدث فيه قائد الانقلاب العسكري الخائر عبد الفتاح السيسي، بانبطاح شديد فيما يتعلق بالرد على العدوان الإسرائيلي، ودعوته إسرائيل لتهجير الفلسطينيين إلى النقب أو إلى أوروبا، بعيدا عن سيناء، على الرغم من تكيده في نفس الخطابات على أن التهجير يسمح بتصفية القضية الفلسطينية من جذورها، ثم عاد ليقول للرئيس الفرنسي ماكرن أن تصفية حماس وحركات المقاومة الفلسطينية سيستغرق سنوات، وهو ما يمثل قمة الانبطاح والقبول بالرواية والسيناريو الإسرائيلي الأسود، دون مقاومة فعلية أو موقف رافض أو رادع لإسرائيل بضرورة التوقف عن عدوانها المستمر لنحو 20 يوما، وكذا حديثه عن مخاطر الحرب، مطالبا الجيش المصري خلال مشاركته أمس، في تفتيش حرب الفرقة الرابعة مدرعة بعدم الحماسة الزائدة. وأمس، دعا السيسي بوجوب التأني وعدم الاستعجال باستخدام القوة، حيث قال: "رسالتي للجيش والشعب، هو ألا تسمح لأوهام القوة أن تدفعك لاتخاذ قرار غير مدروس، مدفوع بالغضب والحماسة تندم عليه". والغريب أن هذا التصريح جاء بعد أسبوع من طلبه تفويضا من الشعب، لاتخاذ قرار الحرب والتعامل مع التطورات في غزة. أوهام القوة المصرية وكان لافتا تركيز السيسي على أوهام القوة التي قد تغر صاحبا، وذلك أمام العشرات والمئات من اللواءات والقيادات العسكرية. الذين بلا شك خالطهم مشاعر الخزي والعار، عندما وصف السيسي قوة مصر العسكرية ومئات الدبابات المرصوصة، والرافال والغواصات بأوهام القوة، بينما يرى شعب مصر عبر الحدود مجموعة صغيرة مقاومة أذاقت العدو الصهيوني الأمرين بأسلحة بدائية، ويمكن لأي رئيس دولة أن يقول مثل تلك الكلمات عن جيش بلاده. وذلك بعد سلسلة من الإهانات من إسرائيل لمصر، من ضرب معبر رفح 4 مرات خلال شهر، وضرب برج مراقبه مصري في كرم أبو سالم عن طريق دبابة في نفس الشهر، بل ورفض إسرئيل فتح معبر رفح والتهديد بقصف أي شاحنة تدخل للمعبر. وكانت وسائل إعلام السيسي، شنت حملة ترويجية لعملية تفتيش الحرب التي يجريها لجيش، وحضرها السيسي، بأنه مهمة وذات توقيت استراتيجي، ثم قال عنها السيسي أنها مجرد إجراء روتيني مبرمج له مسبقا. هزيمة نفسية للسيسي ومنذ استيلاء السيسي على السلطة بالدبابة، وخلال كل احتفالات بنصر أكتوبر، يأتي الحديث مجهلا عن العدو الذي حاربنا وانتصرنا عليه، وكأن الجيش المصري انتصر على مجهول، وذلك على الرغم من أن عظمة الانتصار تنبع من ان الجيش الآخر الذي حاربناه هو الجيش الإسرائيلي الذي كان يقول على نفسه أنه لا يقهر، وهو ما يؤكد على هزيمة السيسي ونظامه نفسيا أمام أسرائيل وجيشها. قوة أردوغان تفضح عجز السيسي وبالمقارنة مع مواقف السيسي المخزية، التي يسمح فيها بالاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي المصرية، وعلى المقاومة الفلسطينية مانحا الضوء الأخضر للقضاء عليها، والقابل بتهجير الفلسطينيين إلى أي بلد آخر، يأتي مواقف الرئيس التركي القوية. حيث صعّد رجب طيب أردوغان من حدة خطابه بشأن الصراع بين إسرائيل وحماس، بعد انتقادات طالته خلال الأيام الماضية على إثر وصف موقف أنقرة بالمحايد والقائم على التوازن الحذر. ووصفت تقارير غربية، تصريحات أردوغان في كلمته التي ألقاها لأعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان، بأنها أقوى حديث له منذ هجوم حماس على غلاف غزة في 7 أكتوبر الماضي، إذ كانت تمضي الحكومة التركية في انتهاج مسار قائم على محاولة لعب دور الوسيط، دون أن تتكبد خسائر سياسية جراء مواقفها، خاصة لرغبتها في عدم تعريض التقدم بعلاقتها مع تل أبيب للخطر، وفي نفس الوقت الحفاظ على الدعم للقضية الفلسطينية. وحثت تركيا القوات الإسرائيلية على التصرف بضبط النفس، ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، انتقدت أنقرة بشدة قصف الجيش الإسرائيلي للقطاع. صدع أردوغان بالحقائق القوية في وجه العالم وأكد أردوغان في خطابه الأخير بأن حركة حماس ليست منظمة إرهابية بل هي جماعة تحرير تقاتل لحماية الأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني. أدعو القوى العالمية إلى الضغط على إسرائيل لوقف الهجمات، ونحث على الوقف الفوري لإطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. الدموع التي يذرفها الغرب من أجل إسرائيل بنوع من الاحتيال، ويتعين إبقاء معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة مفتوحا لمرور المساعدات الإنسانية. كانت لدينا خطة لزيارة إسرائيل لكنها ألغيت، لن نذهب.. لقد صافحت هذا الرجل، رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، كانت لدينا نوايا حسنة لكنه استغلها. بيد أن خطاب أردوغان أثار ردود فعل منددة من الجانب الغربي، إذ انتقد نائب رئيسة وزراء إيطاليا ماتيو سالفيني تلك التصريحات واصفا إياها بالخطيرة ولا تساعد في خفض التصعيد. وتأتي العمليات العسكرية الإسرائيلية في وقت تعمل فيه تركيا على إصلاح علاقاتها مع إسرائيل بعد سنوات من الجفاء، ورغم ذلك صدع أردوغان بمواقفه، والتي تتباين مع مواقف السيسي المبطحة تحت أقدام إسرائيل والغرب، وهو ما يفضح دعاية اللجان الإلكترونية المأجورة حول الرئيس الدكر، ويؤكد أن البون شاسعا بين المنقلب والمنتخب المستقوي بشعبه وإرادته.