في الوقت الذي تغلي فيه جميع الشعوب الحرة غضبا إزاء الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة ضد المدنيين في غزة، تواصل سلطة السيسي عجزها، بل وخوارها المشين عن نصرة الشعب الفلسطيني، ساعية بجهد كبير لعدم إغضاب إسرائيل والأمريكان. فقد قررت وزارة الأوقاف أن تكون خطبة الجمعة القادمة، حول إغاثة المنكوبين ومساعداتهم، إلا أن الأمر لم يستقم لسلطة السيسي، فاصدرت جهات سيادية توجيهات بتغيير عنوان الخطبة القادمة حول "عهد الأمان وحقوق السائحين ومن يدخلون من زائري مصر" في إشارة نقدية لحادث قتل شرطي الإسكندرية لعدد من السائحين الإسرائيليين ، بالأسكندرية مطلع الأسبوع الجاري. كما سعت مصر لكتم غضبها الرسمي، وابتلعت كم كبير من الإهانات الإسرائيلية التي كالتها إسرائيل لنظام السيسي، عبر رفضها الوساطة المصرية، وتهديدها باستهداف أي شاحنة مصرية تدخل لقطاع غزة بمساعدات إنسانية، ثم استهداف معبر رفح لثلاث مرات بالقصف المسلح، ثم توجيه المسئولين الإسرائيليين الاتهامات لمصر والدعوات لاستقبال الفلسطينيين بعد تهجيرهم القسري من قططاع غزة، حيث كتب إيلي كوهين على حسابه على موقع إكس "تسكين فلسطيني غزةبسيناء مقابل إسقاط الديون المصرية فكروا فيها" وغيرها من التقريع والشتائم لمصر. وعلى الرغم من ذلك ما زال الخطاب المصري الرسمي، خانعا وبلا أية أنياب في مواجهة العدوان الصهيوني الإجرامي ضد الفسطينيين الذين يمثلون أحد أركان الأمن القومي المصري ، لالتصاق قطاع غزة بمصر. وعلى المستوى الشعبي، تتواصل الدعوات لفتح الحدود مع غزة وتقديم الدعم الإغاثي للفلسطينيين وعدم الخضوع للإملاءات الإسرائيلية. تحالف شعبي ودعت قوى سياسة إلى تشكيل "تحالف وطني" يتولى تجميع المساعدات الإنسانية وإرسالها لإغاثة الفلسطينيين، بعد فرض قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارا شاملا، يحول دون دخول المياه والغذاء والكهرباء إلى غزة وعزلها عن العالم، بدأ التحالف الوطني، الذي يضم شخصيات حزبية من الموالين للسلطة، وبعض رجال الأعمال وتجمعات مدنية، تلقي التبرعات العينية التي تشمل الأغذية والأدوية والمساعدات الطبية، للتوجه بقافلة موحدة من عواصمالمحافظات إلى مدينة رفح على الحدود مع غزة. ويجري التحالف الوطني المدعوم من جهات سيادية، مشاورات مع الأجهزة المعنية بالدولة، لتحديد موعد انطلاق قوافل المساعدات خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع إجراء السلطات مشاورات مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لضمان إدخال تلك المساعدات للقطاع، الذي يواجه نقصا حادا بالوقود والأغذية والكهرباء ويفتقد الإسعافات الطبية، بعد تدمير طائرات الاحتلال معظم المستشفيات. وتواجه السلطات بضغوط شعبية تدعوها إلى المسارعة في إنقاذ المدنيين الذين هربوا من المجازر الإسرائيلية، إلى ملاجئ وكالة غوث اللاجئين "الأنروا" وبالقرب من الحدود المصرية، في وقت تدك الطائرات الإسرائيلية بوابة رفح الحدودية ناحية غزة، ويدعو قادتها الفلسطينيين إلى الهروب تجاه سيناء، إذا ما أرادوا النجاة من المجازر التي توعدهم بها بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال. الأزهر يغضب وفي سياق الغضب، طالب الأزهر الشريف الحكومات العربية والإسلامية باتخاذ موقف جاد وموحد في مواجه الدعم الغربي «لاستباحة الصهاينة لكل حقوق الفلسطينيين المدنيين الأبرياء» ودعا الدول العربية والإسلامية لاستشعار «واجبها ومسؤولياتها الدينية والتاريخية، وأن تسارع إلى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية على وجه السرعة»، وذلك في بيان أصدره، أمس مؤكدا أن دعم الفلسطينيين المدنيين من خلال القنوات الرسمية، واجب ديني وشرعي، والتزام أخلاقي وإنساني، لن يرحم التاريخ المتقاعسين المتخاذلين عنه. البيان اعتبر أن «استهداف المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ العزل، وقصف المستشفيات والأسواق وسيارات الإسعاف، والمساجد والمدارس التي يأوي إليها المدنيون، والحصار الخانق لقطاع غزة بهذا الشكل غير الإنساني، واستخدام الأسلحة الثقيلة والمحرمة دوليا وأخلاقيا، وقطع الكهرباء والمياه، ومنع وصول إمدادات الطعام والغذاء والمساعدات الإنسانية والإغاثية عن قطاع غزة، وخاصة المستشفيات والمراكز الصحية كل ذلك هو إبادة جماعية، وجرائم حرب مكتملة الأركان». يأتي بيان الأزهر فيما استمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي في دك قطاع غزة المحاصر تماما، لتبلغ حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي 1417 شهيدا، و6049 مصابا، فيما بلغت حصيلة قتلى الصهاينة 1200 قتيل و300 آلاف مصاب. كانت سلطات الاحتلال قطعت المياه، والكهرباء، ومنعت إمدادات الوقود من الوصول للقطاع، ما أدى لإيقاف العمل في محطة الكهرباء الوحيدة، وانقطاع الكهرباء بشكل كامل عن القطاع، فيما استمرت حركات المقاومة الفلسطينية في توجيه رشقات صاروخية نحو تل أبيب وأسدود، ومستوطنات غلاف غزة. وأمام العجز الرسمي المصري والعربي والإسلامي، عن لجم الصهاينة، تتجه المنطقة لانفجار شعبي ، قد يهدد الأنظمة الرخوة التي لا تراهن إلا على رضا أغرب وحلفائها، إذ من المثير للاستغراب استنفار كل دول الغرب لدعم الصهاينة، يبلع العرب ودول الطوق لسانها عن مجرد مطالبة إسرائيل بالتووقف عن إجرامها العسكري ضد المدنيين العزل.