قال تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن الاعتقالات أدت إلى زيادة المخاطر المحيطة بمداولات وزارة الخارجية الأمريكية، التي يجب أن تقرر بحلول 14 سبتمبر الجاري، ما إذا كانت ستحجب أم لا جزءا من المساعدات العسكرية السنوية لمصر البالغة نحو 1.3 مليار دولار". مراسلتا الصحيفة قالتا إن "السيسي، وهو جنرال سابق يعاني من أزمة اقتصادية متفاقمة وسخط شعبي، عفوا عن سجناء سياسيين بارزين، بينهم الباحث في مجال حقوق الإنسان باتريك زكي والمحامي والناشط محمد الباقر، وقد أشاد وزير الخارجية (الأمريكي) أنتوني بلينكن بالإفراج عن الناشط أحمد دومة بعد نحو عقد من الزمن خلف القضبان".
صرف الانتباه عن القمع واستدرك التقرير أن منظمات حقوق الإنسان قالت إن إطلاق سراح بعض السجناء السياسيين البارزين صرف الانتباه عن حملة قمع أوسع نطاقا على حرية التعبير والنشاط السياسي، والتي تخضع بالفعل لقيود شديدة في مصر. الاستدراك كان منبعه اعتقال سلطات الانقلاب المعارض البارز هشام قاسم ووالد الصحفي المنفي أحمد جمال زيادة، وأعادت اعتقال محمود حسين، المعروف باسم "معتقل التيشيرت" صاحب قميص (وطن بلا تعذيب). ونقلت عن عمرو مجدي، كبير الباحثين في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية ومقرها نيويورك رأيه أنه "لا دليل أو مؤشر على التقدم في مجال حقوق الإنسان في مصر.. لا هذا العام ولا العام الماضي". وربطت التقارير بين قرار واشنطن المرتقب بشأن المساعدات الأمريكية في منعطف حرج بالنسبة للسيسي، الذي من المتوقع أن يترشح لإعادة انتخابه، فيما يواجه المصريون تضخما قياسيا وتزايدا للفقر ونقصا في العملة الصعبة. وقدم تقرير الصحيفة بالحملة التي شنتها سلطات الانقلاب مؤخرا لاعتقال المعارضين، قبل قرار أمريكي محوري بشأن المساعدات العسكرية للقاهرة، والذي يُنظر إليه على أنه مؤشر رئيسي لكيفية موازنة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في سياستها الخارجية بين المصالح الأمنية والسياسية ومخاوف حقوق الإنسان، بحسب الصحيفة. اهتمت الصحيفة برأي جماعات حقوق الإنسان تقول إن حملة الاعتقالات ترمز إلى تفاقم القمع في عهد السيسي"، الذي يتولى منذ عام 2014 بعد نحو عام من الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا محمد مرسي (2012-2013)، ومن شبه المؤكد أن يخوض انتخابات في فبراير 2024، (وليس في ديسمبر 2023 بحسب ما يذكر ناشطون) ويفوز بولاية ثالثة.
عدم الحسم وأضاف التقرير أن المشرعين الأمريكيين انقسموا، إذ يضغط البعض على إدارة بايدن لحرمان القاهرة من حصة من المساعدات (العسكرية) السنوية تخضع لمتطلبات حقوق الإنسان وتبلغ 320 مليون دولار، بينما يعارض آخرون الضغط بملف حقوق الإنسان؛ نظرا إلى نفوذ القاهرة الإقليمي وموقعها الاستراتيجي الرابط بين أفريقيا والشرق الأوسط. ويبدو أن متحدث باسم الخارجية الأمريكية، طلب عدم نشر اسمه، يميل للرأي الثاني حيث قال للصحيفة إن "المسؤولين (الأمريكيين) يشجعون مصر على تمكين المجتمع المدني وحماية حقوق الإنسان والحريات وإطلاق سراح السجناء السياسيين"، مضيفا أن "التقدم في مجال حقوق الإنسان سيمّكن من إقامة أقوى علاقة ممكنة بين الولاياتالمتحدة ومصر"، بحسب الصحيفة. ولفت معدا التقرير إلى أن سلطات الانقلاب عادة ما تنفي صحة اتهامات محلية وخارجية لها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وتقول إنه لا يوجد لديها معتقلين سياسيين، وإنما سجناء على خلفية جنائية، بينها أعمال عنف وإرهاب. وأشارا ضمنا إلى احتمالية ألا تحرم الولاياتالمتحدة مصر من المعونة حيث قال التقرير إنها "تنظر إلى مصر، وهي منذ عقود من أكبر الدول المتلقية للمساعدات العسكرية الأمريكية، كحليف استراتيجي في منطقة مضطربة. وتلعب القاهرة دورا رئيسيا في التوسط بين الفلسطينيين وإسرائيل، ويأمل المسؤولون الأمريكيون أن تقود تحولا إقليميا في دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا". معدا التقرير قالتا إن "قرار المساعدة لمصر تتعلق به أولويات أمريكية أوسع في الشرق الأوسط، بينها تعزيز التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل ومواجهة التقدم الإقليمي لبكين وموسكو". وترتبط مصر بعلاقات وثيقة مع الصينوروسيا المنافستين الاستراتيجيتين للولايات المتحدة، كما أنها واحدة من ست دول عربية من أصل 22 دولة، مع الأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان، تقيم علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل. ووفقا لتصريحات أمريكية وإسرائيلية، تعمل إدارة بايدن، الذي يأمل في إعادة انتخابه لفترة ثانية في نوفمبر 2024، على صفقة ضخمة لتطبيع محتمل للعلاقات بين "إسرائيل" والسعودية، التي تتمتع بمكانة دينية بازرة في العالمين العربي والإسلامي وقدرات اقتصادية هائلة. ولا ترتبط الرياض بعلاقات رسمية معلنة مع تل أبيب، وترهن ذلك بانسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.