في الوقت الذي تصعد فيه أسعار السلع والمنتجات بسرعة الصاروخ، وتضرب موجة الغلاء الأسواق المصرية في ظل غياب تام من حكومة الانقلاب التي تركت السوق مرتعا لجشع عصابة العسكر، دون اعتبار لقوانين العرض والطلب التي تحكم الأسواق الحرة في العالم كله، اتجهت حكومة الانقلاب إلى فرض المزيد من الضرائب والرسوم لاستنزاف ما تبقى لدى المواطنين من قدرة شرائية . مع هذا الواقع المأساوي شهدت البلاد ارتفاع أسعار كافة السلع وطالت موجة الارتفاع كل شيء، رغم أن العالم يشهد انخفاضا في أسعار العديد من السلع، حيث أكد تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو» انخفاض أسعار السلع الغذائية خلال العشرة شهور الماضية، حيث شهد مؤشر المنظمة تراجعا قدره 28.6 نقطة بما يعادل 17.9%، مقارنة بالذروة التي بلغها في مارس من عام 2022. وأشارت المنظمة إلى انخفاض أسعار الزيوت النباتية بنسبة 24%ومنتجات الألبان والسكر، بالإضافة إلى انخفاض أسعار القمح عالميا بنسبة تصل إلى 2.5% في بداية العام الجاري، ورغم هذا الانخفاض العالمي إلا أن أسعار الدقيق ومنتجاته من خبز ومكرونة لم تشهد أي انخفاض في مصر، بل إنها في تزايد مستمر. رسوم وضرائب وبدلا من أن تعمل حكومة الانقلاب على التخفيف من حدة هذه الأزمة، فوجئ المواطنون بمجلس نواب السيسي يناقش مشروع قانون فرض رسوم وضرائب إضافية على عدد من السلع ورسوم على المغادرة والملاهي. كما نص مشروع القانون على إضافة ضريبة الدمغة بنسبة إضافية 1% على قسط من أقساط التأمين على الحياة و2% على كل قسط من أقساط التأمين على الحياة والتأمين على الأمراض والإصابات الجسدية، أو المسئولية المدنية المتعلقة بها، وعلى قسط التأمين الإجباري أيا كان نوعه، وكذا 11% على مقابل التأمين على النقل البري والنهري والبحري والجوي بحد أدنى جنيه واحد، و11% على كل قسط من أقساط التأمينات الأخرى. وكشفت مصادر مسئولة بحكومة الانقلاب أن الزيادات المقررة في تعديلات قانون ضريبة الدمغة ورسوم التنمية ستطبق خلال شهر من النشر في الجريدة الرسمية، لمنح فترة توفيق أوضاع قبل سريان التطبيق. وزعمت المصادر أن التعديلات الجديدة تركز على عدد من البنود لا تمس المواطنين، وتستهدف تقليل الأثر المالي للإعفاءات الضريبية المقررة في شرائح ضريبة الدخل وزيادة حد الإعفاء الضريبي. وقالت: إن "الإعفاءات تصل تكلفتها إلى 10 مليارات جنيه تقريبا خصما متوقعا من ضريبة المرتبات وفق تعبيرها". إعادة النظر في المقابل قالت الدكتورة داليا السواح، نائب رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بجمعية رجال الأعمال المصريين: إن "إقرار محاسبة ضريبية مبسطة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر ضمن تعديلات وزارة مالية الانقلاب على قانون الضريبة على الدخل غير منطقية، منتقدة مزاعم حكومة الانقلاب بأنها تعمل على دعم ومساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة". وطالبت داليا السواح في تصريحات صحفية ، بإعادة النظر مرة أخرى في طريقة المحاسبة التقديرية للضرائب المفروضة على المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، طبقا لحجم أعمالها وكما وصفها قانون 152 لسنة 2020 و التي هي دون 50 مليون جنيه. وشددت على ضرورة مسايرة الاتجاه الدولي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، ووضع معالجة ضريبية تقديرية مقسمة على شرائح لتستمر الضريبة القطعية سنويا إلى ما بعد حجم الأعمال 10 ملايين جنيه ليستفيد من المعالجة الضريبية للمشروعات دون ال 50 مليون جنيه، محذرة من أن الضرائب والرسوم الجديدة ستؤدي إلى ارتفاع أسعار جميع السلع والمنتجات وسيتحملها في النهاية المواطنون. وأشارت داليا السواح إلى أهمية إتاحة الفرصة أمام كافة الشرائح المنصوص عليها بقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة للاختيار بين تلك المحاسبة بالضريبة القطعية سنويا والمعتادة المقررة لكافة الشركات تيسيرا وتشجيعا للمشروعات الصغيرة. كما طالبت بإعادة النظر في تقييم حجم تلك الأعمال عن طريق ربط القيمة السعرية بسعر صرف الدولار تماشيا مع التضخم الاقتصادي ومواكبة التغيير في سعر الجنيه وتغير سعر المنتجات والخدمات، بسبب انخفاض قيمة الجنيه وحتى يكون توصيف المشروعات الصغيرة والمتوسطة متماشيا مع التغيرات الاقتصادية ومناسبا لتغيرات سعر الصرف. صناعة حكومية وأكد الخبير المالي والاقتصادي وائل النحاس أن حكومة الانقلاب هي من صنعت أزمة ارتفاع الأسعار، واستغلها التجار ودفع المواطن الثمن . وقال النحاس في تصريحات صحفية: إن "حكومة الانقلاب قامت بدور الجلاد وخفضت الجنيه مقابل الدولار، ومن الطبيعي أن يقوم التاجر بتحميل هذا الارتفاع على السلع، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف، فمثلا طن الذرة المستخدمة في العلف كان سعره 13 ألف جنيه، وصل الآن إلى 16 ألف جنيه". وأوضح أن طن الذرة يصل إلى الموانئ المصرية بجميع تكاليفه بسعر 10 آلاف جنيه، ومن الطبيعي أن يكون السعر بعد المكسب 11 ألف جنيه، فلماذا يبيعه المستورد لمزارع الدواجن بسعر 16 ألفا؟ أما طن الصويا العلف فكان قبل أيام بسعر 24 ألف جنيه، وأصبح سعره الآن 30 ألفا لمزارع الدواجن. وطالب النحاس حكومة الانقلاب بضرورة العمل على استقرار الأسواق ومراعاة الحالة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين قبل أن تفرض أي رسوم وضرائب أو أي تعديلات اقتصادية أو تشريعات، مشددا على ضرورة العمل على تثبيت أسعار الصرف للمنتجين خلال سنة بدلا من ترك الأمر هكذا، وفرض رقابة على التجار والمنتجين الذين يقومون برفع الأسعار لتعويض الخسارة خلال شهرين أو ثلاثة. وأشار إلى أنه من ضمن الآليات المطلوبة، رفع الكفاءة الإنتاجية وزيادة الإنتاج وتشغيل الطاقات العاطلة في قطاع الأعمال العام، من أجل زيادة الإنتاجية وتقليل التكلفة، موضحا أن خفض التكاليف لا بد أن يكون هدفا رئيسيا سواء في حكومة الانقلاب أو في القطاع الخاص لأنه يساعد على خلق أسعار عادلة.