التفت مراقبون إلى تحميل الجانب السعودي الخطط المصرية غير المعلنة المسؤولية عما يحدث الآن بالسودان، حيث نقلت صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية المعروفة من مصادر متطابقة، أن التوتر الحالي بين الجيش والدعم السريع يعود إلى وجود مقاتلات من سلاح الجوي المصري في مطار مروي، وأن قادة الدعم السريع يرون فيها تهديدا. ووفقا للمصادر، فإن قادة «الدعم السريع» عبروا عن مخاوفهم هذه خلال اجتماع سابق، بشأن حل مشكلة القيادة والسيطرة للجيش الموحد، وأفلحت «قوى إعلان الحرية والتغيير» في جمع كل من البرهان وحميدتي وقادة أركان الطرفين، السبت الماضي، بعد قطيعة طويلة. وأكدت المصادر أن «حميدتي» أبلغ الاجتماع بمخاوفه، وبرغبته في تحريك قوات إلى مروي من أجل الحماية. وبرر أطراف (من غير القوات المسلحة المصرية) أن القوات مهمتها هو "سد النهضة" وأنها مكلفة بمهمة في إطار عملية ضد السد والطائرات الميج التي ضبطت في المطار بذات المهمة. وقال آخرون إن "المهانة التي تعرضت لها قواتنا المسلحة في السودان تتشابه كثيرا مع فعله مجندون وضباط من المعتصمين أمام الحرس الجمهوري في يوليو 2013". وأضاف أطراف أن القوات المسلحة متورطة بشكل ما، في الحدث لصالح أحد أطراف المعركة الدائرة عبدالفتاح البرهان رئيس الجيش، والذي أصدر بيانا أنه سيهاجم مطار مروي، ولكنه حريص على حياة المصريين الذين قتل منهم فرد مجند والسودانيين الأسرى. قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي) مساء أمس، قال إن "الجنود المصريين المحتجزين في قاعدة مروي العسكرية بخير، مضيفا في اتصال هاتفي مع قناة «العربية» أن قواته ملتزمة بأمن وسلامة العسكريين المصريين، ويتعاملون معهم كإخوة قبل العمل على إخلائهم سريعا".
وقال المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية، أمس، إنه «في إطار تواجد قوات مصرية مشتركة لإجراء تدريبات مع نظرائهم في السودان يجري التنسيق مع الجهات المعنية في السودان، لضمان تأمين القوات المصرية». وبحسب قناة «الشرق» كانت قوات الدعم السريع السودانية نشرت مقطعا مصورا، أمس، قالت إنه "لعسكريين مصريين، إلى جانب أفراد من القوات المسلحة السودانية، وقد استسلموا لها في مدينة مروي شمالي البلاد". ظهر في المقطع المصور عدد من الرجال يرتدون ملابس عسكرية، ويجلسون على الأرض، ويتحدثون مع أفراد من قوات الدعم السريع باللهجة المصرية. الإعلامي مصطفى عاشور قال "لم يعجبني صور بعض الجنود المصريين في السودان والتركيز على إهاناتهم من قلة محسوبة على الأطراف المتصارعة في السودان أو من رواد التواصل الاجتماعي، جنود مصر ليسوا طرفا في الصراع ولم يستدل على تورطهم في الصراع وكون وجود سرية مصرية صغيرة في السودان في إحدى القواعد لا يدين هؤلاء". أما الإعلامي د. حمزة زوبع فقال يتعين على السلطة في مصر الآن : 1- إعلان الجيش عن مهلة 24 ساعة للإفراج عن الجنود والضباط والعتاد المحتجز لدى ميليشيات حميدتي. 2- الضغط على السلطة السودانية لإصدار بيان يوضح شرعية تواجد القوات المصرية على أرض السودان. 3- التواصل مع الإمارات الداعم الرئيس لحميدتي للتدخل لإعادة الجنود. تساؤلات مريرة وعلق الصحفي محمد السطوحي المقيم بالولايات المتحدة على تسليم القوات المسلحة المصرية الموجودة في السودان نفسها إنها "تصرفت بالشكل الصحيح بعدم الدخول فى صراع مسلح ضد قوات الدعم السريع" مستدركا أن "المشهد الذى رأيناه يفرض تساؤلات مريرة حول تقدير الموقف سياسيًا وعسكريا. وأشار إلى أن الأمر كان يتطلب إما سحبا سريعا للقوات وهو الحل الأفضل لعدم التورط فى الاشتباكات، أو دعما عسكريا كافيا لحماية الموقع ومنع وقوعهم أسرى في يد من يعتبرونهم قوات احتلال". هزيمة ومهانة رئيس جبهة تكنوقراط مصر د.محمود وهبة قال إن "جيش مصر تحت قيادة السيسي هزيمة ومهانة وإن السيسي شاطر فقط في النصب على الشعب وتخويفه بجيش هزمته حفنة بلطجية". وأبدى تعجبا من أن "الدولة الثالثة بالعالم في استيراد السلاح، تسلمه لبلطجية السودان، أن مصر تستحق جيش حقيقي باسل وصامد وقوي". وعن شائعة أن القوات ضمن مهمة دولية وقوات الأممالمتحدة اتهم وهبة المخابرات بالكذب على الشعب، مشيرا إلى أنه لا توجد قوات عسكرية للأمم المتحدة بالسودان، كانت هناك قوات على حدود جنوب السودان ولكن مهمتها انتهت وانسحبت 2011.". وبالقرب منه علق الإعلامي هيثم أبوخليل واستدعى تاريخ 8 يوليو 2013 حيث قام الجيش بإجبار المصريين على وضعية الاستسلام كأنهم أسرى في وضح النهار في شوارع القاهرة عقب مجزرة الحرس الجمهوري، وأنه 15 إبريل 2023 استسلام مذل ومخز لعناصر من الجيش في السودان، التاريخ يعلمنا، لا كرامة لجيوش ترفع السلاح في وجه شعوبها#مجزرة_الحرس_الجمهوري".
نسور النيل الناشط المهندس خالد رفعت صالح فضل أن يسرد قريبا من سرد عناصر المخابرات، فقال إنه "بعد نجاح المناورات المشتركة نسور النيل بين سلاح الطيران في مصر والسودان، قرر الطرفين في أبريل 2021 الاستفادة من الخبرات المصرية فى مجال الطيران لتدريب الطياريين السودانيين، وذلك بعدد محدود من الطياريين المصريين لا يتعدى أصابع اليد الواحدة. وأضاف "تم الاتفاق على أن يكون مركز التدريب هو مطار مروي، وهو في الأساس مطار مدني وليس عسكريا، ولكن بسبب الحالة الأمنية في السودان توقفت حركة الطيران المدنية بالمطار، بعثت مصر 4 طائرات ميج 29 فقط اللي كلنا شوفناها متغطية بالقماش لعدم وجود هناجر (مخابئ خرسانية) في المطار لأنه مطار مدني، والطائرة دي بالذات هي ما تم إرسالها لأنها تشكل العمود الفقري للقوات الجوية السودانية، فمش منطقي نرسل لهم الرافال أو الإف 16 يتدربوا عليها. وأشار إلى أن "الأربع طيارات المصرية اللى تم إرسالهم هم من النسخة UBT وهي نسخة مخصصة فقط لتدريب الطياريين ، ولا تمتلك السودان هذه النسخة، فهي تصلح لتدريب طياري الميج 29 النسخة SMT ذات المقعد الواحد وهي أحدث نسخة من الميج وقد حصلت السودان على 24 واحدة منها أخيرا من بيلاروسيا وقد ظهرت بالفعل في المناورة المصرية السودانية المشتركة نسر النيل 2. وعلق "جن جنون أثيوبيا بسبب تواجد المدربين المصريين والطائرات المصرية في مطار مروي، واعتبرت ذلك عملا تمهيديا يتيح للقوات الجوية المصرية موطئ قدم متقدم قريب من سد النهضة، بل فسرت ذلك أنه مقدمة لوجود قوات مصرية لحماية سد مروى الحيوي في السودان التي هددت أثيوبيا بقصفه حال قصف سد النهضة، فاشتكت للبرهان ولكنه قال إنهم مجرد مدربين طيران مصريين". وزعم أنه "لجأت أثيوبيا إلى حميدتي، ودعته لزيارتها في يناير 2022، وعقد اجتماع منفرد مع آبي أحمد أعقبه باجتماع آخر مع وزير الدفاع الأثيوبي، عقب عودة حميدتي من أثيوبيا قام بمضاعفة عدد قواته في معسكر "الشيخ يوسف" القريب من مطار مروي واللي كان مجرد معسكر لتدريب القوات اللي بيبعتها لليمن مدفوعة الأجر من السعودية إلا أنه تحول لقاعدة عسكرية بها الآلاف القوات، اتضح للكل الدعم الأثيوبي لحميدتي، بخلاف كل من الدعم الإماراتي والروسي لحميدتي". وقال "قام البرهان بزيارة لمصر في مارس 2022 بعد زيارة وفد من المخابرات العامة المصرية للسودان في فبراير 2022 اللي اطلعوه على الكثير من المعلومات ، ناقش البرهان مع السيسي بالطبع احتماء حميدتي بأثيوبياوالإمارات ، ثم قام بزيارة مفاجاة أخرى لمصر في سبتمبر 2022 لنفس السبب".
ورجح أن هذا تفسير لماذا حاصر حميدتي مطار مروي وهاجمه، وهو يعلم أنه غير مستخدم سوى لتدريب الطياريين السودانيين ووجود المدربين المصريين بداخله، وتعمده تصوير فيديوهات مهينة للقوات المصرية ونشرها ليسهل له إخلاء المطار من المدربين اللي كان مسببين القلق الكبير لأثيوبيا الداعمة الأساسية له ". وبالقرب منه أيضا كتب أنور الهواري عن دور وطني يقوم به الجنود المحتجزون من جنود وضباط الجيش الموجودين في السودان الشقيق – مبتعثون في مهمة وطنية كانوا مكلفين بها، ولهم مني كل الحب والاحترام والتقدير مرتين ، مرة لأنهم من جيل أولادي ولهم القدر ذاته من عطف كل أب على أبنائه، ومرة ثانية لأنهم يمثلون الجيش المصري الذي نعتز به ونفخر دون خلط مريض للأوراق ". وأضاف "تحية لكل جندي وضابط مرابط في مواقع الخدمة في أي مكان كانوا ، ورسالة لأهاليهم وذويهم ؛ أولادكم أولادنا ، في قلوبنا مثلما هم في قلوبكم ، ربنا يحفظهم ويحميهم ، وبمشيئة الله يعودون لأحضانكم سالمين آمنين مرفوعي الرؤوس موفوري الكرامة". تصريح مفتضب وفي هذا الإطار نشرت "وكالة أنباء الشرق الأوسط " الرسمية عن المتحدث العسكري تصريحا لم يحمل الكثير من المعلومات قال فيه "تتابع القوات المسلحة المصرية عن كثب الأحداث الجارية داخل الأراضي السودانية وفي إطار تواجد قوات مصرية مشتركة لإجراء تدريبات مع نظرائهم في السودان جاري التنسيق مع الجهات المعنية في السودان لضمان تأمين القوات المصرية". وأضاف "تهيب القوات المسلحة المصرية في بيان نشر على صفحة المتحدث العسكري اليوم السبت الحفاظ على أمن وسلامة القوات المصرية".
وتحول التوتر المتصاعد بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية إلى مواجهات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بعد أن بدأ الدعم السريع في السيطرة على معسكرات للجيش ومقارٍ حيوية في العاصمة الخرطوم، أمس السبت، ما ردت عليه القوات المسلحة بغارات جوية استهدفت معسكرات الدعم السريع.
وطالب الجيش بدمج قوات الدعم السريع داخله، بحسب ما نص عليه الاتفاق الإطاري الموقع بين المدنيين والعسكريين، والذي كان من المقرر أن تتشكل بموجبه حكومة مدنية في 11 أبريل الجاري، تنهي حالة استمرار العسكريين في السلطة، لكن هذا الأمر اصطدم بخلافات العسكريين حول جداول الدمج والقيادة الموحدة للقوات.