رغم مرارة الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني والمقدسات الفلسطينية، إلا أن تلك الاعتداءات على المعتكفين والمرابطين في القدسوغزة أو على الحدود الشمالية في لبنان، حققت مشروع المقاومة بتوازناته المختلفة، المتفق أو المختلف عليها، انتصارات نوعية، في الموازين العسكرية والسياسية الراهنة. فرغم الخذلان العربي الرسمي والاكتفاء ببيانات رسمية عاجزة، لا تسمن ولا تغني من جوع، بل إن عناوين الخيانة من قبل "عيال زايد" كانت صادمة للجميع، حينما خرجت الإمارات لتدين تحصن المعتكفين الفلسطينيين داخل المسجد الأقصى، ورغم ذلك فقد أثبت مشروع المقاومة فاعليته وجاهزيته للجم عدوان الصهاينة، وفرض عليهم معادلته.
عدوان صهيوني ورد مقاوم ويوم الجمعة نفذ الفلسطينيون عملتين في الأغوار وفي تل أبيب، حيث قالت إذاعة الجيش الصهيوني إنّ أنباء أولية تشير إلى مقتل شخص وإصابة 6 آخرين على الأقل في عملية إطلاق نار وعملية دهس داخل مدينة تل أبيب، وتم الكشف بعد ذلك عن استشهاد المنفذ وأنه من بلدة "كفر قاسم". كما قُتلت إسرائيليتان وأصيب شخصان أحدهما في حالة خطيرة، في عملية إطلاق نار استهدفت مركبة إسرائيلية قرب مستوطنة "حمرا" في غور الأردن في الضفة الغربيةالمحتلة، وجاءت العمليات الفلسطينية ردا على اقتحام الصهاينة مساء الأربعاء 5 إبريل ولليلة الثانية على التوالي، المصلى القبلي في المسجد، واعتدت على المصلين والمرابطين داخله، ومكنت المستوطنين من اقتحام المسجد ضمن "عيد الفصح" اليهودي. كما دوّت أصوات انفجارات بمدينة غزة في وقت متأخر من ليل الخميس 6 إبريل، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي بدء هجومه على قطاع غزة، في إطار الرد الذي أعلنت تل أبيب استعدادها للقيام به ردا على إطلاق صواريخ من لبنان نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة. واليوم الجمعة، وجهت قوات الاحتلال تعليمات بعودة الحياة إلى طبيعتها في مستوطنات غلاف غزة، بحسب ما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي، فيما يبدو أنه إعلان غير رسمي بانتهاء التصعيد الإسرائيلي في المنطقة. قبل أن يأمر قائد قوات حرس الحدود الإسرائيلية استدعاء 4 وحدات بالإضافة إلى 6 تعمل حاليا. يأتي ذلك بعد يوم ساخن شهد هجمات صاروخية من قطاع غزةوجنوبلبنان باتجاه إسرائيل، ما دفع جيش الاحتلال إلى بدء عملية قصف شملت القطاع ومواقع في لبنان في وقت مبكر الجمعة.
صواريخ المقاومة من غزةولبنان فيما أفادت قناة عبرية رسمية، بأنه تم إطلاق 40 صاروخا خلال الليلة الماضية من قطاع غزة تجاه المستوطنات الإسرائيلية، وذلك في وقت تُصعّد فيه قوات الاحتلال والمستوطنون من اعتداءاتهم على الفلسطينيين واقتحام المسجد الأقصى هذا الأسبوع. كما أُطلق 34 صاروخا من لبنان تجاه الأراضي المحتلة اعترضت أنظمة الدفاع الجوي 25 منها، في أكبر هجوم صاروخي من لبنان منذ عام 2006 حين خاضت إسرائيل حربا مع جماعة حزب الله. وبينما لم تتبنَ أي جهة لبنانية المسؤولية، ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن التقديرات تشير إلى أن إطلاق الصواريخ جاء ردا على الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى، في حين حمّل متحدث الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الحكومة اللبنانية وحركة "حماس" الفلسطينية، مسؤولية إطلاق صواريخ من لبنان، وقال إنه "يفحص أيضا إمكانية تورط إيران في هذا الحادث".
هزائم للصهاينة لكن اللافت بالرد الإسرائيلي أنه كان محدودا، فقد استهدف مناطق خالية سواء في غزة أو في لبنان، فيما لم يستهدف أيا من المواقع الخاصة بحزب الله، على الرغم من أن الصواريخ التي ضربت شمال إسرائيل انطلقت من جنوبلبنان. وأفادت وسائل إعلام عبرية أن جيش الاحتلال ألغى التعليمات الخاصة بسكان مستوطنات غلاف غزة بشأن البقاء قرب مناطق محمية، وأنه بعد تقييم الموقف الأمني أوعز لسكان بلدات غلاف غزة بالعودة إلى حياتهم الطبيعية. وعلى إثر التطورات الأخيرة، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إنه "تم إغلاق المجال الجوي شمال البلاد أمام الرحلات الجوية المدنية". وقالت هيئة البث الإسرائيلية "قررت السلطات المحلية فتح الملاجئ في جميع البلدات الواقعة على طول الحدود مع لبنان". وذكرت القناة "12" العبرية، أن إسرائيليا أصيب بجروح طفيفة، بينما نقلت عن إسرائيلية أن صاروخا أصاب سيارتها في بلدة "بسوتا" بالشمال. وخلال دقائق من الهجمات الإسرائيلية، دوّت صفارات الإنذار في مستوطنتي سديروت ونير عام بمحيط قطاع غزة، فيما أظهرت فيديوهات تداولها ناشطون على مواقع التواصل، رشقات صاروخية خرجت من قطاع غزة. فيما أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس" تصديها للطائرات في سماء غزة بصواريخ أرض-جو. من جانبه، قال جهاز الدفاع المدني الفلسطيني إن "القصف الإسرائيلي الذي استهدف أرضا زراعية شرق مدينة غزة، أدى إلى انهيار منزل قريب من المكان". فيما قالت غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة في بيان مقتضب إنه "في ظل تهديدات العدو لمقاومتنا ولأهلنا في غزة، فإننا نؤكد جهوزية المقاومة للمواجهة والرد بكل قوة على أي عدوان، والدفاع عن شعبنا في كل أماكن وجوده".
وأكد جيش الاحتلال وقوع عملية إطلاق نار تجاه سيارة على مفرق "حمرا" في غور الأردن، وإن قواته تُمشّط المنطقة، في محاولة للعثور على المنفذين. وتعد العملية التي ترافقت مع العدوان الصهيوني ردا قاسيا على اقتحام مسجد الأقصى، ودعما لصواريخ المقاومة الفلسطينية وصواريخ لبنان، ورسالة للمتصلفين واليمين المتطرف بإسرائيل.