الحكومه تعلن التقدم بتعديلات على قانون الإيجار القديم تطمئن جميع الأطراف    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بمدارس الثانوية العامة والدبلومات الفنية للعام الدراسي 2025/2026    «اندرايف سفر» تطلق مسابقة للمستخدمين للفوز برحلة إلى الساحل الشمالي    «البنك المركزي» يكشف طرق تقديم الشكاوى البنكية في خطوات سهلة    تسريبات : وقف الحرب مع غزة يتزامن مع إعلان تاريخي للسلام بين سوريا وإسرائيل    خالد الغندور: لو الأهلي كان فاز على مانشستر سيتي كنت أول واحد هيفرحلهم مع كل الزملكاوية    التعليم تصدر تعليمات تنظيمية بشأن تحويلات طلاب المرحلة الثانوية للعام    19 ألف طالب بالثانوية العامة ببنى سويف يؤدون امتحان مادتى الكيمياء والجغرافيا.. غدا الخميس    تأجيل جنازة أحمد عامر للكشف لحين عرضه على الطب الشرعي    عمدة هيروشيما: تصريحات ترامب لا تمت بصلة لواقع القنبلة الذرية    من الترشح إلى إعلان النتائج.. دليلك الكامل لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    الزمالك يقترب من الإعلان عن صفقة مهاجم فاركو    وزير الرياضة يلتقي رئيس الاتحاد الدولي للخماسى الحديث    اختتام فعاليات ورشة عمل الممارسات الزراعية الجيدة لمحصول القمح    استرداد 79 فدان من أراضي أملاك الدولة غير المستوفية لشروط التقنين بأرمنت    لإنقاذ الغرقى.. توزيع هيئة الإشراف والمنقذين على شواطئ مدينة العريش    ضبط 104 مخالفة تموينية والتحفظ على 3 أطنان دقيق بلدي بالفيوم    409 مشروع تخرج بختام العام الجامعي بكلية الألسن جامعة قناة السويس    ندوة أدبية ب«روض الفرج» تحتفي بسيد درويش شاعرًا    نائب وزير الصحة تبحث تعزيز دور الشراكة مع جامعة المنصورة    محافظ أسوان يتابع تشغيل منظومة التأمين الصحي الشامل    أطعمة تساعد على تحسين جودة النوم    وزير الأوقاف يبحث مع نظيره الفلبيني إصدار شهادات الحلال وتدريب الدعاة    "الزراعة" تستعرض تقريرا حول الجهود البحثية والخدمية والميدانية ل"بحوث الصحراء" خلال يونيو    الليلة بمهرجان فرق الأقاليم.. «القروي المتمدن» و«هاملت بالعربي» بروض الفرج والسامر    التعليم العالي تحدد قواعد قبول طلاب الثانوية العامة والأزهرية بالجامعات    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    محافظ الشرقية يتابع أعمال سحب تجمعات مياه الأمطار من شوارع الزقازيق    كامل الوزير يلتقي نائب رئيس الستوم لمتابعة آخر مستجدات الخط السادس للمترو    تفاصيل لقاء حزب الوعي وفدَ سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في القاهرة    كواليس موت "دنيا" في سوهاج.. خلاف بين شقيقتين ينتهي بجريمة قتل على يد الأم    مصرع سيدة إفريقية صدمتها سيارة بالتجمع الأول    البورصة تواصل الصعود في منتصف تعاملات اليوم    مصدر ليلا كورة: عمر الساعي ينتقل إلى المصري على سبيل الإعارة    جمال عبدالحميد يهاجم إمام عاشور ويُعلق على رحيل زيزو    تامر حسني: "في عمر وسلمى 4 ليلى زاهر أمي وملك زاهر خالتي"    وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    الإفتاء توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا.. مكروه أم جائز؟    المصرية للاتصالات تنتهي من عمليات الإنزال ومسارات العبور الخاصة بالكابل البحري SEA-ME-WE-6 في مصر    ترامب يهدد زهران ممداني بالاعتقال ويشكك في جنسيته.. والأخير يرد: هذا ترهيب سياسي    الجيش الإسرائيلي: القبض على خلية "إرهابية" تديرها إيران في جنوب سوريا    تكريم خاص من الزمالك.. عقد شيكابالا يُصرف بالكامل في حال الاعتزال    في 13 أسبوع عرض.. إيرادات سيكو سيكو تصل ل188 مليونا و423 ألف جنيه    عالم سعودي يكشف عن 4 مراتب لصيام عاشوراء: المرتبة الأولى الأفضل    ضوابط منح الترخيص المؤقت للحضانات    إعلام الاحتلال عن مصدر: المقترح الجديد لا يتضمن تعهدا واضحا بإنهاء الحرب    تعرف على مكافآت لاعبى الهلال بعد التأهل التاريخى فى مونديال الأندية    تحتوي على مواد قابلة للاشتعال.. إزالة مخازن مخالفة تشكل خطراً على المواطنين بالجيزة    رئيس جامعة المنيا يفاجئ مستشفيات الجامعة بعد منتصف الليل للاطمئنان على انتظام العمل    رويترز: الجيش الإيراني أجرى استعدادات لزرع ألغام في مضيق هرمز    آخر ما كتبه المطرب أحمد عامر قبل وفاته بساعتين    رسميا.. جدول مباريات ربع نهائي كأس العالم للأندية (كاملة)    وزارة البترول: تفعيل خطة الطوارئ فور انقلاب بارج بحري بخليج السويس    "بوليتيكو": الولايات المتحدة توقف بعض شحنات الصواريخ والذخائر إلى أوكرانيا    التشكيل الرسمي لمباراة بوروسيا دورتموند ومونتيري في مونديال الأندية    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان استقرار؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إحسان الفقيه تكتب: اتفاق السعودية وإيران... بوابة عبور التنين الصيني
نشر في بوابة الحرية والعدالة يوم 14 - 03 - 2023

«الهجوم خير وسيلة للدفاع»، سواء كان الذي أطلق هذه المقولة هو القائد الفرنسي نابليون بونابرت، أو كانت للسياسي الإيطالي ميكيافيللي، فإنه مما لا شك فيه أنها وجدت لها موطئا في الميادين العسكرية والسياسية وحتى الرياضية.
ويبدو أن الصين، قد انطلقت من ذلك المبدأ، وانتقلت من خانة المدافع ضد الأزمات التي تصدّرها إليها الولايات المتحدة، إلى حيّز الهجوم، وذلك باختراق مجال النفوذ الأمريكي، وظهر ذلك مؤخرا عبر تبنيها وإتمامها هذا الاتفاق التاريخي بين المملكة العربية السعودية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، في خطوة كانت بمثابة زلزال في المنطقة، يؤذن بإعادة ترتيب الأوضاع السياسية الإقليمية من جديد.

على مدى عقود كان ينظر إلى الدولتين على أنهما تتنافسان على زعامة العالم الإسلامي، إذ تمثل السعودية المحور السني، بينما تمثل إيران المحور الشيعي، وقويت هذه النظرة بعد القطيعة بين الدولتين إثر الهجوم على السفارة السعودية في إيران، عقب قيام السلطات السعودية بإعدام المعارض الشيعي نمر النمر.
الولايات المتحدة كانت اللاعب الأبرز في ملف العلاقات بين الرياض وطهران، باعتبار السعودية حليفا استراتيجيا لأمريكا، والأخيرة هذه قد استثمرت التهديدات الإيرانية للمملكة، وحصلت بمظلتها الأمنية للسعودية – على مكاسب اقتصادية ضخمة في مجال النفط وصفقات الأسلحة، خاصة في حقبة ترامب، الذي طمأن الخليج باتخاذه مواقف صارمة ضد إيران، خلافا لسلفه أوباما، الذي أشعل القلق الخليجي بسبب سياسته في التهدئة مع إيران على حساب الأمن الخليجي.

ومنذ صعود الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى سدة الحكم، وهو يتخفف من أعباء ملفات المنطقة، بهدف التفرغ لمواجهة التنين الصيني، وأطماع الدب الروسي عبر البوابة الشرقية لأوروبا. ومن هذه الملفات الشائكة، التهديد الإيراني للسعودية ودول الخليج، ما دفع هذه الدول لإقامة علاقات أكثر متانة مع دول كبرى مثل الصين وروسيا، ولا شك في أن هذا التحول في سياسة دول الخليج كان أساسا قويا بنت عليه الصين مبادرتها الناجحة في الوساطة بين السعودية وإيران، خلافا للولايات المتحدة التي تضع الأمن القومي الإسرائيلي على رأس أولوياتها.
يبدو أن الصين، انتقلت من خانة المدافع ضد الأزمات التي تصدّرها إليها الولايات المتحدة، إلى حيّز الهجوم، وذلك باختراق مجال النفوذ الأمريكي
في التعامل مع ملف العلاقات السعودية الإيرانية، تمتعت الصين بثقة وافرة من طرفي الشقاق لنأيها بنفسها عن النزاع في المنطقة، فهي تركز في علاقتها مع دول هذه المنطقة على البعد الاقتصادي، حيث إن لها علاقات تجارية قوية مع إيران، وترتبط بشدة بالنفط السعودي، الذي يعد مصدرا أساسيا للطاقة التي تستوردها. ولا شك في أن المحاولات السابقة للصين لإعادة العلاقات السعودية الإيرانية، استندت إليه بكين لإبرام الاتفاق، حيث أنها عرضت الوساطة لإنهاء الخلاف عام 2017، قبيل زيارة الملك سلمان إلى الصين، ثم أعادت العرض نفسه في 2019، عندما كان الزائر هو ولي العهد محمد بن سلمان، ثم انتهزت فرصة المباحثات الإيرانية السعودية التي تبنتها عمان والعراق خلال العامين الماضيين، وقامت بإتمام الاتفاق الذي كان يلزمه تدخل قوى كبرى فاعلة.

ومن المؤكد أنه إذا تم تفعيل الاتفاق بين البلدين على الوجه المعلن عنه، أننا سنكون بصدد تغيير في الأوضاع السياسية للمنطقة وبداية عهد تعدد الأقطاب الفاعلة فيها، فلن تكون أمريكا وحدها هي القوة الكبرى التي تتمتع بالنفوذ في هذه المنطقة، بل ربما يتعاظم الدور الصيني ويحتل الصدارة في هذا الشأن، قبل أمريكا التي لها تاريخ استعماري في المنطقة يتمثل في غزو العراق وعمليات عسكرية في الصومال، إضافة إلى رعايتها الكيان الإسرائيلي، وقبل روسيا أيضا التي لها رصيد من هذا التاريخ الاستعماري متمثلا في عملياتها العسكرية على الأراضي السورية. أما الصين، فقد استثمرت خلوّ تاريخها من النزاعات في هذه المنطقة، وطرحت نفسها كدولة سلام ووساطات. تصريحات كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي حول الاتفاقية، التي قال فيها: «الصين ستواصل لعب دور بناء في التعامل مع القضايا الشائكة في العالم، وستظهر تحلّيها بالمسؤولية بصفتها دولة كبرى..

العالم لا يقتصر فقط على قضية أوكرانيا»، هذه التصريحات تكشف عن المسار الذي تسلكه الصين، أن رعايتها وإنجاحها الاتفاق السعودي الإيراني لن يكون المحطة الأخيرة، فإضافة لتعاطي الصين مع ملف الحرب الروسية الأوكرانية – الذي جعل أمريكا تسعى لإغلاق هذا الطريق عليها لمنعها لعب هذا الدور- هناك كذلك ملفات عدة في منطقتنا العربية يمكن للصين أن تلعب دورا رئيسيا فيها، وهو المتوقع، مثل ملف سد النهضة، والعلاقات المصرية السودانية.
ومما لا شك فيه، أنه حال تفعيل هذا الاتفاق، فإنه سينعكس على ملفات ساخنة في المنطقة، أبرزها الصراع السعودي الإيراني على أرض اليمن، وإن كان يغلب على الظن أن إيران ستكون هي الرابح الأكبر حال إنهاء النزاع اليمني، إذ يتوقع أن يخرج حليفها الحوثي بحصة أكبر في المستقبل السياسي، بينما يشكل إنهاء الأزمة مخرجا مناسبا للسعودية لطالما بحثت عنه بعد ثماني سنوات من إطلاق «عاصفة الحزم»، لم تحقق فيها المملكة أهدافها. كما أن هذا الاتفاق سوف ينعكس على الأزمة السورية بلا شك، خاصة في ظل اتجاه العديد من الدول العربية صوب التطبيع مع بشار الأسد. يُعتقد أن هذا الاتفاق كان خطوة متقنة ناجحة حققتها الصين، تحقق لها العديد من المصالح في الشرق الأوسط، حيث سيكون إيذانا بإقامة علاقات أكثر متانة مع دول المنطقة لمنافسة الولايات المتحدة، وسوف يؤمّن لها هذا الدور الحصول على النفط الخليجي، والفرص الاقتصادية الهائلة في إعمار سوريا، والاستثمار في الطاقة في العراق.
نستطيع استشفاف عدم الرضا الأمريكي عن الاتفاق، وقلق واشنطن من الدور الصيني، من خلال تصريح جو بايدن عندما سئل عن الاتفاق، فأجاب: «كلما كانت العلاقة بين إسرائيل وجيرانها العرب أفضل، كان ذلك أفضل للجميع». نتيجة الاتفاق لا شك أنها خاضعة للتكهنات، ما بين توقعات بالنجاح، وتوقعات أخرى بالفشل نتيجة اعتراض عوائق محتملة أبرزها النووي الإيراني، لكن في كل الأحوال ستكون الصين حاضرة بقوة في المنطقة، لتظل الأوضاع في بلادنا رهنا لقوة النفوذ الأجنبي، التي تتنقل من الغرب للشرق، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
…………….
كاتبة أردنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.