رغم رفض كثير من الخبراء والأجهزة الأمنية والرقابية تحميل المواطنين المزيد من الأعباء المالية نظرا للظروف المعيشية الخانقة التي حولت أكثر من 80 مليون مصري إلى دائرة الفقر والعوز، وهو ما يهدد باضطرابات وانفجار شعبي، إلا أن مجلس نواب الانقلاب أقر مؤخرا مشروع قانون مقدم من حكومة الانقلاب بشأن تعديل قانون تنظيم الشهر العقاري في المجتمعات العمرانية الجديدة، الذي يقضي بإلزام سكان المدن الجديدة بشهر عقاراتهم خلال 15 يوما، وسداد رسوم تبلغ 2000 جنيه في المتوسط عن كل وحدة سكنية. الجباية الجديدة تأتي بعد أيام من حديث السيسي خلال المؤتمر الاقتصادي مصر 2022، عن تشكيل لجان لصياغة أفكار لجلب أموال لخزانة الدولة من أي طريق وبأي وسيلة، وذلك في ظل أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة بمصر بفضل سياساته الغاشمة التي أهدرت مقدرات الدولة المصرية في مشروعات بلا جدوى اقتصادية. وألزم مشروع القانون المتصرف إليه من قبل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ب"تقديم طلب الشهر، وفقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في القانون، خلال خمسة عشر يوما من تاريخ العمل بلائحته التنفيذية، أو تاريخ التصرف اللاحق على العمل بها". وفي حالة عدم تقديم الطلب، أو تقديمه بعد الميعاد المحدد سلفا، أو عدم استكمال إجراءات الشهر لسبب يرجع إلى المتصرف إليه، يكون لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة شهر التصرف على نفقة المتصرف إليه، سواء كان صادرا منها مباشرة أو من الغير، وفي جميع الأحوال يكون لصاحب الشأن طلب شهر التصرف، وفق الضوابط المقررة باللائحة التنفيذية للقانون. ونص المشروع أيضا على أن "يصدر وزير العدل قرارا بتعديل أحكام اللائحة التنفيذية للقانون لتنفيذه أحكامه، خلال 30 يوما من تاريخ العمل به، وإلى أن يصدر القرار يستمر العمل باللائحة التنفيذية في ما لا يتعارض مع أحكامه ويُنشر القانون في الجريدة الرسمية، ويُعمل به بعد مرور 30 يوما على تاريخ نشره". وادعى رئيس لجنة الشؤون التشريعية في برلمان الانقلاب، إبراهيم الهنيدي، أن "مشروع القانون يهدف إلى تبسيط الإجراءات، وإزالة العقبات أمام المواطنين نحو شهر تصرفاتهم العقارية في المدن العمرانية الجديدة، وعدم اقتصار أحكامه على الوحدات السكنية وحدها، بل امتداد آثاره إلى غيرها من الوحدات الإدارية والتجارية، وقطع الأراضي السكنية وغير السكنية". فيما نال المشروع رفضا من عدد من النواب، باعتبار أن الوقت غير مناسب لتحميل المواطنين المزيد من الأعباء المالية، من خلال إلزامهم بتسجيل وحداتهم السكنية، في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها الدولة المصرية، ويعاني منها الجميع. ووفق حكومة الانقلاب، فإن القانون الجديد يساهم في دعم الخزانة العامة للدولة، وزيادة مواردها، والتي تعاني من عجز حاد بشكل كارثي، يهدد بإعلان إفلاس حكومة الانقلاب. وتقوم فلسفة القانون على تسجيل هيئة المجتمعات العمرانية العقار -نيابة عن المالك- خلال 15 يوما فقط، وهو ما يترتب عليه تحميل المواطن أعباء إضافية، بينما لديه أولويات معيشية أخرى مترتبة عن حالة الغلاء وارتفاع الأسعار. ووفق خبراء وقانونيين، فإن القانون الجديد سيسبب أزمة بين المطور العقاري واتحاد الشاغلين، لأن الأخير يتمسك بعدم مسؤوليته عن إثبات الملكية، والمطور العقاري يتخذ الموقف ذاته. كما توجد مشكلة أخرى تتمثل ببيع الأراضي السكنية في المدن الجديدة بعقود عرفية، وبالتالي ستكون هناك صعوبة في تحديد المالك الحقيقي لها. وتسعى الحكومة لإجبار المواطنين على توثيق ملايين الوحدات السكنية في الشهر العقاري، وهو جهة تابعة لوزارة العدل منوط بها توثيق العقارات، الأمر الذي يكلفهم أعباء مالية ضخمة لارتفاع رسوم التوثيق من ناحية، وإخضاعهم لضريبة التصرفات العقارية بمجرد إتمام إجراءات الشهر من ناحية أخرى، المحددة بنسبة 2.5% من قيمة العقار أو الوحدة السكنية. يشار إلى أن جميع الهيئات الحكومية استقبلت حديث السيسي في المؤتمر الاقتصادي حول تشكيل لجان لجلب أموال من أي جهة وبأي وسيلة من المواطنين وغيرهم، بالمسارعة لدعوة الهيئات والمؤسسات التابعة للحكومة ودوائر صناعة القرار لتدبير أموال لصالح السيسي.