وسط حالة من الغضب المتصاعد، إزاء إهدار حقوق أصحاب المعاشات من الأطباء، في مشاريع الوهم التي يروجها نظام السيسي، سواء بالفساد المالي أو بشراء مقر لاتحاد المهن الطبية بالعاصمة الإدارية الجديدة ودفع كامل تكلفته ، رغم أن المكان المخصص له ما زال أرضا فضاء بلا تصريح بناء حتى الآن، أو بالشراكة في إحدى شركات المخابرات الفاشلة للتكنولوجيا الرقمية، وهي شركة داف، بنحو 50 مليون جنيه رغم أن رأسمال الشركة لا يرقى لربع هذا المبلغ أساسا، وغيره من الفساد الذي يرعاه وينميه نظام السيسي، وإزاء ذلك كله، تقدم أمس الثلاثاء أكثر من ألف طبيب مصري وأعضاء في نقابات المهن الطبية، بطلب رسمي لاتحاد المهن الطبية، للمطالبة بعقد جمعية عمومية طارئة، من أجل مناقشة الكثير من أوضاع النقابات الطبية، ومنها ما وصفوه بوقف نزيف إهدار المال العام. وكان من المفترض إجراء الجمعية العمومية لنقابة الأطباء المصريين في مايو الماضي، لكنها لم تتم بالمخالفة للقانون، وكان جدول أعمال الجمعية العمومية العادية لنقابة أطباء مصر الرسمي ، يشمل مناقشة الميزانيات المالية لنقابة الأطباء عن السنوات المنقضية والتي لم يتم اعتمادها لعدم انعقاد الجمعيات العمومية نظرا لظروف جائحة كورونا، فضلا عن مناقشة تقرير مجلس النقابة العامة للأطباء عن أعمال العام المنقضي. وتقدم الأطباء بطلب عقد الجمعية العمومية الطارئة لاتحاد نقابات المهن الطبية، وهو طلب مسبب موقع عليه من أكثر من ألف عضو من النقابات الأربعة المكونة لاتحاد "نقابة الأطباء والصيادلة والأسنان والبيطريين" وبذلك يصبح مجلس الاتحاد ملزما تبعا لنص المادة 4 من قانون 13 لسنة 1983 بعقد الجمعية العمومية خلال شهر من تقديم الطلب. وطالب الموقعون بعقد الجمعية العمومية الطارئة يوم الجمعة 14 أكتوبر المقبل، لمناقشة وضع ضوابط صارمة للاستثمار الآمن ووضع شروط ضرورية تمنع تمرير أي صفقة استثمارية بأي مبلغ كان، دون عرض الخطة الاستثمارية على الجمعية العمومية وموافقتها عليها مسبقا، مع ضرورة إلزام مجلس إدارة الاتحاد إعلام النقابات الأربع بالميزانية والتصرفات المالية فيها بما يحقق القدر الكافي من الوعي المانع لحدوث المخالفات أو إساءة الظن من أحد تجاه المسؤولين. كما طالب الموقعون بعدم الدخول مستقبلا في مشروعات ترفيهية أو خدمية من صندوق المعاشات ، لأن هذا الصندوق خاص بأموال المتقاعدين والأرامل المفترض تنميته حتى يمكن زيادة المعاش ، وتشكيل مجلس اقتصادي لتحديد المشروعات التي تحقق أفضل عائد متاح بأقل خطورة، فضلا عن المطالبة بتحديد مبلغ عشرة ملايين جنيه كحد أقصى لصلاحية مجلس الاتحاد في الدخول في أي مشروع استثماري ، وما زاد عن ذلك يعرض على الجمعية العمومية أولا، بالإضافة إلى تحديد حد أقصى للبدلات المالية لأعضاء مجلس الاتحاد الممثلين له بالشركات مع عدم توليهم مناصب مقابل أجر بها حتى لا يكون هناك تعارض مصالح بين الرقابة على الشركات وبين الحصول على أموال منها.
سرقات ومخالفات جاءت هذه المطالبات العاجلة، بعد فترة وجيزة من اكتشاف واقعة سرقة أموال معاشات الاتحاد، حيث تم ضبط أحد موظفي مجلس الاتحاد متلبسا بإدارة أموال المعاشات فى سرية والإنفاق منها بحرية. كان عدد من النقابيين السابقين، قد أشاروا إلى وقائع فساد مالي في اتحاد المهن الطبية، منهم الطبيبة وعضو مجلس نقابة الأطباء سابقا منى مينا، التي كتبت منشورا عن إهدار 21 مليون جنيه من أموال صندوق معاشات اتحاد نقابات المهن الطبية، في شراء وحدات سكنية في عمارة متهالكة في محافظة الإسكندرية، لاستخدامها في خدمات المصايف.
العاصمة الإدارية كذلك أشارت منى مينا إلى إهدار 38 مليون جنيه في مقر إداري للاتحاد في العاصمة الإدارية الجديدة، حيث تم دفع المبلغ كاملا منذ حوالي عام، بينما المبنى حتى موعد كتابة تلك السطور، مازال أرضا فراغة بدون حتى تصريح بناء. كما كشفت مينا عن الموافقة على ضخ 50 مليون جنيه من أموال أصحاب المعاشات في إحدى الشركات الخاسرة التي يملكها الاتحاد، وهي شركة الثروة الحيوانية. بحانب الشراكة مع شركة تكنولوجيا المعلومات المسماة DAF التي تهدد بإهدار 50 مليونا جديدة، حيث يؤكد أعضاء في مجلس نقابة الأطباء أن كل رأس مال الشركة أقل من هذا المبلغ. وسبق أن أعلنت حملة "مصيرنا واحد" إحدى الحملات الداعمة للدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة لاتحاد المهن الطبية، عن رفضها شراكة اتحاد نقابات المهن الطبية بأموال صندوق المعاشات والإعانات لأعضاء نقابات المهن الطبية مع إحدى شركات الحلول الرقمية بشراء نسبة 24% من أصول الشركة، وأكدت أن هذه الصفقة حولها العديد من علامات الاستفهام.
شركة "داف" وأوضحت حملة "مصيرنا واحد" عدم وجود خبرة جيدة لدى الشركة التي تفاوض مجلس اتحاد نقابات المهن الطبية على الشراكة بها، حيث فشلت في أعمال تم إسنادها إليها من قبل النقابة العامة للأطباء، وحاولت نفس الشركة باستماتة إقناع مجلس نقابة الأطباء بإسناد أعمال صيانة البرمجيات إليها، الأمر الذي تصدي له أعضاء بمجلس نقابة الأطباء، وأثبتوا أن الشركة لا ترقى فنيا إلى القيام بهذه الأعمال لفشلها في لإبقاء على عمل تطبيق النقابة وكذلك حداثة إنشائها. وطالبت حملة "مصيرنا واحد" مجلس اتحاد نقابات المهن الطبية بسرعة إعلان موقفه واضحا بكافة التفاصيل لأعضاء نقابات المهن الطبية والرأي العام دون مواراة أو تورية للحقائق، كما أعلنت أنها مستمرة في حملة جمع التوقيعات حتى يتم إنهاء هذه القضية بشكل قاطع.
المخابرات الحربية تستولي على أموال الأطباء ومنذ يونيو الماضي، تسعى المخابرات الحربية لتوقيع اتفتق مع اتحاد المهن الطبية لعقد تعاون مع شركة "داف" الوليدة والمجهولة الأنشطة والقيمة السوقية، وهو ما يثير لغطا وسجالا متصاعدا، حول أزمة إهدار المال العام وتبديد أموال معاشات الأطباء. وقدرت قيمة "داف" السوقية بنحو 200 مليون جنيه بالمخالفة للواقع، حيث يجمع خبراء ومسؤلون بالنقابات الطبية أن قيمتها السوقية وسابقة أعمالها لا تتجاوز 5 مليون جنيه فقط. ويرفض الأطباء قرار اتحاد المهن الطبية استثمار 50 مليون جنيه في شراء حوالي ربع أسهم الشركة الناشئة. من جانبها، أصدرت نقابة الأطباء في نهاية يوليو الماضي، بيانا أعلنت فيه رفض مجلسها القرار، المبلغ الذي قرر الاتحاد استثماره لشراء ربع أسهم الشركة يعني أن تقييم قيمتها السوقية يتجاوز 200 مليون جنيه، وهو مبلغ لا يتناسب على الإطلاق مع حجم الشركة الصغيرة أو سابقة أعمالها، والتي لا تمثل أكثر من 1% تقريبا من المبلغ المطروح، كما أوضح البيان. فيما ألمحت محاضر اجتماعات لمجلس الاتحاد، ، قدم مسؤولو الشركة أنفسهم للاتحاد باعتبار أنهم يتبعون جهة سيادية ، ووعدوهم بعائد استثماري ضخم في المستقبل لأنهم سيحصلون على حاجات كثيرة في الدولة خلال الفترة القادمة. والشركة المذكورة اسمها «داف» وهي شركة حلول رقمية وتقنيات مالية لم يتخطَ عمرها عامين بحسب سجلها التجاري، ولا يتجاوز رأس مال الشركة خمسة ملايين جنيه. بحسب موقع الشركة على الإنترنت، يترأس مجلس إدارتها شخص اسمه حاتم قنديل ولا تحتوي سابقة أعمالها سوى على خمسة مشاريع، أحدها اسمه «بالشفا» ويملكه نفس رئيس مجلس الإدارة، وتطبيقين آخرين لنقابة الأطباء. وكانت تقارير صحفية نُشرت عنه بمناسبة قيامه برحلة تجديف عبر نهر النيل لرفع الوعي البيئي، بحسب أحد هذه التقارير، والتوعية بمشروع التأمين الصحي الشامل، بحسب آخر أشارت إلى أنه تخرج من كلية الدفاع الجوي عام 1990، واستمر في الخدمة حتى خرج على المعاش بعد إصابة لحقت به. وكان عضو مجلس نقابة الأطباء، أحمد حسين، كتب على صفحته على فيسبوك أن تفاصيل تعاقد نقابة الأطباء مع الشركة على هذين التطبيقين في 2020 أحاطت بها الشكوك، خاصة مع تقدم الشركة بعروضها إلى النقابة قبل حصولها على ترخيص مزاولة النشاط. الشركة التي استند عليها الاتحاد لتقييم «داف» وبالتالي الصفقة اسمها «سمارت ماركتنج سرفيس» فإن الاتحاد يعتمد على هذه الشركة التي تمتلكها طبيبة بيطرية ، وبالتالي عضو بالاتحاد لإجراء التقييمات قبل أي قرار بالاستثمار. لم ترد على أسئلة صحفية عديدة حول معايير التقييم، معتبرة في تصريحات إعلامية سابقة، أن هذه التفاصيل سرية، لا يمكنها الإفصاح عنها وأحالت الأمر إلى مجلس الاتحاد نفسه. وبحسب مراقبين، فإن تقييم «داف» بهذه القيمة المرتفعة اعتمد على وعود مستقبلية بمشاريع طموحة، وليست أعمالا قيد التنفيذ. ووفق ما كشف عنه اجتماع عُقد في فبراير الماضي بين أعضاء مجلس الاتحاد وممثلين عن الشركة بحسب محضر الاجتماع ، اطلعت عليه بعض وسائل الإعلام. ووفق مصادر من داخل الاتحاد، فإن ادعاء ممثلي الشركة ارتباطهم بجهاز سيادي تسبب في ترهيب البعض أو ترغيبهم، الترهيب تمثل في الخوف من أن يُقابل رفض الدخول في شراكة في أي إجراء عقابي، والترغيب يتمثل في إمكانية الاستعانة بالشركة لحل بعض مشاكل الأطباء العالقة، ومن بينها صعوبة إنهاء إجراءات تراخيص العيادات أو سرعة إقرار قانون المسؤولية الطبية، والذي يقبع في درج مجلس النواب منذ أعوام ، وهكذا يدار الفساد بمصر العسكر التي تهدر فيها كل الحقوق والأموال من أجل إرضاء الأجهزة السيادية التي تتلاعب بمقدرات مصر بلا رقيب ولا حسيب.