كل يوم يستيقظ المصريون على خبر حريق فى جهة حكومية أو خاصة أو كنيسة أو غيرها ثم يخرج مسئولو حكومة الانقلاب بتصريحات عن الحريق وفى الغالب يزعمون أن التحقيقات انتهت إلى أن سبب اشتعال النار ماس كهربائي أو لهو أطفال أو غير ذلك من الأسباب الملفقة التى تؤكد أن ميلشيات أمن ومخابرات الانقلاب هى التى تقف وراء اشعال الحرائق لشغل المواطنين بعيدا عن التفكير فى التظاهر ضد نظام الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي واسقاطه . السيسي لا يهمه أن يحرق مصر ويولع فى المصريين المهم أنه يظل على الكرسي لأن مغادرته الكرسي تعنى كشف جرائمه وخيانته ومحاكمته هو وكل أفراد العصابة التى انقلبت على أول رئيس مدنى منتخب فى التاريخ المصرى الشهيد محمد مرسي .
كان المجتمع المصرى قد عايش خلال الأيام الماضية لحظات مؤلمة بسبب الحرائق التى راح ضحيتها عشرات المواطنين، وكان أبرزها حريق كارفور الاسكندرية وحريق داخل مبنى خاص بهيئة التامينات الاجتماعية بالجيزة وكنيسة أبوسيفين بامبابة وكنيسة الأنبا بيشوى فى المنيا. وهى تكرار لحرائق اشتعلت فى الأعوام الماضية فى العتبة والموسكى وسوق التوفيقية وحارة اليهود وهذه الحرائق لم تكن وليدة الصدفة، بل مدبرة ومقصودة من عصابة السيسي ..
ماس كهربائى
ومؤخراً اندلع حريق بكنيسة أبوسيفين فى الجيزة، راح ضحيته 42 شخصاً بينهم 15 طفلاً، وأظهرت قائمة الوفيات أن 3 توائم أطفال فى عمر 5 سنوات ضمن الضحايا، بينما توفى 3 أطفال أشقاء آخرين فى نفس الحادث ونتجت أغلب وفيات الحريق عن حالات اختناق بسبب استنشاق الدخان الناجم عن الحريق، كما وقعت بعض الوفيات بسبب التدافع أثناء محاولة الفرار من الحريق عبر مخرج مغلق. فيما زعمت داخلية الانقلاب أن سبب الحريق خلل كهربائى، مشيرة الى أن فحص أجهزة الأدلة الجنائية أسفر عن أن الحريق نشب بتكييف بالدور الثانى بمبنى الكنيسة، الذى يضم عدداً من قاعات الدروس، أدى إلى انبعاث كمية كثيفة من الدخان كانت السبب الرئيسى فى حالات الإصابات والوفيات. ومع أن حريق كنيسة الأنبا بيشوى فى المنيا لم يسفر عن وقوع ضحايا إلا أنه تسبب فى تدمير محتويات الكنيسة بشكل كبير، وزعمت التحقيقات أن منشأ الحريق هو بعض الشموع التى كان يلهو بها طفلان من أبناء الكنيسة داخل الهيكل بالقرب من المذبح . ووفقاً لإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء شهدت مصر 51533 حادثاً عام2021، مقابل51963 حادثاً عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 0,8%، وبلغ عدد المتوفين جراء هذه الحوادث 252 متوفيا، مقابل 199 متوفى عام2020 بنسبة ارتفاع قدرها 26,6% عن عام 2019، وبلغ عدد المصابين 824 مصاباً عام 2021، مقابل 878 مصاباً عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 6,2% عن عام 2020. وزعم الجهاز أن الإهمال جاء فى المرتبة الأولى لحوادث الحريق بعدد 26400 بنسبة 51,2%، يليه الحريق العارض بعدد 25037 حادثة بنسبة 48,6%، ثم الحريق العمد بعدد 96 حادثاً بنسبة 0,2% خلال عام 2021.
إنذار أتوماتيكى
من جانبه أرجع الدكتور تامر شراكى استشارى الأمن والسلامة المهنية، تكرار الحرائق الى عدم وجود ثقافة السلامة لدى المصريين وعدم وجود برامج توعية مشيراً إلى ضرورة إنتاج مقاطع فيديو قصيرة أو برامج تلفزيونية مخصصة للتوعية والإرشاد تناسب المجتمع بطريقة سهلة ومبسطة لشرح ثقافة الوقاية والحماية. وقال شراكى فى تصريحات صحفية أن كثرة تشغيل الأجهزة الكهربائية خلال فصل الصيف واستعمال أجهزة وموصلات كهربائية رديئة يتسبب فى نشوب حرائق مع تكرار الأعطال الكهربائية، أو وجود مواد سهلة الاشتعال بالقرب من الأجهزة الكهربائية التى تستخدم لأغراض التسخين، ما يجعل المكان معرضاً لخطر الحريق. وأوضح أن تخزين المخلفات القابلة للاشتعال أعلى أسطح المنازل وفى الشرفات سواء الأوراق أو الأخشاب، تتفاعل مع الحرارة وبمجرد إلقاء سيجارة عليها ينتج عنها حريق، فضلاً عن وجود أخطاء بشرية فى التعامل مع الحرائق تؤدى إلى نشوبها فى المنازل والشقق، مثل ترك الأجهزة الكهربائية خاصة أجهزة التكييف تعمل لساعات طويلة ما قد يتسبب فى ماس كهربائى. وشدد شراكى على ضرورة منع التدخين، ووضع أوعية رملية فى الأماكن المسموح فيها بالتدخين، واتخاذ الوسائل المعتمدة ضد حدوث الشرر الكهربائى، واستخدام أجهزة قواطع التيار الكهربية والالتزام بتعليمات الأمن والسلامة فضلاً عن التفتيش والفحص الدورى لأماكن العمل لافتا الى ضرورة الالتزام باشتراطات إدارة الحماية المدنية، وتركيب نظام أمان بالمبنى مثل توريد عدد من طفايات الحريق مختلفة الوسائط الإطفائية (البودرة الكيميائية الجافة وطفايات الرغوة ذات سعات وأحجام تناسب حجم ومساحة المبانى)، إضافة إلى وجود إرشادات وملصقات للسلامة ووجود خطة للطوارئ، وتركيب نظام الإنذار الأتوماتيكى (التلقائى) فى المبانى فى الأماكن والقاعات التى تتزايد احتمالات حدوث الحرائق بها، وما قد ينجم عنها من خسائر. وأكد أن مسئولية متابعة السلامة الإنشائية للمبانى تقع على عاتق عدة جهات أبرزها الأجهزة المحلية والحماية المدنية ووزارة القوى العاملة وأجهزة المناطق الصناعية والرقابة الصناعية موضحا أن أى مبنى يجب أن يكون له تصميم هندسى مطابق للكود المصرى والدولى لاشتراطات السلامة ومخارج الطوارئ.
طفايات حريق
وقال الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، إن قانون البناء الموحد الصادر عام 2008، اشترط فى أى مبنى سواء كان حكوميا أوغير حكومي، وجود عدة معايير للأمان والسلامة، أهمها: وجود سلم للهروب عند اندلاع الحريق، توافر طفايات حريق للدفاع المدنى، غرفة خاصة بالكهرباء فقط، واشترط القانون أن يتم استيفاء هذه المعايير قبل إقامة المبنى، مشيراً إلى أنه فى الدول المتقدمة هناك أجهزة لاستشعار الحرائق يتم وضعها فى سقف الغرف، ودائماً ما يتم استخدامها فى الفنادق، بحيث تستشعر هذه الأجهزة وجود دخان فى المكان، وعلى الفور تبدأ بإنذار المسئولين بوجود حريق. وطالب عرفة فى تصريحات صحفية بتنفيذ ضوابط وشروط البناء، وتطبيق معايير السلامة والأمان بحذافيرها، خاصة معايير الدفاع المدنى مثل أبعاد السلم والمبنى ووجود طفايات الحريق حتى لا تتكرر الحرائق وكشف أن مصر بها عجز فى أعداد المفتشين الذين يقومون بمتابعة تنفيذ تصميمات المبانى قبل وبعد الانتهاء منها، موضحاً أن أبرز الجهات المشرفة على ذلك وزارة القوى العاملة والإدارات المحلية والدفاع المدنى، كما أن هناك نقصاً فى طفايات الحريق داخل المبانى، مع وجود توصيلات كهربائية مغشوشة لا تتحمل الضغط العالى. وأشار عرفة إلى أن قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ينص على مراقبة جميع اشتراطات السلامة والصحة المهنية بجميع المنشآت الحكومية وغير الحكومية للحد من المخاطر الفيزيائية والكيمايائية والبيولوجية والكهربائية والميكانيكية ومن ضمنها الحرائق .