في مشهد بطولي يذكرنا بما يحدث من المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ تمكن أهالي جزيرة الوراق الأربعاء 17 أغسطس 2022 من إلحاق هزيمة مذلة بقوات نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي؛ على خلفية العدوان الذي يشنه النظام على الجزيرة لطرد أهلها ونزع ملكية بيوتهم وأراضيهم لبناء مشروع بناء 48 برجا في شراكة بين النظام العسكري ومستثمرين إماراتيين. واندلعت الأربعاء مواجهات عنيفة بين أجهزة النظام العسكري الأمنية وأهالي جزيرة الوراق الذين يدافعون عن أرضهم وبيوتهم ضد عصابات النظام التي تستهدف السطو على ممتلكات الأهالي بدعوى النفع العام من أجل منحها لمستثمرين إماراتيين لبناء نحو 48 برجا سكنيا، مقابل منح الأهالي تعويضات أقل من قيمة أرضهم ومنازلهم. وفقا لأهالي الجزيرة فقد أدت المواجهات العنيفة بين الأهالي الذين تجمعوا احتجاجًا على الاعتقالات إلى نفاد ذخيرة القوات الأمنية من القنابل المسيلة للدموع التي استخدمت بكثافة طوال اليوم، ما اضطر القوات لمحاولة التراجع السريع في مواجهة الاحتجاجات وصولًا إلى حصار العشرات منهم في حيز مغلق بين بعض المساكن. هذه القيادات الأمنية المحاصرة دخلت في عملية تفاوض امتدت لساعات مع عدد من ممثلي الأهالي للسماح بمغادرة القوات للجزيرة، مقابل الإفراج عن المعتقلين من الأهالي، وهو الاتفاق الذي تم بالفعل، بالإفراج عن المعتقلين من الأهالي من مقر جهاز الأمن الوطني في منطقة الكيلو عشرة ونصف، بعد مغادرة القوة الأمنية المحاصرة. وينقل موقع "مدى مصر" عن مصدرين من أهالي الجزيرة أن عمليات رفع قياسات منازل في الجزيرة تمهيدًا لنزع ملكيتها توقفت الأربعاء، بعد يومين متتالين من محاولة إتمامها بالقوة وسط مقاومة الأهالي. وبحسب المصدرين، أفرجت قوات الأمن في وقت متأخر من مساء الثلاثاء عن 23 من أهالي الجزيرة كانت ألقت القبض عليهم أمس لمقاومتهم عمليات رفع القياسات. أحد المصدرين الذي التقى عددًا من المعتقلين بعد الإفراج عنهم نقل عنهم أنهم «نُقلوا معصوبي الأعين إلى جهة غير معلومة، قبل نقلهم إلى مقر جهاز الأمن الوطني حيث حقق معهم معصوبي الأعين في ظل معاملة حسنة نسبيًا، قياسًا لما تعرضوا له من اعتداءات قبل نقلهم من الجزيرة». وحول ما جرى في الجزيرة، أوضح المصدر أن قوات الأمن حاولت عصر الثلاثاء التوسع في عمليات رفع القياسات لتتعدى منطقة حوض القلمية وصولًا لما يعرف بمناطق الثلاثين متر، التي تقع في نطاق ثلاثين مترًا من شاطئ النيل والتي كانت هيئة المجتمعات العمرانية أعلنت نيتها نزع ملكية سكانها. كانت قوات الأمن اقتحمت جزيرة الوراق، الإثنين، في محاولة لإتمام عمليات رفع قياسات منازل في منطقة حوض القلمية، الملاصقة لمنطقة مشروع الأبراج الحكومي هناك، تمهيدًا لنزع ملكيتها، وسط مقاومة شديدة من الأهالي واجهتها الشرطة بقنابل مسيلة للدموع فيما رد الأهالي برشقها بالحجارة. وكانت أجهزة السيسي الأمنية قد اعتقلت 23 من أهالي الجزيرة يوم الثلاثاء 16 أغسطس قبل أن تفرج عنهم الأربعاء بعد تمكن الأهالي من حصار عدد من قيادات الشرطة وإجبارها على تبادل الأسرى بين الطرفين (الإفراج عن هذه القيادات المحاصرة في الجزيرة مقابل الإفراج عن أهالي الجزيرة المعتقلين). عمليات الهدم الجارية في حوض القلمية يعني هدم مدرستين ابتدائية وإعدادية، تضمان معًا 6500 تلميذ تقريبًا، مع الإبقاء على مدرسة ابتدائية واحدة في الجزيرة. و«تمثل منطقة حوض القلمية امتدادًا للمنطقة التي أتمت الحكومة بناء عدد من الأبراج فيها ضمن خطة لبناء 48 برجًا، وهو ما يعني أن نزع ملكية تلك المنطقة سيضمن للحكومة استكمال هذا المشروع» وفضلًا عن ذلك «تمثل المنطقة جزءًا من حرم عرضه 100 متر على جانبي محور روض الفرج كانت هيئة المجتمعات العمرانية قد قالت إنها تنوي نزع ملكيته». نزع ملكية الأهالي في منطقة حوض القلمية يضمن للحكومة استكمال مشروع الأبراج الملاصق للحوض من ناحية، بالإضافة لإخلاء جزء من المنطقة المحيطة بمحور روض الفرج الذي يمر بالجزيرة، والذي كانت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أعلنت نيتها إخلاء المنطقة الملاصقة له بعرض 100 متر على جانبي هذا المحور. وبحسب التقرير فإن الأمن الوطني تواصل، ظهر الثلاثاء، مع عدد من الأهالي لحضور اجتماع يجمع الطرفين مع أعضاء لجنة ال15، التي تضم ممثلين عن 15 عائلة من عائلات الجزيرة، والتي تأسست عام 2019 لاحتواء التوترات المتكررة بين الأهالي والجهات الأمنية، لكن الاجتماع لم يتم بسبب اعتداءات قوات الأمن على الأهالي. وكانت أجهزة السيسي الأمنية اقتحمت عددًا من المنازل، وتعدت على سكانها بالضرب، بعد شن حملة ضمت عشرات من سيارات الأمن المركزي والميكروباص وسيارات نقل الأفراد. كما استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفرقة الأهالي الذين تجمعوا للتضامن مع مُلاك المنازل؛ الأمر الذي دفع الأهالي إلى الرد على اعتداءات الشرطة باستخدام الحجارة في مواجهة قوات الأمن «دفاعًا عن أنفسهم». وكان أحد قيادات الشرطة حاول إقناع الأهالي بإتمام عمليات القياس بدعوى أن تلك العملية تحفظ للأهالي حقوقهم في التعويض بعد هدم المنازل، مشددًا في الوقت نفسه أن الهدم هو أمر حتمي في كل الأحوال. ونقل المصدر عن القيادة الشرطية قوله «إحنا جايين نصلح غلطة 16-7» في إشارة للاشتباكات بين الأهالي وقوات الأمن في يوليو 2017، والتي قُتل خلالها أحد السكان، فيما حُبس على ذمتها عدد من الأهالي، لا يزال 35 منهم يخضعون للمحاكمة. وكان المئات من أهالي الوراق تظاهروا، الجمعة، تضامنًا مع سكان الجزيرة الذين يواجهون أحكامًا بالحبس صدرت قبل سنتين على خلفية احتجاجات 2017.