سادت حالة من الغضب بين عمال السياحة وأصحاب البازارات في مدينة الأقصر القديمة بمصر، في أعقاب حملة أمنية كبيرة على متاجر المدينة الأسبوع الماضي، بحسب "ميدل إيست آي". ونقل الموقع عن شهود عيان قولهم إن "قوات أمن الانقلاب انقضت على البازارات ومحلات الصرافة في المدينة بحثا عن العملات الأجنبية، وما وصفوه بمكتنزي العملات الأجنبية، كما اقتحموا عشرات المتاجر وصادروا العملات الأجنبية واعتقلوا العمال بعد اتهامهم بالتورط في تجارة العملات الأجنبية غير المشروعة. كان هاميس بازار، الذي يقع في السوق السياحية الرئيسية في المدينة، أحد المتاجر التي تمت مداهمتها يوم 6 إبريل. واتهم صاحب البازار الشرطة بأخذ أموال بشكل غير قانوني من المتجر واعتقال محاسب المتجر. وقال سمير علي صاحب المتجر لميدل إيست آي «اقتحموا المتجر وأمروا المحاسب بفتح خزنته وأخذوا كل الأموال ، لا أعرف لماذا فعلوا هذا؟ وبعد أخذ الأموال، التي تضمنت الأوراق النقدية الأجنبية، ألقى ضباط الشرطة القبض على محاسب المتجر. كان محاسب المتجر واحدا من العديد من الأشخاص الذين تم القبض عليهم في ذلك اليوم بتهمة حيازة العملات الأجنبية أو التجارة بها بشكل غير قانوني. وقال علي إن "المحاسب سُجن في البداية لمدة أربعة أيام ثم لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق".
قلق العاملين بالسياحة وقال شهود عيان إن "مرشدا سياحيا كان على وشك دخول مكتب صرف أجنبي لصرف العملات الأجنبية بالجنيه المصري اعتقل أيضا واتهم بحيازة هذه العملات بشكل غير قانوني". بعد هذه الحوادث، يشعر أصحاب البازار مثل علي وآخرين في صناعة السياحة في الأقصر بالقلق من أن ينتهي بهم الأمر في السجن ، إذا تم القبض عليهم بحوزتهم عملة أجنبية. ولا يجرم القانون المصري حيازة العملات الأجنبية، لكن نفس القانون يحظر بيع أو شراء العملات الأجنبية خارج النظام المصرفي ومكاتب الصرف الأجنبي المرخصة في البلاد. هذا هو السبب في أن بعض زملاء المرشد السياحي الذي اعتقل يوم الأربعاء في طريقه إلى مكتب صرف العملات الأجنبية لتبادل بعض الدولارات يشعرون بالخوف. قال زميل للمرشد المعتقل، طلب عدم الكشف عن هويته، لميدل إيست آي «اعتقال زميلي جعلنا جميعا خائفين». وقال علي إنه "سيبدأ في مطالبة عملائه بالدفع له بالجنيه المصري بدلا من العملات الأجنبية". وأضاف علي «السائحون يدفعون عادة بعملة بلادهم، ومع ذلك، مع احتمال حدوث هذه المداهمات في أوقات أخرى في المستقبل، لن أقبل أي عملات أجنبية في متجري». ودافع بعض أعضاء برلمان الانقلاب عن المداهمات على متاجر الأقصر، قائلين إنها "انطلقت بعد أن تلقت الشرطة معلومات تفيد بأن بعض البازارات في المدينة متورطة في تجارة العملات الأجنبية غير المشروعة في خضم أزمة مالية ناجمة جزئيا عن الحرب في أوكرانيا". بصرف النظر عن حرمان مصر من جزء كبير من عائدات قطاع السياحة، فإن الحرب تدفع مصر أيضا إلى دفع المزيد مقابل جميع وارداتها تقريبا، بما في ذلك واردات القمح التي كانت تأتي في الغالب من روسياوأوكرانيا. كما تسببت التطورات الاقتصادية الدولية بسبب الحرب في هروب هائل لرأس المال الأجنبي من مصر، مما دفع المخططين الماليين للبلاد إلى السعي للحصول على الدعم من الدول العربية وصندوق النقد الدولي. كما تنخفض احتياطيات العملات الأجنبية بشكل كبير، مما ينشر الخوف من مستقبل اقتصادي أكثر قتامة في البلاد. ومع ذلك، فإن مخاوف مصر هي أن نفس الظروف الاقتصادية الصعبة ستفتح الباب أمام ظهور سوق موازية للعملات الأجنبية، خاصة مع المتداولين والمستوردين الذين يجدون صعوبة في الحصول على احتياجاتهم من العملات الأجنبية من بنوك البلاد. وقالت أماني الشعولي، عضو لجنة السياحة والطيران المدني في برلمان السيسي، لميدل إيست آي «لا يمكن للبازارات والمتاجر التي تبيع المنتجات للسياح وتخزين العملات الأجنبية خارج إطار القانون».
المركز السياحي الأقصر هي إلى حد بعيد بؤرة السياحة الأثرية في مصر. المدينة عبارة عن متحف في الهواء الطلق يضم عددا كبيرا من الآثار والأعاجيب الأثرية، بما في ذلك مجمع معبد الأقصر والكرنك. وتأتي مداهمات الشرطة للبازارات ومكاتب الصرف الأجنبي في المدينة في الوقت الذي تستمر فيه المدينة في استقبال المزيد من السياح الأجانب، مما يخالف الاتجاه العام في مصر حيث تضرر قطاع السياحة بشدة من الحرب المستمرة في أوكرانيا. تتراوح نسبة إشغال الفنادق في الأقصر بين 60 و 70 في المائة، ويعزو المتخصصون في السياحة معدل الإشغال المرتفع إلى حد كبير إلى استقلال الأقصر عن التدفقات السياحية من روسياوأوكرانيا. عادة ما يذهب السياح من البلدين إلى منتجعات البحر الأحمر في شرم الشيخ والغردقة، وهي مناطق تدرك تماما نقص الدخل السياحي منذ بداية الحرب. ومع ذلك، هناك مخاوف من أن تؤثر ممارسات الشرطة هذه على السياحة في المدينة. وتأتي المداهمات في الوقت الذي يشير فيه مصريون بأصابع الاتهام إلى شرطة بلادهم لتشويه سمعة قطاع السياحة في أعقاب معاملة الشرطة الفاضحة لمدون فيديو أمريكي شهير. وفي مقطع فيديو حديث شاهده مئات الآلاف من المتابعين، ادعى ويل سونبوشنر أن معدات التصوير الخاصة به، بما في ذلك كاميراته وشواحن الكاميرا وطائرة بدون طيار، تم الاستيلاء عليها في مطار القاهرة الدولي وتم إعادتها إليه فقط عند مغادرته. وأثار مقطع الفيديو الخاص به ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، ولكن أيضًا رد فعل من بعض الناس، بما في ذلك مدونو الطعام والسفر العرب الذين لديهم تجارب مختلفة في مصر. وقال أحد هؤلاء المدونين إنه "عادة ما يحصل على دعم من الشرطة أثناء التصوير في مصر". وتعمل حكومة الانقلاب بجد لتخفيف آثار الحرب في أوكرانيا على قطاع السياحة المحلي من خلال البحث عن أسواق بديلة للسياح. فالسياحة قطاع حيوي في الاقتصاد المصري، يساهم بنسبة 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في مصر ويوظف واحدا من كل 10 عمال.
«حرب» على السياحة وقد استدعى زملاء الشعولي بالفعل مسؤولي وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب لمناقشة قضية متاجر الأقصر. وتهدف المناقشة إلى وضع لوائح جديدة للمعاملات في المدينة بالعملات الأجنبية. ومع ذلك، وصفت جماعة حقوقية محلية الحملات الأخيرة على متاجر الأقصر بأنها «حرب» ضد قطاع ذي أهمية قصوى لعدد كبير من العمال المصريين وللاقتصاد المصري. وبعض النواب يكررون نفس الانتقادات، كما يحذرون من تأثير مداهمات الشرطة على المتاجر في المدينة السياحية على قطاع السياحة ككل والظروف المعيشية للعاملين في السياحة. ودعا النائب بهاء أبو الحمد، ممثل الأقصر في برلمان العسكر، إلى وجود لوائح واضحة للتعامل التجاري مع السياح في المدينة. وقال إن "عمال السياحة في الأقصر يكسبون عيشهم بشرف بينما تصبح الظروف الاقتصادية أكثر صعوبة يوما بعد يوم". وتسائل أبو الحمد «هل يجب على سائقي عربات الخيول، على سبيل المثال، إعادة الأجرة المدفوعة لهم من قبل السياح إذا لم تكن بالجنيه المصري ؟ وقال لميدل إيست آي "نحن بحاجة إلى لوائح لحماية عمال السياحة الذين لا يمكنهم فعل أي شيء سوى قبول أي أموال يمنحها لهم السياح".