أثناء ترشحه للرئاسة انتقد جوبايدن دعم الرئيس الأمريكي وقتها دونالد ترامب للمستبدين العرب، وقال تصريحه الشهير: "لن أمنح دكتاتور ترامب المفضل مزيدا من الشيكات على بياض". في إشارة إلى دكتاتور مصر عبدالفتاح السيسي. وفي أعقاب نجاح بايدن بالرئاسة لم تتغير السياسة الأمريكية تجاه نظام السيسي على النحو الذي كان مأمولا، وعلى مدار عام كامل غض بايدن الطرف عن انتهاكات نظام السيسي في ملف حقوق الإنسان، وقدم له مزيدا من الدعم والمساندة في تناقض صارخ بين تصريحاته قبل الرئاسة وسياساته الحالية التي تبرهن على النفاق الأمريكي وازدواجية المعايير الحاكمة للسياسات الأمريكية مهما اختلف شخص الرئيس والإدارة. وفي الوقت الذي لم تتوقف فيه آلة القمع المصرية، وزاد نظام السيسي من إصراره على التطرف في البطش والقمع الأمني، اكتفت إدارة بايدن بحجب 130 مليون دولار وهو مبلغ لا يساوي سوى 10% من قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية لنظام السيسي (1,3) مليار دولار. وترصد شبكة «بلومبرج» الأمريكية ثلاث مكافآت أمريكية مباشرة لنظام السيسي: * أولا، اعتبرت الشبكة الأمريكية غض طرف بايدن عن انتهاكات السيسي في مجال حقوق الإنسان مكافأة لنظام قمعي. وفي تعليقها على الأمر وفق رؤية تحليلية، تذهب "بلومبرج" إلى أن بايدن بهذه الطريقة إنما يربت على يدي السيسي بالدعم والمساندة، مذكرة صانع القرار الأمريكي بالسجل الرهيب لنظام السيسي في مجال حقوق الإنسان، وقائمة انتهاكاته الطويلة من القتل خارج القانون، واعتقال المعارضين السياسيين، والإخفاء القسري، وحجب الصحف، والتضييق على المجتمع المدني. * ثانيا، ثم جاءت موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة سلاح لنظام السيسي قيمتها نحو 2.5 مليار دولار لتمثل مكافأة أمريكية أخرى للسيسي، وهي الصفقة التي اشتملت على أجهزة رادار للدفاع الجوي وطائرات من طراز سي-130، لتزيد الشكوك حول وعود "بايدن" الانتخابية تجاه ملف حقوق الإنسان في مصر. * المكافأة الثالثة هي الزيارة التي قام بها مؤخرا قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال "فرانك ماكينزي"، للقاهرة، وبحث مع وزير الدفاع بحكومة الانقلاب "محمد زكي"، التعاون العسكري، مقللا من قرار خفض المعونة، بالقول إنه "لا يمثل سوى جزء يسير من المساعدات التي تخصصها الولاياتالمتحدة لمصر سنويا والبالغة 1.3 مليارات دولار". إضافة إلى هذا الدعم الأمريكي، فإن نظام السيسي حظى بدعم دولي من دول وجهات أخرى تحت غطاء ورعاية أمريكية. وتحصي "بلومبرج" ثلاث مكافآت دولية أخرى لنظام السيسي خلال العام المنصرم؛ كلها تمت بضوء أخضر أمريكي. * المكافأة الأولى، كانت منح السيسي، أول مشاركة له دوليا في قمة المناخ بمدينة جلاسكو الأسكتلندية، بدعوة من رئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون" الذي تولت بلاده رئاسة القمة رقم 26، نوفمبر 2021م. * وجاءت المكافأة الثانية باختيار مصر لاستضافة قمة الأممالمتحدة المقبلة للمناخ، والمقرر عقدها في نوفمبر2022، على الرغم من أزمة حقوق الإنسان العميقة في البلاد. ووفق نائب مدير قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، "جو ستورك"، فإن "منح مصر حق استضافة قمة المناخ 27 خيار سيئ جدا ويُكافئ الحكم القمعي للسيسي". * وكانت المكافاة الثالثة والأكثر فجاجة، ترشيح مصر بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي لرئاسة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، مارس المقبل(2022)، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية تكريما على الجرائم التي يرتكبها نظام "السيسي"، ومؤشرا خطيرا على قبول الاتحاد الأوروبي للانتهاكات المصرية المرتكبة بحق المعارضين. وتعلق المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، على تلك المكافآت، بالقول في بيان صادر عنها: "إلى جانب التعامي الدولي عن انتهاكاته المنهجية بحق المعارضين، يحصل هذا النظام على كمٍّ هائل من المساعدات العسكرية، ويحظى بالاستقبال الدبلوماسي التقليدي في مختلف المحافل الدولية، بل يُدعى لترأس منتديات دولية ذات صلة وثيقة بما يمارسه من جرائم". وتبرر نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط "دانا سترول"، الموقف الأمريكي تجاه "السيسي"، بأن مصر تؤدي دورا بناء في ما يتعلّق بأمن الحدود وليبيا وسد النهضة والنزاع في غزة، مشيرة كذلك إلى الطلعات الجوية للجيش الأميركي وحركة عبور قناة السويس، وذلك خلال إفادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، أغسطس الماضي(2021). ووفق الدبلوماسية الأمريكية السابقة "ميشيل دن"، فإن دور مصر في التوسط باتفاقيات السلام في الشرق الأوسط وتعاونها في مكافحة الإرهاب ومعاملتها التفضيلية للسفن والطائرات الأمريكية التي تعبر قناة السويس والمجال الجوي المصري دائما ما تفوقت على الطبيعة الديكتاتورية للحكومة المصرية. يمكن القول بشكل جازم وفقا للشبكة الأمريكية إن إدارة "بايدن" كافأت نظام "السيسي" بسخاء بالرغم من أنه أحد أكثر الأنظمة استبدادا في العالم، وفق تقاير حقوقية، لكن لغة المصالح تؤكد أن الشيكات على بياض ستتواصل مستقبلا، طالما ظل الحليف المصري محافظا على المصالح الأمريكية، بصرف النظر عن سجله السيء في ملف حقوق الإنسان.