يحاول عبدالفتاح السيسي أن يضرب عصفورين بحجر على نسق "الفهلوة" في بيع ليمان طره، أولها أن يتخلص من جسم الجريمة الذي قتل فيه العشرات بين التصفية والتعذيب والإهمال الطبي والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري داخل جدران سجونه على غرار ما فعله السادات في بداية حكمه. ويبدو أن العصفور الثاني برأيهم هو الاستفادة من أراضي سجون تاريخية مثل ليمان طره الذي يقع على النيل وقريب من منطقة المعادي الراقية وغيره بمبالغ خيالية لشركات استثمارية لبناء مساكن فاخرة. وفي أكتوبرالماضي أعلن الذراع الإعلامي أحمد موسى، عن نية حكومة الانقلاب بيع أرض سجن طره على النيل و12 سجنا آخر للاستفادة من أراضيهم. وقال مراقبون إن "بناء مجمع سجون في الصحراء (وادي النطرون) سيقابله بيع أرض سجن طرة على النيل بالمليارات، وتحقيق بزنس جديد للجيش وللسيسي. وقال أحمد موسى وقتئذ -أكتوبر 2021، أن بين 12 سجنا سيتم هدمها "طره وسجن الاستئناف والمنصورةوبنها" مدعيا أنها "هتجيب مليارات". وتبلغ مساحة ليمان طره 1.7 مليون م2 ويحيطه 47 برج مراقبة، وهو ما سجلته صور الأقمار الصناعية التي كشفت تفاصيل أكبر لسجون مصر. إعلان الأذرع وأعلن أكثر من ذراع إعلامي للانقلاب اتجاه الانقلاب قبل ساعات وأن سجن طره سيباع بشكل كامل، وقال نشأت الديهي إنه "سيتم غلق 6 سجون مصرية بينها سجن طره، وافتتاح مركز تأهيل جديد في مدينة بدر"، وأن الخميس 30 ديسمبر هو موعد مركز تأهيل جديد ببدر. وقال أحمد موسى، إن "سجن طره سيتم غلقه بالكامل، وسوف يتم استثمار موقعه لأنه يطل على النيل وتبلغ قيمته بالمليارات، موضحا أن الداخلية لديها منظومة لإنشاء مراكز تأهيل وإصلاح على مستوى الجمهورية، ونغير مفهوم حقوق الإنسان في إطار إستراتيجية حقوق الإنسان". وأضاف خلال تقديم برنامجه على "صدى البلد"، أن هناك تجربة جديدة لوزارة الداخلية وهي افتتاح مركز الإصلاح والتأهيل في مدينة بدر، وهناك دعوات لوسائل إعلام أجنبية ودبلوماسيين للمشاركة في افتتاح مركز التأهيل. وتابع موسى، أن 12 ألف شخص خرجوا هذا العام من السجون بعدما قضوا مدتهم أو خرجوا بالإفراج الشرطي بعد انقضاء نصف المدة. وادعى أن "اللي بتعمله لصالح النزيل والسجناء طبعا، وكل منطقة بتعمل بيها حاجة بتوفر على الناس، وبرفع أعباء كثيرة عن مناطق مختلفة، هو ده التأهيل اللي بيتم النهارده، أنت بتعمل كل حاجة النهارده".
رائحة الإمارات وبعد إعلان "موسى" عن أن البيع فرصة لإدرار المليارات اتجهت الأنظار للإمارات، سواء في عملية شراء السجون التاريخية أو بناء السجون الجديدة، ورجح الناشطون أن تكون عملية بيع أرض السجن التي تقع على النيل هو لشركة إماراتية لبناء مشروع سياحي سكني. وتخطط حكومة الانقلاب لإخلاء المساحة الضخمة التي يحتلها سجن طره، على ضفاف النيل وسط القاهرة؛ للاستفادة منها في بناء مشاريع استثمارية، وطرح تلك الأراضي للبيع بمبالغ خيالية. وسيضاف المجمع الجديد إلى 35 سجنا جديدا أُنشئت بعد ثورة 25 يناير 2011، ما يرفع إجمالي عدد السجون في البلاد إلى 78 سجنا. وتقدر منظمات حقوقية، عدد السجناء والموقوفين احتياطيا والمحتجزين في مصر حتى بداية مارس/آذار 2021 بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 54 ألف سجين جنائي، و65 ألفا آخرون، أغلبهم سجناء سياسيون.
ترحيل وانتهاكات وأفادت مصادر حقوقية مصرية ببدء عملية ترحيل عدد من المعتقلين إلى سجن العقرب شديد الحراسة، حيث رحلت إدارة السجون عددا من معتقلي سجن القاهرة تحقيق، المعروف ب"طره تحقيق" وليمان طره إلى سجن "العقرب 2"، كما شمل القرار المحبوسين احتياطيا في السجن ذاته. كما رحلت 15 من معتقلي سجن طره تحقيق إلى سجن العقرب 2 ، ورحلت إدارة سجن ليمان طره 60 معتقلا إلى سجن المنيا وأبو زعبل. وحددت وزارة داخلية الانقلاب 12 سجنا سيتم إفراغها ، منها "استئناف ليمان طره طره تحقيق بنهادمنهورطنطا العمومي المنصورةالزقازيق". وطلب المعتقلون من أسرهم أن "يُحضروا لهم أمانات ويُدخلوا لهم ملابس وهو أمر ضروري جدا، لأنهم لا يملكون ملابس غير سترة السجن التي يرتدونها فقط". وحتى وقت قريب، استمر مسلسل انتهاكات رئيس المباحث عمرو هشام في سجن طره تحقيق بحق المعتقلين، وشملت الانتهاكات انتهاك حقوقهم الإنسانية والقانونية بالضرب والمنع من الزيارة ومنع الأدوية وسرقة الزيارة أثناء التفتيش . ومعتقل "العقرب" هو الاسم الذي يطلق على سجن شديد الحراسة يقع ضمن مجمع سجون طره ويقبع فيه معظم أعضاء وقيادات جماعة "الإخوان المسلمون"، وغيرهم من معارضي نظام الانقلاب العسكري. وكشفت "الشبكة العربية لحقوق الإنسان"، في وقت سابق، عن قيام إدارة سجن ليمان طره بترحيل 60 معتقلا إلى سجن المنيا وأبو زعبل، مشيرا إلى أن هناك 300 معتقل في انتظار الترحيل إلى السجون الأخرى.
خلفية البيع وكان رئيس تحرير جريدة "الشروق"، عماد الدين حسين، والذي عين عضوا بمجلس شيوخ العسكر، كتب مقالا لدى زيارته مجمع السجون الجديد مع رؤساء التحرير آخرين للدعاية له، وأكد نية سلطة الانقلاب بيع السجون القديمة لارتفاع أسعار أراضيها في مقاله 29 أكتوبر 2021. وزعم أن "أراضي السجون القديمة سيتم الاستفادة منها اقتصاديا، لتمويل إنشاء السجون أو المراكز الجديدة، وبالتالي لن تتحمل الموازنة أي أعباء". وأشار إلى أن "غالبية أراضي السجون القديمة يمكن تسويقها في أكثر من نشاط خصوصا العقارات بصورة كبيرة لأنها تقع في مناطق حيوية وسط المدن، مثل سجون طرة والإسكندرية وطنطاوالمنصورة وشبين الكوم ودمنهوروالمنيا". ومبكرا دعا الشاعر فاروق جويدة في مقال في ديسمبر 2013، إلى أن بيع السجون التاريخية وقال "قيمة أراضي هذه السجون تقدر بالمليارات حيث تقع في المناطق السكنية وستتحول إلى مبان وعقارات، وربما تكون سببا في أزمات أخرى في التكدس والزحام والمرور والمرافق". وأضاف "الحكومة تسعى لتوفير بعض الموارد المالية من بيع السجون القديمة، وسجن واحد، هو طره على مساحة 50 فدانا، على نيل المعادي، يمكن أن يباع بمئات الملايين".