اختتمت القمة الخليجية ال 42 أعمالها في الرياض، مساء الثلاثاء، في قصر الدرعية، برئاسة المملكة العربية السعودية، وبحضور قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست أو من يمثلهم. وشدد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، في البيان الختامي للقمة الخليجية على أن القمة أكدت على أن أمن دول مجلس التعاون الخليجي كل لا يتجزأ. وأضاف أن القمة أكدت أن استمرار سلوك الحوثي العدائي يمثل تهديداً للاستقرار الدولي. وقال خبراء إن "الاجتماع الثاني والأربعين لقمة مجلس التعاون الخليجي المكونة من ستة أعضاء، من المتوقع أن يعزز التقارب بين قطر والدول المقاطعة سابقا، مما يعمق العلاقات بعد اتفاق العلا التاريخي في يناير". وبحسب تقرير نشرته قناة الجزيرة، فإن القمة التي عقدت الثلاثاء في العاصمة السعودية الرياض، هي الأولى منذ أن اتفقت المملكة العربية السعودية والبحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة على إنهاء نزاعهما مع قطر حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك سياستها الخارجية، والتي تسببت في قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة في يونيو 2017. ووقعت دول الحصار الأربع إعلان العلا خلال القمة الحادية والأربعين لدول مجلس التعاون الخليجي في يناير، وفتحت فصلا جديدا يستند إلى مزيد من التعاون داخل المجلس. وقالت دينا إسفندياري، كبيرة المستشارين في مجموعة الأزمات الدولية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لقناة الجزيرة إن "حقبة جديدة من البراجماتية تنحدر على دول مجلس التعاون الخليجي، ولاتزال هناك مقاربات متباينة حول كيفية التعامل مع إيران بين دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن بعض هذه المواقف قد تغيرت وتطورت". وتتزامن القمة مع محادثات بين إيران والقوى العالمية تهدف إلى إنقاذ الاتفاق النووي التاريخي الموقع في عام 2015، وقد رفع الاتفاق، المعروف رسميا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، العقوبات المفروضة على طهران وفرض قيود على برنامجها النووي. وقد حافظت سلطنة عمان والكويت وقطر على علاقاتها مع طهران، التي ظلت علاقاتها مع المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة متوترة، ولكن الجهود الأخيرة الرامية إلى تخفيف حدة التصعيد، قد سوت بعض الخلافات مع إيران. وقالت إيمان الحسين، الزميلة غير المقيمة في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، للجزيرة إن "الخلافات بين دول الخليج من المرجح أن تستمر، لكن دول مجلس التعاون الخليجي سوف تستفيد من بيئة أمنية أفضل، والتي يبدو أنها أحد الأهداف وراء الأنشطة الإقليمية الأخيرة، ومن المرجح أن تكون محورية في المناقشات أيضا في قمة الرياض المقبلة".
استقرار المنطقة تسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى إيجاد سبيل للعودة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة"، التي تخلى عنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018، من أجل الحد من خطر اندلاع صراع كبير قد يشعل شرارة البلدان في المنطقة. وقد شهدت الجولة السابعة من المحادثات في فيينا اعتماد فريق التفاوض الإيراني الجديد موقفا متشددا من المساومة، مصرا على أن ترفع الولاياتالمتحدة جميع العقوبات التي فرضها ترامب، بما في ذلك تلك التي تناولت قضايا مثل الإرهاب، ولم تكن جزءا من الاتفاق الأصلي. ومن المتوقع أن يناقش أعضاء مجلس التعاون الخليجي سبل خفض التوتر مع إيران، فضلا عن الحرب في اليمن، وروابط طهران مع المتمردين الحوثيين، ودور الميليشيات المرتبطة بإيران في العراقوسوريا ولبنان. وقد ألمحت الإمارات هذا العام إلى تحول في نهجها تجاه إيران، والابتعاد عن المواجهة والتحرك نحو الدبلوماسية، وقال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في نقاش أبو ظبي الإستراتيجي في الشهر الماضي "مصلحتنا هي محاولة تجنب الصراع بأي ثمن". وبالمثل، انخرطت السعودية في محادثات مباشرة مع منافسها الإقليمي للمرة الأولى هذا العام، حيث اجتمع مسؤولون من البلدان أربع مرات في العاصمة العراقيةبغداد، ومرة أخرى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ووفقا لإسفندياري فإن "تزايد رغبة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في إشراك الإيرانيين، من شأنه أن يقربهم من البلدان الأخرى في مجلس التعاون الخليجي". وأضاف محلل مجموعة الأزمات الدولية، أنهم يدركون أن الاحتواء في حد ذاته لا يفيد، بل يعمل فقط مع الحوار. وساهمت الرغبة في إنشاء كتلة خليجية أقوى وأكثر تماسكا في مواجهة إيران في تخفيف التصعيد الإقليمي، وقام ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بجولة خاطفة لدول مجلس التعاون الخليجي توجت في 8 ديسمبر بأول زيارة رسمية إلى قطر منذ تعيينه وليا للعهد عام 2017. وسعت الإمارات أيضا إلى التقارب مع قطر وتركيا، بل سعت إلى بناء علاقات مع حكومة الأسد الحليفة لإيران في سوريا. فقطر، التي جرى مقاطعتها فجأة لمدة ثلاث سنوات كاملة، تهدف إلى أن تجعل نفسها محاورا بين الولاياتالمتحدةوإيران وبين الولاياتالمتحدة وحركة طالبان الأفغانية.
العلاقات الاقتصادية وفي مؤشر آخر على إعادة ضبط العلاقات الجيوسياسية، تم تأسيس مجلس التنسيق السعودي-القطري هذا العام لتعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون في تحقيق الأهداف الإنمائية للبلدين. وقالت إيمان الحسين من معهد دول الخليج العربية إن "قمة مجلس التعاون الخليجي الثانية والأربعين تأتي في وقت من التقارب، حيث يبدو أن هناك تفاهما مشتركا من شأنه أن يردع المواجهات المشابهة في نطاقها لأزمة الخليج الأخيرة". ومن المرجح أن تغتنم كتلة مجلس التعاون الخليجي الفرصة لمناقشة مشاريع طال أمدها بما في ذلك تنفيذ الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة في الخليج، والمواطنة الاقتصادية وبناء شبكة سكك حديدية خليجية. غير أن الخلافات لا تزال قائمة بشأن تنفيذها، وقالت إسفندياري "لقد قالت دول مثل عمان إنها لن تنضم إلى اتحاد اقتصادي، وظل موقفها كما هو منذ سنوات عديدة ولا أعتقد أن الوقت قد حان للتعامل مع مثل هذه الأمور". كما يتوقع أن يشدد أعضاء مجلس التعاون الخليجي على أهمية العمل المشترك لتعزيز فرص الاستثمار، على الرغم من التنافس على رأس المال الأجنبي وحصص إنتاج النفط. وكافحت المملكة السعودية المحافظة لجذب الاستثمارات الأجنبية المطلوبة لتحقيق رؤيتها 2030. فالشركات الأجنبية كثيرا ما تتودد إلى المملكة العربية السعودية لصالح الإمارات العربية المتحدة، التي ضاعفت من اعتمادها على سياسات التحرير لجذب الاستثمارات. وكانت السعودية قد أعلنت في فبراير الماضي أنها ستوقف منح عقود حكومية لشركات ومؤسسات تجارية تتمركز في مراكزها في الشرق الأوسط في أي بلد آخر في المنطقة وقال ناصر الشيخ، الرئيس المالي السابق لدبي، إن "هذه الخطوة تتناقض مع مبادئ السوق الخليجية الموحدة". كما كانت هناك خلافات بين السعودية والإمارات في يوليو حول حصة إنتاج النفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وقالت الإمارات العربية المتحدة إن "خط الأساس لحصة إنتاجها من النفط الخام منخفض للغاية، وهو ما رفضته السعودية".
مكافحة تغير المناخ وتأمين الغذاء والماء فتغير المناخ وإدارة الموارد مسألتان أمنيتان فمن المتوقع أن تجد دول مجلس التعاون الخليجي أرضية مشتركة أكثر في هذا الشأن. ومن المرجح أن تناقش دول مجلس التعاون الخليجي اتفاقيات جديدة لتعزيز التعاون في مجال السياسات المناخية الدولية والطاقة المتجددة، وتنفيذ اقتصاد دائري للكربون، فضلا عن أمن إمدادات المياه والأغذية. ومن المتوقع أن تتناول الجهود المبذولة لتفريغ ما يقدر ب 1.1 مليون برميل من النفط الخام على متن سفينة (إف إس أو صافر)، وهي إحدى أكبر الناقلات في العالم، والتي بدأت تتدهور منذ أن تم التخلي عنها في عام 2017 شمال مدينة الحديدة اليمنية.