حسب الله: تحفظ الرئيس على نصوص قانون الإجراءات الجنائية دليل على تفعيل الصلاحيات الدستورية وتعاون السلطات    وزير الاتصالات: استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى فى منظومة الصحة التى تعد من أهم المنظومات التى تسعى الدولة إلى تنميتها    النقد الدولي: زيارة بعثة الصندوق لمصر لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة أول ديسمبر    الاتحاد من أجل المتوسط وميديك يدعوان إلى إجراءات فورية بشأن المناخ والبيئة    وزير الخارجية السوري: زيارة الشرع لواشنطن محاولة لإعادة العلاقات مع العالم    «فاو»: 87% من الأراضي الزراعية في غزة تضررت بالكامل بسبب الحرب    «حققت مليارات الدولارات».. وول ستريت جورنال: حرب غزة صفقة ضخمة للشركات الأمريكية    سفير المغرب بالقاهرة يكشف آخر الاستعدادات لاستضافة بطولة كأس أمم إفريقيا    موجة خريفية غير مستقرة تضرب مصر.. تعرف على المحافظات الأكثر تأثرًا بالطقس السيئ    بلاغ جديد ضد مدرسة شهيرة بالتجمع الخامس باحتجاز وحبس أطفال    ترتيبات انطلاق مهرجان الفسطاط الشتوي 2025    الشيخ الجندي يكشف فضل انتظار الصلاة والتحضير لها(فيديو)    خالد الجندي: العلاقة في الإسلام تنافسية لا تفضيلية ولا إيثار في العبادات(فيديو)    عبد الغفار: نمتلك 5400 وحدة صحية تعكس صمود الدولة وقدرتها على توسيع التغطية الصحية الشاملة    وزير الصحة يشهد جلسة بعنوان «تمكين الأفراد: أجندة التنمية البشرية»    تعليم القاهرة تعلن عن مقترح جداول امتحانات شهر نوفمبر    بتهمة قتل مسنة.. السجن المشدد لعامل بقنا    دوري المحترفين.. أسوان يفوز على الإنتاج الحربي.. والقناة يتعادل مع بلدية المحلة    محمد صبحي يشكر الرئيس السيسي: «قدمت لوطني الانتماء فمنحني الاحتواء»    «بعد نفاد تذاكر المتحف الكبير».. تعرف على قائمة أسعار تذاكر 5 أماكن بالأهرامات    خالد مرتجي يتحرك قانونيًا ضد أسامة خليل بعد مقال زيزو وأخلاق البوتوكس    السيسي نايم فى العسل..قاعدة أمريكية قرب حدود عزة لمراقبة القطاع وحماية أمن الصهاينة    وزير الطيران يعقد لقاءات ثنائية لتعزيز التعاون الدولي على هامش مؤتمر ICAN 2025 بالدومينيكان    المتهم في جريمة تلميذ الإسماعيلية استخدم الذكاء الاصطناعي للتخطيط وإخفاء الأدلة    «الصحة» تنظم جلسة «تعزيز الأمن الصحي العالمي» النقاشية ضمن فعاليات «السكان والصحة»    المؤتمر: المشاركة الواسعة في المرحلة الأولى تؤكد وعي المصريين وإيمانهم بالديمقراطية    «الجمعة ويوم عرفة».. خالد الجندي: «العباد المجتهدين» يباهي الله تعالى بهم ملائكته (تفاصيل)    مصطفى حسني: تجربتي في لجنة تحكيم دولة التلاوة لا تُنسى.. ودوّر على النبي في حياتك    رئيس جامعة بنها يتفقد أعمال صب الدور الأرضى بمبنى المدرجات الجديد    مدير التعليم الفني بالمنوفية يتابع سير العملية التعليمية بعدد من المدارس    رئيس مجلس الشيوخ: قانون الاجراءات الجناىية خطوة تشريعية تاريخية    المجلس الوطني الفلسطيني: قوات الجيش الإسرائيلي لا تزال موجودة على 54% من مساحة قطاع غزة    الزمالك يكشف حقيقة صدور حكم في قضية زيزو ويؤكد صحة موقفه    «مش بتحب الخنقة والكبت».. 3 أبراج الأكثر احتمالًا للانفصال المبكر    وزير الأوقاف: بنك المعرفة المصري أداة لتمكين الأئمة ودعم البحث العلمي الدعوي    بروتوكول بين الهيئة المصرية البترول ومصر الخير عضو التحالف الوطني لدعم القرى بمطروح    بسبب فشل الأجهزة التنفيذية فى كسح تجمعات المياه…الأمطار تغرق شوارع بورسعيد وتعطل مصالح المواطنين    سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة سيارة حادث الراحل إسماعيل الليثي    سر رفض إدارة الكرة بالزمالك لتشكيل اللجنة الفنية    محمد عبد العزيز: ربما مستحقش تكريمي في مهرجان القاهرة السينمائي بالهرم الذهبي    الدقيقة الأخيرة قبل الانتحار    مناطق الإيجار السكنى المتميزة والمتوسطة والاقتصادية فى حى العجوزة    نيويورك تايمز: أوكرانيا تواجه خيارا صعبا فى بوكروفسك    فاز بانتخابات العراق.. السوداني من مرشح توافقي إلى قطب سياسي    التنسيق بين الكهرباء والبيئة لتعظيم استغلال الموارد الطبيعية وتقليل الانبعاثات الكربونية    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    نيابة الحامول تأمر بانتداب الطب الشرعي لتشريح جثمان عروسة كفرالشيخ    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    إجراء 1161 عملية جراحية متنوعة خلال شهر أكتوبر بالمنيا    باريس سان جيرمان يحدد 130 مليون يورو لرحيل فيتينيا    البورصة المصرية تعلن بدء التداول على أسهم شركة توسع للتخصيم في سوق    متحدث الأوقاف: مبادرة «صحح مفاهيمك» دعوة لإحياء المودة والرحمة    سعاد بيومي أمينًا عامًا لجامعة المنوفية    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    والدة مى عز الدين الراحلة حاضرة فى فرحها بال Ai.. عشان الفرحة تكمل    إعلام فلسطيني: غارات وقصف مدفعي إسرائيلي على غزة وخان يونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر التي لا تخيف عدوًا ولا تسر حبيبًا

قبل الذهاب إلى مجلس الأمن بقضية سد النهضة، احتفل عبد الفتاح السيسي بمئوية الحزب الشيوعي الصيني، في كلمة متلفزة طويلة، أطول من كلماته في ذكرى الثلاثين من يونيو، والتي يعتبرها ثورة عظيمة مكّنته من حكم مصر، فيما يعدّها الثوار الحقيقيون خديعة انقلابية معسكرة تكيل العداء لثورة مصر الحقيقية في الخامس والعشرين من يناير 2011.
كان السيسي، وهو يحتفل ويهنئ بالعيد المائة لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، مندمجًا في الدور على نحوٍ تشعر معه وكأنه قضى سنوات طفولته وصباه وسط براعم التجربة الشيوعية الصينية، حتى تخيلت أنه سيقول للصينيين من قيادات الحزب وأعضائه إنه شيوعي أكثر منهم.
يقول السيسي لسكرتير عام الحزب الشيوعي الصيني، رئيس جمهورية الصين الشعبية، شي جين بينج: "إنه لمن دواعي فخري واعتزازي أن أتوجه لكم، ومن خلالكم، إلى الشعب الصيني الصديق بكل التهاني بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني ذلك الصرح السياسي العظيم الذي قاد الصين بنجاح".
لم تقرر السلطات المصرية إضاءة برج القاهرة بألوان العلم الصيني، ولم يحتفل اليسار المصري بمولد سيدي ماوتسي تونج، كما كان الوضع مع "الأحمر الروسي" قبل ست سنوات، عندما كان السيسي يلعب الدور ذاته مع الروس، في زيارته الأولى إلى موسكو، بصفة رئيس مصر.
في ذلك الوقت، ارتدى السيسي المعطف ذا النجمة الحمراء، متباهيًا به أمام شعبه، مروّجا أوهام أنه، وقيصر روسيا، حليفان وصديقان، لا يفترقان أبدا. وكما سجلت وقتها، اصطبغت مصر باللون الأحمر، ليكون أكتوبرالمصري، صورة أكثر لمعانا من أكتوبر الأحمر، كما تحدّث عنه أرشيف الثورة البلشفية الشيوعية، بقيادة لينين وستالين وتروتسكي في العام 1917، حيث تغلب بلاشفة روسيا على المناشفة فيها.
وقتها بدت كل الصحف المصرية وكأنها "برافدا" الصحيفة السوفييتية الأشهر، التي تولّى جوزيف ستالين رئاسة تحريرها في وقت ما قبل أن يقفز إلى قمة السلطة، وكل نجوم إعلام القفا اكتشفوا فجأة أنهم أحفاد ماركس ولينين وأبناؤهما، يتحدّثون عن قيصر روسيا الحالي، وكأنه المسيح المخلص ورسول العناية الإلهية لإنقاذ مصر وسورية والعراق واليمن، ودحر امبراطورية الشر الأمريكية، التي كانوا حتى وقت قريب يتعبّدون في محرابها.
في الحالتين، الروسية والصينية، كان الجنرال على وشك الهتاف "شيوعي أنا"، ثم حين جاء دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية، ودعا السيسي لزيارته، تغيّر الحال، وبدا الجنرال متماهيًا مع واشنطن ورئيسها إلى الحد الذي لم يجد معه غضاضة في التصرّف وكأنه أحد موظفي الإدارة الأمريكية الأوفياء، معلنًا أنه سيكون مع ترامب وتحت أمره وقتما يشاء.
ثم بعد حالة عداء استباقية غير مفهومة مع فوز بايدن على ترامب في الانتخابات، ومع أول نظرةٍ من ساكن البيت الأبيض الجديد، قرّر السيسي أن يقدّم فروض الولاء للسيد بايدن، ثم يضع ملف سد النهضة تحت تصرّفه، يقضي فيه كيفما يرى، بحسب المقالة الشهيرة لسفير السيسي في أمريكا، المنشورة في صحيفة واشنطن بوست.
ما بين الارتماء في أحضان الشرق الشيوعي، روسيا والصين، ثم الارتداد إلى الحضن الأمريكي، بعثر السيسي ولاءاته في أوروبا، أيضًا، مقدّمًا نفسه باعتباره قائد حرس سواحل جنوب المتوسط، الذي يتفانى في حماية الأوروبيين من المهاجرين، الأوغاد، الذين يلوثون نقاء أوروبا بأفكارهم الإرهابية.
في المحصلة، ذهب السيسي إلى مجلس الأمن حاملًا ملف سد النهضة، وحاملًا أيضًا حزمة من التناقضات في إدارة علاقاته الدولية، جعلته يبدّل ولاءاته وانحيازاته على نحو يبتعد عن البراجماتية السياسية، ويسقط في قاع الانتهازية والكيدية الدبلوماسية التي تدفعه إلى تبديل هذه الولاءات بخفّة، جعلته يعود من مجلس الأمن بخفي حنين، أو بالأحرى حافيًا.
وبدلًا من مراجعة الذات والنظر في المرآة، يأتي الحل الأسهل، كالعادة، في تفسير ما جرى بأن العالم كله يتآمر على السيسي، والبشرية كلها تحسد مصر على حاكمها العبقري وتحقد عليه.
هذه الحالة من الإنكار، أو الانفصام التام، تحيط نفسها بغشاء من الابتزاز يجعلها ترى في كل انتقاد للإدارة المصرية لملف سد النهضة، قبل مجلس الأمن وبعده، شماتة في الوطن وخيانة لها، وتآمرًا عليه .. تفعل ذلك تهرّبًا من مواجهة واقع مأساوي يقول إن المؤامرة الحقيقية في الداخل، وليست في الخارج، وهو الأمر الذي يجعل العالم لا يأخذ هذا النظام على محمل الجد، ولا يعتد بما يصدر عنه باستمرار من هلوسة استخدام القوة.
الحقيقة المفزعة التي يتعامى عنها جميع المسبحين بحمد الجنرال أن ما بين السيسي وأبي أحمد من خلاف لا يرقى إلى مستوى الخصومة بين السيسي وابن علاء عبد الفتاح، أو ابن أسامة محمد مرسي، أو عائلات الصحافي المعتقل هشام فؤاد، وزميله حسام مؤنس، أو بينه وبين أنس البلتاجي، أو أطفال مصطفى النجار، أو أطفال وعائلات غيرهم من آلاف المعتقلين والمسجونين والمخفيين قسرًا، ممن يكافح السيسي من أجل حرمانهم من آبائهم وحرمان آبائهم منهم.
سيحسب الآخرون لمصر حسابًا عندما تكون خصومة السلطة فيها مع شعبها أقل من خصومتها من أعدائها الخارجيين، وعندما يدرك المسئول فيها، وزيرًا كان أم ضابطًا، أنه ليس الوطن، وليس مالكه الوحيد، وحين يعرف قطيع المصفقين للفشل الملتحف بالاستبداد والطغيان أنهم ليسوا معيار الوطنية، وأنهم ليسوا مصر، بل هم، مع الأسف، ليسوا سوى ملامح القبح التي تسللت إلى وجه مصر.
سيحترم الخارج مصر حين يصدّق أن وزيرة الهجرة فيها لا تقوم بأدوار المخبرين والعسس على طلابها وأكاديمييها الدارسين في الخارج، والذين يقدّمون صورة محترمة لوطنهم في بلادٍ تخلصت من همجية الخلط بين المعارضة والخيانة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.