لعلها المرة الأولى التي تحل فيها ذكرى النكبة مع فصف الفلسطينيين لليهود، وإيقاع قتلى وجرحى وتدمير في البيوت والمطارات والحقول والشوارع، فضلا عن الألم النفسي غير المحدود الذي تسببه المقاومة للمغتصبين، بعد 73 عاما من الضرب من ناحية واحدة نحو فلسطين وأهلها. في 15 مايو 2021 وفيما كانت غزة تقصف الاحتلال ردا على جرائم الاحتلال ضد غزةوالقدس والضفة.. حلت الذكرى 73 للنكبة الفلسطينية، في وقت تشهد فيه فلسطين انتفاضة تفجرت داخل الأراضي المحتلة، بالتزامن مع انتفاضة مماثلة على حدود فلسطين مع كل من الأردنولبنان. وقبل حلول الذكرى، تفجّرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية احتجاجا على انتهاكات الاحتلال الصهيوني في مدينة القدس خاصة في منطقة "باب العامود" والمسجد الأقصى وحي "الشيخ جراح"، ووقعت مواجهات عنيفة أدت إلى استشهاد العشرات من الفلسطينيين. لكن نجح الفلسطينيون فى إفشال ما كان سيعد نكبة ثانية واجهضوا مساع صهيونية لإخلاء 12 منزلا في حي الشيخ جراح من سكانها وتسليمها لمستوطنين صهاينة، ما أدى إلى إطلاق شرارة انتفاضة جديدة انتشرت في أنحاء فلسطين، كما تمكن المقدسيون من فرض إرادتهم على الاحتلال الصهيوني، حيث أجبروه على إلغاء ترتيبات أمنية فرضها في باب العمود، وإجبار قضائه على تأجيل النظر في تهجير سكان الشيخ جراح. هذا الانتصار الفلسطينى جاء في وقت كشف فيه الحكام العرب عن خيانتهم للقضية الفلسطينية وتطبيعهم مع الصهاينة. تهجير وتدمير يشار إلى أن نكبة فلسطين كان من نتائجها تهجير نحو 950 ألف فلسطيني من مدنهم وبلداتهم الأصلية، من أصل مليون و400 ألف فلسطيني كانوا يعيشون في 1300 قرية ومدينة. وبحسب مركز المعلومات الفلسطيني، سيطرت العصابات الصهيونية خلال النكبة على 774 قرية ومدينة فلسطينية، تم تدمير 531 منها بالكامل وطمس معالمها الحضارية والتاريخية. كما شهد عام النكبة أكثر من 70 مجزرة نفذتها العصابات الصهيونية كمجازر دير ياسين والطنطورة، وأكثر من 15 ألف شهيد وعدد من المعارك بين المقاومين الفلسطينيين والجيوش العربية والاحتلال الصهيوني. وأكد مركز المعلومات الفلسطيني أن 531 بلدة وقرية جرى تدميرها ومحوها، عقب النكبة وإنشاء مستوطنات صهيونية على أراضيها، كما احتلت المدن الكبيرة وتعرضت لقصف صهيوني أسفر عن تدمير أجزاء كبيرة منها . وبحسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بلغ عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين 58 مخيما رسميا تابعا للوكالة تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيما في لبنان، و19 مخيما في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة. وسيطر الاحتلال على 78% من مساحة فلسطين التاريخية (27000 كيلو متر مربع)، بدعم من الاستعمار البريطاني تنفيذا لوعد بلفور المزعوم عام 1917 ثم جاءت النكسة وتوسع الاستيطان والتهجير، وسيطر الاحتلال على أكثر من 85% من مساحة فلسطين. وبلغ عدد الفلسطينيين في نهاية عام 2019 حوالي 13 مليونا، منهم نحو 5 مليون يعيشون في الضفة وقطاع غزة، (43% منهم لاجئين حسب التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2017)، وحوالي مليون و597 ألف يعيشون في الأراضي المحتلة عام 1948، فيما بلغ عدد الفلسطينيين في الدول العربية حوالي 6 مليون، وفي الدول الأجنبية حوالي 727 ألفا. قضية العرب حول ذكرى النكبة قال المحلل السياسي فرحات حسام الدين إن الذكرى حلت هذا العام والقضية الفلسطينية تواجه أسوأ مراحلها، فلم تعد قضية العرب الأولى التي خاض من أجلها العرب أربعة حروب كبرى ضد الكيان الصهيوني، مشيرا إلى أن أولوياتها تراجعت في الاجتماعات والمؤتمرات والمنتديات وحتى في القمم العربية ولم تعد تتصدر جدول الأعمال إلا ذرا للرماد في العيون باعتبارها قضية العرب الأولي؛ نظرا لوجود نكبات عربية أخرى خلقت واقعا جديدا في سوريا والعراق واليمن وليبيا . وأشار فرحات فى تصريحات صحفية الى أن إحياء ذكرى النكبة في القاهرة كان أكثر صخبا في أعوام سابقة، ففي عام 2011 أضرم المصريون النيران في العلم الإسرائيلي خلال مظاهرة احتجاجية أمام السفارة الإسرائيلية، وفي عام 2012، انطلقت من القاهرة دعوات لتدشين مظاهرات إلكترونية ضخمة تستهدف أشهر الصفحات الإسرائيلية على فيس بوك للتنديد بذكرى النكبة وتدهور أحوال الأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، لكن هذا العام ليس هناك أى دعم للقضية الفلسطينية رغم ما تشهده الأراضى المحتلة من عدوان صهيونى غاشم . الثورات المضادة وقال الكاتب والمحلل الفلسطيني عبد القادر ياسين إن الربيع العربي منح الأمل للفلسطينيين في إمكانية التحر ر أو على الأقل الدعم الكبير وعلق الجميع آمالا كبيرة في هذا الاتجاه، لكن جاءت الثورات المضادة لتنهي هذا الأمل، وهذا الحلم الذي بدأت أول خيوطه بموقف شباب الثورة المصرية من السفارة الإسرائيلية بالقاهرة . وأضاف ياسين في تصريحات صحفية : للأسف كانت الثورة المضادة أسرع في كبح جماح الشباب وإعادة الأمور إلى سابق عهدها بمؤامرة دولية إقليمية؛ مفادها توفير الأمن للكيان الصهيوني على حساب الشعوب العربية والقضية الفلسطينية. وأكد أن ما جرى في غزة في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي وزيارة رئيس الوزراء المصري وتبعته وفود عربية رسمية بعدها كان بمثابة رسالة التحذير والهلع الصهيوني، وهنا بدأت الدوائر العالمية والإقليمية في الإعداد لوأد ثورات الربيع العربي وإنهاء هذا الحلم بل الأكثر من ذلك التحامل علي الفلسطينيين ومعاداة حركات المقاومة كما جرى من جانب نظام السيسي ضد حماس وكأنه عقاب لها علي موقفها من الكيان الصهيوني مقابل تزلف وتودد غير مسبوق للكيان الصهيوني من جانب نظام السيسي والثورة المضادة.