إعلان وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيلشي بيكلي الجمعة 5 فبراير 2021م عن الانتهاء من 78.3% من أعمال سد النهضة وأن بلاده غير معنية بفشل التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان يزيد من ورطة نظام الديكتاتور عبدالفتاح السيسي الذي يحاول البحث عن مخرج من هذه الورطة الكبيرة. وفي تصريحات واضحة لا تحتمل التأويل، أكد الوزير الإثيوبي أن بلاده غير معنية بفشل التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة خلال الجولات ال7 الماضية للمفاوضات التي كان يرعاها الاتحاد الإفريقي، مشيرا إلى تقدم أعمال البناء بنسبة 4.05% خلال ستة أشهر. وفي إصرار على المضي قدما في أعمال السد والملء الثاني للخزان دون اكتراث لمواقف حكومتي مصر والسودان، أكد الوزير أن إثيوبيا ستبدأ عملية الملء الثانية لبحيرة سد النهضة الإثيوبي الكبير خلال الأشهر القليلة المقبلة. الشكوى لإفريقيا! أمام هذه الورطة الكبيرة يقف زعيم الانقلاب العسكري عبدالفتاح السسي عاجزا يبحث عن مخرج من الأزمة، ولم تجد حكومة السيسي لديها أوراق يمكن الضغط بها على أديس أبابا، سوى البدء بحملة دبلوماسية دولية لإطلاع القوى الغربية والدول الفاعلة في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الإدارة الأميركية الجديدة، على مستجدات أزمة سد النهضة والتعنت الإثيوبي خلال جولات المفاوضات الماضية، وذلك تمهيدا للانتقال إلى خطوة تدويل القضية والذهاب إلى مجلس الأمن الدولي في حال فشلت الوساطة الإفريقية، التي من المقرر أن تبدأها دولة الكونغو التي انتقلت إليها رئاسة الاتحاد الإفريقي. ونظمت السفارة المصرية في العاصمة النرويجية أوسلو، ندوة عبر تطبيق "زووم"، لشرح مُستجدات مسار مُفاوضات سد النهضة وعناصر الموقف المصري إزاء الجوانب الفنية والسياسية والقانونية محل التفاوُض مع إثيوبيا، شاركت فيها شخصيات حكومية نرويجية، وعدد من قيادات الأحزاب ومراكز الفكر وأعضاء البرلمان وأساتذة القانون الدولي وفض المُنازعات بجامعة أوسلو، إذ قدم أعضاء فريق التفاوض المصري في أزمة سد النهضة، المشكل من وزارتي الموارد المائية والخارجية، شرحا للرؤية المصرية. وخلال الندوة، أكد سفير الانقلاب بالنرويج عمرو رمضان أن قضية سد النهضة ليست بسبب نُدرة المياه، كما يظن البعض، قائلا "العكس هو الصحيح، حيث تُوجد وفرة من المياه التي تسقط على الهضبة الإثيوبية والتي تبلغ 936 مليار متر مُكعب سنوياً، في حين أن حصة مصر لا تتخطّى 55 مليارا"، مُشيرا إلى أن مصر تعتمد على مياه النيل بنسبة 97% لأغراض الشرب والري وتوليد الكهرباء من السد العالي، بينما اعتماد إثيوبيا على النيل لا يتجاوز 30% أو أقل، علما أن إثيوبيا لديها 12 حوضا رئيسيا و12 بحيرة كبيرة. حماقة كبيرة وخلال الندوة أكد سفير الانقلاب أن هناك تأثيرات سلبية اقتصادية اجتماعية للسد وأنه سوف يلحق أضرارا كبيرة بمصر تتعلق بتقليص المساحة الزراعية ونوع المحاصيل وكذلك معدلات البطالة؛ لافتا إلى أن الزراعة تساهم بنسبة 14% في الناتج المحلي الإجمالي لمصر وتستوعب 28% من القوى العاملة، فضلا عن التأثير السياسي للجمود الإثيوبي في العملية التفاوضية وتأثيره على الاستقرار في إفريقيا، وما يُشكله هذا الجمود الإثيوبي من تهديد للسلم والأمن الدوليين في المنطقة والتأثير سلبا على مُستقبلها". وتأتي هذه التطورات تمهيدا لتوجه حكومة الانقلاب نحو تدويل القضية، والعودة إلى مجلس الأمن في ظل التعنت الإثيوبي المتواصل. وفقا للدكتور أحمد المفتى، خبير القانون الدولي والعضو المستقيل من اللجنة الدولية لسد النهضة الإثيوبى، وارتكب السيسي حماقة كبرى بالتوقيع على اتفاق المبادئ بالخرطوم في مارس 2015م، للأسباب الآتية: 1) المشروع الإثيوبى كشف عن تقصير مصرى سودانى 100%، لأن البلدين تجاهلا أن أساس أى مشروع مائى على الأنهار الدولية المشتركة، يعتمد على المدخل القانونى، وتقدير الوزن القانونى قبل الشروع فى تنفيذ المشروع. 2) الاتفاق أدى إلى تقنين أوضاع سد النهضة، وحوله من سد غير مشروع دوليا إلى مشروع قانونيا. 3) ساهم فى تقوية الموقف الإثيوبى فى المفاوضات الثلاثية. 4) أضعف الاتفاقات التاريخية، ولا يعطى مصر والسودان نقطة مياه واحدة. 5) تمت صياغته بما يحقق المصالح الإثيوبية فقط، وحذف الأمن المائى، ما يعنى ضعفا قانونيا للمفاوض المصرى والسودانى. ولم تختر القاهرة اللجوء إلى التحكيم الدولي بسبب ضعف موقفها القانوني، وبحسب هاري فيرهوفن، خبير الدراسات المائية بجامعة جورج تاون، فمن المؤكد إذا لجأت الأطراف للتحكيم الدولي أمام محكمة العدل الدولية بلاهاي ف"سيتم الحكم لصالح إثيوبيا". وأوضح فيرهوفن أن "إثيوبيا لها الحق في تطوير مواردها المائية داخل أراضيها".