وافق الكونجرس الأمريكي على المساعدات السنوية لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار، ولكن تم ربط 225 مليون دولار بشرط إثبات النظام احترام حقوق الإنسان، وربط 75 مليون دولار بشرط التزام حكومة العسكر بالإفراج عن المعتقلين السياسيين. وفي محاولة لتبييض وجهه قبل مغادرته كرسي رئاسة الولاياتالمتحدة، اتهم الرئيس الأمريكي الخاسر في الانتخابات دونالد ترامب رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي بأخذ أموال المعونة وشراء معدات وأسلحة روسية الصنع، وهو ما يعتبر "ذر للرماد في العيون" بعد إقرار المعونة كاملة غير منقوصة. ورأى مراقبون أن إدارة الرئيس جو بايدن التي ستتسلم السلطة في 20 يناير المقبل قد تسعى إلى تجميد المعونة أو جزء منها؛ وكتب المحامي والناشط السياسي عمرو عبدالهادي: "إذا توقفت المعونة الامريكية في عهد بايدن كما حدث في عهد أوباما سيحدث غليان في الجيش؛ لأن اللواءات هم المستفيدون من 2 مليار دولار بتاعت كامب ديفيد و إذا فكر السيسى في فتح الحياة السياسية واحترام حقوق الإنسان سيجد نفسه أمام فيضان شعبي لن يستطيع مواجهته". استباق مجيء بايدن وأكد حقوقيون تواصل داخلية الانقلاب حملة اعتقالات مبكرة شملت استدعاء عدد كبير من المعتقلين السابقين بمقار أمن الدولة، قبل شهر من حلول الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير 2011. وقالت مصادر حقوقية بالمنصورة: إن الاعتقالات تجاوزت في مدن ومراكز أجا وميت غمر والسنبلاوين ومدينة المنصورة؛ 150 شخصا، بينما لم يتم عرض سوى 35 شخصا منهم فقط على النيابة وإخفاء الآخرين. وأضافت المصادر أن معلومات أمنية تسربت تشير إلى أن الحملة مستمرة حتى نهاية يناير على هذا الشكل، كما أن جرائم اقتحام المنازل لا وقت لها؛ فهي مستمرة على مدار الساعة. ودعا ناشطون من سبق اعتقالهم إلى أخذ الحيطة والحذر من المبيت في بيوتهم؛ حتى لا تشملهم الحملة العشوائية التي تشنها داخلية الانقلاب وقطاع "الأمن الوطني" خوفا من اصطفاف جماهيري ضده في ذكرى الثورة. وتتزامن الاعتقالات مع قرار اتخذه البرلمان الأوروبي بأغلبية كبيرة، يطالب المؤسسات الأوروبية بخطوات جادة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان من جانب نظام السيسي، والدعوة لإطلاق سراح معتقلي الرأي من السجون والذين قدرتهم تقارير حقوقية دولية منها مفوضية حقوق الإنسان الدولية ب70 ألف معتقل سياسي بين 140 ألف سجين في مصر. الضغط الإعلامي ومن جانب آخر، قال موقع (Politico) إن السيسي مستمر في التعاقد مع جماعات ضغط جديدة لتبييض وجهه أمام الرئيس بايدن، وهو ما يتطلب دفع ملايين الدولارات لهذه الجماعات. وأوضح الموقع أن القاهرة أضافت هذا الأسبوع السيناتور السابق مارك بيغيتش (ديمقراطي من ألاسكا)، الذي يعمل مع شركة “براونشتاين حياة فاربر شريك”، إلى فريق متزايد من أعضاء جماعات الضغط من الشركة. وأشار إلى أن بيغيتش، وهو أيضا عمدة أنكوراج السابق بولاية ألاسكا، خدم في مجلس الشيوخ عندما كان بايدن نائبا للرئيس السابق باراك أوباما. وعلّق الموقع بأن هذه أحدث علامة على توقع عبد الفتاح السيسي أن العلاقات الودية التي شهدتها السنوات الأربع الماضية قد بلغت نهايتها بعد خسارة دونالد ترامب. والشهر الماضي تمت أيضا إضافة مارثا بيرك، وديفيد كوهين، وشارلوت كارستنز. ووفقا لملفات وزارة العدل، فإن الفريق “سيقدم خدمات العلاقات الحكومية والاستشارات الإستراتيجية” لمصر في الأمور المعروضة على الحكومة الأميركية. وفي سياق متصل، قال موقع فورين لوبي (Foreign Lobby.Com) إن سفير مصر لدى الولاياتالمتحدة معتز زهران؛ وقّع عقدا بقيمة 65 ألف دولار شهريا مع شركة المحاماة “براونستاين هيات فاربر شريك”، عقب يوم واحد من إلقاء جو بايدن خطاب فوزه. ووقّع عن الشركة التي تتخذ من دنيفر مقرا لها مدير السياسات إد رويس، وهو جمهوري من كاليفورنيا ترأّس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب من عام 2013 حتى عام 2018. الشيكات الفارغة وتعهد جو بايدن "بعدم اعطاء المزيد من الشيكات الفارغة ل "ديكتاتور ترامب المفضل"، في إشارة إلى السيسي، الذي تتلقى بلاده ما يقرب من 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية سنويًا. غير أن الاعتقالات التي بدأت خلال الأيام الماضية بشكل مبكر، قبل حلول الذكرى العاشرة لثورة 25يناير2011م. وكان رئيس الانقلاب قد بادر بإطلاق سراح أعداد بسيطة من الحقوقيين قبل زيارته الأخيرة لفرنسا، وقال مراقبون إنه قصد بها ملاعبة الإعلام الفرنسي. من جانبها، قالت «الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان»: "السيسي مدعوم من مجلس عسكري هدفه إرساء نظام قمعي، ومصر تعيش أسوأ عهود انتهاكات حقوق الإنسان". أما "ميشيل دن"، مدير برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي فقالت: "إن وزير الخارجية السابق عمرو موسى كان أحد من نصحوا نظام السيسي بالعودة مرة أخري لتوظيف شركات الدعاية والضغط في أمريكا للعودة لتلميع صورة نظامه، لكن "دن" تعتقد أن الرئيس المنتخب بايدن ليست لديه أي رغبة في تعطيل العلاقة مع مصر، لكن السيسي لن يكون لديه في البيت الأبيض شخص يقدم له خدمات خاصة مثلما فعل ترامب، إذ إن ترامب حول العلاقة مع مصر كعلاقة شخصية بينه وبين السيسي يتم من خلالها تبادل الامتيازات، ولكن سيكون الأمر مختلفًا مع بايدن، وربما لا يعرف السيسي تمامًا ما يمكن توقعه". وأشار مراقبون إلى أن مخاوف السيسي نابعة من توقعاته باستجابة بايدن لضغوط بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي بوضع شروط لإيصال المساعدات العسكرية إلى مصر من بينها تحسين سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان. وفي تقديرات صهيونية، رجحت أن يتبنى نتنياهو الدفاع عن الديكتاتور المفضل لدى إدارة بايدن كما فعلت من قبل خلال فترة أوباما بدعوي أنه مفيد في محاربة الإسلاميين والإرهاب.