انتصار آخر حققته تركيا في مجالها الدولي بمساعدة شقيقتها أذربيجان في استعادة اراضيها المحتلة من جارتها أرمينيا المدعومة من روسيا وفرنسا واليونان، انتصر يحتاج إلى "مرهم للحروق" لعله يرطب ما بات يعانيه الحلف الصهيوني الصليبي. وعلى الفور انطلق "أنبوب المرهم" قاصدًا اليونان، وقال الأنبوب أو السفاح عبدالفتاح السيسي، الأربعاء، إن عصابة الانقلاب بمصر تقف إلى جانب اليونان ضد أي استفزازات في المتوسط، مجددًا الحديث عن ترسيم الحدود وتنازل عصابة الانقلاب عن حقوق المصريين المائية وثروات الغاز والبترول نكاية في الرئيس التركي. نهر النيل ولم يفق المصريون بعد من الإخفاقات التي تسبب بها السفاح السيسي حول ملف سد النهضة الذي يهدد شريان حياتهم الوحيد وهو نهر النيل، حتى تسبب بسياساته المتخبطة في خسارة 7 آلاف كم2 من مياه بلاده الاقتصادية لحساب اليونان. وتعود أصول القصة حول ترسيم الحدود البحرية بين عصابة الانقلاب بمصر واليونان التي تجمعهما علاقات سياسية جيدة، إلى عام 2006، ولكن بعد استيلاء السفاح السيسي على الحكم في 2013، زادت وشهدت تقدمًا ملحوظًا. ورغم توصيات خبراء وسياسيين للسفاح السيسي برفض المقترح اليوناني حول تعيين الحدود البحرية بينها، وتلاعب أثينا بحقوق مصر في غاز شرق المتوسط، فإن السفاح يصر على إتمام الاتفاقية، وفق وثائق رسمية كشفتها الوقائع والأحداث والوثائق. ويبدو أن السفاح السيسي يريد تحقيق مكاسب معنوية فقط من خلال إصراره على عدم التراجع عن الاتفاق مع اليونان، إذ تظهر الوثائق أن الطرح اليوناني يفضي إلى إقرار القاهرة بأحقية أثينا في المطالبة بمياه مقابلة لمصر أمام السواحل التركية مساحتها نحو 3 آلاف كم2. وكان السفاح السيسي أكد، بتصريح له في يناير 2018، أن ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان أسهم في سرعة إنجاز مشروع حقل ظهر للغاز، حيث وصفه بالإنجاز الذي لم يكن ليتحقق دون ترسيم تلك الحدود، ولكن المصريين لم يروا حتى الآن أي نتائج حقيقية حول هذا الغاز. واستهل السفاح السيسي زيارته إلى أثينا اليوم الأربعاء بلقاء رئيسة اليونان، والتي قالت: "سنتحدث معكم عن التصعيد الخطير من جانب تركيا والانتهاكات المستمرة التي تواصلها في المنطقة"! وكلما تحدّث السفاح السيسي عن تركيا غلب على حديثه الطابع الضمني، وتعمد الإشارة إلى تجاوزاتها بصورة غير مباشرة، ولا أحد يعلم سر ذلك، خاصة أن الخلاف مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد بلغ منتهاه، وهو الذي يعمد في الكثير من المناسبات إلى استهداف السفاح السيسي بشكل مباشر من خلال معايرته ب"الانقلاب" أو عبر فضحه في مناسبات دولية وعلى الملأ. واستخدم السفاح السيسي كلمات ذات معنى قدحي تجاه تركيا في خطابه خلال القمة التي جمعته مع الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس في نيقوسيا، دون أن ينطق بالاسم، وكأن تركيا مفردة تابو، على عكس ما لوحظ من وضوح في موقفَيْ الرئيس القبرصي ورئيس الوزراء اليوناني، اللذين ذكرا تركيا بالاسم وهاجما دورها المؤثر والمناصر للعدل والحق في المنطقة، ما يثير تساؤلات بشأن حذر السفاح السيسي في اختيار المفردات بدقة كلما تعلق الأمر بتركيا ورئيسها أردوغان. مضايقة تركيا الخبير المائي المصري محمد حافظ، يرى أن تنازل عصابة الانقلاب بمصر عن مساحة كبيرة من المنطقة الاقتصادية الكبيرة الخاصة بها شرق البحر المتوسط لليونان وقبرص، يهدف إلى "مضايقة تركيا التي تختلف مع مصر فقط سياسيًا". ويقول حافظ: "تنازل السيسي عن مصالح الدولة المصرية لم تبدأ مع إعادة ترسيم الحدود مع اليونان وقبرص، ولكنها قديمة حين كان رئيسًا لجهاز المخابرات إبان حكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك؛ حيث تنازل عن حقول غاز كبرى لمصلحة دولة الاحتلال الصهيوني". وعن المنطقة البحرية التي ستحصل عليها اليونان بعد ترسيم الحدود وموافقة السفاح السيسي عليها، يؤكد حافظ أنها غنية جدًا بالغاز الطبيعي، وسيتم اكتشافه من قبل أثينا بمجرد السيطرة عليها بشكل قانوني. ويُرجع سبب تعنت السفاح السيسي بالتنازل عن مصالح بلاده الاقتصادية إلى دفعه ثمن وقوف اليونان معه أثناء الانقلاب العسكري ووصوله إلى الحكم، حيث قدم قبل ذلك الحدود البحرية في تيران وصنافير للسعودية، "ولكن ليس من جيبه الخاص، بل من جيوب المصريين". ولم يستبعد الخبير المائي أن تكون اليونان قد حولت ملايين الدولارات إلى السفاح السيسي ومسئولين آخرين في الدولة المصرية، مقابل التنازل عن مساحات كبيرة من المياه الاقتصادية شرق المتوسط. ويستدرك بالقول: "التنازل لليونان عن جزء كبير من الحدود البحرية يهدف إلى إجراء تحالف معها ضد تركيا، بسبب الخلاف السياسي بينهما، ولكن هذا الخلاف ستدفع الدولة المصرية ثمنه من حدودها البحرية". قره باغ وبعيدًا عن تماحيك السفاح السيسي وارتمائه مثل جرو شوارع صغير تحت أقدام الغرب، وبعد ستة أسابيع من المعارك وقّعت أرمينياوأذربيجان برعاية تركية روسية اتّفاقًا لوقف إطلاق النار في قره باغ يكرّس الانتصارات العسكرية التي حقّقتها قوات باكو في الإقليم، في تطوُّر لم تغِب عنه تركيا التي ساهمت في تحرير الأراضي المحتلة. ويقضي الاتفاق بأن يحتفظ طرفا النزاع بالمواقع التي يسيطران عليها، مما يعني خسارة الأرمن السيطرة على أنحاء واسعة من الإقليم الأذربيجاني المحتل، بعدما دحرتهم منها قوات باكو بدعم تركي. وشمل الاتفاق، إعادة جيوب قره باغ التي يحتلها الأرمن، ومن بينها الطريق إلى ناخيتشيفان، الإقليم الأذربيجاني الذي كانت تفصله أراضٍ أرمينية بالقرب من الحدود مع تركيا وإيران، قبل الاتفاق الأخير.