مرت أمس الاثنين الثاني من نوفمبر 2020، الذكرى ال 103 للوعد المشئوم.. "وعد بلفور" الذي كان بمثابة الخطوة الأولى على طريق إقامة كيان صهيوني لليهود على أرض فلسطين على حساب الشعب الفلسطينى الذى عاش على هذه الأرض منذ آلاف السنين. ولا يختلف اليوم عن البارحة فحكام العرب الخونة أمثال عيال زايد فى الإمارات وعبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموى والأمير المنشار محمد بن سلمان ولى العهد السعودى يتسابقون لتنفيذ صفقة القرن إرضاء للصهاينة والتنازل عن الكرامة العربية مقابل الحفاظ على كراسيهم تحت الحماية الأمريكية والصهيوينة. واذا كانت بريطانيا قد لجأت الى إصدار "وعد بلفور"، بهدف الحصول على دعم اليهود في الولاياتالمتحدة خلال الحرب العالمية الأولى لما يتمتعون به من نفوذ واسع لدفع الولاياتالمتحدة للاشتراك في الحرب إلى جانب بريطانيا ولذلك أطلق وزير الخارجية البريطانى آرثر بلفور "وعده" الذي حمل اسمه على شكل "رسالة" إلى البارون المليونير اليهودي روتشيلد، بتاريخ الثاني من نوفمبر عام 1917. فإن الحكام الخونة يلجأون إلى نفس الوسيلة من خلال توقيع اتفاقات للتطبيع مع الصهاينة حتى يعمل اللوبى الصهيونى على التأثير على الإدارة الأمريكية من أجل الإبقاء على هؤلاء الخونة على كراسيهم وحمايتهم حتى من ثورات شعوبهم. ومن المؤكد أن رسائل الخضوع والخيانة من الحكام العرب الى الصهاينة التى تكشف عن جهودهم فى تنفيذ صفقة القرن لا تختلف عن وعد بلفور وربما تستخدم نفس الكلمات وتختتم بكلمة المخلص كما اختتم بلفور رسالته. نص وعد بلفور: وزارة الخارجية البريطانية الثاني من نوفمبر 1917م عزيزي اللورد روتشيلد يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته: "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهوما بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى". وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علما بهذا التصريح. المخلص آرثر بلفور حكام الندامة حول خيانة الحكام العرب للشعب الفلسطينى ولقضيته وانحيازهم للصهاينة من وعد بلفور وحتى صفقة القرن يقول عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية إن من يحكم المجتمعات العربية والقضية الفلسطينية اليوم كما كان في زمن بلفور، هي مصالح المتنفذين في الطبقات الحاكمة وعلاقتهم بالولاياتالمتحدة، التي بلغت في نتيجتها حد إنكار الحقوق الفلسطينية، والإقرار بالكيان الصهيوني كدولة لها الحق بالبقاء في المنطقة من أجل تدعيم وجودهم في الحكم. وأكد قاسم فى تصريحات صحفية ان وعد بلفور يشابه تقريبا اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني التى وقعتها الإمارات ثم البحرين فيما سُمي ب "اتفاق أبراهام" فى سبتمبر الماضى، ثم السودان في أكتوبر الماضى. وأشار الى أن الفلسطينيين أصحاب القضية لم يشاركوا في أية مفاوضات مسبقة لهذه الاتفاقيات، بل أعلنوا مقاطعة خطة السلام الأمريكية أو ما عُرف بصفقة القرن ومؤتمراتها التي مهدت لاتفاقيات السلام هذه كمؤتمر البحرين فى يونيو 2019 مؤكدا أن هذا هو نفس سيناريو وعد بلفور الذى لم يكن للفلسطينيين فيه رأى ولا كلمة. ولفت قاسم إلى ان اتفاق أوسلو للسلام مع الكيان الصهيوني كان أسوأ من وعد بلفور نفسه، لأن بلفور أعطى الفلسطينيين 44% من مساحة وطنهم بناء على قرار التقسيم (1947)، في حين كانت السلطة الفلسطينية تطالب في أوسلو بأقل من 22% مؤكدا أن الدور العربي ساعد في تعزيز وعد بلفور من خلال الهزائم في حروب 1948 و1967، وصولا إلى الانخراط في صفقة القرن الأمريكية والهرولة نحو الانفتاح على الكيان الصهيوني والتطبيع معها. وحذر من أن هذه المتغيرات الحديثة تقود إلى تصفية القضية الفلسطينية نهائيا وتسعى لطرد الشعب الفلسطيني خارج بلاده. وقارن قاسم بين بلفور وصفقة القرن وقال ان بلفور تبعه اصطفاف وطني فلسطيني وتشكيل أحزاب وقوى ثورية لمواجهة أخطاره، لكن ما يحدث الآن هو انفراط في الأحزاب الفلسطينية، واصطفافات عربية ضد القضية الفلسطينية، إلى جانب عدم قدرة الشعب الفلسطيني على الاجتماع وضعف إدانة الفلسطينيين لعمليات التطبيع العربية. وأوضح أنه إذل كان وعد بلفور البداية لنشوء الكيان الصهيوني، والسبب في نشوء الصراع العربي الصهيوني، فإن مرحلة التطبيع العربي حديثا ستضع حدا لهذا الصراع بل وتقوم بتفكيكه". صفقة القرن وقال عبد اللطيف القانوع، المتحدث الرسمي باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إن ذكرى وعد بلفور، تأتي هذا العام في ظل مرحلة فارقة في تاريخ قضيتنا الفلسطينية، تشهد هجمة شرسة من قبل الإدارة الأمريكية والاحتلال الصهيوني لتصفية القضية. وأكد القانوع فى تصريحات صحفية أن وعد بلفور لم يستطع أن يمنح بنفسه الاحتلال الشرعية على أرضنا، ولم يتمكن من تصفية حقوقنا وسلب إرادتنا وكسر معنوياتنا، مشددا على أن صفقة القرن أيضا لن تسقط حقوق شعبنا الفلسطيني. وشدد على أن محاولات التطبيع وهرولة بعض الأنظمة العربية للتطبيع، من أجل شرعنة الاحتلال على أرضنا، أيضا لن تسقط حقوق شعبنا بالتقادم، مؤكدا أن كل مشاريع تصفية القضية الفلسطينية وشرعنة الاحتلال على أرض فلسطين، ستبوء بالفشل، فشعبنا أنفاسه طويلة، وهو متقدم في مواجهة الاحتلال وسيواصل نضاله حتى التحرير. ووصف القانوع محاولات دمج الاحتلال بالمنطقة العربية والتطبيع معه بأنها جريمة وهي امتداد لجريمة وعد بلفور الكبرى، وطعنته الكبرى لشعبنا الفلسطيني. طعنة في الظهر وأكد داود شهاب القيادي بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن هناك تقاعسا رسميا عربيا غير مسبوق عن نصرة القضية الفلسطينية، وصل لحد أن تقوم بعض الدول العربية بتوجيه طعنة في الظهر للقضية الفلسطينية من خلال إقامة علاقات تحالف مع الاحتلال الصهيوني؛ معتبرا أن هذا هو التحدي الأخطر أمام الشعب الفلسطيني الذي يترك الآن وحيدا في مواجهة الشر والإرهاب الصهيوني. وقال شهاب في تصريحات صحفية أن المنظمات والهيئات الرسمية العربية لم تعد تكتفي بصمتها، بل هي اليوم تعبر عن مواقف علنية مساندة للتطبيع ومشجعة لتخلي الأنظمة العربية عن فلسطين. وأوضح أن ما قامت به دول عربية مثل الإماراتوالبحرين والسودان من تطبيع مع الاحتلال، يمثل تهديدا أشد من تصريح آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا قبل نحو 103 سنوات. وأضاف شهاب: بينما كنا نطالب باعتذار بريطاني عن الوعد، جاءت اتفاقيات التطبيع بين الاحتلال وبعض الدول لتتبنى بذلك الرواية الأكذوبة للحركة الصهيونية حول فلسطين. وكشف أن القضية الفلسطينية اليوم، تدفع ثمنا باهظا نتيجة المواقف العربية، فكما كانت هزائم العرب في حروبهم مسئولة عن ضياع واحتلال فلسطين، فهي اليوم مسئولة عن ضياع الهوية وعن أزمات ستلحق بالعالم العربي وشعوبه بسبب هذا التطبيع. سيناريو أمريكي وأكد غسان مصطفى الشامي باحث سياسى إن صفقة القرن تمثل صورة حديثة تكنولوجية مطورة لوعد بلفور بما تحمله من صيغ جديدة وضرب للعهود والمواثيق الأممية والدولية من أجل تمكين الكيان الصهيوني في السيطرة الكاملة على الأرض الفلسطينية وبسط النفوذ العسكري على الأرض والأجواء الفلسطينية، بل ونشر الارهاب والجريمة والفوضى الخلاقة في المنطقة العربية. وقال الشامى فى تصريحات صحفية إن صفقة القرن سيناريو أمريكي لوعد بلفور، موضحا أن ما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الكيان نتنياهو عن الخطة الأمريكية الجديدة للمنطقة المسماة صفقة القرن تستهدف بالأساس القدس واللاجئين وحق العودة وسلب واستكمال مخططات تهويد أرضننا الفلسطينية، مؤكدا ان هذه الخطة ليست وليدة هذه الأيام بل منذ سنوات ماضية يعمل اليهود والأمريكان للخروج بهذه الصفقة التي تستهدف إنهاء قضيتنا الفلسطينية. وأوضح أن الخطورة الكبيرة في بنود صفقة القرن الأمريكية أنها تستهدف الأرض الفلسطينية وإنهاء الوجود الفلسطيني عليها والتركيز بقوة على مشاريع التهويد والاستيطان للأرض الفلسطينية واستكمال مخططات تهويد القدس والضفة المحتلة، واستكمال تنفيذ مخططات يهودية الدولة لتصبح فلسطين دولة يهودية خالصة للصهاينة، حيث تؤكد الصفقة في صفحاتها الأولى على وجوب الاعتراف بالقدس دوليا كعاصمة واحدة للكيان الصهيوني، وعلى الفلسطينيين اختيار أي اسم آخر لعاصمتهم حسب هذه الصفقة. وشدد الشامى على أن هذه الصفقة لن تمر علينا كفلسطينيين وعرب ومحبين لفلسطين، مؤكدا أن هذه الصفقة الإجرامية سنحاربها بالدماء والأرواح، وهي مسلسل صهيوني أمريكي جديد لمواصلة سرقة أرضنا الفلسطينية ومواصلة تنفيذ المشاريع الاستيطانية الكبرى وأهمها تهويد القدس واستكمال مشاريع الاستيطان في القدس وضمها للكيان الصهيوني. وخلص إلى القول إن صفقة القرن الأمريكية تمثل الخيالات والأوهام المزعومة في رأس دونلد ترامب وزمرته الحاكمة ولن تصل إلى حل أهم قضية في الوطن العربي، بل ستزيد المآسي والآلام على شعبنا الفلسطيني، وهي صبغة أمريكية للجرائم الاسرائيلية بحق شعبنا وأرضنا الفلسطينية المباركة، وينتظرها الفشل الذريع والمحتوم.