اليوم تحل ذكرى مرور 103 أعوام على وعد بلفور الذي صدر من وزير الخارجية البريطاني في ذلك الوقت لصالح المشروع الصهيوني كما تم تسميته لاحقا بوعد من لا يملك لمن لا يستحق. وبموجب هذا الوعد منحت بريطانيا أرض فلسطين للحركة الصهيونية، ويموجب هذا الوعد أنشأت دولة الكيان الصهيوني المحتل على أرض فلسطين التاريخية وتسبب ذلك في تشريد عدد كبير من أجيال الفلسطينيين طوال هذه المدة. وفي يوم 2 نوفمبر 1917 أرسل وزير خارجية بريطانيا بلفور رسالة للورد ليونيل والتر روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية وعرفت فيما بعد بوعد بلفور وجاء فيها، أن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين وستبذل عظيم جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية. وزعمت الرسالة أن بريطانيا ستحافظ على حقوق القوميات الأخرى المقيمة في فلسطين وهذا ما لم تلتزم به بريطانيا. وقد تزامن وعد بلفور مع احتلال بريطانيا لكامل أرض فلسطين التاريخية خلال الحرب العالمية الأولى وخلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين من 1917 حتى 1948 عملت لندن خلال هذه الفترة على استجلاب اليهود من دول العالم كافة وقدمت لهم الدعم لتأسيس دولة الاحتلال على أرض فلسطين. وتضمن وعد بلفور شقين إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وعدم الإضرار بحقوق الفلسطينيين الذي كانوا يشكلون 92 بالمائة من السكان وفق التقديرات البريطانية. وقد ارتكبت العصابات الصهيونية الكثير من المجازر بحق الشعب الفلسطيني وهجرتهم من أرضهم لتأسس دولة الاحتلال على أرض فلسطين فيما عرف بعد ذلك باسم النكبة. أما وعد بلفور الذي يجري تقديمه خلال هذه الأيام تحت اسم جديد يعرف باسم "صفقة القرن" ويقدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للصهاينة للسيطرة على كامل الأراضي الفلسطينية. وقال الدكتور وائل شديد الباحث والخبير الاستراتيجي، إن اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور يكمل كلا منهما الآخر، فكانت الخطوة الأولى سايكس بيكو وما تبعها من خضوع فلسطين للحماية البريطانية ثم وعد بلفور بتسليمها للعصابات الصهيونية. وأضاف شديد في مداخلة هاتفية لبرنامج وسط البلد على قناة وطن أن صفقة القرن جاءت لإعطاء وعد بلفور نوع من الشرعية بعد مرور أكثر من 100 عام، مضيفا أن صفقة القرن قدمها ترامب المتعاطف تماما مع الاحتلال كصفقة عقارات يتم خلالها التنازل عن قطعة أرض لصالح شخص آخر دون أن يكون لديه صك ملكية لهذه الأرض. وأوضح شديد أن المحتل الصهيوني على الرغم من مرور أكثر من 100 عام غير قادر على تثبيت احتلاله وشرعنته دوليا وهذه كانت إشكالية صفقة القرن في محاولة لإعطاء الاحتلال حدود لتصبح دولة معترف بها. وأشار إلى أنه في عام 1948 تحركت الجيوش العربية لتحرير أرض فلسطين على الرغم من وقوع أغلبها تحت الحماية البريطانية، لكن الآن هناك فراغ استراتيجي كبير وخلخلة للموقف العربي سهلت تمرير صفقة القرن بالإضافة إلى مسارعة بعض الدول العربية إلى التطبيع مع دولة الاحتلال. ولفت إلى أنه منذ أن حصل اليهود على وعد بلفور لم يستطيعوا تحقيقه كاملا والشعور بالسيادة إلا بعد صفقات التطبيع، مضيفا ان التطبيع مهم جدا لتثبيت أركان دولة الاحتلال وتشكيلها كدولة ذات سيادة. وتطرق شديد إلى أهمية التطبيع لدولة الاحتلال قائلا:"لا يستطيع أن يعيش هذا الكائن الغريب الذي زرع في جسم الأمة ويتقبله الجسم المزروع فيه إلا بالتطبيع، مضيفا أن التطبيع مهم أيضا لتوفير الحماية لهذا الجسم الغريب. مضيفا أن الاحتلال في حالة استنفار دائم وحشد عسكري ومناورات مستمرة لأنه لم يكن يشعر بالأمان والتطبيع يوفر الأمن للاحتلال أيضا يمكنه من إجراء صفقات اقتصادية مع الدول العربية. وشدد على أنه بدون التطبيع لا يكتمل وعد بلفور ولا تتحقق صفقة القرن ولا تستقر دولة الاحتلال.