في تصريح له يوم الأربعاء قال جاريد كوشنر إن "واشنطن كانت لها دبلوماسية وراء الكواليس في اتفاق التطبيع بين تل أبيب والإمارات، معبرا عن أمله في تحقيق ذلك أيضا بالأزمة الخليجية". ويبدو أن ما وراء الكواليس كان أعظم، حيث لم تمض ساعات من زيارة "كوشنر" للرياض، لتقرر السعوديّة رسمياً اليوم الأربعاء، فتح أجوائها لخط طيران ثابت بين الكيان الصهيوني والإمارات. بل ونقلت وكالة الأنباء السعوديّة الرسميّة "واس" عن مصدر مسئول في الهيئة العامة للطيران المدني، قوله بأنه "صدرت موافقة الهيئة على الطلب الوارد من الهيئة العامة للطيران المدني الإماراتيّة، والمتضمن الرغبة في السماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة والمغادرة منها إلى كافة الدول". ومن جانبه علّق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، على القرار السعودي بالقول "اختراق ضخم". وبات الأمر أكبر من تخفيضات نفقات العبور -وإن كان مهما لدى اليهود البخل وعدم التكلف- ولكن حكومة الاحتلال أعلنت أن السماح للطائرات الصهيونية بعبور أجواء المملكة في أثناء التوجه للإمارات "يسهم في تخفيض سعر تذاكر الطيران وتطوير الاقتصاد "الإسرائيلي". بن زايد وبن سلمان وزادت خلال الساعات الماضية انتهاز فرصة وجود كوشنر ربما هي الزيارة الأخيرة في المنطقة قبل انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل، لمنحه لقب أمير الثورة المضادة بعد تمكنه من ولي عهد السعودية ومن محمد بن زايد الذي أعلن اليوم أيضا أن عدم إلغاء تل أبيب قرار الضم لن يؤثر على الاتفاقية بين الكيان وأبوظبي. هذا الولع الذي تبديه الثورة المضادة لاسيما في الرياضوأبوظبي دفع المعلق الصهيوني يهود يعاري ليقول إن "محمد بن زايد يريد يريد أن يقنع أمريكا بأن الإمارات ستصبح "إسرائيل العربية" لذا هو غير معني بأن تنضم المزيد من الدول العربية لمسار التطبيع، فهو يريد أن تظهر الإمارات كالأكثر اتساقا مع السياسة الأمريكية عبر الاتفاق مع إسرائيل". تحذيرات خليجية وقبل يومين حذر المفكر السعودي عبدالعزيز التويجري، المدير العام السابق للإيسيسكو، قائلا: "يجب الحذر من توزيع المنتجات الصهيونية بطُرُقٍ مُخادعة، فالثغرةُ قد فُتِحَت". ورغم التحذير يصر بن سلمان على إثارة مشاعر العداء المتفاقمة تشبه "أجواء الحرب" التي يكنها أفراد من عائلة آل سعود لابن سلمان، والكثير منهم لا يعترفون بشرعيته كولي للعهد. ولهذا السبب أيضا وجه كوشنر يوجه الشكر للسعودية لموافقتها على مرور الطائرة الصهيونية إلى أبوظبي في أجوائها، بحسب "رويترز". واعتبر الكاتب الصحفي القطري جابر الحرمي أنه "سقط القناع..العداء مع "إسرائيل" ما هو إلا مسرحية قام بها نظام الإمارات لفترة من الزمن.. وها هو يمارس أوقح علاقات "حميمية" مع الكيان الصهيوني". وصدق توقع الأكاديمي الكويتي د.عبدالله الشايجي الذي كتب عبر حسابه "وصلنا لزمن طائرات العال الإسرائيلية تحلق فوق أجواء السعودية والإمارات ومستقبلاً في رحلات تجارية مجدولة منتظمة-وربما تمر رحلات طائرات العال فوق الأجواء في رحلاتها المجدولة إلى الهند وشرق آسيا. مختصرة المسافة بعدة ساعات! وتوقع معاهدة صلح مع إسرائيل بينما تقاطع قطر وتمنع القطرية!". تطبيع مخطط الخبير العسكري اللواء الطيار المتقاعد مأمون أبو نوار، كان قد اشار إلى أن المسارات الجوية يتم رسمها في العادة قبل عملية الإقلاع، ويحدد فيها مسار الإقلاع، حتى لحظة الوصول. وأفاد أن الطائرة فور دخولها الأجواء السعودية، يتم السيطرة عليها بالكامل من قبل الرادار السعودية، ويحدد لها المسار الذي ينبغي لها سلوكه، حتى نقطة المخرج من أجوائها، باتجاه الإمارات، بحسب تصريحه ل"عربي 21". وتابع "قبل الإقلاع تمنح دول المسار الطائرة الموجة الخاصة بالرادار، وهو ما فعلته السعودية بالتأكيد، لتقوم بفتح قناة الاتصال، فور دخول الأجواء، والحديث مع موظف الرادار السعودي، الذي يعطي التعليمات لقائد الطائرة بالتوجه وفق المسار الذي تحدده الدولة صاحبة الأجواء". وبشأن عدم سلوكها المسار الافتراضي الآخر للرحلة، فوق البحرينوقطر، قال الخبير الجوي: "هذا يعود للسعوديين، وهم ربما لم يريدوا للطائرة سلوك ذلك المسار، وفي حال أرادوا المرور فوق الدوحة والمنامة فعليهم الحصول على إذن جوي بالمرور". واعتبر أن سلوك الطائرة لهذا المسار الذي رأيناه اليوم، والتحليق فوق الرياض، "رسالة سياسية، لأنها العاصمة، وكأنها إشارة تحية من طائرة إسرائيلية، وإلا فما شأن طائرة متجهة إلى الرياض لتمر فوق العاصمة، أهم مدينة في المملكة لو لم يكن للأمر بعد سياسي؟". وأضاف أبو نوار: "يبدو أن المرور فوق الرياض، كان رسالة تخفيف للأجواء وتليينا للمواقف". صفقة القرن ويرى مراقبون أن كل ما يحدث الآن هو جزء مخطط له بشكل سابق، وأن قادة الثورة المضادة شركاء فيه، لافتا إلى أنه في وقت سابق، وتحديدا في فبراير الماضي، قال جاريد كوشنر كبير مستشاري البيت الأبيض إن عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري أسهم في صياغة خطة السلام الأمريكية. وفي مقابلة تليفزيونية عبر قناة "إم بي سي مصر" قال إن السيسي قدم له الكثير من النصائح الجيدة والمعلومات بشأن المشاريع التي يمكن تنفيذها لتحريك الاقتصاد الفلسطيني، وذلك في إطار الإعداد لخطة السلام. وأضاف كوشنر أن العمل الذي تم إنجازه مع السيسي وقادة دول عربية كان سبيلاً لوقف ما سماه التطرف. ولعل هذا ما يفسر اتصال جري اليوم الاربعاء 2 سبتمبر 2020، بين نتنياهو وعبد الفتاح السيسي وشكره على المساعدة التي تقدمها مصر لتعزيز الاستقرار في المنطقة، وتحدث السيسي عن أمن الكيان الصهيوني كأولوية ضمن تطور العلاقات الصهيونية الإماراتية.