هل يساند السفاح عبد الفتاح السيسي نظيره السوداني عبدالفتاح البرهان فى عمل قفزة استعراضية للسيطرة على حكم السودان وإفشال الثورة؟ الإجابة جاءت قبل أيام من فض اعتصام المعارضة السودانية أمام القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، عندما ظهر السفاح السيسي في قصر الاتحادية بالقاهرة مبتسما ابتسامة عريضة للكاميرات وبجواره البرهان الذي ابتسم ابتسامة صغيرة! وفي رد فعل إعلام الانقلاب؛ نقلت مواقع صحف حكومية وخاصة، منها "الأهرام" و"اليوم السابع" و"المصري اليوم"، حديث البرهان، دون أي إشارة لحديثه عن رفع علم السودان فوق حلايب، أو رسالته لأهالي المنطقة. مفاجأة السودان ويأتي حديث البرهان في ظل توافق مصري سوداني لافت، في مرحلة هامة من أزمة مياه النيل المتواصلة بين مصر والسودان وإثيوبيا، حيث تتوالى الزيارات بين مسؤولي البلدين على أعلى مستوى. يقول دكتور محمد الصغير المستشار السابق لوزارة الأوقاف:" توقعنا أن تكون البحرين هي محطة التطبيع التالية بعد #التطبيع_الإماراتي_الإسرائيلي لكن ظهور #السودان على مسرح الخيانة أكد أنها غدت حديقة خلفية لنفايات #الإمارات وأن تقاسم السلطة بين العسكر والشيوعيين تم برعاية أبوظبي التي استغلت حشودا غاضبة على حكم #البشير لضم السودان إلى محور الشر". وقام رئيس المخابرات في حكومة الانقلاب، عباس كامل، بزيارة السودان نهاية يوليو الماضي، لتتبعها زيارة رئيس وزراء العسكر مصطفى مدبولي للخرطوم في 15 أغسطس الجاري، ولقاءه رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، والبرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو حميدتي. صحيفة "يسرائيل هيوم" ووسائل إعلامية صهيونية أخرى تنقل عن مسئولين أمريكيين أن اتفاق سلام بين السودان وكيان العدو الصهيوني سيتم في غضون أسابيع، هذا بخلاف ما صدر عن الحكومة السودانية أمس من أنها غير مخولة بالتطبيع مع الصهاينة. ويحاط ملف التطبيع بحرج بالغ مع وجود أصوات تسانده جهرا، وطبقا لدبلوماسي في الخارجية السودانية فإن الوزارة خالية حتى الآن من أي إدارة مختصة بكيان العدو الصهيوني. وظلت الراحلة نجوى قدح الدم تدير في صمت ملف التطبيع إبان حقبتي البشير والبرهان كسفيرة في القصر الرئاسي قبل أن تلقى حتفها متأثرة بجائحة كورونا. اختار البرهان القاهرة لتكون وجهته الأولى بعد توليه منصبه، ثم اتجهت طائرته إلى أبو ظبي ليعود الرجل إلى الخرطوم، وتفض قواته بعدها بأيام الاعتصام الذي يدعو لتولي سلطة مدنية إدارة البلاد. تلك الجولة التي جرت أواخر مايو الماضي اعتبرها مراقبون بمثابة ضوء أخضر لإنهاء حالة الاعتراض من جانب الثوار على الحكم العسكري، ورغم ما تبدو عليه عصابة العسكر بالقاهرة من سعي حثيث لإنجاح الانقلاب العسكري في السودان، فإن موقفها يبدو أقل صخبا في الميل المعلن للعسكر. يقول المحلل السياسي السوداني الدكتور محمد مقلد :" فلنفرض ان السودان سيوقع اليوم اتفاق سلام مع إسرائيل مطالب إسرائيل معروفة للجميع ما هي مطالب السودان غير كذبة رفع العقوبات الأميركية المستحقة أصلا؟ ما هي المكاسب التي يتوقع ان يجنيها السودان على المدى القريب و البعيد؟ أخشى انه لا شيء سوى دعم كسب دولي للحكم العسكري في السودان". تفويض التطبيع ويقول محمد بدر الدين مسئول العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الشعبي إن الحكومة الانتقالية ليس لديها تفويض للتطبيع مع الكيان الصهيوني، لكن يبدو أن الأمر يمضي في الخفاء وما بدا للعلن أظهرت الكيان الصهيوني لمكاسب سياسية. ويؤكد بدر الدين أن الشق المدني في الحكومة السودانية يتعرض لضغوط في اتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني ويعي أن الخطوة لن تجد القبول في الشارع، لكن ربما بعض الحركات المسلحة تؤيد التطبيع. وبشأن ما إذا كانت الحكومة السودانية ستصل لمرحلة التطبيع يقول القيادي في المؤتمر الشعبي "سواء سارت الحكومة في هذا الاتجاه أو تخلت عنه هناك أشياء كثيرة في الخفاء. أرجح أنها ستنضم لقطيع المطبعين". وساد القلق والتساؤلات مواقع التواصل الاجتماعي عن دور الكيان الصهيوني وتذكير بجزيرتي تيران وصنافير، بعد تأكيد رئيس المجلس الانتقالي الحاكم في السودان وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان على سودانية منطقة حلايب وشلاتين. وأعلن البرهان أن القوات المسلحة "لن تفرط في شبر من أرض السودان" مشيرا إلى منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها مع القاهرة والخاضعة للسيادة المصرية. وقال البرهان في كلمة بمناسبة العيد ال 66 للجيش في منطقة وادي سيدنا العسكرية بولاية الخرطوم "لن نترك حقنا ولن نتراجع عنه ولن ننساه حتى يتم رفع علم السودان في حلايب وشلاتين وفى كل مكان من السودان" وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السودانية الرسمية. كما وجه حديثه إلى "القوات المسلحة المرابطة حول حلايب وشلاتين وأرقين، وكل الذين يدافعون عن البلاد" قائلا "نحن معكم" مضيفا أن السودان "يتعرض لاستهداف كبير في وحدته وحدوده". قطار الخيانة وفيما لم يفلح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مسعاه لدفع السودان نحو التطبيع مع الاحتلال، نقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية عن مصدر أمريكي رفيع قوله إن الخرطوم ستعلن عن اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني خلال بضعة أسابيع. وأوضحت على لسانه أن الأطراف قريبة من شق طريق جديد مع السودان من هذه الناحية منوهة الى أن ذلك جاء على خلفية زيارة بومبيو للخرطوم قادما مباشرة من تل أبيب. وفي حديثه مع رئيس حكومة السودان الانتقالية عبد الله حمدوك تداول بومبيو موضوع التطبيع مع دولة الاحتلال ولاحقا قال الوزير الأمريكي في تغريدة في تويتر بعد اللقاء مع حمدوك: “تداولنا في التطورات الإيجابية الخاصة بعلاقات إسرائيل والسودان”. ونقل عن حمدوك قوله لبومبيو إنه لا توجد صلاحية لحكومة السودان الانتقالية اتخاذ قرار بالتطبيع مع إسرائيل. كما نقلت “يسرائيل هيوم” التي تعتبر بوقا لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إنه يصادق على ما قاله المسؤول الأمريكي وتابع: “نعم، هناك انطلاقة جديدة وهناك مساعٍ لعقد مؤتمر سلام في الخليج”. وقالت الصحيفة إن البيت الأبيض يعتقد أن صاحب القرار في الخرطوم هو رئيس المجلس المؤقت عبد الفتاح برهان الذي سبق والتقى بنتنياهو قبل نصف العام وعبّر عن دعمه لتعزيز العلاقات مع إسرائيل ومع الولاياتالمتحدة. وبارك وزير المخابرات في حكومة الاحتلال ايلي كوهين “شق الطريق” مع السودان لافتا إلى أن وزارته نشرت في الآونة الأخيرة مسحا أوليا لمجالات الاهتمام المشتركة بين إسرائيل والسودان وحسب هذه اللائحة تستطيع الخرطوم مساعدة إسرائيل بمنع عمليات تهريب السلاح لقطاع غزة عبر البحر الأحمر والمساهمة في حربها على “الإرهاب”. كذلك أوضح وزير المخابرات الصهيوني إيلي كوهن أن اتفاق التطبيع مع السودان سيساعد في إبعاد المتسللين من السودان للبلاد وإعادة من تسللوا لموطنهم. ويوشك قطار التطبيع بين السودان وكيان العدو الصهيوني على بلوغ محطته الأخيرة بعد ترحيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتصريحات المنسوبة للخارجية السودانية التي تؤكد وجود اتصالات متبادلة وتتطلع للسلام مع الكيان الصهيوني.