تسود حالة من القلق داخل الأوساط الصهيونية من أن يفضي اتفاق التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني إلى حالة من الفوضى الأمنية والاضطرابات التي يمكن أن تؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية التي تأسست وفق اتفاق "أوسلو" سنة 1993م. وفي هذا الصدد يحذر مركز أبحاث الأمن القومي الصهيوني من إسهام اتفاق التطبيع في إضعاف مكانة السلطة الفلسطينية، وتعجيل انهيارها بشكل يفضي إلى انفجار الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، و"تحسين فرص حل الدولة الواحدة". تقدير الموقف الذي أعده الباحثان ألون ديكل وكوبي ميخال، وترجمه الباحث في الشأن الصهيوني الدكتور صالح النعامي، أشار إلى أن الاتفاق الإماراتي الصهيوني جاء في أوج الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها السلطة، موضحا أن اتفاق التطبيع الإماراتي يمثل الضربة الثالثة التي تلقاها الفلسطينيون بعد إعلان خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلاميا ب"صفقة القرن"، والمخطط الصهيوني لضم مناطق من الضفة الغربية. وفقا لتقدير الموقف العبري فإن "صفقة القرن"، التي رفضها الفلسطينيون استهدف تدشين تحالف عربي صهيوني أميركي، وأن الاتفاق الإماراتي إنما يأتي في إطار المخطط الأميركي لتدشين هذا التحالف في مواجهة إيران وخصوم الكيان الصهيوني في المنطقة. انهيار السلطة وتوقّع المركز أن تفضي التحولات الأخيرة إلى تعاظم التنافس داخل حركة "فتح" على القيادة. ولم يستبعد معدا التقرير أن تتحرك بعض القيادات الفتحاوية بهدف الإطاحة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس. ولا يستثني المركز إمكانية أن تفضي هذه التطورات إلى عودة القيادي المفصول من "فتح" محمد دحلان، المدعوم إماراتياً، الذي تم طرده من صفوف الحركة، والذي تفضله أيضا الكيان الصهيوني والولايات المتحدة. ويُرجح معدا التقرير أن يحظى دحلان بتفوق نوعي على خصومه ومنافسيه على قيادة السلطة لأنه يتمتع بدعم مصري سعودي إماراتي بخلاف الرضا الصهيوني والأمريكي عنه. ويتوقع التقرير أن يفضي عدم وجود توافق داخل المعسكرات المتنافسة على الساحة الفلسطينية إلى عدم استقرار الواقع الفلسطيني، وهو ما قد يفضي في النهاية إلى انهيار السلطة الفلسطينية. وأشار إلى أن انهيار السلطة يعزز من فرص تكريس حل "الدولة الواحدة" بين النهر والبحر. ويرى معدا التقرير أن حماس ربما تستغل هذا الواقع المأزوم في الضفة الغربية والصراعات داخل "فتح"، من أجل تحسين مكانتها، من خلال التعاون مع جهات فتحاوية تطالب باستئناف العمل المسلح. يعزز من هذه الفرضية أنه من غير المستبعد أن تدفع التحولات الأخيرة حركة "فتح" إلى تبني خط حركة "حماس" القائم على العمل المسلح. يقظة واستعداد وطالب معدا التقرير حكومة الاحتلال إلى ضرورة اليقظة والاستعداد لمثل هذا السيناريو؛ ولتقليص فرص تحقيق هذا السيناريو، فقد دعا المركز صنّاع القرار في تل أبيب إلى القيام بتحرك إقليمي ودولي لإقناع السلطة الفلسطينية بالعودة إلى طاولة المفاوضات، من منطلق أن "صفقة القرن" إحدى النقاط التي تستند إليها أي تسوية للصراع. خوفا من انهيار السلطة لما تمثله من قيمة كبيرة لخدمة الأمن القومي الصهيوني عبر التنسيق الأمني ولجم أعمال المقاومة الفلسطينية، يرى المركز وجوب إحداث تحول إيجابي على نمط تعاطي تل أبيب مع السلطة الفلسطينية، في أعقاب التوصل إلى اتفاق التطبيع مع الإمارات، لتحسين قدرتها على الحكم واستعادة التنسيق الأمني معها وإشراكها في المشاريع الاقتصادية والتكنولوجية التي يمكن أن يدشنها الكيان الصهيوني والإمارات. ولفت إلى أن المصلحة الصهيونية تتطلب أن تكون السلطة الفلسطينية جزءا من التعاون الإقليمي الذي يفترض أن يتطور بعد الاتفاق. وعدّ المركز اتفاق التطبيع مع الإمارات "إنجازا استراتيجيا جوهريا" للكيان الصهيوني، بسبب عوائده الاقتصادية والأمنية الناجمة عن التعاون الإقليمي، إلى جانب أن الاتفاق يؤذن بانتهاء قدرة الفلسطينيين على استخدام الفيتو على التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي. ودعا إلى توفير غطاء أميركي ومشاركة إماراتية أردنية مصرية لتوسيع إطار التعاون بالإقليم، وضم دول أخرى إلى مسار التطبيع، لا سيما البحرين في المرحلة الأولى، ثم عُمان والسعودية.