رئيسة الحزب الاشتراكي الألماني تعلن اعتزامها عدم الترشح مجددا لهذا المنصب    البرلمان العربي يوجّه رسائل عاجلة للأمم المتحدة وحقوق الإنسان واليونسيف لإنقاذ أطفال غزة    وفاة سيدة في عملية ولادة قيصرية بعيادة خاصة والنيابة تنتدب الطب الشرعي بسوهاج    ضبط 3 أشخاص تعدوا على طالب بسلاح أبيض فى الجيزة    إعلام عبرى: ويتكوف قدم لحماس مقترحا لصفقة تبدأ بالإفراج عن 10 محتجزين    أول تعليق من هانز فليك بعد اكتساح برشلونة نظيره ريال مدريد في الدوري الإسباني    وفاة المخرج عادل القشيرى.. ونقابة المهن التمثيلية تنعيه    "خارجية النواب" توافق على موازنة اللجنة التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية    الداخلية تضبط المتهم بالاستعراض بسيارة فى الطريق.. فيديو    تنطلق 22 مايو.. جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة أسيوط    مركز السينما العربية يمنح جائزة الإنجاز النقدي للناقد العراقي عرفان رشيد والقبرصي نينوس ميكيليدس    أمينة الفتوى: لا حرج في استخدام «الكُحل والشامبو الخالي من العطر» في الحج.. والحناء مكروهة لكن غير محرّمة    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    بث مباشر.. مدبولي يستقبل 150 شابًا من 80 دولة ضمن النسخة الخامسة من "منحة ناصر"    وزير الخارجية والهجرة يلتقي قيادات وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي    البترول تنفي وجود تسريب غاز بطريق الواحات.. لا خطر في موقع الحادث السابق    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    إصابة طالبة سقطت من الطابق الثالث داخل مدرسة فى بشتيل بالجيزة    فى المؤتمر المشترك الأول لكليات ومعاهد الإعلام :الأمية الثقافية تهدد مستقبل الإعلام العربى    وزير الخزانة الأمريكي: أحرزنا تقدمًا ملموسا في المفاوضات التجارية مع الصين    آدم البنّا يطرح أغنية "هنعمل إيه" مع مدين وتامر حسين- فيديو    جيش الاحتلال: نقل لواء المظليين من الجبهة السورية إلى غزة لتوسيع الهجوم    النائب محمد طارق يكشف كواليس إقرار قانون تنظيم الفتوى    الشوط الأول| زد يتقدم على مودرن سبورت بثنائية    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    عالم أزهري يكشف سبب السيطرة على التركة من الأخ الأكبر وحرمان الإخوة من الميراث    هل يخضع زيزو لجلسة تحقيق جديدة بالزمالك؟.. تعرف على التفاصيل    محافظ شمال سيناء يستقبل رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    محافظ الغربية: إطلاق أكبر قافلة طبية علاجية بمركز قطور    وزير الخارجية الفرنسي: العلاقات مع الجزائر «مجمدة تمامًا»    فرص مفاجئة.. اعرف حظ برج الجوزاء في النصف الثاني من مايو 2025    حملات مكثفة لإزالة الإشغالات والتعديات بمدينة العاشر من رمضان    محافظ أسوان يوجه للإسراع بإستكمال المشروعات المدرجة ضمن خطة الرصف بنسبة 98 %    سقوط مسجل شقى خطر بحوزته 25 كيس أستروكس معدة لتوزيعها بالفيوم    أسئلة تبحث عن إجابات حقيقية    غدا.. رئيس الوزراء اليوناني يلتقي نظيرته الإيطالية في روما    طرح 3 شواطئ بالإسكندرية للإيجار في مزاد علني| التفاصيل والمواعيد    الثلاثاء.. فتحي عبدالوهاب ضيف لميس الحديدي في "كلمة أخيرة"    الصور الأولى من فيلم هيبتا: المناظرة الأخيرة    جنى يسري تتألق وتحرز برونزية بطولة العالم للتايكوندو للناشئين تحت 14 سنة    مصدر مقرب من اللاعب ل في الجول: عمر فايد يرغب باستمرار مشواره الاحترافي    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع سير منظومة العمل بملف التصالح بالمركز التكنولوجي في الواسطى    فتح باب التسجيل للتدريبات الصيفية بمكاتب المحاماة الدولية والبنوك لطلبة جامعة حلوان    خلف الزناتي: تنظيم دورات تدريبية للمعلمين العرب في مصر    انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف    المستشار محمود فوزي يرفض مقترحات بحظر النشر في ملف الإيجارات القديمة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    محافظ الشرقية يشهد حفل قسم لأعضاء جدد بنقابة الأطباء بالزقازيق    رد حاسم للاتحاد التونسي: هل طلب الأهلي استثناء بن رمضان من معسكر المنتخب؟    الأحوال المدنية تستخرج 32 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    خبر في الجول - عمر خضر يقترب من الغياب أمام غانا بسبب الإصابة    تأجيل محاكمة 41 متهم ب "لجان العمليات النوعية بالنزهة" استهدفوا محكمة مصر الجديدة    ارتفاع كميات القمح المحلي الموردة للشون والصوامع بأسيوط إلى 89 ألف طن    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    احتدام المنافسة على البقاء بين مصطفى وكوكا.. نانت يتعادل مع أوكسير ولو هافر يخسر من مارسيليا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس فوق صفيح ساخن.. انقلاب هادئ ضد النهضة تحت رعاية الرئيس

عندما ننظر بعين الفحص والتحليل إلى المشهد التونسي نجد أن الرئيس قيس سعيد الذي جاءت به قوى الثورة التونسية إلى الحكم وعلى رأسها حركة النهضة بزعامة الشيخ راشد الغنوشي، يجري انقلابا سياسيا هادئا يستهدف به الانفراد بالسلطة عبر تطويع تأويلات لنصوص الدستور يريد منها منحه صلاحيات استثنائية في ظرف غير استثنائي.
وفي مقاله "تونس: جولة ثانية من معركة الرئيس ضد "النهضة" والبرلمان"، يرى الكاتب والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشي، أن الرئيس قيس سعيد عندما سلّم رسالة تكليف إلى هشام المشيشي لتشكيل الحكومة الجديدة، مساء السبت الماضي، قال في كلمته القصيرة: "نحترم الشرعية ولكن آن وقت مراجعتها حتى تكون بدورها تعبيراً صادقاً وكاملاً عن إرادة الأغلبية".
وبحسب الجورشي، فقد بدأ سعيّد فعلاً هذه المراجعة عندما تجاهل كل الأسماء المقترحة من الأحزاب، التي قضت أياماً في البحث والتشاور لاختيار الشخصية الأجدر لتولّي رئاسة الحكومة، وعيّن في المقابل شخصاً قريباً منه، لم يكن اسمه وارداً. لم يكن ذلك من باب الصدفة، بل تمّ بوعي حين عمد سعيّد إلى تجاهل مقترحات الأحزاب، رافضاً بوضوح التعامل إيجابياً مع البرلمان، في رسالة مبطنة مفادها عدم استعداده للتنازل عن أي صلاحية من صلاحياته، لمن يعتبرهم غير ممثلين حقيقة لإرادة الشعب التونسي، رغم انتخابهم من قبل المواطنين قبل أقل من سنة.
ويشرح الجورشي ذلك بأن تأويل الرئيس يكاد يتفرّد به في تونس، لأنه يعتبر الديمقراطية التمثيلية تزييفا ومنظومة تجاوزتها حركة التاريخ. بناء عليه قرر أن يهمّش الأحزاب، مجهّزاً الأرضية لدفنها تدريجياً، ويعتمد في ذلك على شرعيته الانتخابية التي لا تزال استطلاعات الرأي تؤكدها رغم تراجع نسب المؤيدين له، إثر خسارته نحو 10 نقاط بعد تسعة أشهر من ممارسته السلطة.
تجاوز للدستور
وتعتبر الطريقة التي اعتمدها سعيّد لتعيين المشيشي مثيرة للجدل، ويراها البعض تجاوزاً لمقتضيات الدستور. فاستناد سعيّد إلى الفصل 80 الذي يسمح لرئيس الجمهورية بتعيين رئيس حكومة جديد تحت ظرف "خطر داهم"، يفسّره البعض بكونه تأويلا غير دقيق للدستور، نظرا لتضمنّه تجاوزاً صريحاً للصبغة البرلمانية للنظام الذي تم اختياره من قبل المجلس الوطني التأسيسي (2014)، وهو ما تم تثبيته في الفصل 89، الذي ينصّ على أن الحكومات تنبثق عن البرلمان وأن الحزب الأول هو الذي يختار رئيس الحكومة، وأن رئيس الجمهورية ملزم بإجراء مشاورات مع هذا الحزب. غير أن سعيّد قفز عن هذا المسار، ولم يأخذ بعين الاعتبار موازين القوى الحزبية، بل اتجه نحو تشكيل حكومة الرئيس بامتياز.
ويتوقع البعض أنه سيتعامل مع المشيشي كوزير أول وليس كرئيس حكومة بجميع صلاحياته الدستورية. ولرئيس الجمهورية الحق في الإشراف على الحكومة وتسييرها. ويعني هذا أن النظام السياسي خضع لتغييرات كبرى من دون أن يتم الاتفاق حول محتوياتها وآلياتها.
القطيعة مع "النهضة"
الأمر الآخر الذي أصبح واضحاً جداً بحسب الجورشي يتعلق بالقطيعة القائمة فعلياً بين رئاسة الجمهورية وحركة النهضة. لا يخفي سعيّد رغبته في تقليص حجم ودور رئيس البرلمان، رئيس الحركة، راشد الغنوشي، وسعيه الدؤوب نحو شطبه وإخراجه من المشهد السياسي، مستغلاً دعوات أطراف عديدة طالبت بسحب الثقة منه في رئاسة البرلمان.
ويفسر "الجورشي" ذلك أنه في اعتقاد الرئيس التونسي، أن حركات الإسلام السياسي تتجه نحو الانقراض، وأن مسارها مناهض لحركة التاريخ، وأنها تستثمر أوضاعاً سيئة، وتستفيد من نظام سياسي أصبح في حاجة عاجلة للمراجعة و"التصحيح".
ولمزيد من التوضيح يضيف "الجورشي" أن الرئيس لم يصرح بذلك حتى الآن، لكن بالعودة إلى مواقفه ورؤيته للأشياء، يتبين من خلال خطواته وتوجهاته السياسية أنه يتعمد حشر حركة النهضة في زوايا ضيقة، ويسير بنسق متسارع نحو تثبيت أولويته بالشرعية الحقيقية، وأن النهضة وبقية الأحزاب تتحرك في مجال لا يعكس حقيقة توجهات الرأي العام. وهو ما فهمه رئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ حين عمد إلى إقالة وزراء النهضة رغم أن حكومته أصبحت حكومة تصريف أعمال.
ضبابية وترقب
في ظل هذا الوضع المضطرب جداً، يحاول المشيشي التحرك نحو تشكيل حكومته، وينتظر الجميع التعرف على المنهجية التي سيسلكها، وما إذا كانت حكومته سياسية مدعومة بكفاءات أم ستكون مصغرة ومؤلفة من تكنوقراط؟ هذا الأمر سيكون محدداً لمعرفة طبيعة المرحلة المقبلة، فالأحزاب تنتظر المؤشرات الأولى لمعرفة اتجاه الريح لتحديد موقفها السياسي.
في هذا السياق بدأت بعض الأحزاب، مثل حركة الشعب والتيار الديمقراطي، بالدفع نحو تشكيل حكومة سياسية تضم حزب قلب تونس، شرط استبعاد حركة النهضة، وإن كان أحد كوادر التيار الديمقراطي، محمد عربي الجلاصي نفى ذلك بقوله إن حزبه "لم يطالب بحكومة بلا حركة النهضة، بل بحكومة غير قابلة للابتزاز". وهو موقف لم يستسغه البعض نظراً لإصرار هذه الأحزاب من قبل على اتهام قلب تونس بالفساد. مع العلم أن التنسيق متواصل بين الغنوشي ورئيس قلب تونس، نبيل القروي. لكن صيغة تشكيل حكومة خالية من حركة النهضة تبقى مجرد فرضية مقترحة، وإن كانت تقف أمامها عراقيل كثيرة.
وبحسب "الجورشي"، يمكن أن تصبح هذه الصيغة واردة في حال قررت حركة النهضة الانتقال من المشاركة في الحكم إلى المعارضة بعد أن تعددت خلافاتها السياسية مع أطراف عديدة، وهو اختيار ستكون له تبعات عديدة على أكثر من صعيد. غير أنه رغم عدم ثقة النهضة في رئيس الدولة، إلا أن خطتها الحالية لا تتضمن الدخول في مواجهة مفتوحة وعلنية ضده، لكن المناورة ستكون هي الأسلوب المعتمد إلى أن تتضح الرؤية ويتغير المشهد كلياً. حتى الآن، يمكن توقع ألا تسعى حركة النهضة والأحزاب المتقاطعة معها نحو عدم منح الثقة لحكومة المشيشي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.