إن ما يحدث من تفاصيل داخل المشهد التونسي، يعتبر مخاضاً إصلاحياً، يهدف إلى وقف مخططات سيطرة الأطراف المتطرفة، على مفاصل المؤسسة البرلمانية, حيث فجرت استقالة "إلياس الفخفاخ" رئيس الحكومة التونسية الأسبق هذا الشهر, أزمة سياسية في البلاد وسط توتر وصل مداه إلى البرلمان, فقد سعت بعض الأحزاب لسحب الثقة من رئيس البرلمان "راشد الغنوشي" زعيم حزب النهضة الاسلامي. وعقد المجلس جلسة لسحب الثقة يوم الخميس الماضى. وفى هذا السياق ذكرت الرئاسة التونسية, إن الرئيس قيس سعيد كلف السبت الماضى وزير الداخلية "هشام المشيشي" بتشكيل حكومة جديدة, وسط آمال بنزع فتيل الأزمة السياسية والمضي قدما نحو استقرار سياسي, وتعهد رئيس الوزراء المكلف بالاستجابة للمطالب الاجتماعية والاقتصادية التي أثارت احتجاجات مستمرة في البلاد. وقال المشيشي إنه سيعمل جاهداً على تكوين حكومة تستجيب لتطلعات كل التونسيين, وتعمل على الاستجابة لاستحقاقاتهم المشروعة, والتي طال انتظارهم لها طيلة السنوات الأخيرة, وأمام المشيشي، وهو مستقل، شهر لتشكيل حكومة يمكنها ضمان تحقيق أغلبية في البرلمان وإلا فإن الرئيس سيحل المجلس وسيدعو لانتخابات جديدة. وباختيار المشيشي (46 عاما) الذى يُنظر له على نطاق واسع, باعتباره مقرباً من سعيد وكان مستشاراً له في السابق, أن سعيد نحى جانباً كل الترشيحات التي قدمتها الأحزاب السياسية وهو ما يجعل النتيجة غير مضمونة داخل البرلمان, وقال سعيد خلال تكليف المشيشي إن "الاستجابة لمطالب شعبنا المشروعة والطبقات المحرومة من أوكد الأولويات, وأضاف في إشارة إلى أن اختياره مختلف عن مقترحات الأحزاب الرئيسية " نحترم الشرعية لكن آن الأوان لمراجعتها حتى تكون بدورها تعبيرا صادقا وكاملا عن إرادة الأغلبية". كان المشيشي أيضاً عضواً بالهيئة الوطنية للتقصي حول الفساد التي تشكلت في عام 2011, عقب الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي, لكن محللين يقولون إن المشيشي ليس له خلفية اقتصادية, بينما تعاني المالية العامة وضعاً حرجاً للغاية، وتحتاج البلاد لإصلاحات عاجلة يطالب بها المقرضون الدوليون. وأجمعت مصادر سياسية تونسية على أن الرئيس قيس سعيد، قد وجه أشد رسالة عملية إلى حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي باختياره وزير الداخلية هشام المشيشي، لتشكيل الحكومة الجديدة. واعتبرت المصادر أن الرئيس التونسي باختيار المشيشي، استخدم أهم صلاحياته السياسية والدستورية، لتضييق الخناق على حركة النهضة الإسلامية وعلى رئيسها راشد الغنوشي. وتوقعت استمرار المعركة السياسية دون أن تطول كثيرا، وفق أدوات دستورية يستخدمها الرئيس سعيد على أساس لا للتطبيع مع مناورات حركة النهضة، وعدم السماح باستمرار سطوتها على المشهد السياسي. في إشارة إلى تعبير الرئيس عن احترامه للشرعية، لكن آن الأوان لمراجعتها حتى تكون بدورها تعبيرا صادقا وكاملا عن إرادة الأغلبية. وينظر إلى المشيشي الذي انطلق في مشاوراته مع الأحزاب السياسية لتشكيل حكومته في مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما، على أنه رجل قانون ُومقرب من الرئيس قيس سعيد، الأمر الذي رأى فيه البعض أن اختياره جاء كرد مباشر على تصريحات سابقة للغنوشي اعتبر فيها أن تونس بحاجة إلى رجل اقتصاد، وليس رجل قانون لرئاسة الحكومة. وقالت مصادر تونسية هذا الشهر, إن تونس تتفاوض مع أربعة بلدان لإرجاء تسديد ديون, في خطوة تظهر صعوبة الوضع المالي للبلاد, والذي تفاقم بسبب أزمة كورونا فيروس. على الجانب الجانب مازالت أزمة سحب الثقة من رئيس البرلمان, حيث تهدد أربع كتل نيابية بسحب الثقة منه، على وقع اتهامات قد تنهي حياته السياسية, ويسود شبه إجماع بين الكتل البرلمانية الموقعة على عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان التونسي، وحزب قلب تونس، والمنظمات الوطنية، على ضرورة استبعاد حركة النهضة من أي تشكيلة حكومية مقبلة, وتقود محاولة إطاحة بالغنوشي من على رئاسة البرلمان "عبير موسى" رئيسة الحزب الدستوري الحر، التي تتهم الغنوشي ب" الإرهاب" و"بتلقي حزبه حركة النهضة أموالا من الخارج". وأكدت موسي ألا تراجع عن الاعتصام في البرلمان، حتى تحقيق مطلب الشعب التونسي بإزاحة راشد الغنوشي عن رئاسة مجلس النواب، داعية إلى منع حركة النهضة من إدخال البلاد في متاهات سياسية, وصرّحت بأن استمرار الغنوشى فى قيادة البرلمان خطر على الأمن القومى التونسى. وكان ممثل الكتلة الديمقراطية نبيل حاجي وزهير المغزاوي، قد أعلنا انسحابهما من الاجتماع المخصص للنظر في لائحة سحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي، وذلك احتجاجاً على ما اعتبروه تحايلاً من قبل حركة النهضة والغنوشي, ولكن أعلن مكتب مجلس النواب التونسى تأجيل تحديد موعد جلسة سحب الثقة من رئيس البرلمان "الغنوشى", وذلك لعدم اكتمال النصاب, وسوف يحدّد مكتب البرلمان تاريخ عقد الجلسة العامة التي ستنظر في اللائحة.