عاد ملف "الحبس الاحتياطي" إلى السطح مجددا بعدما، كرر أعضاء بالمجلس القومي لحقوق الإنسان "حكومي" بمراجعة شاملة لملف المحبوسين احتياطيا والمقدرة أعدادهم بنحو 30 ألف معتقل بين 65 ألف معتقل في سجون السيسي. وطالب أعضاء القومي لحقوق الإنسان راجية عمران وكمال عباس وجورج إسحق، بالإفراج عن كل من تجاوز المدد القصوى للحبس الاحتياطي التي لا يجوز في جميع الأحوال أن تتجاوز سنتين. ودعا الأعضاء بمراجعة شاملة للملف، في بيان مشترك إلى "التمسك بقيم العدالة والإنصاف لنؤكد على مطالبنا بمراجعة شاملة لملف المحبوسين احتياطيا، الذي يبدأ حتما بالإفراج عن كل من تجاوز المدد القصوى للحبس الاحتياطي التي لا يجوز في جميع الأحوال أن تتجاوز سنتين وفقا لنص المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، وهو ما كان يجب تنفيذه في حق المرحوم شادي حبش قبل واقعة وفاته بالسجن"، محتجة في طلبها ب"الظروف الصعبة التي يمر بها العالم وانتشار الخوف من خطر انتشار فيروس كورونا الجديد". بيان الأعضاء الثلاثة قال: "يجب أن يتم تنفيذ الإفراج الفعلي عمن تجاوزوا مدة الحبس الاحتياطي، ودون إعادة حبسهم على ذمة قضايا جديدة". ودعوا إلى ضمان تمتع المحبوسين في السجون من حقوقهم في دخول الأغذية والاتصال التليفوني وتبادل الخطابات، وهي الحقوق المكفولة بموجب قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 ولائحة السجون. آلاف محبوسون احتياطيا وتزامن بيان الأعضاء الثلاثة مع تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الأمريكية، أمس الاثنين، قالت إن السلطات المصرية احتجزت المئات، وعلى الأرجح الآلاف، في الحبس الاحتياطي دون أن تتظاهر حتى بإجراء مراجعة قضائية لاحتجازهم، فيما يُعَدّ انحطاطا جديدا للنظام القضائي في البلاد. وكشف التقرير إلى آخر قرارات سلطة الانقلاب من تعليق الجلسات المخصصة لنظر تجديد الحبس، بينما لجأت المحاكم والنيابات إلى تمديد الحبس الاحتياطي بشكل شبه تلقائي منذ منتصف مارس 2020 بذريعة فيروس كورونا. واستندت المنظمة إلى إفادات لمحامين قال إن السلطات لم تعقد جلسات تجديد للحبس منذ منتصف مارس وحتى بداية مايو، وهي الفترة التي شهدت الإغلاق الجزئي للمحاكم ضمن التدابير المتصلة بفيروس كورونا. بين 2 و9 مايو، وأن نيابات أمن الدولة العليا والمحاكم الجنائية – وهي مسؤولة عن مراجعة الحبس الاحتياطي عندما يتخطى خمسة أشهر– مددت الحبس الاحتياطي بشكل شبه تلقائي لجميع المحتجزين الذين كان من المقرر النظر في تجديد حبسهم. ودعت "رايتس ووتش" إلى مراجعة فورية وشاملة لقانونية احتجاز جميع المحتجزين في الحبس الاحتياطي المطوّل وأن يأمروا فورا بإخلاء سبيلهم في انتظار محاكماتهم، إلا إذا كان هناك أدلة واضحة على وجود ضرورة قانونية لحبسهم احتياطيا على ذمة القضية، مثل وجود تهديد واضح للشهود أو خطر الهرب. وأضاف التقرير أن جميع المحتجزين في الحبس الاحتياطي لديهم الحق في محاكمة ضمن إطار زمني معقول، أو الإفراج عنهم. وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "نزع فيروس "كورونا" آخر ورقة تغطي عورات نظام الحبس الاحتياطي المجحف للغاية في مصر، إذ توقف معه حتى التظاهر الشكلي بإجراء مراجعة مستقلة. على السلطات المصرية أن تُنهي الاستخدام المُفرِط للحبس الاحتياطي بدلا من جعله القاعدة". استخدام تعسفي وقالت هيومن رايتس ووتش إن نظام الحبس الاحتياطي في مصر لطالما استُخدِم تعسفا، لا سيما في نيابة أمن الدولة العليا. تُراجع محاكم الجنايات قرارات الاحتجاز هذه بعد 150 يوما. وأشارت إلى أنه حتى قبل إغلاق المحاكم والنيابات بسبب كورونا، كانت هذه المراجعات القضائية عادة غير كافية. وبات حضور جلسات تجديد حبس الموكلين أمرا غير مُجد ومهين للمحامين بحسب التقرير. واشار محامون إلى أن القضاة عندما يكون عليهم مراجعة احتجاز مئات المحتجزين في غضون ساعات قليلة، يختارون محام واحد ليتكلم نيابة عن جميع المحتجزين في كل قضية يُراجعونها في ذلك اليوم. واضافوا أنه نادرا ما تُفرج نيابات أمن الدولة العليا والمحاكم الجنائية عن المحتجزين رهن الحبس الاحتياطي أو تعرض أدلة تبرر استمرار احتجازهم، كما يحتجزون الكثير من المتهمين دون محاكمة لأكثر من عامين، وهي أقصى مدة يسمح بها القانون المصري للحبس الاحتياطي. 30 ألف معتقل وفي تصريح سابق، قدر رئيس لجنة حقوق اﻹنسان ببرلمان الانقلاب علاء عابد، عدد المحبوسين احتياطًا حتى يناير 2018 من 25 إلى 30 ألف سجين من إجمالي عدد السجناء الذي يقارب 65 ألفًا. وأشارت منظمات حقوقية مصرية ودولية إلى أن حالات الحبس الاحتياطي وصلت لعددٍ لم يسبق له مثيل في تاريخ مصر. وبحسب تقرير للمجلس القومي لحقوق الإنسان تصل نسبة التكدس داخل السجون بين 160% في السجون إلى 300% في مقار احتجاز مراكز الشرطة، حسب تقرير رسمي صدر عن المجلس عام 2016. شادي حبش وكان المخرج الشاب شادي حبش، 24 عاما، توفي في سجن طرة بالقاهرة في 1 مايو، وأمضى أكثر من 26 شهرا، في الحبس الاحتياطي بسبب دوره في إعداد فيديو لأغنية تسخر من الرئيس السيسي، ولكن الإهمال الطبي في السجون وفي ظل جائحة كورونا تسبب بقتله. الغريب أنه بعد وفاة حبش، أمر النائب العام حمادة النيابة ب "فحص أحوال المتهمين الصادرة أوامر بحبسهم احتياطيا" و"إنجاز قضايا المحبوسين على ذمتها في آجال مناسبة". وعلى أثر فيروس كورونا والذي وصل السجون ومقار الاحتجاز، رغم إعلانات متكررة من داخلية الانقلاب بتعقيم السجون وإجراء المسحات والكشف الطبي كما عمدت "الداخلية" بشكل عام إلى عزل المحتجزين عن العالم الخارجي منذ 10 مارس عبر منع كافة الزيارات عن السجون وعدم السماح للمحتجزين بتلقي مكالمات هاتفية أو مراسلات كتابية.