بسبب إهمال نظام العسكر الدموي للقطاع الصحي خاصة الأطباء والمستشفيات الحكومية تصاعدت أرقام المصابين وحالات الوفاة الناتجة عن تفشي فيروس كورونا بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة. كانت مصر سجلت أمس أعلى عدد إصابات يومية بكورونا ب358 حالة.. و14 حالة وفاة ليصل إجمالي المصابين إلى 5895 حالة. ورغم تحذيرات منظمة الصحة العالمية من أن مصر ستتحول إلى أكبر بؤرة لفيروس كورونا في منطقة الشرق الأوسط وربما في العالم كله، إلا أن نظام العسكر حاول في البداية انكار تفشي الفيروس في البلاد وخرجت أبواقه الإعلامية وشيوخ السلطان لتزعم أن مصر في أمان وأن فيروس كورونا لا يمكن أن يدخلها أو يغزوها كبقية بلاد العالم، وهذا أثار سخرية العالم كله من نظام السيسي وطرق مواجهته للأزمات. ومع تصاعد أعداد المصابين خاصة بين الأطباء بدأت المأساة تتكشف؛ حيث لا مستشفيات أو تجهيزات ولا مستلزمات وقائية؛ ما يثير التساؤل عن مصير ال 100 مليار جنيه التي أعلن السيسي تخصيصها لمواجهة الوباء.
إدارة فاشلة للأزمة نقابة الأطباء من جانبها اعترضت على إهمال العسكر وطريقة إدارته لأزمة كورونا ومواجهتها، وقالت إن نظام العسكر يتعامل بطريقة سيئة حتى مع الأطباء الذين لا تقدر جهودهم بثمن ولا يمكن لأي تعويض مالي أن يعوضهم أو أسرهم عن الإصابة بمرض خطير أو فقدان الحياة، مؤكدة أن الأطباء هم خط الدفاع الأول عن الوطن في حربه على مخاطر الأمراض والعدوى. وطالبت نقابة الأطباء رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي بمعاملة كل من يصاب أو يتوفى من الفريق الطبي بكورونا معاملة مصابي وشهداء العمليات الحربية. وقالت إن هناك العديد من الأطباء أصيبوا بالعدوى بفيروس كورونا أثناء أداء أعمالهم لحماية الوطن من هذا الفيروس، وبعضهم نقله لأسرته، والبعض الآخر لقي ربه شهيدا بالعدوى معربة عن أسفها؛ لأن هناك انتقاصًا وعدم تقدير من جانب حكومة الانقلاب. منهجية موحدة
وفيما يشيه الاحتجاج على ما يجري في دولة العسكر طالب الدكتور جون جبور ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر بوجود منهجية علمية موحدة في التعامل مع فيرس كورونا تغطي جميع أنحاء البلاد. وقال جبور، في تصريحات صحفية: كلما كان هناك منهجية علمية كلما ساهم ذلك في كشف الإصابات على مستوى الجمهورية. وأكد أن منظمة الصحة العالمية توصي دائمًا بزيادة الكشف والفحوصات، لكونه سيسهم في كشف المزيد من الإصابات، موضحا أن كل دولة لا بد أن تزيد من الفحوص على منهجية موحدة لنكشف إصابات أكثر، ليس ضروريًا أن تكون جميعها إيجابية، لكنها تؤكد صحة البيانات المتاحة لدينا، لحماية المجتمع. وشدد جبور على ضرورة الالتزام بالبقاء في البيت والتباعد الاجتماعي؛ لأنه يخفف الضغط على النظام الصحي ويجعل المستشفيات في راحة أكثر، وبالتالي نصل لمرحلة وقمة مُسطحة للوباء. سياسة الانقلاب
وقال محمد السعيد إنه بحلول نهاية الأسبوع الأول من مارس الماضي، كان العالم بأسره قد أيقن أنه يواجه خطرا حقيقيا مع بلوغ عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد أكثر من 111 ألف حالة في أكثر من مئة دولة، في حين كان الوباء قد حصد أرواح أربعة آلاف شخص، ولكن في إعلام العسكر، كانت الصورة مختلفة وهزلية إلى أقصى حد؛ حيث كان يؤكد أن مصر “مختلفة عن أي مكان آخر في العالم”، وأن آثار المرض لا تتجاوز أعراض “نزلة برد” عادية يمكن أن تصيب أي شخص. واضاف أن تجاهل الخطر والتهوين منه هو سياسة ممنهجة اتبعها إعلام العسكر، في مواجهة تقارير موثوقة من دول متعددة، مثل تايوان وكندا وفرنسا وغيرها وثقت إصابة عدد من السياح بفيروس كورونا بعد زيارتهم إلى مصر. وأشار إلى أن حالة الإنكار لم تقتصر على وسائل الإعلام، ففي منتصف شهر فبراير، فاجأت وزيرة صحة الانقلاب هالة زايد المصريين والعالم بتصريح صادم أكدت خلاله أن الفيروس لن يصيب المصريين؛ لأنه يعيش في الصين وليس في مصر”، وزعمت أن “الفيروس غير مُعْدٍ بشكل خطير”، وأنها لا تنوي منع السياح الصينيين من دخول البلاد. وتابع السعيد: مع تسجيل أول إصابة لشخص مصري بالفيروس في 5 مارس، قبل أن تتوالى الإصابات خلال الأيام اللاحقة لتسجيل قرابة 300 حالة إصابة رسمية بحلول 19 مارس، أي بعد أسبوعين من تسجيل أول إصابة، لم يصدر أي تعليق رسمي من مسئول حكومي حول ما تنوي دولة العسكر فعله لمواجهة تفشي المرض. ولفت الى أن حكومة الانقلاب وجدت نفسها مضطرة أخيرا للتدخل بعد أسبوعين من الصمت، لتصدر قرارات بإغلاق جميع المطاعم والمقاهي والملاهي الليلية والأماكن العامة في أنحاء البلاد تبعتها مراسيم أخرى بتعليق عمل المؤسسات التعليمية ووقف إقامة الشعائر الدينية والصلوات في المساجد والكنائس، رغم أن هذه الإجراءات لم تمنع حكومة الانقلاب من محاولة فرض روايتها الإعلامية حول الفيروس ومحاصرة أي تغطيات إعلامية مستقلة.
إعلام العسكر وأكد السعيد أن الاحتكار المفتعل للرواية الإعلامية حول انتشار الوباء لم يكن هو الظاهرة الأكثر إثارة للانتباه بقدر ما كان الاختفاء المثير والغامض لعبد الفتاح السيسي، المعروف بحبه للظهور الإعلامي؛ حيث انتظر السيسي حتى يوم 22 مارس، أي بعد مرور 17 يوما على تسجيل أول حالة إصابة رسمية، قبل أن يظهر خلال الاحتفال بعيد الأم، داعيا المصريين إلى الالتزام بالإجراءات الاحترازية، ومعلنا تخصيص مبلغ مئة مليار جنيه لمواجهة الفيروس. وأضاف عقب ظهور السيسي تم اتخاذ حزمة جديدة من إجراءات العزل الصحي في 24 مارس شملت فرض حظر للتجوال وإيقاف وسائل النقل وغلق المحلات التجارية والحرفية وتقليص عدد موظفي الدولة وإيقاف خدمات الشهر العقاري والمرور والسجل المدني. وتابع السعيد: لكن حكومة الانقلاب سرعان ما بدأت تلمس التأثير واسع النطاق لإجراءات الحظر على الاقتصاد والمعيشة وتدرك مدى محدودية قدرتها على تعويض الأضرار الواسعة التي أصابت عمال اليومية الذين توقفت أعمالهم بشكل كامل وموظفي القطاع الخاص الذين جرى تسريح أعداد كبيرة منهم بسبب الحظر، بجانب ضغوط رجال الأعمال الداعين لاستئناف النشاط الاقتصادي، وهو ما دفع حكومة الانقلاب لتقليص ساعات الحظر وتخفيض شروطه عبر السماح باستئناف العمل في قطاع الإنشاءات الحيوي، ولاحقا السماح بفتح المحال التجارية ومراكز التسوق خلال ساعات النهار. وأكد أن هذه السياسة -قصيرة النظر- ربما تُثبت أنها خطيرة ومكلّفة في وقت قريب حال استمر تفشي الفيروس في مصر، وحال بلوغه معدلات انتشار قريبة من تلك الموجودة في الولاياتالمتحدة وأوروبا خاصة في ظل ضعف القطاع الصحي في البلاد ومحدودية قدرته على التعامل مع أعداد كبيرة من الإصابات في وقت واحد، وحتى على المستوى الاقتصادي، من غير المُرجَّح أن يكون الاستئناف الجزئي للنشاط كافيا لحماية مصر من الآثار الاقتصادية السلبية لتفشي المرض، التي سيتوقف عمقها على حجم التفشي ومدته، بخلاف ما يحمله الركود الاقتصادي المحتمل في البلاد من عواقب سياسية على استقرار نظام العسكر. نظام التكليف ومن الإجراءات التى يتبناها نظام العسكر وكأنه يتعمد تطفيش الأطباء فى وقت مصر أحوج ما تكون فيه اليهم نظام التكليف الجديد حول هذا النظام أكد الدكتور إيهاب الطاهر الأمين العام لنقابة الأطباء إن 70% من الأطباء الجدد يرفضون التسجيل بحركة التكليف طبقا للنظام الجديد، ويطالبون بالعودة إلى النظام القديم. وقال الطاهر في تصريحات صحفية إن نظام التكليف الجديد له سلبيات كثيرة تضر بالأطباء ولا تسهم في تدريب المنظومة الصحية، مؤكدا أن حل المشكلة سريعا يرفد المنظومة بأكثر من 8000 طبيب يمكن الاستعانة بهم لمواجهة جائحة كورونا. وأوضح أن الحل ببساطة هو الدمج بين مميزات النظام الجديد والقديم، وذلك لصالح الأطباء الجدد والقدامى ولصالح المنظومة التدريبية والمنظومة الصحية نفسها. وأضاف الطاهر أرى أن لدينا 7000 طبيب شاب نحتاجهم بشدة في هذا الوقت الصعب، وهم بالفعل متحمسون للمشاركة فى مواجهة الوباء دفاعا عن سلامة الوطن لكن حكومة الانقلاب يبدو انها لا تريد خدمة الوطن. وأكدت الدكتورة أسماء حسن النمر، مساعد أخصائي الأمراض الصدرية والدرن بمستشفى صدر العباسية،انه يعانون من عجز في عدد الأطباء. وقالت “أسماء” فى تصريحات صحفية نحن كأطباء لا نتأخر عن دورنا، لأن هذا واجبنا الوطني والإنساني مشيرة إلى أن أغلب الأطباء يعملون ويساعدون المرضى؛ لأن هذا دورهم الإنساني، لكن مرتباتهم لا تكفي المواصلات، ومصاريفهم الشخصية. ويكشف الدكتور باسم عطية، طبيب في وحدة صحية بالإسكندرية عن جانب من الإهمال واللامبالاة من وزارة الصحة بحكومة الانقلاب ما أدى إلى انتشار كورونا. ويقول عطية: في خضم وباء كورونا العالمي والاحتياطات الدولية غير مسبوقة النظير، بدأت حملة السيسي للتطعيم ضد الحصبة بدءا من 8-3-2020 إلى 26-3-2020 والتي يحرص النظام على تلميع صورته أمام الجماهير بواسطتها. وأضاف: رأيت بعيني في وحدتي التي أعمل بها كيف يتكدَّس يوميا أكثر من 500 أم وطفل انتظارا لدورهم في التطعيم، دون أي إجراءات وقائية أو معايير صحية متبعة تمنع انتقال عدوى كورونا. الوضع هنا كارثي. وأشار عطية إلى أن هذا نموذج من التكدُّس البشري الذي يُمثِّل بيئة خصبة لتفشي كورونا خلال حملة الحصبة.