يمر اليوم عام كامل على الحرب الإرهابية التدميرية التي يشنها الانقلابي خليفة حفتر على العاصمة الليبية طرابلس، والتي بدأت فى الرابع من أبريل 2019 بدعم من تحالف الشر، والذى يضم كلا من عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموي، وعيال زايد فى الإمارات، والأمير المنشار محمد بن سلمان ولى العهد السعودي . ورغم الجرائم التى ارتكبتها مليشيات حفتر فى عدد من المدن والمطارات الليبية الخاضعة للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، بقيادة فائز السراج، وقتل آلاف المدنيين وتدمير بعض المنازل والمبانى والمنشآت الحكومية، إلا أن مليشيات حفتر فشلت فى دخول طرابلس، كما كانت تزعم فى بداية هجومها البربري أنها ستدخلها خلال أيام، بل نجحت حكومة الوفاق فى التصدي لهذا الهجوم وهزيمة قوات حفتر فى أكثر من موقعة، وقتل وأسر عدد من قادة هذه القوات، رغم ما تحظى به من دعم كبير من السيسي وعيال زايد . وبفعل تدخل الإمارات في ليبيا، لم تعد البلاد ساحة صراع أوروبي بمعنى صراع إيطالي فرنسي تقليدي، بل انجرفت إلى أتون صراع أمريكاوروسيا، وهو ما عنته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عندما حذرت من تحول ليبيا إلى سوريا أخرى. ويؤكد الخبراء أن مصالح واشنطن وموسكو وأطماعهما لن تنحصر في دعم فصيل للسيطرة على طرابلس، مشيرين إلى أن الساحة ستشمل مناطق أخرى، فعين أمريكا على مواقع النفط، أما روسيا فعينها على ليبيا بالمجمل، كموطئ قدم استراتيجي في إفريقيا تضيفه إلى ما حققته في سوريا . وانتقدوا المواقف الدولية من استمرار القتال حول طرابلس، رغم إجماع دول العالم على استحالة الحل العسكري لأزمة البلاد، مؤكدين أن أغلبية القوى الدولية، بما فيها الأممالمتحدة، لا تزال تقف مواقف المتفرج من الانتهاكات المستمرة بحق المدنيين وسط العاصمة من قبل قوات حفتر، الذي لجأ إلى الضربات الجوية كاستراتيجية جديدة تخوّله الحفاظ على مواقعه؛ بسبب النقص الفني والبشرى الكبير الذي تعاني منه مليشياته . حرب أهلية من جانبه حذر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، من تطور حرب حفتر على طرابلس إلى حرب أهلية شاملة مدمرة . وأكد السراج، خلال مشاركته في افتتاح أعمال قمة دول عدم الانحياز بعاصمة أذربيجان باكو، إمكانية أن يتطور العدوان على طرابلس إلى حرب أهلية شاملة مدمّرة، لن يقتصر تأثيرها على ليبيا فقط، بل ستؤثر سلبا على المنطقة بالكامل، وسيكون لها تداعيات خطيرة على الجميع . وشدد رئيس حكومة الوفاق على خطورة نتائج تطور الانقسام السياسي والمؤسسي الذي تغذيه وتدعمه أطراف خارجية، مطالبا الدول الداعمة لحفتر بمراجعة مواقفها ووقف هذا الدعم. وقال إن مواصلة هذا النهج لا طائل منه، ولا نتيجة له سوى قتل مزيد من الليبيين وتدمير بلادهم . الحكم الاستبدادي وقال سالم بن إسماعيل، قائد قوات حكومة الوفاق الشرعية، إن القتال ضد حفتر يتعلق بالحيلولة دون عودة الحكم الاستبدادي إلى ليبيا، مؤكدا أن كل الشعب الليبي يحتشد حول هذا الهدف، ولذلك يتصدى لهجوم حفتر على العاصمة . وأضاف “بن إسماعيل”، فى تصريحات صحفية، “نعيش في حالة من الفوضى منذ عام 2011. وأتمنى أن تكون هذه آخر الحروب”. واستطرد قائلا: “قاتلنا ضد القذافي للتخلص من السيطرة العسكرية. وقادتنا الظروف الحالية للقتال من جديد من أجل التخلص من الاستبداد وتحقيق كرامة الشعب الليبي وحريته واستقلاله” . وتابع “بن إسماعيل”: “نريد صندوقا وانتخابات وحكما مدنيا ونؤمن بالديمقراطية”، مؤكدا أن “عصر العسكر والانقلابات العسكرية والاستبداد ولّى إلى غير رجعة ولن نسمح بعودته . المجتمع الدولى وأعرب فتحي بشاغا، وزير الداخلية بحكومة الوفاق، عن أسفه على هذه الحرب التدميرية التى يشنها حفتر بمساعدة العسكر فى مصر وعيال زايد فى الإمارات والسعودية، وقال: “ندفن يوميا الشباب الذين يُفترض أن يكونوا جزءا من بناء ليبيا”. واتهم بشاغا المجتمع الدولي بالإخفاق في دعم البلاد منذ عام 2011. وأضاف أن “المجتمع الدولي لم يستكمل المشروع، أراد الإطاحة بالقذافي لكن كان يجب عليه دعمنا لإعادة إعمار البلاد وبناء الجيش، لكنه تخلى عنا، بل إن بعض الدول انحازت إلى حفتر من أجل مصالح خاصة . وحذر من أن تنظيمي الدولة الإسلامية داعش والقاعدة، قد يستغلان الفراغ الناتج عن انشغال الحكومة بالدفاع عن طرابلس ضد هجوم مليشيات حفتر . وقال بشاغا: إن هذه التنظيمات الإرهابية ستستغل هذه الفرصة، ويمكنها التوسع الآن في الصحراء، ثم التحرك، ولن يتمكن أحد من إيقافها كما حذر من خطر آخر وهو وقوع ليبيا في براثن الحرب الأهلية في حال استمرار الصراع. الأُمة الليبية ويؤكد جليل الحرشاوي، الباحث بمعهد «كلينجنديل» في لاهاي، أن الأوضاع في ليبيا ستؤدى إلى إبادة الأمة الليبية بالكامل. وقال في الرابع من أبريل 2019: “أطلق خليفة حفتر الذي يتخذ من شرق البلاد قاعدة له، هجوما للسيطرة على طرابلس- حيث مقر حكومة «الوفاق الوطني» المعترف بها من الأممالمتحدة- لكن حفتر لم يتمكن من تحقيق هجوم خاطف، كما وعد في أعقاب تقدمه في جنوب ليبيا، وتحول القتال نتيجة لذلك إلى حرب مواقع على أبواب العاصمة الليبية التي يقطنها حوالي مليوني نسمة. وأشار الحرشاوى إلى أنّه على مدار الأشهر ال12 الماضية، تفاقم النزاع مع التدخل المسلح الخارجي، إذ دعمت أطراف خارجية وروسيا حفتر، وفي أوائل مارس الماضي قدم مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة استقالته، بعد فشل محاولاته لتهدئة الأوضاع في البلد النفطي، الغارق في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وأضاف: تعهدت الدول المعنية بالنزاع الليبي خلال مؤتمر برلين الذي عقد نهاية ديسمبر الماضي، بالتزام حظر الأسلحة على ليبيا، ودعم وقف إطلاق النار؛ لكن تلك الوعود لم تكن الأولى، وقد لا تكون الأخيرة التي يفشل المجتمع الدولي في تحقيقها، إذ سرعان ما نددت الأممالمتحدة بالتدفق المستمر للأسلحة والمرتزقة إلى البلاد. وكشف عن أن القوات الموالية لحفتر تتلقى مساعدات عسكرية، بما في ذلك طائرات من دون طيار، ومساعدات مالية، من أطراف خارجية. مؤكدا أن حل الأزمة الليبية يتطلب ممارسة ضغوط على الدول المتدخلة في ليبيا. حفتر فاشل وقال عماد بادي، باحث ليبي بمعهد دراسات الشرق الأوسط في الولاياتالمتحدة، إن القوى الأجنبية الداعمة لحفتر هي التي تقف وراء استمرار الصراع . وأضاف بادى، فى تصريحات صحفية: بعض الناس ينسبون الفضل لحفتر. لكنه أصبح واجهة للقوى الأجنبية أعتقد أن القرارات أكبر منه”. وقال بيتر ميليت، السفير البريطاني السابق في ليبيا: “حفتر لا يستطيع ولن يكسب الحرب، لكن مصر والإمارات لا تريدان تحمل الخسارة، ويحاول عسكر السيسي السيطرة على جارتهم الغربية، ولا يريدون مجموعات إرهابية قرب حدودهم. فهو بالنسبة لهم تهديد وجودي” . وأضاف: “الأمر أيديولوجي بالنسبة للإمارات، فهم يظنون أن بإمكانهم لعب دور كبير في ليبيا على غرار اليمن” . وخلص ميليت إلى أن الجمود الحالي سينتهي إلى “وقف إطلاق نار هش”، وإجهادٍ سيؤدي إلى مفاوضات سرية، ونوع من الصفقة السياسية. وأوضح أن مثل هذه الاتفاق يجب أن ينحت بروية، وأن تكون هناك مشاركة في موارد النفط. ويجب أن يكون واضحا أن أهالي وقبائل شرق ليبيا ستستفيد من هذا المال .