نشر مركز “كارنيجي” للدراسات تقريرًا عن أوضاع المعتقلين داخل السجون المصرية وتداعياتها الحالية والمستقبلية. التقرير الذي حمل عنوان “مصر خلف القضبان” يرصد ما يسميها عملية تسييس تدريجية للمنظومة الجزائية المصرية، في إطار سياسة القمع التي تنتهجها الدولة على نحو متعمّد. يقول التقرير، إن منظومة السجون المصرية تتصف بالهمجية، وإن النظام يهدف إلى معاقبة المعارضين بصورة دائمة، من خلال زجهم في السجون لفترات طويلة، وقد أدت هذه الممارسات إلى وفاة 600 سجين ما بين 2013 إلى 2019. ويرصد التقرير اعتماد السلطات القضائية على سياسة الحجز قبل الشروع في إجراءات المحاكمة، بحيث تحولت هذه الممارسة إلى سياسة متعمدة لإطالة أمد الحجز التعسفي، ووصل عدد الأشخاص الموجودين في الحجز الاحتياطي إلى 30 ألف محتجز من أصل 65 ألفًا. ويتناول التقرير أيضا الممارسة الشبيهة بالباب الدوار، وحتى لو قرر القاضي إخلاء سبيل المدعى عليه يجري توقيفه من جديد مع توجيه تهم مبهمة جديدة إليه. ويؤكد التقرير أن ما يحدث هو تفريغ تدريجي للنظام القضائي المصري الذي يدعم السلطة المتوسعة للأجهزة الأمنية المصرية بما يتنافى مع قوانين الدولة ودستورها. ويخلص التقرير إلى نتيجة مفادها أن هذه السياسة حولت السجون إلى معاقل للتشدد، وأدت إلى صعود التطرف العنصري، كما أن هوس النظام بمعاقبة خصومه يؤدي إلى تقويض الاستقرار والثقة العامة بالدولة. الحقوقي الدولي محمد زارع رأى أن سياسة تدوير القضايا التي تنتهجها سلطات الانقلاب تعد انتهاكا كبيرا وثغرة قانونية خطيرة في نظام التقاضي المصري، مضيفا أن كل التقارير التي صدرت عن منظمات حقوقية حول التنكيل بالمعارضين في مصر صادفت الحقيقة. وقال زارع، في مداخلة هاتفية لبرنامج “المسائية” على قناة “الجزيرة مباشر”، إن ما يحدث من انتهاكات داخل السجون المصرية غير مسبوق بالمرة، وما يحدث مع الشباب اليوم من كل التيارات السياسية هدفه الانتقام منهم، وجرهم إلى حالة من العبث، وكان يجب على الدولة الانتصار للقانون. وأضاف زارع أن كل الخصوم السياسيين يتم التنكيل بهم بشكل غير مسبوق، وهذا الأمر يضر بسمعة منظومة العدالة في مصر، مضيفا أن الدستور المصري نص على ضرورة معاملة الناس بما يحفظ عليهم كرامتهم، مستنكرا تصريح وزارة الداخلية بأن الناشط الحقوقي باتريك جورج مصري لا إيطالي، وكأن حق المصري مستباح. وفي السياق ذاته، استنكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” استمرار سلطات الانقلاب في احتجاز الباحث الحقوقي باتريك جورج، وطالبت المنظمة بإطلاق سراحه، مشيرة إلى أن مصر أصبحت مكانا يتعرض فيه المدافعون عن الحقوق لخطر داهم. من جانبه دعا رئيس البرلمان الأوروبي “ديفيد ساسولي” سلطات الانقلاب إلى الإفراج الفوري عن الطالب المصري بجامعة بولونيا الإيطالية، باتريك جورج، وإعادته بأمان إلى أسرته ودراسته. وقال “ساسولي”: إنه بحث قضية الطالب المعتقل منذ السبت الماضي مع منسق السياسة الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي “جوسيب بوريل”، والذي أكد له أنه سيثير المسألة خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وذكّر رئيس البرلمان الأوروبي سلطات الانقلاب بأن علاقات الاتحاد الأوروبي مع الدول تعتمد على احترام الحقوق الإنسانية والمدنية.