عبرت شعوب عربية وإسلامية، اليوم الجمعة، عن غضبتها ضد المؤلامرة الأمريكية على فلسطين بمساعدة قادة العرب، وفيما غابت عواصم عربية كبيرة عن المشاركة في الاحتجاجات على رأسها القاهرة التي ترزح تحت قهر الانقلاب، انطلق العديد من الفعاليات ضد صفقة القرن في فلسطينوالأردن وتركيا واليمن وغيرها، رفضًا لصفقة القرن وللتأكيد على دعم الشعب الفلسطيني في وجه المشاريع التصفوية. في فلسطين وأصيب متظاهرون فلسطينيون، بعد ظهر اليوم الجمعة، جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرات وتظاهرات سلمية انطلقت برغم الأجواء الماطرة والباردة في عدة محافظات من الضفة الغربية، رفضا لخطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المعروفة إعلاميا ب”صفقة القرن”، فيما وصفها خطيب المسجد الأقصى ب”الفاشلة والخاسرة”. وقمعت قوات الاحتلال مسيرة سلمية في قرية عاطوف في الأغوار الشمالية الفلسطينية شرقي الضفة الغربية، خرجت ضد إعلان الاحتلال نيته ضم مناطق الأغوار، ما أوقع عدة إصابات بالاختناق الشديد والرضوض.
ونقلت الطواقم الطبية نقلت مصابا إلى مستشفى مدينة طوباس القريبة شمال شرق الضفة، جراء الاختناق الشديد الذي أصيب به، وفقدانه الوعي، بعد إطلاق جنود الاحتلال وابلا من قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه المسيرة السلمية، مضيفين أن عددا كبيرا من المشاركين تعرضوا للاختناق أيضا، وتمت معالجتهم ميدانيا، إضافة إلى ذلك أصيب متظاهرون برضوض جسدية بعد اعتداء جنود الاحتلال عليهم بالضرب المبرح. وأعلنت لجان المقاومة الشعبية في الأغوار عن تنظيمها فعاليات يومية منددة ورافضة ل”صفقة القرن”، وإعلان الحكومة الإسرائيلية نيتها فرض سيطرتها الكاملة على الأغوار وضمها لدولة الاحتلال. من جهة ثانية، احتجزت قوات الاحتلال على أحد الحواجز العسكرية الموصلة للأغوار، منذ ساعات الصباح أربع حافلات تضم نحو 200 شاب من الملتقى الفلسطيني للاستكشاف والتصوير، كانوا في طريقهم لجولة سياحية في منطقة الساكوت بالأغوار. وقال مسؤول الملتقى رشيد لفداوي إن جنود الاحتلال أوقفوا الحافلات القادمة من نابلس ورام الله، ودققوا في هويات الركاب ليتم منعهم من مواصلة الطريق. وفي وسط الضفة الغربية، أصيب عدد من الفلسطينيين بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع عقب قمع قوات الاحتلال لمسيرة سلمية شارك فيها المئات من النشطاء والأهالي رفضا لصفقة القرن في قرية بلعين غرب رام الله، حيث انطلقت المسيرة من أمام مسجد بلعين الكبير باتجاه جدار الفصل العنصري. وأشعل الشبان الإطارات المطاطية قرب الجدار، ورفعوا أعلام وخارطة فلسطين التاريخية، وكتبوا عليها “فلسطين ليست للبيع”، ورددوا هتافات رافضة ل”صفقة القرن”، وبعد وصول المشاركين بالمسيرة قرب الجدار قمعتها قوات الاحتلال وأطلقت باتجاههم قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ما أدى لاندلاع مواجهات.
في القدس على صعيد آخر، دان مفتي فلسطين، الشيخ محمد حسين، عدوان الاحتلال الجديد على الأقصى والمصلين فيه فجر اليوم، محذراً من تبعات العدوان المستمر على الأقصى وتدنيس مصلياته، فيما حيا أبناء القدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 لدفاعهم عن الأقصى، وتمسكهم به وبحمايته. وشدد على أن “صفقة القرن” صفقة خاسرة وفاشلة سيتجاوزها التاريخ وسيسقطها الشعب الفلسطيني بوحدته ومقاومته وقوة أبنائه. وأعرب المفتي عن تنديده بالمتاجرين بالقضية الفلسطينية من الأنظمة العربية، مؤكدا رفض الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية لصفقة العار التي كانوا شركاء فيها، ووجه بهذا الشأن عدة رسائل أولاها دعوة الشعب الفلسطيني إلى توحيد كلمته وصفه لتحدي هذه الصفقات وإحباطها. أما الرسالة الثانية فوجهها إلى الأمة العربية والمجتمعين في القاهرة غدا السبت، دعا فيها إلى إدراك حجم المؤامرة على فلسطين وشعبها والاتعاظ مما جرى في العراق و سورية، بينما دعا منظمة المؤتمر الإسلامي إلى القيام بواجباتها في الدفاع عن القدس والأقصى. وأدى عشرات الآلاف من المصلين صلاة الجمعة اليوم في المسجد الأقصى وسط إجراءات وتدابير احتلالية مشددة، وبعد صلاة فجر أطلق عيها ناشطون “فجر الصادقين” شارك فيها الآلاف وهاجمتها قوات الاحتلال بالرصاص المطاطي، ما أدى إلى إصابة 10 شبان بالرصاص، والاعتداء بالضرب على عشرات آخرين واعتقال 3 شبان آخرين.
في الأردن وطالب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، عبدالحميد الذنيبات، الحكومة باتخاذ موقف واضح وصريح لوقف المؤامرة الأمريكية (صفقة القرن) التي تحاك للشعبين الأردنيوالفلسطيني، ودعاها لترجمة اللاءات الملكية الثلاث، (لا للتوطين والوطن البديل ولا تنازل عن القدس) على أرض الواقع. وقال الذنيبات خلال مسيرة حاشدة، انطلقت من المسجد الحسيني، وسط العاصمة عمّان، عقب صلاة الجمعة، إن “من يدعي مواجهة صفقة القرن لا يمكن أن يدخل الغاز الصهيوني إلى منازل الأردنيين”، داعيا إلى توحيد الصف الوطني ووضع استراتيجية وطنية لإفشال الصفقة. وجاءت المسيرة، بدعوة من التحالف الوطني لإسقاط صفقة القرن، بمشاركة الحراكات الشعبية والشبابية، والحركة الإسلامية، إذ طالب المتظاهرون الشعوب العربية والإسلامية، بضرورة التحرك دفاعا عن القدس والمقدسات. وردد المشاركون في المسيرة هتافات تؤكد على وحدة الأردنوفلسطين وشعبيهما، “الأردنوفلسطين شعب واحد مش شعبين”، وأكدوا على الموقف الأردني الرافض للصفقة “الأردن أرض الرباط ما بيقبل الانحطاط”، كما هتفوا “أردن أردن أرض الحشد.. أقصى أقصى أرض المجد”. إلى ذلك، انطلقت في عدد من المحافظاتالأردنية، عقب صلاة الجمعة، مسيرات ووقفات احتجاجية منددة بالخطة الأمريكية المزعومة للتسوية المعروفة ب”صفقة القرن”. وأكد المشاركون في الوقفات الاحتجاجية، بأن أرض فلسطين كاملة للعرب والمسلمين، ولا تقبل المحاصصة مع اليهود، معتبرين بأن ما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مؤخرا، “مجرد هراء، ولن تقبل به الشعوب”. وطالبوا بإلغاء الاتفاقيات كافة الموقعة مع الاحتلال الصهيوني، وعلى رأسها اتفاقية “وادي عربة”، وإلغاء اتفاقية الغاز، كبادرة أولى لمواجهة الصفقة المنحازة للاحتلال. كما رفعوا شعارات ترفض تصفية القضية الفلسطينية وإلغاء حق العودة، وترفض مزيدا من التوسع على حساب أراضي الضفة الغربية، مشددين في الوقت ذاته على أن أرض فلسطين كاملة من النهر إلى البحر.
في لبنان وشارك الآلاف من أبناء فلسطين في مخيمات الشتات بلبنان، في مسيرات غضب، خرجت بعد صلاة الجمعة، رفضا واستنكارا ل”صفقة القرن”. كما خرج أبناء الشعب الفلسطيني لليوم الثالث على التوالي، في المسيرات التي شارك فيها ممثلو الأحزاب اللبنانية، والفصائل الفلسطينية، واللجان الشعبية، تعبيرا عن تمسكهم بحقوقهم في الحرية والعودة والاستقلال وتقرير المصير، ورفضا للتوطين والتهجير. وأكد المتحدثون في كلماتهم ضرورة انجاز الوحدة والمصالحة الوطنية للتصدي لكل ما يحاك ضد قضيتنا ومشروعنا الوطني. وشددوا على الاستمرار بالنضال والكفاح ضد الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، والدفاع عن مقدساتنا المسيحية والاسلامية، والتأكيد بأن القدس كانت وستبقى عاصمة أبدية لفلسطين. وخرج طلبة الجامعة اللبنانية في بيروت ينددون بصفقة القرن خلال مظاهرة حاشدة.
في اليمن وخرج آلاف اليمنيين في العاصمة صنعاء ومدن صعدة والحديدة، في تظاهرات جماهيرية حاشدة رفضا لصفقة ترمب، وتعبيرا عن التمسك بقضية فلسطين. تحت شعار “لا لصفقة ترمب”. وحمل المتظاهرون الأعلام الفلسطينية واليمنية ولافتات وصور منددة بما يسمى “صفقة القرن” وشعارات الحرية المناهضة للهيمنة الأمريكية، والمنددة بالسياسة الأمريكية في المنطقة. وخرج أبناء الشعب اليمني في مسيرات كبرى عصر اليوم رفضا لما يسمى صفقة القرن تحت شعار “لا لصفقة ترامب” بالمحافظات المختلفة منها صعدة والحديدة. وشدد البيان الختامي لمسيرة صعدة على أن أي عمل يستهدف المقدسات هو عدوان على الأمة بأسرها، واصفاً مشاركةَ بعض الأنظمة العربية في هذه الصفقة بالخيانة للإسلام والمسلمين. ودعا البيان الشعب الفلسطيني الصامد لتوحيد الصفِ لمواجهة العدو الصهيوني وتحرير كاملِ الأراضي المحتلة، مجدداً التأكيد على جهوزية الشعب اليمني للمساندة المقاومة الفلسطينيةواللبنانية في أي مواجهة قادمة مع العدو الصهيوني، داعياً الشعوب الإسلامية إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية.