أَحدَثَ الاستيلاء العسكري التدريجي على سلطة الدولة في مصر بعد ثورة 25 يناير، والتي خلعت الرئيس محمد حسني مبارك من منصبه، تحولات في نطاق النشاط الاقتصادي العسكري وحجمه، حيث تدّعي المؤسسة العسكرية القيام بدور رأس حربة تنموية وتوليد الدخل للدولة، ولكن دورها يأتي بكلفة عالية بعدما وسعت الجهات العسكرية نطاق نفوذها ليشمل تقريبا كل قطاعات الاقتصاد المصري، بدءًا من تنفيذ مشاريع بنى تحتية، مرورًا بتصنيع السلع الاستهلاكية، وصولا إلى إنتاج الحديد والصلب، لتشكل الهيئات العسكرية فاعلا اقتصاديا مهما ورئيسا في مصر. وتمثل التطورات في الاقتصاد المصري منذ عام 2013 تحولًا كبيرًا في النطاق والحجم، فيما كان لعقود حتى ذلك الحين كانت القوات المسلحة مجرد جزء من الصفقة بجانب الجهات المدنية الفاعلة الأخرى التي كان لها حصة في الكعكة. عام وراء آخر تتكشف دوافع الجيش وراء دعم ثورة يناير، تقول إحدى المقاربات، إن هذا التحرك جاء لوأد طموحات جمال، نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك، في وراثة أبيه ومن خلفه مجموعة من رجال الأعمال الذين يقودون الاقتصاد المصري في اتجاه مغاير لتوجه الجيش. وعقب انقلاب 3 يوليو لم يعد سعي الجيش لبسط مزيد من السيطرة على اقتصاد البلاد خافيا على أحد، بعدما امتدت يده لقطاعات غير مسبوقة من الإنشاءات والموارد الغذائية والطرق والجسور وتصنيع مكيفات الهواء وتوريد الأدوية للجامعات، ما يعني أنه بات متوغلا في كل القطاعات . السيسي واصل الانتفاع والمضي قدما في هذه المسألة في المشروعات الكبرى، فاكتسب الجيش في عهده ثقلا أكبر مقارنة بعهد حسني مبارك، وحرص على تقديمه باعتباره المؤسسة الأجدر بالثقة؛ نظرًا لأنها الأكثر فعالية والأقل تكلفة وفسادا. ظهرت مؤشراته مباشرة وفقًا لبحث أجرته وكالة “رويترز”، في مايو 2018، فقد تضاعفت إيرادات نحو 20 شركة تترأسها وزارة الإنتاج الحربي إلى 15 مليار جنيه مصري عام 2018، بثلاثة أضعاف ما كانت عليه في 2013. معاناة الشركات الخاصة من تبعات انعدام الاستقرار السياسي في البلاد منذ الثورة تضاعفت بعد الانقلاب؛ جراء التشريعات التي تعزز قدرة الجيش على التضييق على الشركات الاقتصادية المدنية، مثل قرار خفض دعم الوقود للمصانع التابعة للقوات المسلحة في ظل انعدام الرقابة السلمية، وهو ما يؤدي إلى الفساد وإهدار المال العام بجانب تقليل فرص نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما يعزز قيام اقتصاد غير رسمي يعتمد على المقربين ويترك ملايين المصريين يعيشون في فقر مدقع. جيش السيسي يواصل تمدد إمبراطوريته الاقتصادية جيش السيسي يواصل تمدد إمبراطوريته الاقتصادية #نشرة_المساء Posted by قناة مكملين – الصفحة الرسمية on Monday, January 27, 2020 قناة “مكملين” ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، تصاعد معدل السيطرة العسكرية على الاقتصاد المصري وتداعياتها. الدكتور يزيد الصايغ، كبير الباحثين بمركز كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط، يرى أن القوات المسلحة تعتبر نفسها ولية على أمر مصر، وبالتالي من هنا تستمد شرعية أي نشاط تقوم به في الحياة السياسية أو الاقتصادية أو غير ذلك . وأضاف الصايغ أن الجيش المصري تدخل في ثورة يناير عام 2011 لأهداف سياسية غالبا، وهو شعور بدأ يتنامى داخل القوات المسلحة منذ عام 2008، وكانت هناك حالة ململة، وكانت القوات المسلحة مستعدة للقبول بأي حاكم بديل لمبارك، بما في ذلك الإخوان أو فصائل الإسلاميين، ولم يكن الهدف الاقتصادي هو البارز، بل فقط حماية ما لديهم من مكتسبات . وأوضح الصايغ أن المجلس العسكري، عقب تسلمه السلطة من مبارك، لم يكن لديهم خطة أو برنامج سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي سوى فقط إدارة أمور البلاد خلال المرحلة الانتقالية، ولم نسمع سوى تصريح، في ربيع 2012، لمحمود نصر أن الجيش لن يسمح لأحد بالاقتراب من مشروعاته الإنتاجية، وهذا الكلام كان يوحي بحماية ما لديه من منافع وحصص في الاقتصاد، ولا يعنى ذلك حق السيطرة الكاملة على الاقتصاد. وأشار إلى أن تدخل الجيش في الاقتصاد بالضرورة لا يعني شيئا سيئا، طالما أن القوات المسلحة مدربة ومُهيَّأة لأداء واجباتها الرئيسية من الدفاع الوطني وحفظ النظام العام، فليس من اختصاصها العمل الاقتصادي، لكن الاستعانة بالقوات المسلحة كأداة للتنفيذ في المشاريع التنموية والبنى التحتية أمر وارد، وفي هذه الحالة تعمل مثلها مثل أي مؤسسة عامة . ولفت إلى أن هناك مشكلة في الجهاز المدني للدولة المصرية، حيث يبلغ عدد العاملين 6 ملايين موظف، وباعتراف السيسي نفسه بأن مصر شبه دولة عاجزة عن العمل، وهذا مبرر لاقتحام الجيش المجالات الاقتصادية، وهذا الأمر يمثل سيفًا ذًا حدين، فإذا لم تتم معالجة الضعف في المؤسسات المدنية سيصبح إحلال القوات العسكرية محل المؤسسات المدنية جزءا من المشكلة؛ لأنه يتسبب في إغراق القوات المسلحة في مهام غير الدفاع الوطني، ويضعف من مهنيتها وجاهزيتها العسكرية. وأكد الصايغ أن الجيش المصري يسيطر على قطاعات كثيرة، مضيفا أنه أجرى دراسة لمدة 7 سنوات لتجميع المعلومات والبيانات، وبسبب غياب الشفافية لدى المؤسسة العسكرية، خلصت الدراسة إلى أن هناك مصانع تعمل بالصناعات التحويلية، وشركات تعمل في مجال الإنشاءات والمقاولات، وشركات للخدمات، مضيفا أن بعض هذه الشركات تحقق خسائر وفق تصريحات اللواء محمد العصار، وزير الإنتاج الحربي، بأن 14 شركة من أصل 20 مملوكة للجيش تحقق خسائر، مضيفا أن الجيش يتعمد إخفاء التكلفة الحقيقية لنشاطه الاقتصادي. ونوه الصايغ إلى أن القوات المسلحة تملك قدرة تنفيذية عالية، لكن لا يعني ذلك أنها أكفأ بالضرورة من أي مهندس مدني في البلاد، كما أنها ليس بوسعها تقييم الجدوى الاقتصادية للمشروعات، مضيفا أنه حين تستثمر القوات المسلحة بقطاع الإسمنت أو الحديد والصلب أو الأسمدة، وهي قطاعات مشبعة إنتاجيا ويوجد شركات خاصة توفر هذه السلع دون احتكار، فهذا يعد إضرارًا بالقطاع الخاص، ما اضطر بعض الشركات المملوكة للدولة لإعلان إفلاسها ومنها الشركة الوطنية للإسمنت. وتابع: “حتى وقت قريب كان القطاع الخاص لا يتضرر من النشاط الاقتصادي العسكري؛ لأنه كان محصورا في بعض القطاعات الضيقة نوعا ما، بعيدا عن القطاعات التي يسيطر عليها القطاع الخاص، مثل الإنشاءات والسياحة وغيرها، مضيفا أن حصة العسكر من الإسمنت كانت “صفر” حتى عام 2011، ثم زادت إلى 3%، ثم قفزت إلى 20% العام الماضي”. وأردف: “عجز الجيش عن إدارة الحياة الاقتصادية يرجع إلى عوامل عديدة منها الفساد، وعدم الفهم الاقتصادي، والازدواجية في الإنتاج”، مضيفا أن التنافس مفيد عندما ينتج ابتكارات تكنولوجية أو تسويقية من شأنها زيادة القيمة المضافة إلى الاقتصاد. "مهندسون جيدون لكن اقتصاديون سيئون".. شاهد سبب فشل #القوات_المسلحة في إدارة المشروعات #قصة_اليوم "مهندسون جيدون لكن اقتصاديون سيئون".. شاهد سبب فشل #القوات_المسلحة في إدارة المشروعات#قصة_اليوم Posted by قناة مكملين – الصفحة الرسمية on Monday, January 27, 2020 وأضاف الصايغ أن السيسي رهينة لقوى داخلية لكنه الأقوى بينهم، وهو يتّكل على مجموعة غير متجانسة من المؤسسات الحكومية، وأهمها وزارة الدفاع والداخلية وبعض القطاعات الأخرى في الدولة، فالسيسي لديه القوة لإجراء تنقلات كبرى على مستوى قيادات القوات المسلحة، ويقدم لعدد منهم منافع وفرصا استثمارية أو نفعية ليضمن ولاءهم. وأوضح أنه خلال السنوات الماضية كان هناك مسار واضح لتوسيع الرقعة القانونية لقيام عدد كبير من القيادات العسكرية والشرطية بنشاطات ذات ربح تجاري، ومنها العاصمة الإدارية التي تم إسنادها لجهاز أراضي القوات المسلحة بالتنسيق مع هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، ثم فتح المجال أمام كل الهيئات العامة تقريبا والوزارات، بما فيها المدنية أن تؤسس شركات بالتعاون مع الشركات الخاصة المصرية أو الأجنبية أو بمفردها، دون أن يكون لهذه الشراكات جدوى اقتصادية. من بينهم #الاحتلال_الصهيوني.. لن تصدق من يتحكم ب #الاقتصاد_المصري؟! #قصة_اليوم من بينهم #الاحتلال_الصهيوني.. لن تصدق من يتحكم ب #الاقتصاد_المصري؟!#قصة_اليوم Posted by قناة مكملين – الصفحة الرسمية on Monday, January 27, 2020