على طريقة التاجر المفلس، حينما تزداد حوله الديون يبدأ في بيع عفش بيته أو ميراثه أو أي شيء يجده أمامه، لجأ السيسي إلى بيع الآثار التي لا يملكها عبر دائرته الجهنمية التي خططت لتقنين سرقة وتهريب الكنوز المصرية التي لا تقدر بثمن لمن يدفع، بلا احترام لتاريخ شعب مصر أو آثاره التي تحكي حضارته وتاريخه الكبير. وتشهد الفترة الأخيرة العديد من الخطوات المتسارعة التي يقوم بها نظام الانقلاب العسكري، لتقنين بيع وتهريب الآثار المصرية، في إطار خطة البحث عن بدائل عاجلة لمعالجة الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد المصري. ترجمة للسرقة واعتبر خبراء أن تكليف السيسي لحكومة الانقلاب بوضع خطط عاجلة للاستثمار في قطاع الآثار، كانت ترجمة واضحة لعدة إجراءات بدأت لتقنين عمليات بيع وتهريب الآثار المصرية، تمثلت في إنشاء صندوق سيادي فرعي من الصندوق السيادي المصري، مختص بالاستثمار في الآثار المصرية. وجاء التكليف الجديد بالتزامن مع تصريحات لوزير الآثار والسياحة بحكومة الانقلاب، خالد عناني، الذي أبدى استعداده لتوريد القطع الأثرية للمستثمرين الراغبين في بناء متاحف. وحسب الخبراء، فإن عمليات تهريب الآثار نشطت بشكل واضح بعد الانقلاب العسكري، وبدأت عمليات بيع التماثيل والآثار المصرية في المزادات الدولية، تظهر بشكل متزايد في أوروبا وعدد من الدول العربية، وهو ما يجعل الشكوك تحيط بإجراءات وخطوات نظام السيسي المرتبطة بالآثار المصرية. ومؤخرا اتهم عدد من الخبراء والأثريين عبد الفتاح السيسي ونظامه، بالضلوع في عملية تهريب واسعة لقطع أثرية من مخزن المتحف المصري إلى دولة الإمارات، لعرضها بمتحف “اللوفر أبو ظبي”، الكائن بجزيرة السعديات، ويشمل مقتنيات فنية مملوكة لحكومة أبو ظبي، وأخرى أثرية مُعارة من متحف اللوفر بفرنسا، بهدف جذب الملايين من الزوار سنويا. ونشر البرلماني السابق، زياد العليمي، تدوينة على صفحته الشخصية بموقع “فيسبوك”، شملت تواريخ ترتيب الأحداث، التي بدأت بقرار السيسي بتعيين نفسه رئيسا لمجلس أمناء المتحف المصري في 17 يونيو 2017، لما تمثله المقاصد الأثرية من ثروة قومية، وإصدار المجلس قرارا، بعدها بيومين، بمنع استخدام الكاميرات داخل المخازن، بدعوى الحفاظ على الآثار من السرقة. وأشار العليمي إلى انقطاع الكهرباء عن مطار القاهرة الدولي لسبب غير معلوم في 28 يوليو 2017، لمدة تزيد على الساعتين، ما تسبب في تأخر إقلاع 12 رحلة طيران دولية، وأخيرا كشف أبو ظبي عن معرضها للمقتنيات الأثرية، بعد إعلان وزارة الآثار في 16 أغسطس 2017 عن اختفاء 33 ألف قطعة أثرية من مخازن المتاحف. وكان الكاتب الراحل، جلال عامر قال ساخرا: “إذا استمرت سرقة الآثار بنفس المعدل، فلن يتبقى في مصر إلا آثار الحكيم”. ويقدر أثريون أن أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية يبلغ ثمن الواحدة منها نحو 10 ملايين دولار سرقتها عصابة السيسي، وباعتها لحكام الإمارات خلال سنوات ما بعد الانقلاب. منع “بلاغ للنائب العام”! وفي سياق التغطية على سرقات السيسي، منعت صحيفة “المصري اليوم” مقالا لرئيس تحرير صحيفة “الأهرام” السابق عبد الناصر سلامة، شن خلاله هجوما حادًّا على الإمارات، بعد الكشف عن عرضها مقتنيات تاريخية تعود إلى العصر الفرعوني في متحف “اللوفر” بأبو ظبي. ونشر سلامة مقاله الممنوع على صفحته الشخصية بموقع “فيسبوك”، متسائلا عن مصدر القطع الأثرية المصرية التي ظهرت خلال جولة تفقدية لمتحف أبو ظبي لكل من حاكم دبي، محمد بن راشد، وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، ويقول المسئولون في الإمارة الخليجية إنها ضُمت إليه في الآونة الأخيرة. وقال سلامة: إن “المتحف الإماراتي يضم العديد من الآثار الفرعونية، ما يطرح تساؤلات هامة، مثل: متى خرجت هذه القطع من مصر، ومن بينها توابيت كاملة كبيرة الحجم؟، ومن هو صاحب القرار في هذا الشأن؟، وإذا كان مصدرها ليس مصر مباشرةً، أو جاءت من متحف اللوفر بباريس، فهل وافق الجانب المصري على ذلك؟!”. وأضاف سلامة، في مقاله، الذي حمل عنوان “بلاغ إلى النائب العام”، أن الأمين السابق للمجلس الأعلى للآثار، زاهي حواس، قاد حملة واسعة في العام 2008، لوقف مشروع متحف أبو ظبي، بعد ورود معلومات عن عرضه آثارا مصرية، متابعا: أن “المصالح مع أي دولة لا تبرر نهب الآثار المصرية، وتحويلها إلى بضاعة تُباع وتُشترى في مشروعات متحفية”. وكان رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، قد رفض طلب البرلماني هشام والي، بعقد جلسة طارئة لمناقشة واقعة انقطاع الكهرباء عن مطار القاهرة، رغم وجود مولدات كهربائية، كما رفض أيضا طلب وكيل لجنة السياحة بالبرلمان، أحمد إدريس، بعقد اجتماع طارئ لها، لاستعراض ملابسات فقدان 32 ألفا، و638 قطعة أثرية من مخازن وزارة الآثار. وفي سياق متصل، أوقفت السلطات الإيطالية أكبر عملية تهريب توابيت مهربة من مصر عبر حقائب دبلوماسية إلى إيطاليا، ضمت نحو 23 ألف قطعة أثرية أصلية فيما بلعت حكومة السيسي لسانها، في تأكيد بأن سرقة آثار مصر تتم بعلم النظام وتحت رقابة رئيس الانقلاب وعصابته.