قال د. أحمد كمال –أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية-: إن اعتقال الأطفال بتهم ملفقة سابقة التجهيز أثناء مشاركتهم السلمية بالمسيرات وتعذيبهم يعد بحد ذاته جريمة ترتكبها السلطة الحاكمة، فقانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 المعدل للقانون رقم 12 لسنة 1996 يحظر حبس الطفل أو الحدث احتياطيا على ذمة التحقيق، وينص على أنه لا يجوز حبس أو حجز طفل احتياطيا إلا بحالات الضرورة القصوى، وتعني "الضرورة القصوى" هنا حالة عدم وجود مأوى أو والدين لرعايته أي غياب والد طبيعي، أو أن حياته تتعرض لخطورة جسيمة، أي أن حبسه هنا بغرض حمايته وليس الانتقام منه أو التنكيل به. وأضاف في تصريح خاص ل"الحرية والعدالة" أن قانون الطفل يقول: "لا يجوز التنكيل بالطفل، ويجب معاملته معاملة آدمية، وقواعد الأممالمتحدة و"وثيقة بكين" واتفاقية حقوق الطفل لسنة 89 واتفاقيات حقوق الإنسان تحذر من حجز الطفل على ذمة قضية، ولا يجوز حبسه احتياطيا على ذمة أي قضية، أي أن حجز الأطفال في مصر على خلفية مشاركتهم بمظاهرات مخالف لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية والمحلية. واعتبر "كمال" ما يفعل بهؤلاء الأطفال من ضرب وسحل وحفلات تعذيب أنها جرائم التعذيب التي لا تسقط بالتقادم، فإذا كان مجرد تقييد الطفل عند عرضه على النيابة محظور فما بالنا بالتعذيب، واصفا هذه الأنماط من الجرائم سواء داخل دور الأحداث أو بسيارة الترحيلات أو أثناء الترحيل بجرائم لا تخضع أبدا لدائرة التقادم، ويمكن تحريكها في أي وقت ولو بعد سنوات، وما ظهر بوضوح أثناء عملية ترحيل أطفال الإسكندرية وضربهم وإيذاءهم غباء يكشف جبروت وقسوة السلطة الانقلابية. وبشأن ترحيل أطفال الإسكندرية للمؤسسة العقابية بالمرج بالقاهرة كشف "كمال" أن مؤسسة المرج والدور المماثلة بها صارت وسيلة لتفريخ عناصر إجرامية جديدة، وتحول المحتجزون بها لمجرمين، مشيرا إلى أن مؤسسة المرج فاسدة، ويحتاج العاملون فيها لإعادة تأهيل، وما يفعل بالأطفال علانية بالشارع وأثناء الترحيل يكشف حجم المخفي خلف الجدران. وشدد "كمال" على أهمية عملية التوثيق لعملية الانتهاكات وجرائم التعذيب والشهادات ووقائع حفلات التعذيب، مؤكدا إمكانية توثيقها ورفعها لدى الأممالمتحدة لاتخاذ قرار، أيضا كثير من منظمات حقوق الإنسان المحترمة يمكن أن تتبنى هذه القضايا، والتجاوب معها غالبا هو أفضل بكثير من التجاوب مع الكبار، أما المنظمات المحلية فلم تلتفت للأحداث، وتعد معاملتهم بهذا الشكل فجور من السلطة الحاكمة. ونبه " كمال" إلى أن النيابة المصرية لا تملك أساسا لحبس الأطفال احتياطيا، فقانون الطفل يحظر حبسهم احتياطيا، وقرار ترحليهم باطل لأن حبسهم باطل أصلا، وتعد كلها جرائم خارج نطاق القانون والدولة ولا تحترم حقوق الإنسان، ومن تشدقوا بحقوق الطفل ومنهم المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للأمومة والطفولة لم نسمع لهم دورا، مع أن هناك أحداثًا بنات يتم حجزهن وحبسهن أيضا، أما أنصار التيار الليبرالي فيتعاملون بانتقائية مع الانتهاكات واتضح أنهم أكثر قسوة وحماقة فيما يخص قضايا حقوق الإنسان والحريات العامة. وأوضح "كمال" أن المشرع الدولي والمصري يرى أن مرحلة الطفولة ذات طبيعة خاصة من أجل النمو الجسدي والنفسي والعقلي للطفل، والمشرع الدولي قال إنه في حالة عرض الطفل "للضرورة القصوى" على النيابة لا يقيد بقيد حديدي، وإن كان منع التقييد غاب عن قانون الطفل، لكنه منصوص عليه بقواعد الأممالمتحدة واتفاقياتها التي توجب في معاملة الأحداث عدم جواز تقييدهم، لأن أي معاملة خاطئة تلحق الأذى بنموه الطبيعي وحالته النفسية والجسدية، وتعد الاتفاقيات التي وقعت عليها مصر، واجبة النفاذ لأنه بتصديق مصر عليها تصبح جزءا من القانون الداخلي المصري وإن لم ينص عليها صراحة، ما دمنا صدقنا على قواعد كيفية معاملة الحدث، ما يوجب معاملة الأطفال معاملة تليق بهم وبأعمارهم وخصوصية طبيعتهم. ووصف "كمال" ما يجري الآن تجاه الأطفال المحتجزين بسبب مشاركتهم بالمسيرات من بدايته بأنه لا يمت للقانون بصلة، ولا توجد ضدهم أي تهمة، والخروج بمظاهرات سلمية ليس جريمة، فيما تجهز لهم سلطة الانقلاب لائحة اتهامات جاهزة وموحدة، وعملية الاعتقال والاحتجاز وإجراءاتها لا تتعلق بصحيح القانون.