أشخاص غير مسؤولة عن صندوق الزمالة.. نقابة المعلمين تحذر من التعرض للنصب والاحتيال    جدول امتحانات الترم الثاني 2025 الصف الثاني الثانوي بالإسكندرية (للشعبتين)    «بني سويف الأهلية»: إنهاء استعدادات امتحانات الفصل الدراسي الثاني وإعلان الجداول    "المعلمين" تحذر من محاولات نصب باسم صندوق الزمالة وتدعو للإبلاغ الفوري    عيار 21 الآن يسجل 4740 جنيهًا.. سعر الذهب اليوم الأحد 11 مايو 2025    ممثلو ملاك «الإيجار القديم» يطالبون بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر    بعد كسر مفاجئ.. إصلاح خط مياه الكريمات المغذي لمدينتي الغردقة ورأس غارب    رئيس وزراء باكستان يثمن عرض ترامب القيام بدور أكبر من أجل إحلال السلام الدائم    طلبات بيتزا مجهولة لمنازل قضاة يترأسون دوائر تنظر دعاوى ضد سياسات ترامب    شاهد ثنائية مبابي لريال مدريد في شباك برشلونة بالكلاسيكو (فيديو)    موقف البنك الأهلي من انتقال أسامة فيصل للأهلي خلال كأس العالم للأندية    جامعة بنها تحصد 5 ميداليات فى بطولة رفع الأثقال بدورة الشهيد الرفاعى للجامعات    تأجيل محاكمة 46 متهما بالانضمام لجماعة إرهابية فى العحوزة لجلسة 12 يوليو    طرح 3 شواطئ بالإسكندرية للإيجار في مزاد علني.. تعرف على التفاصيل    إقبال كثيف على القوافل التعليمية المجانية لطلاب الشهادة الإعدادية ببورسعيد    لليوم الثاني.. جهود مكثفة في المنوفية والبحيرة لانتشال شاب غرق في مياه فرع رشيد    سهير رمزي تثير الجدل وتكشف سراً عن بوسي شلبي (فيديو)    "ليسيه الحرية" يشهد حفل افتتاح الدورة الرابعة من مهرجان المسرح العالمي    ما أهمية قانون تنظيم الفتوى بعد إقراره من البرلمان؟..موقف الحكومة    فتحي عبدالوهاب يكشف لأول مرة قصة طريقته الشهيرة في تصوير السيلفي (تفاصيل)    في يومهم العالمي.. وزير الصحة يؤكد دعم الدولة المصرية لمهنة التمريض    محافظ شمال سيناء يستقبل رئيس هيئة «الاعتماد والرقابة الصحية»    برونو فيرنانديز يحسم موقفه من عرض الهلال بعد النهائي الأوروبي    ضبط طالب تعدى على آخر بسلاح أبيض بسبب مشادة كلامية في الزاوية الحمراء    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع سير منظومة العمل بملف التصالح بالمركز التكنولوجي في الواسطى    «النواب» يوافق على اتفاقية تعاون مع «الأوروبي لإعادة الإعمار» ب10 ملايين يورو    انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف    "بكور": زيارة وزير الخارجية الألماني الجديد لتل أبيب والضفة تؤكد أولوية الشرق الأوسط    غدًا.. نجوم العالم يفتتحون مهرجان كان السينمائى السابع والثمانين    الخلط والخطأ «2»    اللواء أ.ح شريف العرايشى قائد قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب ل «الأخبار»    ضمن الموجة 26 بقنا.. إزالة 8 حالات تعدٍ على الأراضي الزراعية بمركز الوقف    الأحوال المدنية تستخرج 32 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    كواليس أزمة عواد وصبحي في لقاء الزمالك وسيراميكا    الزمالك يتحرك للتعاقد مع حارس الأهلي    محافظ الأقصر يتفقد أعمال فتح أكبر شارع بمنطقة حوض 18 بحى جنوب    محافظ الشرقية يشهد حفل قسم لأعضاء جدد بنقابة الأطباء بالزقازيق    مسؤولون أمريكيون: هناك خلافات بين ترامب ونتنياهو بشأن التعامل مع قطاع غزة وإيران    هل شريكك برج الثور؟.. إليك أكثر ما يخيفه    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. عروض مسرحية مجانية وتكريم رموز القرى    «الأورومتوسطي»: إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في قطاع غزة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    موقف رونالدو من المشاركة مع النصر أمام الأخدود في الدوري السعودي    وفاة سيدة أثناء ولادة قيصرية بعيادة خاصة فى سوهاج    ارتفاع كميات القمح المحلي الموردة للشون والصوامع بأسيوط إلى 89 ألف طن    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصف الأحياء السكنية فى غزة    الخارجية الهندية: معاهدة تقاسم مياه نهر السند لا تزال معلقة    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    «جوتيريش» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    رئيس وزراء كوريا الجنوبية السابق ينسحب من الترشح للرئاسة    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة ل د. رفيق حبيب: الانقلاب فشل في تحقيق أهدافه وفرض هيمنته

* أصبح حزب الدولة العميقة الحزب السياسي الوحيد ويقوده المجلس العسكري
* الحراك الشعبي نزع شرعية القوة للانقلاب وأي شرعية سياسية يحاول تأسيسها

* حركة مناهضة الانقلاب وقدرتها على الصمود والتصعيد.. تؤدي إلى إفشال كل خطواته
أعدها للنشر: الحرية والعدالة
خلص د. رفيق حبيب في دراسة حديثة له عنوانها "مراحل كسر الانقلاب.. حتى المواجهة الأخيرة" إلى أن الانقلاب العسكري ينتقل من مرحلة إلى أخرى، حيث بدأ بمرحلة فرض الأمر الواقع، ثم مرحلة البحث عن شرعية، ثم مرحلة استقرار السلطة.
ولكن حركة مناهضة الانقلاب، تُفشل أهم مرحلة، وهي مرحلة فرض الأمر الواقع، مما يجعل كل المراحل التالية لها لا تحقق الهدف منها، فيدخل الانقلاب العسكري في مرحلة تلو الأخرى، دون أن يتمكن من تغيير الواقع الذي بدأ مع بداية الانقلاب العسكري.
ويمثل الفشل في فرض الأمر الواقع، بحسب "حبيب" أهم عقبة تواجه الانقلاب العسكري، بسبب استمرار وثبات الحركة المناهضة له، والتي تجعله دائما فعلا لم يلقَ القبول ولو بالصمت عليه، مما يؤدي إلى وصول الانقلاب العسكري إلى نهاية مرحلته الانتقالية، ويجد نفسه في نفس المعركة الأولى، وهي معركة فرض الأمر الواقع.
وإفشال قدرة سلطة الانقلاب على تحقيق أهدافها المرحلية، يفشل تحقيق هدفها النهائي، وهو إقامة سلطة مستقرة ومستمرة، وهو ما يؤدي إلى فقدان سلطة الانقلاب لزمام المبادرة، فتتحول تدريجيا من الفعل إلى رد الفعل، وتتحول حركة مناهضة الانقلاب واستعادة الثورة، من رد الفعل إلى الفعل.
لهذا تصل المواجهة بين الانقلاب والحركة المناهضة له، إلى مرحلة المواجهة المفتوحة، عندما يستنزف الانقلاب كل خطواته ومراحله، ويصل للمرحلة التي يفترض فيها أن يصبح سلطة مستقرة، وبسبب فشله في تحقيق هذا الهدف، تصبح المواجهة بين سلطة فرضت بقوة السلاح، ولم تتحول إلى أمر واقع، وحركة تناهضها، وترفض الاعتراف بها كأمر واقع، فتصبح حركة مناهضة الانقلاب، هي الأمر الواقع.
مراحل المواجهة
أكد "حبيب" أن المواجهة بين الانقلاب العسكري وحركة مناهضة الانقلاب واستعادة الثورة تمر بعدة مراحل أساسية، ترتبط أساسا بمراحل مخطط الانقلاب العسكري، ومحاولاته بناء نظام استبدادي، يعيد نظام ما قبل الثورة. وتصل تلك المواجهة إلى ذروتها، عند الوصول إلى المرحلة الأخيرة من مخطط الانقلاب العسكري. فالانقلاب العسكري، استهدف أساسا إعادة بناء الدولة الاستبدادية القمعية، مرة أخرى بعد الثورة، واستهدف أيضا، إعادة سيطرة الدولة العميقة على مقاليد الحكم، واستعادة هيمنة منظومة المحسوبية والواسطة والمصالح والفساد، والتي شكلت شبكات الحكم قبل الثورة، وأصبحت الدولة العميقة الحاكمة بعد الثورة.
ثورة شعبية
أصبح المجلس العسكري يسمي مرشح الرئاسة لحزب الدولة العميقة.. والجيش منخرط في العملية السياسية


وأوضح "حبيب" لأن الانقلاب العسكري، جاء بعد ثورة شعبية، لذا فقد حاول إعادة تأسيس النظام السابق على الثورة، ولكن في صورة جديدة. وبقدر ما ينجح الانقلاب العسكري في تجميل نظام ما قبل الثورة، بقدر ما ينجح في خداع قطاعات من المجتمع، وبقدر ما يفشل في تقديم نظام الانقلاب العسكري، وكأنه نظام يختلف عن ما كان قبل الثورة، بقدر ما يفشل في توسيع القاعدة الجماهيرية التي يخدعها.
لذا وضع الانقلاب العسكري مخططا، يعتمد على إعادة بناء مسار تحول ديمقراطي، حتى يقنع بعض المجتمع، أنه يستهدف استعادة الديمقراطية، وإعادة بناء مرحلة التحول الديمقراطي من جديد، وبصورة أفضل مما حدث بعد الثورة. وبقدر ما تبدو إجراءات الانقلاب ديمقراطية، بقدر ما يحقق نجاحا مرحليا، وبقدر ما تكون استبدادية بصورة مكشوفة، بقدر ما يحقق انتكاسات متتالية.
عملية خداع واسعة
لذا تصبح قدرة سلطة الانقلاب على إعادة النظام القديم في شكل جديد خادع، وقدرتها على إقناع أغلب الناس أنها تبني مرحلة تحول ديمقراطي حقيقي، هي التي تمكنها من تنفيذ عملية خداع واسعة، تمكن الدولة العميقة من السيطرة على مقاليد الحكم، وتثبيت دعائم نظام استبدادي، قبل أن يدرك معظم الناس أن النظام المستبد قد عاد.
المرحلة الأولى: فرض الأمر الواقع
رصد "حبيب" أن الانقلاب العسكري بدأ أول مراحله، بمرحلة فرض الأمر الواقع، والتي حاول من خلالها فرض واقع جديد على كل المجتمع، حتى يخضع الجميع لخريطة الطريق التي اختارها. وفي هذه المرحلة، استهدفت سلطة الانقلاب، إقناع عامة الناس، أنها تقود مرحلة تحول ديمقراطي جديدة، بخريطة طريق جديدة، لتحقيق الاستقرار والتوافق السياسي والمجتمعي.
وقبل بداية الانقلاب العسكري، كان تحالف دعم الشرعية معتصما في ميداني رابعة والنهضة، منذ 28 يونيو 2013، ليعلن رفضه المبكر لكل ما يمكن أن يحدث. مما جعل الانقلاب العسكري، يواجه رفضا من قطاع من المجتمع، قبل أن يبدأ. ثم استمرت حركة الرفض للانقلاب العسكري، بشكل مستمر ودون توقف.
موضحا أن سلطة الانقلاب العسكري اعتمدت على تقسيم المجتمع، حتى تصور الوضع، وكأن كل الشعب يقبل ما يحدث، عدا قلة خارجة عن إجماع المجتمع. وهذا التقسيم أسهم في إشعال نزاع أهلي، بسبب انحياز القوات المسلحة لفريق من المجتمع ضد فريق. وهو ما تسبب في عرقلة فرض الأمر الواقع، لأن تيارا في المجتمع، رفض الانقلاب العسكري، ورفض انحياز القوات المسلحة لفريق في المجتمع.
وبسبب خطة تقسيم المجتمع، أصبح الواقع منقسما بين فريق يؤيد الانقلاب العسكري، وفريق رافض له، فلم يعد من الممكن أن يتحول الانقلاب العسكري لأمر واقع، يفرض على الكل. ولأن حركة مناهضة الانقلاب، استمرت وتوسعت، وتميزت بالصمود والثبات، لذا لم يعد من الممكن إنجاز مرحلة فرض الأمر الواقع.
المرحلة الثانية: البحث عن شرعية
كشف "حبيب أن سلطة الانقلاب العسكري دخلت مرحلة البحث عن شرعية جديدة، دون أن تتمكن من فرض الأمر الواقع أولا، فلم تصبح سلطة الانقلاب، سلطة بحكم الأمر الواقع، لأنها لم تحظَ بالقبول الكامل، سواءً بالتأييد أو الصمت. لذا دخلت سلطة الانقلاب، في المرحلة الثانية، دون أن تنجز أهدافها في المرحلة الأولى.
ولأن سلطة الانقلاب العسكري لم تتمكن من فرض سيطرتها على كل المجتمع، لذا دخلت مرحلة إعادة التحول الديمقراطي، وهي تقوم عمليا بإقصاء فريق من المجتمع، وتبني عملية سياسية تخص الفريق المؤيد لها، ولا تشمل كل المجتمع. مما جعل عملية التحول الديمقراطي، تفتقد أساسا لكل شروط الديمقراطية.
وأضاف: وبسبب محاولة سلطة الانقلاب للسيطرة على مجمل الأوضاع في مصر، أصبحت تضيق مساحة الحرية إلى أقصى درجة، حتى قضت بالفعل على مناخ الديمقراطية والحرية، وأصبح المجال السياسي مجمدا عمليا، وليس فيه تفاعل أو حراك سياسي. وتقلصت العملية السياسية، لتصبح محصورة في رأي واحد واتجاه واحد، مما جعل مرحلة التحول الديمقراطي، تتحول إلى مرحلة بناء النظام المستبد القديم من جديد.
حزب الدولة العميقة
ونبه "حبيب" إلى أن سلطة الانقلاب قوضت ضمنيا، أي عملية تحول ديمقراطي، حينما أصبح حزب الدولة العميقة هو الحزب السياسي الوحيد، والذي يقوده المجلس العسكري. حيث أصبح المجلس العسكري يسمي مرشح الرئاسة لحزب الدولة العميقة، وأصبح الجيش منخرطا في العملية السياسية، فأصبح الحكم العسكري مباشرا، بما نزع أي غطاء ديمقراطي عن سلطة الانقلاب العسكري.

رصد "حبيب" أن حركة مناهضة الانقلاب العسكري تواصلت بصورة أصبحت تنزع منه أي شرعية يحاول أن يفرضها. فقد نزع الحراك المناهض للانقلاب شرعية القوة، عندما أحبط كل محاولات فرض الأمر الواقع بالقوة، ثم أسقط الشرعية الأخلاقية عن سلطة الانقلاب، بعد أن قتلت واعتقلت وأصابت عشرات الآلاف، ثم نزع الحراك المناهض للانقلاب، أي شرعية سياسية تحاول سلطة الانقلاب تأسيسها، لأنه ظل يمثل تيارا واسعا لا يشارك في العملية السياسية، ولم تتمكن سلطة الانقلاب من استقطابه، أو استيعابه، بل عمدت لإقصائه.
شرعية وهمية
وأصبحت سلطة الانقلاب تمرر خطوات سياسية، ليس لها أثر فعلي على الواقع، ولا تمثل أي عملية سياسية حرة، بل أصبحت واقعيا، مجرد إجراءات شكلية، تستهدف إضفاء شرعية وهمية على السلطة المستبدة، التي تعيد دولة ما قبل الثورة. ولم تتمكن سلطة الانقلاب من تحسين صورة النظام القديم، بل ولم تتمكن أيضا من الإيحاء بأن ما تبنيه ليس هو النظام السابق لثورة يناير وبصورة أسوأ.
منبها إلى أنه بقدر ما أصبحت سلطة الانقلاب، تستعيد دولة الاستبداد مرة أخرى، بقدر ما أصبح الحراك المناهض لها، يستعيد ثورة يناير مرة أخرى، مما جعل تصرفات سلطة الانقلاب، تكرس صورة الانقلاب العسكري، الذي قام لإجهاض الثورة والتحول الديمقراطي، لإعادة دولة الاستبداد مرة أخرى.
المرحلة الثالثة: استقرار السلطة
وتحت عنوان "المرحلة الثالثة: استقرار السلطة" قال "حبيب": إن سلطة الانقلاب تستهدف من خريطة طريق الانقلاب، بناء نظام سياسي مستقر، وقادر على الاستمرار. وتحاول أن تبدو وكأنها أجرت عملية تحول ديمقراطي، حتى تبني نظاما يحظى بالرضى، ولا ينازعه أحد في سلطته. ولكن سلطة الانقلاب، تصل إلى مرحلة إنهاء خريطة طريق الانقلاب، وهي لم تحقق بعد المرحلة الأولى الضرورية، وهي مرحلة فرض الأمر الواقع.


مشيرا إلى أنه كما أن سلطة الانقلاب تنجز مراحل التحول السياسي المزعوم، وهي غير قادرة على إجراء أي عملية لها شكل ديمقراطي، بعد أن قوضت بالكامل كل مناخ الحرية والتعددية، وأصبحت تجرى عملية تشمل رأيا واحدا، وهو الرأي الذي تحدده قيادة الانقلاب العسكري. مما جعل كل مرحلة من مراحل العملية السياسية، ليست إلا إجراءً لاعتماد قرارات قادة الانقلاب، في مشهد جماهيري.

لافتا إلى أنه لم يتغير الواقع كثيرا، بل قل لم يتغير أساسا، منذ اليوم الأول للانقلاب العسكري وحتى بعد إنهاء مراحل خريطة طريق الانقلاب، ففي نهاية كل مرحلة، يستمر النظام القائم على الهيمنة العسكرية المباشرة على السلطة، وتستمر سيطرة الدولة العميقة على مقاليد الأمور. وكأن ما يحدث فعليا ليس عملية سياسية، ولكن مجرد إجراءات شكلية لتقنين هيمنة منظومة المحسوبية والمصالح والفساد مرة أخرى.
وأكد "حبيب" استمرار الحراك الثوري الرافض للانقلاب العسكري في مساره، دون أن تؤثر عليه الخطوات التي يتخذها قادة الانقلاب العسكري، فتنتهي كل مرحلة من مراحل مخطط الانقلاب العسكري، عند النقطة الأولى التي لم يتمكن من تحقيقها، وهي فرض الأمر الواقع. فمخطط الانقلاب العسكري يستهدف الوصول إلى مرحلة استقرار السلطة بلا منازع، وهو أمر أصبح تحقيقه غير ممكن.
مرحلة المواجهة المفتوحة
لفت "حبيب" إلى أنه قد اعتمدت سلطة الانقلاب على تأسيس مرحلة انتقالية، تعدل فيها مسار الثورة والتحول الديمقراطي، حتى تعيد دولة ما قبل الثورة. وفي تلك المرحلة، حاولت سلطة الانقلاب، تقديم وعود للقطاع المؤيد لها، حتى يقتنع بأن سلطة الانقلاب العسكري، قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار، فأصبح القطاع المؤيد لها، ينتظر نهاية المرحلة الانتقالية، ليتحقق ما وعدت به سلطة الانقلاب.
مضيفا وعند انتهاء المرحلة الانتقالية، تصل سلطة الانقلاب إلى المرحلة التي يفترض أن تحقق فيها الأهداف التي قام الانقلاب العسكري من أجلها. وفي تلك المرحلة، تبدأ المواجهة المفتوحة بين الانقلاب العسكري وحركة مناهضة الانقلاب واستعادة الثورة. حيث تصبح المواجهة بين سلطة تريد أن تستقر وتستمر، وحراك ثوري يمنع استمرارها أو استقرارها.

وخلص "حبيب" إلى أنه مع استمرار الحراك الثوري، تجد سلطة الانقلاب العسكري نفسها، بعد نهاية المرحلة الانتقالية، في نفس وضعها عند بداية الانقلاب، حيث تبقى سلطة انقلاب عسكري، في نظر التيار المناهض لها، وتبقى أيضا في المرحلة الأولى، التي فشلت في تحقيقها، وهي مرحلة فرض الأمر الواقع. فتدخل سلطة الانقلاب العسكري، في عملية فرض سلطتها، حتى تستقر، بدون أن تتمكن من الوصول إلى نهاية محتملة لهذه المرحلة.
المربع الأول

وتابع: مع الدخول في مرحلة المواجهة المفتوحة، تجد سلطة الانقلاب نفسها في مواجهة ليس لها سقف زمني، بعد أن أنهت سلطة الانقلاب كل المراحل التي وضعتها للمرحلة الانتقالية، ولم يعد لدى سلطة الانقلاب، أي مبررات أو إجراءات، تؤجل الحكم على ما حققه الانقلاب العسكري على الأرض. فلم يعد لدى سلطة الانقلاب العسكري، أي خطوات تشغل بها الرأي العام، بعد أن أصبحت في نهاية خطتها.

ويفترض لأي انقلاب عسكري، أن يصل لمرحلة استقرار السلطة، حتى يستمر لفترة طويلة، ولكن الانقلاب العسكري، وبسبب الحركة المناهضة له، يصل إلى مرحلة فقدان القدرة على تحقيق استقرار السلطة، ويظل في معركة فرض سلطته على الأرض، وكأنه يقف في المربع الأول، دون أن يتمكن من الخروج منه.
تغير أوزان القوة
وكشف "حبيب" أنه مع تحولات المواجهة بين الانقلاب العسكري والحركة المناهضة له، تتغير أوزان القوة على الأرض تدريجيا. فقد بدأ الانقلاب العسكري، وهو يمسك بزمام الأمور، فكان الانقلاب هو الفعل المؤثر في المشهد في 3 يوليو 2013، ولكن مع استمرار المعركة بين الانقلاب والحركة المناهضة له، تتغير أوزان القوة مع الوقت.

ما يحدث ليس عملية سياسية.. بل إجراءات شكلية لتقنين هيمنة منظومة المحسوبية والمصالح والفساد


ففي كل مراحل خارطة طريق الانقلاب، يبدو الانقلاب العسكري، وكأنه ممسك بزمام الأمور، وممسك بزمام المبادرة، ويمتلك الفعل المؤثر على الواقع، من خلال وضع دستور الانقلاب، ثم اختيار السلطة الجديدة، ممثلة في رئيس وبرلمان. ولكن مع نهاية خارطة طريق الانقلاب، لا يبقى له إلا أن يثبت أنه حقق على الأرض أهدافه، حتى يصبح فعله نهائيا ومستقرا.

واعتبر "حبيب" استمرار حركة مناهضة الانقلاب، وقدرتها على الصمود والتصعيد، تؤدي عمليا إلى إفشال كل فعل لسلطة الانقلاب، بحيث لا يصبح لقرارات سلطة الانقلاب أثر واقعي، مما يجعل أوزان القوة تتغير بين الانقلاب وحركة مناهضة الانقلاب، حتى تنتقل حركة مناهضة الانقلاب من مرحلة رد الفعل إلى الفعل.
فحركة مناهضة الانقلاب واستعادة الثورة، بدأت كرد فعل على الانقلاب العسكري، وتستمر رد فعل على كل خطوة من الخطوات التي تتخذها سلطة الانقلاب العسكري، حتى تنتهي خريطة طريق الانقلاب، وتبدأ مرحلة جرد ما تحقق على الأرض من نتائج، وعند هذه المرحلة تنتقل حركة مناهضة الانقلاب من رد الفعل إلى الفعل.

فمادامت سلطة الانقلاب لم تصبح أمرا واقعا يحظى بالقبول أو الصمت، وما دامت سلطة الانقلاب لم تؤسس لسلطة مستمرة ومستقرة؛ لذا فإن سلطة الانقلاب تكون قد فشلت في تنفيذ أهدافها، ولم تتمكن من فرض مخططها على المجتمع. ومع بقاء تيار واسع من المجتمع يناهض الانقلاب العسكري، يتم إفشال مخطط الانقلاب العسكري تدريجيا.
ومع فشل سلطة الانقلاب من فرض سلطة مستقرة ومستمرة، تنتهي قدرة سلطة الانقلاب على امتلاك زمام المبادرة، وتنتهي مرحلة احتكارها للفعل، وتبدأ تدريجيا في فقدان القدرة على التحكم في زمام الأمور، مما يتيح لحركة مناهضة الانقلاب، من الانتقال من مرحلة رد الفعل إلى مرحلة الفعل، بعد أن تستنزف سلطة الانقلاب العسكري، ولا يبقى لديها فعل جديد، يمكن أن تقوم به، لتغيير الواقع على الأرض.
تحول زمام المبادرة
وانتهى "حبيب" إلى أنه كلما تقدمت سلطة الانقلاب في خارطة طريقها، وهي غير قادرة على تغيير أوضاع حركة مناهضة الانقلاب، تصل لمرحلة لا يبقى لديها فيها أي وسائل جديدة، لتغيير الواقع على الأرض. وتصل سلطة الانقلاب لمرحلة يفترض فيها أنها أصبحت سلطة مستقرة ومستمرة، وهي واقعيا لم تصبح كذلك. فتصبح حركة مناهضة الانقلاب، هي الممسكة بزمام الأمور، وهي التي تعرقل استقرار سلطة الانقلاب.
وفي اللحظة التي يصبح فيها تغير أوضاع الواقع، مرتبطا بما تقوم به حركة مناهضة الانقلاب، تكون تلك الحركة قد امتلكت زمام الأمور. وهو ما يؤدي إلى تغير واضح في المواجهة بين الانقلاب والحركة المناهضة له، حيث تصبح حركة مناهضة الانقلاب، هي السلطة الفعلية على الأرض.

وبقدر ما تتضاءل قدرة سلطة الانقلاب على التأثير على الواقع، وبقدر ما تتنامى قدرة حركة مناهضة الانقلاب على التأثير على مجريات الأمور واقعيا، بقدر ما تنتقل السلطة على الأرض من سلطة الانقلاب، إلى حركة مناهضة الانقلاب. وتصبح سلطة الانقلاب، مالكة لأدوات القوة، ولكنها لا تملك التأثير في الواقع على الأرض.
والتحول في أوزان القوة بين سلطة الانقلاب والحركة المناهضة لها، يقلب طبيعة المواجهة، حيث تصبح حركة مناهضة الانقلاب، هي التي تفرض واقعا على الأرض، بعد أن أفشلت محاولة الانقلاب العسكري لفرض أمر واقع. وهو ما يؤدي إلى تغيير المواجهة، ودخولها في مرحلة جديدة، حيث تصبح المواجهة نزاعا بين سلطة الشارع وسلطة أدوات القوة التي تملكها الدولة، وبين سلطة الإرادة الشعبية، وسلطة الدولة العميقة المتحكمة في مقدرات البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.