وزيرة البيئة تواصل مشاركاتها فى فعاليات مؤتمر ' كوبنهاجن لتغير المناخ    الكاف يفرض اشتراطات صارمة على المدربين في بطولاته القارية.. قرارات إلزامية تدخل حيّز التنفيذ    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية لتفقد مستشفى الناس    5 حالات اختناق بمنزل وحادث اعتداء على سوداني بالجيزة    بوتين: روسيا ستبقى قوة عالمية غير قابلة للهزيمة    لأول مرة.. بابا الفاتيكان أمريكيا| وترامب يعلق    خلافات عميقة وتهميش متبادل.. العلاقة بين ترامب ونتنياهو إلى أين؟    القوات المصرية تشارك في عروض احتفالات الذكرى ال80 لعيد النصر بموسكو    الجيش الأوكراني: تصدينا خلال ال24 ساعة الماضية لهجمات روسية بمسيرات وصواريخ    سعر الخضار والفواكه اليوم الجمعة 9 مايو 2025 فى المنوفية.. الطماطم 7جنيهات    ماركا: تشابي ألونسو سيكون المدرب الجديد لريال مدريد    فاركو يواجه بتروجت لتحسين الوضع في الدوري    إنفانتينو يستعد لزيارة السعودية خلال جولة ترامب    وزير المالية: الاقتصاد المصري يتحرك بخطى جيدة ويوفر فرصًا استثمارية كبيرة    مصلحة الضرائب: 1.5 مليار وثيقة إلكترونية على منظومة الفاتورة الإلكترونية حتى الآن    طقس اليوم الجمعة 9-5-2025.. موجة شديدة الحرارة    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني للطلبة المصريين في الخارج غدا    وزير الري: سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ تيسيرا ودعما للمستثمرين    فيفى عبده عن محمود عبد العزيز وبوسى شلبى: سافروا معايا الحج وهما متجوزين    مروان موسى ل«أجمد 7» ألبومى الجديد 23 أغنية..ويعبر عن حياتي بعد فقدان والدتي    حفيدة الشيخ محمد رفعت: جدى كان شخص زاهد يميل للبسطاء ومحب للقرآن الكريم    جدول امتحانات خامسة ابتدائي الترم الثاني 2025 بالقليوبية «المواد المضافة للمجموع»    تنمية المشروعات ضخ 920 مليون جنيه لتمويل مشروعات شباب دمياط في 10 سنوات    اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    الهيئة العامة للرعاية الصحية تُقرر فتح باب التقدم للقيد بسجل الموردين والمقاولين والاستشاريين    طريقة عمل العجة المقلية، أكلة شعبية لذيذة وسريعة التحضير    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    جوميز: مواجهة الوحدة هي مباراة الموسم    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    أحمد داش: الجيل الجديد بياخد فرص حقيقية.. وده تطور طبيعي في الفن    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    الخارجية الأمريكية: لا علاقة لصفقة المعادن بمفاوضات التسوية الأوكرانية    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    موهوبون في قلب الأمور لمصلحتهم.. 5 أبراج تفوز في أي معركة حتى لو كانوا مخطئين    منح الدكتوراه الفخرية للنائب العام من جامعة المنصورة تقديرًا لإسهاماته في دعم العدالة    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    طلب مدرب ساوثهامبتون قبل نهاية الموسم الإنجليزي    البابا تواضروس يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة رعوية استمرت أسبوعين    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة د.رفيق حبيب: الدولة العميقة قامت بأكبر عملية إفشال للرئيس المنتخب

• الثورة في مواجهة قيادات كل المؤسسات المركزية للدولة العميقة، الجيش والقضاء والشرطة
• أصبح الحراك الثوري شعبيا بامتياز، وقيادته قيادة شعبية خالصة
• حسم مسألة الهوية، لدى قاعدة شعبية مناضلة، تدفع ضريبة الدم، يؤدي إلى بناء الإرادة الشعبية
• مسار الربيع العربي تغير بفعل موجات الثورة المضادة وأصبح يتجه لبناء مسار ثوري أعمق
أعدها للنشر: الحرية والعدالة
أكد المفكر والباحث السياسي د.رفيق حبيب في دراسة حديثة له عنوانها "الثورة في طور جديد .. استعادة الربيع العربي" أن الثورة المصرية دخلت في طور جديد، بعد هجمة الثورة المضادة عليها، متمثلة في الانقلاب العسكري، الذي استهدف إجهاض الثورة بالكامل، مما دفع مسار الثورة، في اتجاه بناء قاعدة جديدة للثورة، تختلف عن تلك القاعدة التي تأسست عليها الثورة في يناير 2011، وفيما يلي عرض لأهم القضايا التي تضمنتها الدراسة:
في مواجهة قيادة الجيش
تحت عنوان "في مواجهة قيادة الجيش" قال "حبيب" إنه لم تعد قيادة القوات المسلحة تقف على الحياد، كما كانت في يناير 2011، ولم تعد تحمي الثورة، أو تدعي أنها تحمي الثورة؛ بل وأصبحت توجه سلاح الجيش لقمع الثورة. ولم يعد من الممكن أن تكون الثورة، نصف ثورة ونصف انقلاب عسكري، كما حاولت قيادة القوات المسلحة بعد يناير 2011، لأنها لم تعد جزءا من مشهد الثورة، بل أصبحت ضمن الثورة المضادة.
وذكر "حبيب" بأنه قد عرف التاريخ المصري، الكثير من الثورات التي شارك فيها الجيش، أو التي قام بها الجيش، وكانت انقلابات عسكرية تتحول إلى ثورة، مثل ما حدث في يوليو 1952. وفي يناير 2011، قامت ثورة شعبية، وشارك فيها الجيش بالوقوف على الحياد، وعدم المشاركة في قمع الثورة. ثم بعد ذلك، انقلبت قيادة الجيش على الثورة، وقامت بانقلاب عسكري، مما جعل الجيش في مواجهة الثورة.
وتحولت الثورة الشعبية في مصر برأي "حبيب" إلى ثورة سلمية تقف أمامها القوات المسلحة، وتحرك قيادة الجيش بعض قواته في مواجهة الثورة. وهو تحول مهم، ينقل الثورة إلى مرحلة جديدة، حيث أصبحت الثورة الشعبية، في مواجهة دولة ما قبل الثورة، وفي مواجهة قيادة الجيش. مما يجعلها ثورة شعبية خالصة، لا يشارك فيها الجيش، بل يواجها، للمرة الأولى في التاريخ المصري.
في مواجهة الدولة العميقة
ورصد "حبيب" أنه في ثورة يناير 2011، كان الحراك الثوري موجها إلى الشرطة ورأس النظام، ولم تشارك مؤسسات الدولة العميقة في المواجهة، بل ظلت تحاول التسرب إلى داخل جسم الثورة. ولم يقف ضد الثورة، إلا جزء من شبكة المصالح والفساد، كما حدث في موقعة الجمل الشهيرة. ولكن مؤسسات الدولة العميقة، لم تقف صراحة ضد الثورة، كما لم تقف مؤسسة القضاء صراحة ضد الثورة.
• لم تعد قيادة القوات المسلحة تقف على الحياد بل توجه سلاح الجيش لقمع الثورة
وأضاف: في المرحلة الجديدة من الثورة، تغير الموقف تماما، فقد تجمعت كل مؤسسات الدولة العميقة ضد الثورة، بعد أن حاولت اختراقها في البداية، حتى تصبح جزءا منها، وتستولي عليها بعد ذلك، وعندما لم تتمكن مؤسسات الدولة العميقة من اختراق الثورة، بدأت في تفكيك قوى الثورة، واختراق بعضها، حتى توفر غطاءً شعبيا للثورة المضادة.
ونبه "حبيب" إلى أنه تجمعت كل أطراف الدولة العميقة ضد كل كيان منتخب، وفككت كل مرحلة تتم من مراحل التحول الديمقراطي، ثم وقفت ضد أول رئيس منتخب، وقامت بأكبر عملية إفشال منظمة، ضد الرئيس المنتخب، لتمهد الطريق للثورة المضادة. واخترقت الدولة العميقة العديد من الكيانات السياسية المنسوبة للثورة، حتى باتت داخل قطاع من الثورة، تحركه ضد الثورة.
وبناء عليه بحسب "حبيب" استطاعت الدولة العميقة من خلال اختراقها لمسار الثورة، واختراقها لقطاعات منها، أو توفر غطاءً شعبيا للثورة المضادة والانقلاب العسكري؛ ولكنها بعد الانقلاب أصبحت بكاملها تقف ضد مسار الثورة، وتقود عملية إجهاض الثورة، مما أنهى عملية اختراق الثورة من قبل الدولة العميقة، فأصبحت الدولة العميقة بكل مكوناتها، في مواجهة صريحة مع الثورة.
المؤسسة القضائية

وأكد "حبيب" أن وقوف المؤسسة القضائية بشكل واضح ضد الثورة وتعاونها مع سلطة الانقلاب، مثل مرحلة فارقة في مسار الثورة، حيث أصبحت قيادة المؤسسة القضائية جزءا مهما من سلطة الانقلاب العسكري، مما جعل الثورة تصبح عمليا في مواجهة قيادات كل المؤسسات المركزية للدولة العميقة، الجيش والقضاء والشرطة.
في مرحلة يناير 2011، كانت العديد من أطراف شبكات المصالح والفساد، تخترق الثورة وتنسب نفسها لها، من خلال العديد من الكيانات. ولكن بعد الانقلاب العسكري، أصبحت كل شبكات المصالح والفساد في مواجهة مباشرة مع الثورة، مما أسهم في تنقية جسم الحراك الثوري، من أي اختراق له، من قبل شبكات المصالح والفساد.
في مواجهة الإعلام
حذر "حبيب" من أنه قد حاولت العديد من وسائل الإعلام والتي لم ترحب بثورة يناير في لحظة بدايتها، اختراق الثورة، وركوب موجة الثورة بطرق عدة، بل حاولت تصنيع رموز للثورة يسيطر عليها الإعلام، حتى أصبحت أغلب وسائل الإعلام تقدم نفسها كراعية للثورة، وهي واقعيا كانت تحضر للانقلاب على الثورة.

• لم يعد الحراك يحسم في أيام بعينها بل موجات ثورية متتالية
وكل وسائل إعلام الانقلاب العسكري، قدمت نفسها كراعية للثورة، حتى تتمكن من توجيه مسار الثورة. وقد قامت وسائل الإعلام بدور مهم في توجيه مسار الثورة، كما تبنت سيناريو العنف والفوضى، ووفرت له غطاءً إعلاميا، وقد كانت معظم سيناريوهات العنف والفوضى، جزءا من مخطط للانقلاب على الثورة.
رأس الحربة
وتابع: فقد قامت وسائل إعلام الانقلاب بدور مهم في تهيئة العامة لعودة النظام السابق، من خلال تشويه مسار الثورة ضمنيا، والتركيز على ما يعقب الثورة من حالة فوضى. وقامت وسائل الإعلام بنشر حالة تخويف وترهيب في المجتمع، مرة من الثورة، ومرة من جماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي. وفي النهاية، استطاعت وسائل إعلام الانقلاب، صناعة معركة بين قطاع من المجتمع وجماعة الإخوان المسلمين، لتخفي المعركة الحقيقية بين الثورة والثورة المضادة.
كان لوسائل إعلام الانقلاب دور مهم في عملية إفشال أول رئيس مدني منتخب، وتوفير الأجواء اللازمة لتصعيد غضب شعبي ضده، كما قامت بنشر الشائعات والمعلومات المضللة، حتى تتمكن من السيطرة على وعي قطاع من عامة الناس. مما جعل وسائل إعلام الانقلاب، تعد رأس حربة الانقلاب العسكري.
بعد الانقلاب، أصبحت أغلب وسائل الإعلام في صف الثورة المضادة، ولم تعد قادرة مرة أخرى على اختراق الثورة، بل أصبح لها ثورة مصنعة خاصة بها، ثورة تم التخطيط لها، من أجل إجهاض ثورة يناير، وإعادة النظام السابق، ليصبح القيادة الفعلية للثورة المضادة، التي يراد لها أن تكون بديلة عن الثورة الأصلية.
وبعد الانقلاب العسكري، أصبح جسم الحراك الثوري غير مخترق من وسائل إعلام، بل أصبحت له وسائل إعلام بديلة، وأصبح واقعيا يعتمد أساسا على إعلام الشارع، أي التفاعل في الشارع كوسيلة لتشكيل الوعي الثوري الحركي الفاعل.
جسم الحراك الثوري
ورصد "حبيب" أنه قد اختلف تكوين جسم الحراك الثوري، قبل الانقلاب العسكري عن بعده، فقد أصبح جسم الحراك الثوري غير مخترق من أي نخب غير ثورية، أو أي نخب ترتبط بالنظام السابق على الثورة، أو أي نخب لا تؤمن بالديمقراطية فعلا. كما تخلص جسم الحراك الثوري من كل الأطراف التي حاولت اختراق الثورة، لصالح الثورة المضادة.
فقد بدأ جسم الحراك الثوري، بعد الانقلاب العسكري، في التشكل على أسس جديدة، فأصبح حراكا قاعديا، يشمل مساحات واسعة من قاعدة المجتمع، ويتشكل من قواعد حركية قادرة على الصمود. كما أصبح جسد الحراك الثوري، مشكلا من شرائح متلاحمة ومتضامنة ومتماسكة، ولم يعد هناك مكان لنخب تستعلي على القواعد الجماهيرية، بل أصبح الحراك شعبيا بامتياز، وقيادته قيادة شعبية خالصة، مما جعل الثورة، تصبح فعليا ثورة شعبية خالصة.
لهذا، لم يعد للثورة نخب، ولم يعد فيها نخب، بل أصبحت ثورة لها تنظيمات راعية لها، ولها قيادات ميدانية، ولها قيادة شعبية تنظم حركتها. وأصبح قرار الحراك يأتي من القاعدة، التي أصبحت مشاركة في صنع القرار، بل هي واقعيا صانعة مسار الثورة والحراك.
الحراك الثوري الجديد
وقال "حبيب" محللا: يتسم الحراك الثوري بعد الانقلاب العسكري، بعدة خصائص جديدة، تجعله طورا جديدا من ثورة يناير. فحراك ما بعد الانقلاب، لم يعد حراكا يحسم في أيام بعينها، أو لحظة بعينها، أي أنه لم يعد حراكا يستهدف تصعيدا محددا، يصل به إلى الذروة ثم ينتصر؛ بل أصبح موجات ثورية متتالية، تراكم حالة ثورية، حتى تصبح حالة عامة حاضرة كل الوقت، وحاضرة عبر المكان والزمان وشرائح المجتمع.
فالحراك الثوري في طوره الجديد، أصبح يتخذ مسار التطور النوعي والكمي المتتالي، والذي يصل به إلى مرحلة يصبح فيها الحراك الثوري هو المسيطر على الشارع، وهو بالتالي المسيطر على الحالة العامة في مصر، وعندما يصبح الحراك الثوري هو المسيطر، يصبح هو السلطة الفعلية على الأرض، القادرة على توجيه دفة الأمور في مصر.
يلاحظ أن الحراك الثوري بعد الانقلاب العسكري، برأي "حبيب" أصبح يراكم قاعدة شعبية، تتسع مع الوقت، وتتراكم طبقاتها وشرائحها وفئاتها. مما يعني أن الحراك الشعبي الثوري، أصبح يبني تدريجيا قاعدة شعبية، لها حضور في مختلف المناطق، ولها قيادة ميدانية محلية، مما يحول تلك القاعدة إلى كيانات محلية ثورية، منتشرة عبر أرجاء البلاد.
ولأن الحراك الثوري في يناير 2011، لم يتمكن من حماية مسار الثورة، لذا فالحراك الثوري بعد الانقلاب العسكري، أصبح يشكل جمهور الثورة، ذلك الجمهور القادر على تحقيق أهداف الثورة، وحسم الأمور لصالح الثورة، وأيضا حماية مسار الثورة.
قاعدة شعبية واعية
وكشف "حبيب" أن مشكلة ثورة يناير، أنها افتقدت للقاعدة الشعبية الواعية، وافتقدت للإرادة الشعبية القوية، والتي تستطيع حماية مسار الثورة، فأصبحت الثورة بلا جمهور أو قاعدة شعبية واسعة تحميها، مما مكن من اختطاف الثورة، وإجهاضها مرحليا. لذا أصبحت الثورة في حاجة إلى جماهير تحقق التحول الثوري، وأيضا تستطيع حماية مسار الثورة في كل مراحلها.
لذا فالحراك الثوري، وبسبب مرحلة النضال المستمرة في وجه قمع دموي، أصبح يراكم قدرته على تكوين جمهور واعٍ وله إرادة قوية، يحقق الثورة، ويحمي مسارها. مما يعني أن الحراك الثوري الجديد، أصبح يبني ضمنا، القاعدة الشعبية القادرة على حماية الثورة، في مختلف مراحلها، وليس فقط حتى تنتصر.
فالثورة لا تتم في لحظة، ولكنها مسار طويل من النضال، يحتاج لجمهور واعٍ ولديه الإرادة، حتى يحمي الثورة، ويحمي مسار تحقيق كل أهدافها، حتى يتم تأمين مسار الثورة، وحماية التحول الديمقراطي، وصولا إلى النظام السياسي المستقر.
إعادة بناء المجتمع
وأشار "حبيب" إلى أن الانقلاب العسكري تأسس على تفكيك المجتمع، وإضعاف بنيته، بل وإشعال حالة من النزاع الأهلي، لذا أصبحت حركة مناهضة الانقلاب، تبني المجتمع من جديد، على قاعدة مركزية متماسكة، تكفي لإعادة بناء وحدة المجتمع مرة أخرى. فلم يعد الحراك الثوري فعلا سياسيا فقط، بل أصبح عملا اجتماعيا إصلاحيا أيضا.
وأضاف: لا يوجد مجتمع يتمكن من تحقيق ثورة ضد الاستبداد، وهو مفكك وفي حالة ضعف؛ لذا فالحراك الثوري ضد الاستبداد، أصبح يحقق نجاحا، بقدر ما يتمكن من بناء قاعدة صلبة للمجتمع، تمثل نواة جديدة لبناء وحدة وتماسك المجتمع. وتلك النواة، تبني عمليا المجتمع في صورته المتماسكة والمتضامنة، حتى تصبح تلك النواة، هي الصورة الصحية والسلمية للمجتمع، والتي تتمدد بعد ذلك، لتعيد المجتمع إلى حالته الصحية.
وخلص "حبيب" إلى أن بناء قاعدة شعبية للحراك الثوري، ثم تمدد تلك القاعدة، يجعلها تشمل شرائح أخرى من المجتمع تدريجيا، مما يسهم في بناء قاعدة متنوعة، وتشمل مختلف شرائح المجتمع، أي تشمل جزءا من مختلف فئات المجتمع. والقاعدة الشعبية للحراك الثوري، بعد الانقلاب العسكري، تؤسس عمليا لبناء تيار سائد في المجتمع، له رؤية مشتركة، وقائم على قواعد وقيم وأخلاقيات واضحة.
فالقاعدة الشعبية للحراك الثوري، تتميز بأنها أصبحت تملك رؤية مشتركة، ولها تقييم واضح لما حدث في مصر، ولديها وعي مشترك، وأيضا لديها تصور مستقبلي واضح. وتلك الخصائص، لم تتوفر للقاعدة الشعبية التي قامت عليها ثورة يناير، حيث كانت قاعدة شعبية التقت في لحظة، ولم تبنِ وعيا مشتركا، أو تصورا مشتركا، فكانت قاعدة وقتية، ليس لها إرادة ووعي وتوجه مشترك.
حسم الهوية
لأن معركة الهوية ظلت في قلب معركة الثورة مع الثورة المضادة، ولأن الانقلاب العسكري لم يكن انقلابا على الثورة والديمقراطية فقط، بل كان أيضا انقلابا على الهوية؛ لذا أصبح الحراك الثوري يحمل هوية واضحة، ويحمي الهوية، ويحاول أن يستكمل الثورة، ويعيد الديمقراطية، ويحسم مسألة الهوية، في مسار واحد.
وإذا كان البعض يرى أن حمل الشعارات الإسلامية، يحد من توسع القاعدة الشعبية للحراك الثوري، فإن حمل تلك الشعارات يؤدي ضمنا إلى بناء قاعدة شعبية ثورية، تحمل الموروث الثقافي والحضاري للمجتمع. فهي قاعدة شعبية لها هوية واضحة، ومتوافقة على تلك الهوية، مما يعني أن مسألة حسم التوافق حول الهوية، أصبحت تحدث داخل إطار مسار الحراك الثوري.
ففي قلب الحراك الثوري، تستعيد قاعدته الشعبية، قيم وأخلاق المجتمع، وتعمل للدفاع عن الهوية، والموروث الثقافي والحضاري، مما جعل الحراك الثوري، يعد إحياءً اجتماعيا شاملا، يعيد بناء المجتمع، ويواجه ما لحق المجتمع من تفكك وانقسام، ويبني حالة ثورية لها هوية واضحة. مما يجعل الحالة الثورية الجديدة، تقوم على مضمون ثقافي واضح، وتبني مشروعا، وليس فقط ثورة.
حالة التضامن الاجتماعي بين شركاء النضال والدم والتضحية، أصبحت تعيد تماسك القاعدة الشعبية، على أساس الهوية الإسلامية، واستعادة دور الدين الإيجابي، باعتباره دافعا لبناء تماسك المجتمع، وأيضا دافعا للفعل الثوري، الذي يستهدف تطهير البلاد من الاستبداد والفساد. وهو ما يعيد أخلاق ميدان التحرير مرة أخرى، ولكن في صورة عميقة وواضحة، ولها توجه واضح، وقيم حاكمة، وهوية واضحة.
وحسم مسألة الهوية، لدى قاعدة شعبية مناضلة، تدفع ضريبة الدم، يؤدي إلى بناء الإرادة الشعبية القوية، والتي لم تبنَ في مرحلة الثورة الأولى، كما يبني وعيا مناضلا، غير قابل للاختراق، وغير قابل للتضليل. والواقع، أن الثورة سرقت بأدوات كثيرة، كان من أهمها التضليل الإعلامي المكثف، من وسائل إعلام الثورة المضادة، والتي أضعفت قدرة الجماهير على حماية مسار الثورة.
الخلاصة

خلص د.رفيق حبيب إلى أنه قد تجدد الحراك الثوري، بعد الانقلاب العسكري، وأصبح يبني قاعدة شعبية متماسكة، لحراك ثوري متواصل ومستمر. وأصبح الحراك الثوري، يبني فعلا إرادة شعبية على الأرض، يتواصل نضالها، بصورة تمكنها من أن تكون صاحبة القرار على الأرض.
فقد تغير مسار الربيع العربي، بفعل موجات الثورة المضادة، وأصبح يتجه لبناء مسار ثوري أعمق، له جمهور يحميه، وقاعدة تؤمّن مساره، ووعي يحافظ على الثورة، وإرادة تحقق مطالبها. وهو ما يعد تطورا نوعيا في مسار الثورة.
وكشف "حبيب" أنه في مصر، يبدو أن هناك نموذجا جديدا للربيع العربي، يتشكل بسبب أن مصر واجهت أصعب ثورة مضادة، تمثلت في انقلاب عسكري، أجهض مسار الثورة بالكامل مؤقتا، مما جعل الحراك الثوري، يتجه لبناء مسار ثوري متكامل، يجمع عناصر كافية لإنجاح الثورة وتأمين مسارها.
إذا كانت الثورة المضادة هي رد فعل على ثورة الربيع العربي، في يناير 2011، فإن الموجة الجديدة للثورة، هي رد فعل على الانقلاب العسكري، تتشكل بقدر يجعلها قادرة على إسقاط الانقلاب العسكري، واستعادة مسار الثورة. وبقدر طغيان سلطة الانقلاب العسكري، بقدر ما يتشكل حراك ثوري، له قوة مقابلة، تتفوق على قوة سلطة الانقلاب، مما يمكنه من تحقيق النصر عليه.
هذا التطور النوعي الحادث في الحراك الثوري في مصر، بحسب "حبيب" سوف يكون له أثر كبير على مسار الربيع العربي في المنطقة، لأنه أصبح محاولة لبناء مرحلة جديدة من الربيع العربي، قادرة على صد هجمات الثورة المضادة في مصر وغيرها من بلدان الربيع العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.