طرح الدكتور رفيق حبيب –المفكر السياسى والقيادى بحزب الحرية والعدالة– فى دراسة حديثة له عنوانها "هل يتحالف الثوار؟.. عن إعادة 25 يناير" تساؤلات محورية أهمها: هل يمكن أن يتحالف الثوار مرة أخرى؟ وتتجمع كل القوى السياسية فى مواجهة الدولة البوليسية العسكرية؟ وهل يمكن أن يعود مشهد 25 يناير 2011 مرة أخرى؟ وهل العودة لمشهد 25 يناير كما كان، يحقق مصلحة الثورة؟ تلك الأسئلة، تمثل قضايا جوهرية فى مسيرة الثورة المصرية. وقال "حبيب" فى دراسته إن فى 25 يناير 2011، لم تتحالف القوى السياسية والمجموعات الشبابية، بقدر ما شارك الجميع فى لحظة ثورة على نظام مستبد، واتفق الجميع دون تحالف مسبق، على الوقوف فى وجه النظام القائم، وبعد سقوط رأس النظام، سيطرت الخلافات السياسية على المشهد، وأسهمت فى حدوث انقلاب عسكرى، بغطاء شعبى. وأضاف أنه فى مشهد 25 يناير، ظهر وكأن المجتمع كله مع الثورة، وتوارت نسبيا الفئات المؤيدة للنظام الحاكم، وكأن المجتمع كله متوافق على مسار الثورة والتغيير. ولكن مع الانقلاب العسكرى، ظهرت الصورة الحقيقية أكثر، فظهرت الكتل المؤيدة لنظام ما قبل الثورة، وظهرت الاختلافات حول الهدف من الثورة، لافتًا إلى أنه فى مشهد 25 يناير، توارت مؤسسات الدولة البوليسية بعد انهيار جهاز الشرطة، ووقفت القوات المسلحة على الحياد، أما بعد الانقلاب العسكرى، فقد أصبحت كل مؤسسات الدولة البوليسية، تحارب الثورة والتغيير، وأصبحت طرفا فى معركة الثورة المضادة ضد الثورة. الانقلاب الكاشف وتحت عنوان "الانقلاب الكاشف"، أكد "حبيب" أن الانقلاب العسكرى أظهر حقيقة الواقع الاجتماعى، حيث كشف مواقف القوى والكتل المختلفة، وأصبح لكل منها خياراته الواضحة، والتى حددت موقفه من الانقلاب العسكرى. وأوضح أن الانقلاب العسكرى، كشف عن وجود اختلاف بين كتل مجتمعية، حول الموقف من الحرية والتحرر، فبعض الكتل الاجتماعية، تبحث عن الحرية الفردية بالمعنى الغربى، وتفضل الحرية الفردية على الحرية السياسية، لذلك أيدت الانقلاب، وبعض الكتل والقوى، خاصة المجموعات الشبابية، تريد الحرية السياسية والحرية الفردية بالمعنى الغربى، لذلك أيدت الانقلاب، رفضا للهوية الإسلامية، ولكنها فى الوقت نفسه، اختلفت مع سلطة الانقلاب، عندما قلصت الحرية السياسية. وهذه القوى، تريد نظاما علمانيا، ولكن غير بوليسى. كما كشف الانقلاب العسكرى عن الفروق بين القوى الإسلامية، حيث ظهرت القوى التى تربط حركتها بالدولة، مثل حزب النور، والذى يرفض الدخول فى أى مواجهة مع الدولة العميقة، ويعمل فى المساحة المتاحة له، أيا كانت. أما الشرائح المرتبطة بنظام ما قبل الثورة، والشرائح المنتمية لمؤسسات الدولة، خاصة الجيش والشرطة والقضاء، فهى تريد المحافظة على النفوذ والسلطة والمصالح التى تمتعت بها، لذا فهى لا تؤيد إلا نظاما مثل نظام ما قبل الثورة. بعد الفرز وتحت عنوان "بعد الفرز" قال "حبيب" إنه أصبحت أغلب القوى العلمانية، مع الانقلاب العسكرى، ومع نظام سياسى مقيد، يقوم على سلطة عسكرية مباشرة أو غير مباشرة، مما يعنى أن قطاعا من القوى السياسية، أصبح واقعيا ضد الثورة، ومعه كل الكتل الاجتماعية المؤيدة للحل العلمانى. وأضاف أنه فى المقابل، أصبحت أغلب القوى الإسلامية ضد الانقلاب العسكرى، ومع الثورة والتحرر الكامل غير المنقوص، وأيضا مع الديمقراطية الكاملة غير المنقوصة. وتلك القوى، تعمل على بناء نظام سياسى ديمقراطى له مرجعية إسلامية، حيث إنها ترى أن تلك المرجعية، هى التى تعبر عن الموروث الثقافى والحضارى الغالب فى المجتمع. وأشار المفكر السياسى إلى أن المجموعات الشبابية، أصبح جزء منها ضمن منظومة الانقلاب العسكرى، والجزء الآخر أيد الانقلاب العسكرى، رفضا للمرجعية الإسلامية، ولكنه فى الوقت نفسه، يرفض تضييق حريته السياسية، رغم أنه لم يرفض الإقصاء الدموى لقوى التيار الإسلامى، ووقف فقط ضد الممارسة البوليسية لسلطة الانقلاب، عندما طالت حريته! والمجموعات الشبابية، التى تريد تحقيق الحرية الفردية بالمعنى الغربى، وتريد أيضا تحقيق الحرية السياسية، قبلت الانقلاب العسكرى، وقبلت تعيين لجنة لوضع الدستور، أى أنها قبلت فرض دستور تضعه النخب العلمانية. وهى فى نفس الوقت، المجموعات التى كانت تطالب بالدستور أولا، بعد سقوط رأس النظام، فهى تؤيد أن تضع النخبة الدستور، لا ممثلى الشعب المنتخبين منه. الثورة والهوية ويرى القيادى بحزب الحرية والعدالة أن المشهد بعد الانقلاب العسكرى، فرز المجتمع إلى فريقين، فريق يريد دولة علمانية وأيد الانقلاب العسكرى، وفريق يريد دولة ذات مرجعية إسلامية ورفض الانقلاب العسكرى. لذا أصبحت الهوية فى قلب معركة الثورة، وأصبح من الصعب الفصل بين معركة الهوية ومعركة الثورة. وأشار إلى أنه إذا كان من الممكن الفصل بين معركة الثورة ومعركة الهوية، عندئذ يمكن أن يتحالف الثوار مرة أخرى، ويعود مشهد 25 يناير مرة أخرى، وعلى أسس سليمة، وحتى يمكن الفصل بين معركة الثورة ومعركة الهوية، يجب التوافق أولا، على حق المجتمع المصرى فى الحرية الكاملة وحقه فى تقرير مصيره. وأضاف "حبيب": "إذا توافقت أغلب القوى والكتل، على حق الشعب المصرى فى أن يختار الهوية التى تعبر عنه، والتى تمثل هوية التيار السائد فيه، وتوافق الجميع على العمل من أجل تحقيق الحرية للمجتمع المصرى، ليختار الهوية المعبرة عنه، حتى وإن اختلف البعض معها، يتحقق الأساس الضرورى للتحالف الثورى". وتابع: "إذا استطاع الجميع التوافق على أن المرجعية العامة للدولة والمجتمع، يحددها التيار السائد، والذى يعبر عن الموروث الثقافى والحضارى، ثم توافقوا على حق الاختلاف والتنوع داخل هذه المرجعية، وتوافقوا على أن المرجعية تحددها الأغلبية، وأن الحقوق والحريات للجميع، نكون بصدد أساس جيد لبناء حركة وطنية، تدافع عن الثورة، ضد الانقلاب العسكرى". لافتًا إلى أن المشكلة الأبرز فى الحالة المصرية، أن هناك كتلا ترفض المرجعية الإسلامية، حتى وإن كانت خيار الأغلبية المجتمعية. وهذه الكتل، تحاول أحيانا اختصار معركتها مع جماعة الإخوان المسلمين، رغم أن معركتها الأساسية مع المرجعية الإسلامية برمتها. أسس التوافق وأكد "حبيب" أنه حتى يتشكل تحالف ثورى متماسك، يحتاج للتوافق على أسس مهمة، من أهمها قبول الجميع بالخيارات الحرة للإرادة الشعبية، حتى وإن اختلف معها، وأن يقف الكل ضد السلطة المستبدة، وضد إعادة إنتاج الاستبداد والفساد، حتى وإن لم تكن خيارات الأغلبية ترضيه. فالأساس الأهم لأى توافق ثورى، هو القبول بما ينتج عن التحول الديمقراطى، والقبول بخيارات الإرادة الشعبية الحرة، بل وحمايتها والدفاع عنها، حتى ممن يختلف معها. وأوضح أن القوى والكتل لم تتوافق على حماية الإرادة الشعبية الحرة، لذا حدث الانقلاب العسكرى بغطاء شعبى، وكان من الممكن أن يحدث دون غطاء شعبى، لو توافق الجميع على قبول خيارات الإرادة الشعبية الحرة والدفاع عنها. وأشار إلى أنه بعد سقوط رأس النظام الفاسد، ظهر خلاف واضح بين القوى السياسية والكتل المجتمعية، وهو خلاف حول الهوية، وتركز أساسا فى قضية الدستور أولا، وكان المقصود أن تعين لجنة من النخبة لوضع الدستور، ولا يترك وضع الدستور للجنة منتخبة من الشعب على مرتين، أى منتخبة من المنتخبين، وهذا الخلاف كان كاشفا للحقيقة الصراع، لأن النخبة سوف تضع دستورا علمانيا، أما ممثلو الشعب فسوف يضعون دستورا إسلاميا. وقال "حبيب" إن معنى هذا، أن الخلاف من أوله، كان حول حقوق الإرادة الشعبية، فالبعض تصور أن الشعب غير قادر على الاختيار، وغير مؤهل، لذا كان يعطى النخب حق الاختيار نيابة عن الشعب، والبعض تصور أن النخب لها شرعية التعبير عن الشعب دون انتخاب أو اختيار، لذا اختلفت القوى السياسية حول الدستور، وهل يكون دستور الشعب أم يكون دستور النخبة؟ وكل من أيد فكرة دستور النخبة، أيد الانقلاب العسكرى. وتابع: "معنى هذا، أن أسس التوافق اللازمة لبناء كتلة ثورية موحدة، لم تتوفر فى أى لحظة منذ 25 يناير حتى الانقلاب العسكرى. وما زالت العقبات التى تمنع من تحالف كل القوى الثورية قائمة، لأن الخلاف حول الهوية، ما زال هو المعركة المركزية". عودة الشرعية وقال القيادى بحزب الحرية والعدالة، إن البعض يتصور أن ما يمنع تحالف القوى الثورية، أى القوى الرافضة للدولة البوليسية العسكرية، هو تمسك التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، بعودة الشرعية متمثلة فى الرئيس المنتخب والدستور المستفتى عليه. والواقع، أن قضية عودة الشرعية ترتبط أساسا، بحماية الإرادة الشعبية الحرة، أى حماية ما اختاره الشعب بإرادة حرة، حتى تتم حماية الإرادة الشعبية فى كل المراحل. ونبه إلى أن من يوافق على إجهاض اختيارات الشعب التى يرفضها، سوف يوافق مرة أخرى على إجهاض أى خيارات مستقبلية يرفضها. معنى ذلك، أن حماية الإرادة الشعبية الحرة لا تتجزأ، أى يجب حماية الإرادة الشعبية كل الوقت، وليس لبعض الوقت فقط، مما يعنى، أن تمسك التحالف الوطنى لدعم الشرعية، بعودة الشرعية، هو حماية لما تم اختياره، حتى تتم حماية كل خيار مستقبلى آخر. وأضاف "حبيب": إن من لا يريد عودة الشرعية، التى اختيرت بالإرادة الشعبية الحرة، يرفض فى الواقع نتاج الممارسة الديمقراطية الحرة، أى يرفض خيارات الشعب التى حدثت، ومن يرفض خيارات الشعب مرة، يمكن أن يرفضها مرات أخرى. وتابع أن قضية الالتزام بقواعد العملية السياسية الديمقراطية، تمثل حجر زاوية فى المأزق السياسى الذى تسبب فى كسر مسار الثورة، فلو كانت كل الكتل والقوى السياسية تلتزم بقواعد العملية السياسية الديمقراطية، ما حدث انقلاب عسكرى بغطاء سياسى وشعبى، وكل القوى التى تلتزم بقواعد العملية الديمقراطية، يفترض أن تعمل على حماية الخيارات الشعبية، وبالتالى ترفض الخروج عليها، وترفض تقويض ما ينتج عن العملية الديمقراطية من نتائج. واستطرد "حبيب" قائلًا: "لذا لا توجد قوى سياسية أو كتل اجتماعية، تلتزم بقواعد العملية الديمقراطية، وفى الوقت نفس ترفض حماية الشرعية وحماية الإرادة الشعبية، وبالتالى ترفض عودة الشرعية. فمن يقبل الخروج على الشرعية، لأنها لم تنتج ما يريد، سوف يرفض أى نتائج للعملية الديمقراطية، لا يوافق عليها، وسوف يعمل على الخروج عليها وتقويضها. وشدد على أن كل من يرفض الالتزام بقواعد العملية الديمقراطية، سوف يظل سندا لمؤسسات الدولة البوليسية، والتى تستطيع توظيفه للخروج على نتائج العملية الديمقراطية، خاصة وأن الكتل والقوى ذات التوجه العلمانى، هى التى تخرج على قواعد العملية الديمقراطية، وترفض نتائجها، ودولة ما قبل الثورة، كانت علمانية، لذا هناك توافق بين مؤسسات الدولة البوليسية، والقوى ذات التوجه العلمانى، يجعل تلك القوى غطاءً للانقلاب على الديمقراطية والثورة. الثورة تحرر أوضح "حبيب" أنه لا يمكن أن تقوم ثورة شعبية، إلا إذا كانت تهدف إلى تحرير المجتمع، وتحرير الإرادة الشعبية، حتى تكون هى مصدرا لكل السلطات، وكل الخيارات. لهذا، ارتبط مسار الثورة، بمسار التحول الديمقراطى، وأصبح الانقلاب على العملية الديمقراطية، انقلابا على الثورة. ولأن العملية الديمقراطية كشفت عن تيار الأغلبية ذى التوجه الإسلامى، فأصبح الانقلاب على الديمقراطية انقلابا على الهوية الإسلامية. وأضاف أنه منذ وقت مبكر، ظهر التلازم بين الثورة والديمقراطية والهوية الإسلامية، فمادامت الثورة تعنى التحرر الكامل، إذن يصبح التحول الديمقراطى محققا لأهداف الثورة؛ ومادام التيار السائد فى المجتمع له توجه إسلامى، إذن يصبح الخيار الإسلامى محققا للتحول الديمقراطى، ومحققا لأهداف الثورة، لأنه يحقق التحرر الكامل. وأشار إلى أن الخلاف بين القوى المشاركة فى الثورة، كان حول الهوية وحول قواعد العملية الديمقراطية، فمن أراد ديمقراطية النخب، التى تفرض وصاية النخبة على المجتمع، هو من يؤيد الهوية العلمانية؛ ومن أيد الديمقراطية الشعبية، التى لا وصاية لأحد فيها على الشعب، هو من يؤيد الهوية الإسلامية. من يتحالف؟ وبين "حبيب" أنه بسبب العلاقة المتشابكة بين الثورة والديمقراطية والهوية، أصبح من ينقلب على الثورة، ينقلب على الديمقراطية والهوية، ومن ينقلب على الهوية، ينقلب على الثورة والديمقراطية. لذا أصبح التحالف الثورى، يقوم ضمنا على حماية الثورة والديمقراطية والهوية معا. لهذا اختلف مشهد ما بعد الانقلاب، عن مشهد 25 يناير، لأن مشهد ما بعد الانقلاب، كشف حقيقة مشهد 25 يناير. ففى 25 يناير، تجمع كل من يريد التغيير، رغم الاختلاف بينهم، وكان كل طرف يتوقع نتائج للثورة تختلف عن الآخر، وبعد سقوط رأس النظام، ظهرت الاختلافات بشكل واضح وحاد، خاصة مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى مارس 2011. ثم تكشفت تدريجيا المواقف الحقيقية لكل القوى والكتل السياسية والاجتماعية. ولفت إلى أنه بعد الانقلاب العسكرى، أصبح المجتمع منقسما بين من يؤيد الدولة البوليسية، ومن يرفضها. ثم مع تمادى الممارسات البوليسية، التى طالت كل من له رأى أو موقف، ظهر فريق يرفض الدولة البوليسية، ولكنه يرفض عودة الشرعية، وحقيقة هذا الفريق، أنه يرفض الدولة البوليسية، ويرفض الدولة الإسلامية، ويريد دولة علمانية، حتى وإن لم تكن خيارا شعبيا. وأضاف: "لهذا، فإن التحالف على الأرض، يحدث بين كل من يؤيد الثورة، ويلتزم بقواعد العملية الديمقراطية، ويرضى بخيارات عامة الناس، ويرفض أى وصاية على المجتمع من أى مؤسسة أو من النخب العلمانية، ويريد أن يحقق التحرر الكامل للمجتمع، وأن يحقق مناخ الحرية الكاملة غير المنقوصة". وتابع:" لذا، فالتحالف الثورى الذى يتشكل على الأرض، قام أساسا على القوى والكتل الإسلامية، والتى عبرت عن تيار الأغلبية المجتمعية، والتى عملت على حماية خيارات عامة الناس. معنى هذا، أن من ثار ضد الانقلاب، هو من التيار السائد الذى خرج الانقلاب على خياراته؛ ومن أيد الانقلاب هو من جاء الانقلاب لتأييد خياراته، رغم أنها لم تكن خيارات أغلبية مجتمعية". وأكمل: "نحن إذن أمام تحول تاريخى فى مسار الثورة، فقد أصبحت الثورة، هى ثورة التيار السائد فى المجتمع، الذى يحمل الموروث الثقافى والحضارى للمجتمع. ودخلت الثورة مرحلة التنظيم، حيث أصبحت حركة لها تنظيم وجدول أعمال وأهداف، وهوية محددة. وأصبح مسار الثورة يتجه لحماية الثورة والديمقراطية والهوية معا.. فالكتلة الجماهيرية التى تقود مسار الثورة تتسع لكل من يؤيد الثورة والتحول الديمقراطى ويرضى بخيارات الإرادة الشعبية الحرة، ويدافع عنها خيارات الشعب". الخلاصة وخلص المفكر السياسى فى دراسته إلى أن مشهد 25 يناير غير قابل للتكرار، وإذا تكرر، فهو غير كافٍ لتحقيق انتصار الثورة. والمشهد الذى يحقق انتصار الثورة، مشهد مختلف. فهو مشهد تيار مجتمعى واسع، يناضل من أجل الحرية الكاملة غير المنقوصة، مدافعا عن حق المجتمع فى ممارسة الديمقراطية الكاملة غير المنقوصة، ومدافعا عن الموروث الثقافى والحضارى للمجتمع، رافضا العلمانية والتغريب. كما أن الكتلة الجماهيرية التى تقود مسار الثورة، تتسع لكل من يؤيد الثورة والتحول الديمقراطى، ويرضى بخيارات الإرادة الشعبية الحرة، ويدافع عن خيارات الشعب. وهى بهذا، تتسع لكل من ينتمى للموروث الثقافى والحضارى للمجتمع، بأى شكل من الأشكال، ولا يعاديه. وأضاف "حبيب" أن حركة الثورة بعد الانقلاب، أصبحت حركة إحياء مجتمعى، تعيد بناء تماسك المجتمع، على أساس الموروث الثقافى والحضارى له، بعد أن مزقه الانقلاب العسكرى، واستفاد من تفكك المجتمع، حتى يحظى بغطاء شعبى للانقلاب. فكل النظم المستبدة، تفكك تماسك المجتمع؛ لذا يصبح الانتصار عليها، رهنا بإعادة بناء تماسك المجتمع، حتى يتماسك تيار أغلبية قادر على تفكيك دولة الاستبداد. ونبه إلى أن التحالف الثورى الحقيقى، يحدث من خلال القيم التى تشكل أساس تماسك المجتمع، فالمجتمعات تشكل تيارا ثوريا واسعا، بناء على قيمها العليا، وليس خروجا عليها، لذا، أصبح تيار الثورة بعد الانقلاب العسكرى، معبرا عن عملية إعادة بناء لتماسك المجتمع، على أساس موروثه الثقافى والحضارى، فى مواجهة الدولة البوليسية.. فالانقلاب العسكرى، نجح بقدر تغييبه للتيار السائد، والكتل المتماسكة، فيصبح الانتصار عليه، رهنا باستعادة تماسك التيار السائد، والكتل المركزية المشكلة له. فتحالف كتل التيار السائد، هو الذى يحقق تحالف الثوار، وينجح الثورة، ويجهض الانقلاب العسكرى.