الالتزام السهل اللين المغشوش دون عناء ولا مشقة ولا ضريبة ولا كلفة يؤخر الواجبات ويقدم المستحبات فيقدم ما حقه التأخير ويؤخر ما حقه التقديم، يحفظ الفروع ويضيع الأصول، يصغر الكبير ويكبر الصغير، يعظم الحقير ويحقر العظيم، يهتم بالسنة ويضيع الفروض. يصطنع معارك جانبية وقضايا وهمية للانشغال عن واجب الوقت. يقوم على طأطأة الرؤوس وليس رفع الرءوس (يميت علينا ديننا)، يقوم على مجاراة الباطل والظلم وليس التصدى له. يوظف النص والأدلة الشرعية فى غير موضعها، يستخدم النص فى موضع ولا يستخدم نفس النص لنفس الحدث فى موضع آخر. يفتى الفتوى وعكسها فى ذات الوقت، فتارة تهنئة النصارى لا تجوز وتارة أخرى تجوز، تارة موالاة غير المسلمين لا تجوز وتارة تنسق وتتعاون وتلتقى وتتآمر معهم وذلك ليشعروا بالراحة والأمان وتحرسهم الشرطة وتحمى مقراتهم ومؤتمراتهم وتُفتح لهم الفضائيات. يستخدم الولاء والبراء بحسب مزاجه بدلا من أن يلبس وجهه فى الحائط. تارة أهل العرى والفجور والانحلال ينشرون الرذيلة بين المسلمين وتارة تصادقهم وتواعدهم وتقر فعلهم. تارة الأزهر أشعرى العقيدة وشيخه صوفى ومفتيه كذلك وتارة يتعاونون معهم ويقفون خلفهم فى عضدهم. ينكرون على أهل العزيمة أخذهم بالعزيمة ويرضون لأنفسهم أكل الميتة. يتحدثون عن الإمام أحمد بن حنبل وصموده وثباته ولا يسيرون سيره ولا يقفون موقفه. يهاجمون الشيعة ويستخدمون تقيتهم وأساليبهم فى الخداع والكذب والتدليس. لا يرضى بالفساد ويضع يده فى يد الفسدة. يخون حقنا للدماء ولا ينكر سفك الدماء بل يبرر سفك الدماء ويدافع عن القتلة. إسلامى مع الإسلاميين علمانى مع العلمانيين منافق مع المنافقين كاذب من الكاذبين فاسد مع الفاسدين جبان مع الجبناء خائن مع الخونة فاجر فى الخصومة شامت مع الشامتين، شديد على الإسلاميين ضعيف رخو على غيرهم رغم وصف الله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)، (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ). يقول ابن الجوزى فى صيد الخاطر: (رأيت كثيرًا من الناس يتحرزون من رَشاسِ نجاسةٍ ولا يتحاشَوْنَ من غِيبةٍ ويكثِرونَ من الصَّدَقَةِ ولا يُبَالونَ بمعاملاتِ الرَّبا، ويتهجَّدون بالليل ويؤخِّرون الفريضةَ عن الوقتِ، وفى الناس من يطيع فى صغار الأمور دون كبارها وفيما كلفته عليه خفيفة، أو معتادة وفيما لا ينقص شيئًا من عاداته فى مطعم وملبس، ونرى أقوامًا يوسوسون فى طهارة ويستعملون الكثير من الماء، ولا يتحاشون فى غيبة فى أشياء يطول عددها من حفظ فروع وتضييع أصول، فالله الله فى تضييع الأصول). ويقول أيضا ابن الجوزى رحمه الله: (إنه بقدر إجلالكم لله عز وجل يجلكم وبمقدار تعظيم قدره واحترامه يعظم أقداركم وحرمتكم، ولقد رأيت -والله- من أنفق عمره فى العلم إلى أن كبرت سنه، ثم تعدى الحدود؛ فهان عند الخلق، وكانوا لا يلتفتون إليه مع غزارة علمه، وقوة مجاهدته، ولقد رأيت من يراقب الله -عز وجل- فى صبوته مع قصوره بالإضافة إلى ذلك العالم؛ فعظم الله قدره فى القلوب، حتى عَلِقْتَهُ ووصفته بما يزيد على ما فيه من الخير). فلا يجب أن نقع فى هذا التناقض فى الفهم وفى ترتيب الأولويات والاهتمامات، يجب أن نبتعد عن الاجتزاء والانحراف والخطأ والتبعيض والتدليس، كما بين الإمام البنا رحمه الله أننا (نريد الإسلام الصحيح الذى جاء به محمد صلى الله عليه وسلم الحكومة جزء منه والحرية فريضة من فرائضه).