تابعت باستغراب أخبار اعتراضات الناشطات البولنديات والأوكرانيات على تنظيم يورو 2012 بحجة أنها تزيد من السياحة الجنسية في البلدين وسألت نفسي "هم هيتأمروا ؟". بداية يجب أن تعرف أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يوفا) واجه انتقادات عديدة بسبب اختيار بولندا وأوكرانيا لتنظيم البطولة القارية الأكبر للمشاكل التي تعاني منها البلدين من فقر وجهل وعنصرية تجاه أصحاب البشرة السمراء. والأمر بدأ عندما تظاهرت ناشطة أوكرانية بالتصوير مع الكأس القاري لتفاجئ الجميع بخلع قميصها ومحاولة الإمساك بالكأس. ورغم ذلك واصلت اللجنة المنظمة عرض الكأس للجمهور الأوكراني "اللي ساق فيها" لتقدم ناشطة على الفعل نفسه مرة أخرى. وقتها قررت التعرف أكثر على رد فعل الإعلام الأوكراني والبولندي على هذه الوقائع، متوقعا أن أجد ستوديو تحليلي يقوده مذيع يقول ما يلي: 1) لماذا ارتدت الناشطة قميص "على اللحم" في عز البرد، ثم هل هي فعلا فتاة أوكرانية أوانها مندسة؟ 2) يجب أن تضرب حكومتا البلدين بيد من حديد على تلك الناشطات.. (كفاية طبطبة بقى). 3) دي مش حرية رأي .. دي أزمة أخلاق. 4) البنت دي هدفها تمنعنا من ممارسة حقنا في متابعة اليورو.. عايزين نمارس اليورو يا خيري. وسألت نفسي ما الذي قد يضايق المسؤولون الأكرانيين والبولنديون ويدفعهم لمعاقبة جماهيرهم من حرمانهم من الرياضة؟ ما أود قوله أن تصرف تلك المشجعات لم يقابل بهجوم في وسائل الإعلام الرسمية للبلاد بحجة أن ما يقدمن على فلعه يسئ إلى سمعة بولندا وأوكرانيا. فهناك الأمور تختلف تماما عما يحدث في مصر، فالساسة هناك لم يسيئوا إلى الرياضة في استخدامها في ألعابيهم، بل أن الجماهير هو من يحاول استخدام الرياضة لإضافة مبدأ "اللعب النظيف" إلى سياسة بلادهم. ففي مصر قد لا نجد مشكلة من استخدام الرياضة لتوجيه عقول ومشاعر الناس حول أمور تهم من يرتدي "البدل" أكثر ممن يرتدي "شورت وفانلة". فنجد جمهور يعاقب على اشتراكه في ثورة ضد النظام الفاسد بالقتل، وبعدها تعاقب باقي الجماهير بإيقاف النشاط الرياضي، لنجهز تماما عليهم في النهاية بالسماح لمقدمي البرامج الرياضية بالحديث في السياسة. فنجد مثلا أن بعض السادة الإعلاميين يطالب المتظاهرين بالعودة إلى بيوتهم من أجل لعب مباريات منتخب مصر والدوري المصري بجمهور، فيما نجد مرشحا للرئاسة لا يجد أي مشكلة في أن يعتمد برنامجه على عودة مباريات الدوري المصري وكأنها منحة منه. في الوقت الذي لم يلفت أحد إلى أن الرياضة المصرية "تعبت" من كثرة استخدامها في السياسة، حتى أن المدربين الأجانب "خلعوا" وأصبحنا نبحث عن دول تستضيف مباريات منتخبنا. ما لا يدركه المسؤولون في مصر أن الرياضة ليست هبة للشعب يستخدمونها عندما الحاجة ويهددوه بحرمانه منها عندما يلتفت لمصالحه، وفي النهاية يذلوه بها عندما يطالب بعودتها لذلك أدرك تماما أن اليورو جاءت في وقتها. وبالتأكيد الشعب المصري العظيم لن يضيع فرصة التمتع بجمال الكرة الأوروبية من داخل الملعب و"خارجه" أيضا. للتواصل مع الكاتب: عبر فيس بوك : http://www.facebook.com/amir.elhalim عبر تويتر : https://twitter.com/#!/AmirAbdElhalim