لم يستقل فتحي مبروك من مهمة المدرب العام لمنتخب مصر لأنه لم يكن أصلا متعاقدا مع الاتحاد لكي يستقيل .. كل ما حدث أنه قرر الابتعاد ورحل تاركا" السفينة وما تحمل " للايطالي تارديللي الذي بدأت رسميا حقبة هيمنته على الكرة المصرية . وقبل أن يبدأ تارديللي مهمته رسميا أول مايو المقبل واجه ثلاث عقبات لم تكن مؤثرة بالشكل المرعب لكنها كانت ضرورية لتحديد شكل هيمنة وسيطرة الرجل على مقاليد الكرة في مصر .. وكان أول هذه العقبات اسمها فتحي مبروك . لم يكن مبروك الانسان هو المقصود بل مبروك المنصب .. فالمدير الفني الجديد غير مقتنع بهذا المنصب الذي استحدثناه في مصر وهو" المدرب العام " وقناعته أن كل أعضاء الجهاز مساعدون له في مهمته .. وتلك هي أزمة فتحي مبروك الذي تولى مؤقتا المسئولية الفنية الأولى للأهلي .. بل وتولي منصب المدرب العام للمنتخب مع الجوهري فكيف يقبل بأقل من ذلك الآن ؟ وطلب مبروك رسميا تحديد اختصاصاته " لا أقبل أن أكون أقل من الرجل الثاني حفاظا على تاريخي " لكن تارديللي رفض وأصر مبروك وصمم المدرب الإيطالي الذي يتمتع بشخصية قوية وأصبح اتحاد الكرة في مأزق فقد اختار الجهاز المعاون فبل التعاقد مع المديرالفني قائد العمل وكانت تلك هي النتيجة المنطقية .
عصام عبد المنعم رئيس الاتحاد يبرر ذلك بأنه كان مضطرا لاختيار من كان سيقود المنتخب ويختار أعضاءه لمواجهة ترينداد التي فرضتها وزارة الشباب على الاتحاد في هذا التوقيت .. وقام مبروك بالمهمة لكن الازمة ظهرت بعد ذلك ووضعها تارديللي في خاطره حتى يحسم الموقف من بدايته بناء على نصيحة من أحد أعضاء الجهاز .. وكان يمكن أن تشتعل الأزمة أكثرلولا أن مبروك لم يلتزم بتعليمات الاتحاد حسب كلام عبد المنعم " طالبنا مبروك بالتفرغ للمنتخب لأن سياستنا أن يكون الجهاز كله متفرغا لكنه رفض الحصول على أجازة من عمله في مؤسسة الأهرام " ولذلك انسحب في هدوء ليكسب تارديللي الجولة دون عناء . الأزمة الثانية هي جدول الدوري والذي أكد الاتحاد الجديد أنه لن يحدث فيه تغيير مهما كانت الظروف لأن الدوري المستقر والقوي هو الدعامة القوية للمنتخب .. لكن المدير الفني وضع خطة جديدة للاعداد بفترات توقف جديدة أهمها من 20 مايو حتى 6 يونيوموعد مباراة السودان في بداية تصفيات مونديال 2006 وتتضمن هذه الفترة مباراتين للأهلي والأسماعيلي في دوري أبطال العرب بخلاف مباريات الأهلي والزمالك والاسماعيلي الأفريقية ووافق الرجل على أن تلعب الأندية الثلاثة أفريقيا بلاعبيهاالدوليين واعترض على البطولة العربية وسانده رئيس الاتحاد " الأولوية الأولى للمنتخب والثانية للدوري المحلي ثم البطولات القارية وأخيرا العربية " وهكذا أصبحت المعركة بين الاتحاد من جهة والأهلي والإسماعيلي من جهة أخرى وكل المؤشرات تشير إلى أن الأهلي لن يصعد الأزمة وسيخرج تارديللي أيضا منتصرا من الأزمة الثانية . الأزمة الثالثة كانت حول عقد المدرب وماتردد من أن إحدى الشركات العالمية التي ترعى تارديللي هي التي مولت قيمة التعاقد وأنه سيرتدي ملابس رياضية مخالفة لملابس المنخب والتي يرتديها طبقا لعقد سابق مع الاتحاد .. غير أن عصام عبد المنعم دافع بقوة عن مدربه ونفى كل ذلك وأكد أنه ملتزم بالزي الرسمي للمنتخب في التدريب ولن يلبس زيا مخالفا في المبارايات ويبدو أن المدرب وجد لتلك المشكلة حلا وسطا حتى لايقع من البداية في مخالفات هو في غنى عنها . انتصار تارديللي في الأزمات الثلاث فرضت هيمنته مبكرا لسبب بسيط جدا وهو أننا نعشق تلك الهيمنة التي غرس بذورها محمود الجوهري لسنوات .. لكن يبقى السؤال المهم : هل ينجح تارديللي في مهمته الأساسية ؟ هذا هو المطلوب وساعتها لن يتحدث أحد عن الهيمنة والسيطرة وغير ذلك من المترادفات بل ستحمله الجماهير فوق الأعناق .