لا توجد سوى رائحة عرق طاغية، بقايا قطع طينية على الأرض، بقايا القطع الطينية الأخرى تجد مكانها على القميص الأحمر القاني، والشورت الأزرق الحالك (كلاهما يخلو من إعلان واحد). صراخ وأصوات عالية في معظمها تختلط بالأغنية القادمة من مذياع في الردهة الخارجية لفريق سباركس "هذه المدينة أصغر من أن تسعنا نحن الاثنين"، في المنتصف يجلس ساكناً في حجرة بها 20 شخصاً يرتدون نفس الألوان، يحاول أن يضع منشفته أسفل عينييه المتورمة قليلاً وبجانب سوالفه الطويلة، مركزاً نظره على مديره الفني ومواطنه توتو لورنزو، الأخير يبلغه بصوت يكاد الأول يسمعه وبلهجة أرجنتينية حادة: "يا مجنون لقد فعلناها، لقد قلت لك أن تربية شاربك وإشهار أسنانك القبيحة سوف يدخل الرعب في قلوبهم". المجنون هو روبين دياز المعروف بإسم "باناديرو" يجد صعوبة في نسيان تلك الليلة العصيبة من أبريل 1974 في غرفة خلع ملابس فريق أتليتكو مدريد بملعب سيلتك بارك في قلب جلاسجو العاصمة الإسكتلندية، يحاول نسيان البطاقة الحمراء التي تلقاها في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ذلك العام أمام السليتك، ولكن مقالة أسطورته بيلي ماكنيل في السكوتيش صن أعادت ذكريات التعادل السلبي بعد طرد ثلاثة لاعبين من أتليتكو مدريد، السليتك فشل خلال أخر 25 دقيقة في التغلب على فريق بثمانية لاعبين. "إذا كان ريال مدريد هم أبناء أرستوقراط أوروبا، فأتليتكو مدريد هم الحثالة، لقد خاصوا المباراة كحيوانات، مجرد إسمهم يجعلني في حالة غليان داخلي، يصيبني بالغثيان". هكذا قالها ماكنيل على خلفية لقاء نفس الفريقين في الدوري الأوروبي يوم الخميس المقبل في مدريد. باناديرو يعلم أن هذه كانت حرب، مازال يتذكر إصطياده لجونستون معجزة السليتك، البطاقة الحمراء، سباب وبصق الجماهير المحلية "لقد كنا نلعب نصف نهائي دوري أبطال ماذا تريدنا أن نفعل؟ في تلك الفترة كان الأداء خشناً بطبيعته، ولكن لم تكن هناك كراهية، نعم لقد لعبنا بعنف ولكنهم ليسوا بملائكة، لم يتوقفوا عن إنزال الشتائم بنا". باناديرو حلق شاربه بعد اللقاء، تسرب الشعر الرمادي إلى رأسه، يبدو شارداً وكأنه يتذكر قصصاً من العصور الوسطى، زميله أديلاردو رودريجيز يعتقد حتى هذه اللحظة بأن جونستون قام بمضاعفة تأثره بعرقلة باناديرو حتى يسهم في طرده ولكن بعد 37 عاماً مازالت نفس الأسئلة الحجرية مطروحة.. هل قام ميسي بالغطس من أجل الحصول على ركلة جزاء أمام سوسيداد؟.. هل كان من الصعب اكتشاف عرقلة رونالدو خارج منطقة الجزاء أمام خيتافي (على الأقل إنه لا يسبح مثل ميسي على رأي مورينيو)، هل يستحق بوسكتيس الطرد؟.. هل غضب كيني دالجليش مبرراً إزاء ركلة الجزاء الوهمية التي حصل عليها ستوك سيتي بالغطس أيضاً في منطقة جزاء ليفربول؟.. ما الذي كان يدور بذهن أيوب الخليقي عندما أقدم على الغطس في منطقة الأهلي "مقرراً إستغفال حكم اللقاء"؟. المفارقة الحقيقية تتمثل في أن مفهوم تسويق "سلعة" كرة القدم الذي تتبناه المؤسسات المتحكمة في مقدرات كرة القدم (صراع الديكة على حقوق النقل التلفزيوني) مثالاً تحول إلى أن السلعة الوحيدة التي يتم تسويقها (وفي مقدمتهم الفيفا) هي السخف. ففي ظل تحول مباراة كرة القدم إلى فتاة يتم مراقبتها بأكثر من عشرين كاميرا في الوقت ذاته، مازال مبدأ إستخدام الإعادة التلفزيونية يمثل "خطاً أحمراً" لا يمكن الإقتراب منه، في محاولة لجعل تحكيم كرة القدم أشبه بالدوجما ذات الألغاز، أرضيات ملاعب كرة القدم أصبحت مختلفة، الكرات التي يرعاها الفيفا بنفسه أضحت أكثر سرعة كل عام، الأحذية أكثر تطوراً، الطب الرياضي أكثر وقاحة، أساليب اللعب جعلت من اللاعبين كإليكترونات على خلفية خضراء، باناديرو حلق شاربه، الإعلانات أصبحت تحتل قمصان الفرق، غرفة خلع ملابس سيلتك بارك أصبحت أكثر فخامة، في الوقت نفسه مازال هناك 80 ألف في ملعب أوروبي ينتظرون حتى لحظتنا هذه نتيجة الحوار الوجودي بين حكم الساحة ومساعده حول ما إذا كانت الكرة عبرت خط المرمى أم لا، (وهو الحوار الذي قد لا يتم أصلاً كما في حالة كرة لامبارد في ألمانيا بكأس العالم 2010). فمن السخف أن يستمر برنامج "بونتو بيلوتا" الكروي الإسباني لمدة ساعة محللاً ما إذا كان بيبي قد قام بسحق ساق ألفيش في كلاسيكو دوري الأبطال الموسم الماضي ( وسط إتهامات بإستخدام البرنامج لبرامج توليف صور خاصة تخلي ذمة بيبي من اللعبة الخشنة والبطاقة الحمراء)، في الوقت الذي كان يجب أن تحسم فيه هذه المناقشة على أرض الملعب، ويأخذ هذا العبث بعداً أخر في ظل معرفة أن لولا الإعادة التلفزيونية لكان الكوبي دايرون روبليس مازال محتفلاً بميداليته الذهبية في سباق 100 متر حواجز ببطولة العالم قبل 10 أيام، إلا أن الوفد الصيني قدم إلتماسه بعد عشر دقائق عن طريق الفيديو، مثبتاً أن روبليس أعاق بشكل غير شرعي منافسه الصيني جيانج في الأمتار الأخيرة من السباق. لقطة مشاهدة حكام أي مباراة من مباريات الNBA لإعادة لعبة مثيرة للجدل يدخل صمتاً داخل أرض الملعب، كل لعبة يتم طلب فيها الChallenge في مباريات التنس للمحترفين يصاحبها تهليل من الجمهور، ذلك الصمت وذاك التهليل هما "الساوند تراك" الرسمي لشيء مفتقد في كرة القدم الحديثة للمحترفين ، وهو "صوت العدالة". جوزيف بلاتر – رئيس الاتحاد الدولي – أعرب عن سعادته بكل هذا الجدل والسخف حول كل مباراة، بدعوى أن هذا يعطي كرة القدم رونقاً وحلاوة خاصة، لا أحد يعلم كيف سيشعر منصور بن زايد النهيان برونق كرة القدم إذا ما تعرض فريقه مانشستر سيتي للخسارة في مباراة بسبب تسلل غير صحيح أو غطسة من اللاعب المنافس في وقت أنفق فيه الثري العربي على فريقه ما يعادل مليار يورو في السنوات الثلاثة الأخيرة حسب أخر تقرير صدر منذ أيام. ويبدو أن فلسفة ماكنيل الخاصة في تقدير "الأرستقراط" والحثالة إمتدت في حملة هجوم صارخة من الصحافة المحلية على ما أسموه "فيروس الفيفا" (هي فترة التوقف التي تصاحب مسابقة الدوري بسبب إرتباطات المنتخبات الوطنية بالمواعيد الدولية)، وهي حملة الهجوم التي بررت المستوى المتراجع الذي ظهر به "الكبيرين" ريال مدريد وبرشلونة في مباريات المرحلة الأخيرة بسبب إرهاق لاعبيهم الدوليين مع منتخباتهم، ووصل الأمر إلى إستنتاجات فريدة كالتي قدمها خوليان رويث في مقالته بصحيفة إلموندو بعنوان:"الفيفا.. اليوفا.. التلفزيون.. الطاعون". ويقول رويث في ثقة: "الفيفا واليوفا والتلفزيون هم طاعون كرة القدم في الوقت الحالي، وبرشلونة بتعادله الأخير مع سوسيداد هو أخر ضحايا هذا البيزنس العفن، والذي يخص هيئات كرة القدم التنظيمية وبعض المديرين التنفيذيين من أصحاب الملايين، البعض يسمى هذا فيروس الفيفا، ولكنه تعبير مهذب، إنها عملية سطو من الفيفا على الأندية، سطو على لاعبي الأندية لتركهم لمنتخباتهم وإعادة بيعم في مباريات أخرى تدر عليهم المزيد من الأموال، لقد لعبت إسبانيا مباراة ودية تجارية أمام تشيلي، تبعتها بمباراة أخرى في التصفيات أمام ليخينشتاين.. ليخنشتاين؟!! هل من الممكن أن نعيد تقسيم منتخبات العالم إلى أقسام، حيث أني أعتقد أن ليخنشتاين تنتمي إلى القسم الثالث، لماذا يجب أن تلعب في نفس المجموعة مع بطل العالم؟!! ويبدو أن إقتراح رويث "الودي" قد لاقى قبولاً بين بعض القراء، منهم من إقترح أن تصبح تصفيات كأس العالم "لا قارية"، ولكنها تضم منتخبات من المستوى الأول والثاني بدلاً أن تضيع المنتخبات الكبرى وقتها برفقة "الحثالة، ويطرح القاريء تصوره (الذي قد يروق للبعض) بقوله: "أعتقد إن وجود إسبانيا في مجموعة تصفيات تضم إيطاليا، السويد، المكسيك، كوريا الجنوبية، مصر على سبيل المثال سوف يكون أكثر إثارة في ظل نظام جديد يحكم التصفيات!!". وحده جوان بوكي في مقالته بصحيفة إلموندو ديبورتيفو كان معارضاً في التعامل مع "فيروس الفيفا" بمقالته: "لا فيروي فيفا ولا تشكيل خاطيء"، معتبراً أن تعادل البارسا مع سوسيداد هو أمر بعيد عن ما يعتقده الكثيرون بقوله: "لقد سقط البارسا في فخ التعادل لأنه وقع أولاً في فخ الإسترخاء و"المرمغة" داخل ذاته، لقد ظهر لاعبوه بشكل مختلف لأنهم كانوا ينظرون لأنفسهم في المرآة والتي تقول لهم بأنهم أجمل المخلوقات، إنه خطأ اللاعبين، وأيضاً تألقهم في حالة الفوز، لا يمكن لوم جوارديولا على تشكيل أعطاه التقدم بهدفين في بداية المباراة، إنه ربما مسئول ولكنه ليس عليه اللوم وحده، من الممكن قبول فقدان النقاط عندما يصل المجهود إلى أقصاه، وهو ما لم يكن السبب تعادل سوسيداد". مؤسسة جوزيف بلاتر التي تراوح نفسها بين الإعتماد على نسق رأسمالي واضح فيه الكثير من الجشع المالي، حالة الإحتكار والمزاج "الحصري" الذي يرافق أي منتج يقوم الفيفا بتسويقه، في مقابل رغبتها في إرضاء الصغار بهدف أساسي قائم على إستمالة هذه الأصوات سياسياً إستعداداً للإنتخابات أو التربيطات المقبلة، وهي معادلة فيها الكثير من التناقض، ويبدو أنه سيصل إلى مرحلة صدام قريبة، بداية من الدعوات التي تنادي بتعويض الفيفا مادياً للأندية بسبب غياب لاعبيها الدوليين في مواجهات أغلبها تافه، وصولاً إلى أزمة إدارة اللعبة عل المستوى التحكيمي. الفيفا ومعها اليوفا سيكون عليهما قريباً القفز في أي قارب نجاة من المصير الذي نادي به البروفيسور الفرنسي على خلفية ترنح ناديه أرسنال مؤخراً، أرسين فينجر بمثاليته كان حاسماً في تصوراته الكابوسية الخاصة عن مستقبل كرة القدم الأوروبية في مؤتمره الصحفي يوم الإثنين قبل مواجهة دورتموند القارية: "أعتقد أن أوروبا ستواجه أزمة شاملة بشكل عام لا يستطيع أحد توقع شكلها في الوقت الحالي، أنا متيقن تماماً من أن القارة ستعرف أزمة مالية كبيرة خلال الأشهر المقبلة، وربما ستعيد هذه الأزمة بعض التوازن في الكثير من الأمور". "كرة القدم ليست معصومة من هذه الأزمة، إنها مرتبطة بجمهور يذهب للملاعب لمتابعتها، جمهور يرى الإعلانات ويشتري منتجاتنا، دخول الأندية ستكون تحت تهديد حقيقي خلال الأشهر المقبلة، كرة القدم ليست ما تمثله فقط من أموال، نحن نؤمن في أرسنال بأنه يمكننا منافسة الأخرين". لا أحد يعلم ما إذا كان فينجر يبشر بثورة صغار من نوع خاص، أم أنها تخاريف ما بعد ثمانية المانشستر قبل أسبوعين، ولكن لا أحد ينكر أن منتخبات مثل البوسنة ومونتينيجرو وبيلاروسيا وأرمينيا وإستونيا كانت بمثابة نسمة هواء جديد في المناخ الأوروبي رغم أزماتها الخاصة، ومنها المالية بطبيعة الحال، ونفس الحال بالنسبة لفريقي باليرمو الإيطالي وهوفنهايم الألماني بعرضين كافييين بوضع كرة قدم في فم السيد خوليان رويث. أخبار صحف يوم أمس التي تابعها كل أب في مدريد أثناء إنتظار فراغ إبنه من لعب الكرة في كل حديقة عمومية كانت متنوعة بين سقوط متكرر في البورصات الأوروبية، إفلاس اليونان، حرق مجموعات إنفصالية إستقلالية في إقليم كاتالونيا لأعلام إسبانيا والملك خوان كارلوس وإضراب قطاعات كاملة من المعلمين الإسبان على خلفية تخفيض الموال المخصصة للتعليم من الميزانية العامة للدولة، لم يقطع إسترسال الأب في متابعة جريدته سوى صراخ الأطفال وخلافهم حول إحتساب ركلة حرة بعد وقوع أحدهم، متهمين إياه بأنه تظاهر بعرقلته، سرعان ما يواصل الأب الغطس بين أوراق جريدته بعد أن اكتشف أن صراخ الأطفال سيستمر دون حل لبضعة دقائق إضافية. *تتمة "على محطات الراديو أن تقتسم كعكة كرة القدم مع الأندية، أن يجلسوا للتفاوض معها، على الراديو حقوق مثل التلفزيون، عليهم دفع مقابل، ليس المهم الآن ما إذا كان المبلغ 100 ألف يورو أو مليون ونصف، على كل أطراف هذا البيزنيس أن يسهموا بشيء في هذا الأمر، إنهم سيحصلون على كابينات أفضل، ظروف أفضل لعمل الحوارات الصحفية، كل ما أسمعه الآن من جانبهم هو كلام عن الحقوق الدستورية، وحرية نقل المعلومات". *جاومي روريس إمبراطور الإعلام الإسباني ومالك 33 % من شركة ميديابرو مالكة حقوق بث مباريات الدوري الإسباني في حديثه عن حرمان محطات الراديو المحلية من النقل الحي في ظل إتفاقية البث الجديدة. "لا تفاوض ولن ندفع مليماً، حرية نقل المعلومات وإعلامهم بالأخبار هي حق أصيل للمستمعين، كل من هم في أعمالهم دون تلفاز، سائقو الشاحنات، غير المشتركين في قنوات الكيبل لهم حق في المعلومة، ورابطة الأندية لن تجبرنا على دفع مقابل لهذا، مؤخراً قال مالك ميديابرو إن كرة القدم يمكنها أن تعيش دون الراديو، ولكني أقول هنا إن كرة القدم يمكنها أن تعيش دون جاومي روريس". *مانو كارينيو أحد أشهر منتجي برامج الراديو الرياضية بمحطة كادينا سير. أفضل خمس أهداف في كينييلا الأسبوع 5- كلاوديو بيتزارو في هامبورج ركنية ضالة قبل النهاية بعشر دقائق، خطوتان للوراء من بيتزارو، إستلام على الصدر في مواجهة خمس لاعبين هامبورجيين ومن خلفهم الحارس، النتيجة هي زلزال في الشباك. 4- إيدن أزارد في سانت إيتيان قنبلة أوروبا الموقوتة إنفجرت في وجه سانت إيتيان هذا الأسبوع، الهدف الأول هي رقصة من نوع خاص هدفها الإختراق الصريح من العمق، وحبة الكرز النهائية هي اللمسة الأخيرة في المرمى بالوجه الخارجي للقدم. 3- ماوريتسيو بينييا في إنتر ميلان قبل أيام فقط كان بينييا على قائمة المصابين، الآن هو صاحب هذه الصفعة التي حسمت أفضل أداء لفريق هذا الأسبوع، رد فعل جوليو سيزار اليائس بمليون يورو. 2- أندريس جواردادو في برشلونة "ب" أعماق القسم الثاني الإسباني تأتي لنا بهذا الكرباج المكسيكي من دائرة المنتصف "على طريقة أونكل زيزو حبيبي"، الإحتفاء البالغ بهذا الهف أعطى إنطباعاً أن الديبور ضمن عودته لليجا مبكراً. 1- مايا يوشيدو في إيندهوفن الياباني الوقح يبلغ ميسي ورونالدو وروني بأن "يركنوا على جنب" قليلاً في تلك اللعبة التي وضعت فينلو المغمور على الخريطة بالدقيقة 54 .. التعريف الجديد لمصطلح "ضربة مقصية طائرة".