واصل عقد اتحاد الكرة انفراطه باستقالة نائب الرئيس هاني أبوريدة، ليصل عدد من تقدموا باستقالتهم من مجلس الإدارة إلى أربعة أعضاء بعد محمود طاهر ومحمود الشامي وأيمن يونس وصلاح حسني الإستقالة، ليواصل أصدقاء زاهر تخليهم عنه. أسباب مبهمة – من الناحية الرسمية - وراء استقالة هاني أبوريدة إذ لم يعلن عن أسباب استقالته حتى الأن، وواصل ممارسة نفس سياسته السابقة، حيث يؤمن بالكتمان والسرية في كل تحركاته، ويعتمد على "دراويشه " في تسريب ما يريد. عقب تسريب استقالة أبوريدة لوسائل الإعلام بدأت الحرب الباردة بينه وسمير زاهر في التصاعد، ولكن الفارق بينهما أن زاهر أطلق تصريحات رسمية تعقيبا على استقالة نائبه فيما اكتفى أبوريدة بطريقة "التسريب" وتوكيل الاخرين ليث الاخبار عنه. وهذا سيؤجج الخلاف بينهما، ورغم ذلك فإن البعض يتوقع أن ينجح "أولاد الحلال" في لم شمل الرئيس على نائبه على طريقة " قعدة العرب " التي يجيدها رجال الجبلاية، خاصة وأنها ليست الاستقالة الأولي لأبوريدة حيث سبق وإستقال في أغسطس 2009 ، وتراجع عنها دون أن يعرف أحد أسباب تلك الاستقالة أو أسباب تراجعه عنها. كما سبق لعضو مجلس الإدارة مجدي عبد الغني التقدم باستقالته وتراجع عنها من تلقاء نفسه بما يعني إنه لا يجب أن تؤخذ إستقالات أعضاء الجبلاية مأخذ الجد. ويسعى عضو مجلس الإدارة حازم الهواري لإبرام صلح بين زاهر وأبوريدة، خاصة وأنه يرتبط بعلاقات قوية بالطرفين، وقد تنتهي أزمة الاستقالة بالمشهد المصري الشهير " بوس على دماغ أخوك " وينتهي الأمر دون أن يعرف الرأي العام الكروي لماذا استقال أبوريدة. كل الشواهد الحالية تؤكد أن أبوريدة، مصمم على استقالته هذه المرة، ولكن التجارب السابقة وشخصية أعضاء الاتحاد " أو أغلب بتوع الكورة بشكل عام " تدفعنا إلى عدم التعامل مع الاستقالة على أنها "جواب نهائي". وما يزيد حدة الأزمة هذه المرة أن زاهر خرج في وسائل الإعلام ليرد على موقف أبوريدة واستقالته ، وأعلن اندهاشه من توقيت الاستقالة ، وأن أبوريدة تعود على الهروب من مواجهة الأزمات التي تواجهها الجبلاية من وقت لأخر – وهو كلام صحيح إلى حد بعيد - وهذا يعني أن زاهر يعترف بأن الاتحاد يواجه أزمة حقيقة في هذا التوقيت. لم يقف أبوريدة أمام انتقادات زاهر مكتوف الأيدي وخرجت مبررات استقالته من الجبلاية بعيدا عنه بشكل رسمي ، بل استعان كما هى العادة بصديق أو أصدقاء ، حيث أكد البعض أنه استقال بسبب التخبط الإداري داخل الإتحاد، وأن مجلس الإدارة ارتكب العديد من الأخطاء ، خاصة في شكل مسابقة الدوري الممتاز الموسم المقبل وزيادة عدد فرق الدوري إلى 19 فريقا ، وهو ما لم يجد قبولا لدى النائب. وخرجت تسريبات أخرى تؤكد أن استقالة نائب الرئيس جاءت بسبب تهديدات الفيفا للجبلاية، بسبب ما تردد عن وجود تدخل حكومي في شئون كرة القدم المصرية، وهو مبرر ضعيف. وبرر البعض الأخر أن أبوريدة استقال اعتراضا على رفض سمير زاهر الإبقاء على شوقي غريب ضمن الجهاز الفني الجديد للمنتخب المصري، وبرر البعض الأخر استقالة أبوريدة بأنها اعتراض على طريقة اختيار المدير الفني الجديد للمنتخب المصري والتأخر في التعاقد. ولا يصح أن يتنصل أبو ريدة الأن من تلك القرارات الخاطئة التي ارتكبها الاتحاد إذ كان أبو ريدة نائبا للرئيس عندما أتخذ قرار إلغاء الهبوط في الدوري الممتاز ، وكان نائبا عندما قرر الاتحاد زيادة عدد فرق الدوري إلى 20 فريقا قبل التراجع ، وغيرها من القرارات الخاطئة ، وهو ما يعني أن هناك سببا شخصيا وارء استقالة هاني أبوريدة. المقربون من المشهد الكروي في الجبلاية ، يعلمون أن علاقة زاهر – أبوريدة ، ليست على ما يرام منذ فترة طويلة، ولكن الطرفين حاولا اظهار العكس وأن علاقتهما مازالت قوية. وسوء العلاقة بينهما بدأت منذ الأزمة الشهيرة التي حدثت بين الاتحادين المصري والجزائري، فوقتها أكد سمير زاهر للمقربين منه أن نائبه هاني أبوريدة لعب على الحبل حتى لا يغضب أصدقائه الجزائريين وأن موقفه كان سلبيا من تلك الأزمة التي كادت تعصف بمجلس الإدارة. هكذا يدار اتحاد الكرة، وكأن حسني مبارك مازال رئيسا، برغم رحيله عن الحكم منذ 11 فبراير الماضي ، فالرشاوي لم تتوقف ، وأصابع الشرطة مازالت تلعب ، و" الزبالة " مازالت موجودة ليس في كل شوارع المدن ، بل في الأشخاص والعقول والإعلام والفن والرياضة. ومن يتابع الرياضة المصرية بشكل عام ، وكرة القدم بشكل خاص سيتأكد أن الأمر لم يتغير ، ولن يتغير طالما ظلت الوجوة التي تديرها موجودة ، لأنه من الصعب ، بل من المستحيل أن تنتظر تغيرا في تفكير ورؤى المسؤولين وجميعهم تقدموا في السن وتعودوا على طريقة واحدة على مدار عقود طويلة . إذا كان المصريون قد خرجوا يوم 25 يناير الماضي طالبين التغير ، ونجحوا في إزاحة رأس النظام فقط ، وبقى النظام الفاسد على حاله ، فبالتالي فإن نظام كرة القدم بقى كما هو ، بل يمكن أن تؤكد أن الأمور في كرة القدم تراجعت كثيرا للخلف. فلأول مرة سنجد في الموسم المقبل عدد فرق الدوري الممتاز فرديا، وهو مالا يوجد مثيلا له في العالم، بعد قرار اتحاد الكرة بإلغاء الهبوط لصالح فريق الاتحاد السكندري. وفشل مخطط زيادة عدد فرق الدوري الى 20 فريقا، لخلافات مع الأندية الثلاثة التي كانت تلعب دورة ترقي لصعود فريق منها ، وهذا لم يحدث في ظل نظام وصفته الأغلبية ب " الفاسد" ليؤكد أن إدارة كرة القدم أكثر فسادا. توقع الجميع أن تتراجع أسعار لاعبي كرة القدم ، بعد ثورة يناير ، إلا أن العكس حدث على غير منطق ، خاصة وأن أسعار لاعبي الكرة وصلت إلى أرقام لا تتفق مع الواقع المصري، ولا مع إمكانيات اللاعبين أنفسهم ، وواصلت الأندية سياستها الفاسدة والتلاعب بمشاعر جماهيرها لتزيد من غضب الرأي العام الذي تبدل مزاجه العام. يبدو أن الوسط الرياضي أخذ من الثورة أسوء ما فيها إذ بقى فريق الاتحاد السكندري ومعه سموحة والمقاولون العرب في الدوري الممتاز بالاحتجاجات والمظاهرات. كما حاولت أندية أسوان والترسانة والمنصورة الصعود للدوري الممتاز بالتظاهر والإبتزاز، إلا أن محاولاتهم فشلت ، ليس لأنهم على باطل ، بل لأنهم لم ينجحوا في التوصل لحل وسط مع إتحاد الكرة.